لا شك أنه يصعب قراءة جميع النتائج المرتبكة جراء ما جرى في المنطقة العربية منذ عقد ونيف، أي نتائج واقعة "الربيع العربي"، بصرف النظر عن اختلاف القراءات حيال نتائج هذه الواقعة وأسبابها والتفاعل معها، بين مدافع عنها ومعترض عليها.
لكن بعد مرور كل هذه المدة على وقوع تلك الأحداث، وقراءة واقع المنطقة العربية اليوم، مقارنةً مع واقع المنطقة حتى نهاية 2010، لم تعد تخفى النتائج السلبية على العديد من الدول العربية.
فعلى سبيل المثال، لم يكن مصطلح "الدولة الفاشلة" طاغيًا بشكل كبير قبل 2010 على العالم العربي، أما اليوم فأصبح عاديًا جدًا الحديث عن هذا المصطلح، بل أصبح عاديًا أيضًا تعداد الأمثلة عن "الدول الفاشلة" في المنطقة العربية.
ومن بين الدروس المستقاة، تواضع ومحدودية "الخطاب الوردي" عن التغيير والديمقراطية الذي راهنت عليه الشعوب إزاء بعض الأنظمة العربية في سبيل الخروج من الأزمات السياسية والأمنية والاقتصادية التي مرت منها، فبات الحديث مقترنًا أكثر بمسألة ضرورة الحفاظ على الاستقرار والأمن على حساب التغيير والإصلاح، فتراجع بالتالي الحديث عن جدوى الشعارات الإصلاحية التي كانت تُرفع قبل "الربيع العربي"، بعد معاينة تأثيراته التدميرية على المجتمعات العربية.
وبالتالي، نجد من الدروس والعبر التي يجب أن تُستخلص من واقع التشرذم العربي، أهمية رد الاعتبار للمشروع القومي أو مشروع الوحدة العربية، أيًا كانت صيغتها، وإن كانت مشاكل المغرب العربي مؤثرة في تفعيل تلك الوحدة، لكن يبقى الرهان على إحداث التوافقات بين دول المشرق العربي من جهة، والمصالحات بين دول الخليج العربي، باعتبارها من المؤشرات الإيجابية التي يجب البناء عليها من أجل خدمة هذا المشروع.