سعى الاستعمار الغربي إلى طمس الهوية العربية بشتّى الطرق حين أتى بثقافات دخيلة على المجتمعات العربية، متّبعًا عناصر رسمها لتكون سلاحًا يعتمد عليه في تمرير مخططه وتثبيت أقدامه في الأقطار العربية المحتلة .
وكانت لغة المستعمر عنصرًا من العناصر التي اعتمد عليها، فجعل لغته هي لغة التخاطب والتعامل الرسمي بينه وبين المواطن العربي، وربما نجحت هذه الطريقة في بعض الأقطار العربية كالجزائر وتونس والمغرب في سنوات الاحتلال، لكنها سرعان ما تحوّلت إلى ثقافة وقتية بعد رحيل المحتل، لتعود علاقة المواطن العربي بهويته الأساسية التي ولد من رحمها وتلازمه كظلّه.
فالهوية العربية حالة ذاتية لإدراك الفرد العربي، ولأنّ هذه الهوية تعتمد في الأساس على مكوّن ثقافي مشترك وأرض مشتركة وعادات مشتركة وتاريخ مشترك، فقد أدّت في نهاية المطاف إلى فشل توغل ثقافة المحتل البديلة وتمسّك الفرد العربي بهويته العربية باعتبارها موروثًا قوميًا ودينيًا وإحساسًا جامعًا يربط بين أبناء هذه الأمة من المحيط إلى الخليج، وحقيقة واقعية لا يمكن إنكارها أو القفز فوقها.
ولأنّ أهمّ عنصر في الهوية العربية يتمثّل باللغة العربية، فقد لعبت دورًا مهمًا في إنقاذ الهوية العربية من التلاشي، وبقيت العنصر الأساس في التعبير عن الثقافة العربية والتراث العربي، ولا بدّ بالتالي من غرس مفاهيم الهوية العربية في نفوس الأجيال الجديدة كون الجيل الشاب هو المستهدف والمتأثّر بالمشاريع الاستعمارية الجديدة، التي عزّزت من حضورها التكنولوجي الحديث، لا سيما عبر مواقع التواصل الاجتماعي، ما يحتّم على المجتمعات العربية العمل على استغلال هذه التكنولوجيا لخدمة الهوية الثقافية العربية، والتأكيد على ثوابتها في نفوس الأجيال الصاعدة وجعلها ثقافة مشتركة وراسخة غير قابلة للانحراف والتبديل.
(خاص "عروبة 22")