فلسطين... القضية والبوصلة

"القادم أكثر سوءًا"... رقم قياسي في هدم منازل الفلسطينيين في الضفّة!

فلسطين - فادي داود

المشاركة

في الثالث من الشهر الجاري، استفاق خليل ردايدة (من بلدة جبع شمالي القدس المحتلّة) على صوت الجرّافات وآليات جيش الاحتلال تقترب من منزله، ففوجئ بأنّ الاحتلال قد قرّر هدم منزله من دون إبلاغه بشكلٍ مسبقٍ أو منحه حتّى مهلةً لإفراغ المنزل من محتوياته، مع العلم أنّه رفع دعوى لدى المحكمة العليا الإسرائيلية ضدّ قرار الاحتلال توقيف بناء منزله قبل 4 سنوات. ويروي شقيقه غيظان ردايدة لـ"عروبة 22"، كيف أنّ خليل "أصيب بالصدمة" عندما رأى محاصرة الاحتلال للمنزل واستعداد جرّافات الاحتلال لهدم المنزل، فحاول منعهم من الهدم إلّا أنّ جنود الاحتلال لم يتردّدوا بإطلاق النار عليه وأصابوه بالرصاص الحيّ في الفخذ.

شرع الاحتلال بهدم منزل ردايدة، المكوّن من طابقيْن وتسكنه أسرتان من 21 فردًا، من دون أن يتمكن أصحاب المنزل من إفراغ جميع محتوياته، فأصبحت الأسرتان بلا مأوى ولا مقتنيات. ويرى غيظان أنّ هدم الاحتلال لمنزل شقيقه وإخطار منازل أخرى بوقف العمل والبناء فيها، هدفه تهجيرهم قسرًا وتحويل حياتهم إلى جحيم، لكنّه استطرد بالقول: "لو هدم الاحتلال كلّ المنازل سنبقى صامدين ولن نستسلم لمخطّطات التهجير وسنشيد خيامنا على أنقاض منازلنا".

وكان وزير المالية الإسرائيلي اليميني المتطرّف بتسلئيل سموتريتش قد تفاخر في بداية الشهر الجاري، بأنّ عام 2024 شهد العدد الأكبر من عمليات هدم المباني الفلسطينية على الإطلاق في الضفّة الغربيّة المحتلّة التي تقول إسرائيل إنّها بلا ترخيص. وخلال جولةٍ مع وزير جيش الاحتلال يسرائيل كاتس في الضفّة الغربيّة، قال سموتريتش مستخدمًا التسمية الإسرائيلية للضفّة الغربية: "خلال العام الماضي، حطّمنا الرقم القياسي في هدم المباني العربية غير القانونية في يهودا والسامرة... لكي نكسب هذه المعركة، علينا استخدام أدواتٍ استراتيجيةٍ إضافية"، متحدثًا عن التوسّع الاستيطاني وبناء مستوطنات إسرائيلية جديدة.

وتوعّد سموتريتش في وقتٍ سابقٍ من العام الجاري بأنّ عام 2025 سيشهد هدم مبانٍ فلسطينية في الضفّة الغربية أكثر ممّا يتمّ بناؤه، وذلك للمرة الأولى منذ عام 1967، موضحًا أنّ الأمر لا يتعلّق فقط بملاحقة ما وصفه بالبناء "غير القانوني"، بل يشمل أيضًا "منعًا كاملًا للبناء الفلسطيني وإعادة السيطرة الإسرائيلية على الأرض"، مشددًا على أنّ "السيطرة على الأرض هي جوهر الصّراع، ومن يسيطر على الأرض يحدّد مستقبلها".

وتعليقًا على ذلك، قالت وزارة الخارجية الفلسطينية، في بيان، إنّ التصريحات الاستعمارية العنصرية التي أطلقها سموترتيتش خلال الاقتحام بشأن تقويض مؤسّسات دولة فلسطين هي جزءٌ من الحرب الشاملة على شعبنا ومؤسّساته في الضفّة وغزّة، وكذلك ما يتعلّق بتعميق الاستيطان وحمايته وتشجيعه، أو محاصرة البناء الفلسطيني، والتفاخر بهدم منازل الفلسطينيين، وشقّ المزيد من الطرق الاستيطانية الاستعمارية.

ووِفق بيانات هيئة مقاومة الجدار والاستيطان، فقد هدمت سلطات الاحتلال خلال العام الماضي، 903 منشآت في الضفّة الغربيّة بما فيها القدس، تضرّر وتشتت جرّاء ذلك 4332 فلسطينيًا بينهم 2320 طفلًا وطفلة. كما استولت سلطات الاحتلال على قرابة 47 ألف دونم، وأقام المستوطنون 51 بؤرةً استيطانيةً جديدةً في الضفّة الغربية.

وقال عبد الله أبو رحمة، مدير عام العمل الشعبي ودعم الصّمود في هيئة مقاومة الجدار والاستيطان، لـ"عروبة 22"، إنّ سموتريتش يُنفّذ خططًا كان يحلم بها منذ صغره بهدف التضييق على الفلسطينيين وتوسيع النشاط الاستيطاني، وهو الآن في منصبٍ مُهمٍّ في حكومة الاحتلال لن يتكرّر، فهو يتولّى منصب وزير المالية بما يشمل مالية وزارة الجيش، ويستغلّ منصبه في زيادة عمليات الهدم وشرْعنة البؤر الاستيطانية وتحسين البنية التحتية فيها، وسَنّ قوانين لحماية المستوطنين وتسريب الأراضي للمستوطنين، في ظلّ غياب أي عملية عقاب لجرائمهم بحقّ الفلسطينيين.

وأضاف أبو رحمة أنّ سموتريتش يسعى من خلال كلّ ذلك إلى تنفيذ "خطة الحسم" التي أعلن عنها قبل سنوات، وهي تقضي إمّا بتهجير الفلسطينيين أو بأن يصبحوا عبيدًا وخدمًا لهم أو إبادتهم وهو ما يجري حاليًا، موضحًا أنّ الممارسات على أرض الواقع من خلال الجرائم والمصادرة ووضع الحواجز والبوّابات العسكرية على مداخل المدن والقرى والمخيّمات والتي يزيد عددها عن 900 بوابة وحاجز، إنما تهدف إلى هندسة الجغرافيا والديموغرافيا السكانية والشوارع ووضع المواطنين في معازل متناثرة.

وحذر من أنّه في حال استمرّ الوضع على ما هو عليه، فسيصبح الوضع أكثر سوءًا وسوداويةً خلال السنوات القليلة المقبلة، وسيكون مستقبل الدولة الفلسطينية ضبابيًّا في حال لم يتدخّل العالم للضغط في سبيل لجم مخططات الاحتلال.

(خاص "عروبة 22")

يتم التصفح الآن