بدأ العالم يشهد تغيّرات مناخية جذرية بلغت الذروة في السنوات الأخيرة، وتحديدًا منذ العام 2017، وارتفعت الأصوات في القمم والمؤتمرات الدولية من خطورة أزمة المناخ والاحتباس الحراري، وجرت مناقشة إستراتيجيات بيئية عديدة.
يشهد العالم حيوية في مواجهة الأحداث المناخية من زلازل وفيضانات وأعاصير وحرائق وجفاف، ويتواصل التعامل مع حالات الطوارئ، وسط الشعور بالعجز في مواجهة الأخبار المناخية السيئة، وفشل العمل في إدارة الأزمات على أعلى مستوى.
العالم بحاجة إلى تشكيل ثقافة في قضايا المناخ
حتى الآن هناك تشخيص أساسي لدى الممثلين البيئيين حول ضرورة العمل السريع، وإنتاج سياسات بما فيه الكفاية، وأن يكون العالم إيجابيًا أكثر ومتحدًا في مواضيع البيئة والعلاقة مع الطبيعة، ومد الجسور بين القضايا الاجتماعية والبيئية، واستخدام أدوات جديدة مثل الفن والثقافة وعلم النفس للمساعدة في وعي جماهيري جديد. هذا لا يمنع استمرار التجديد في الدراسات البيئية والإعلام حول الحقائق البيئية والملوثات الأبدية. الحديث عن المناخ دون إثارة الرعب في الإعلام وبتعبيرات مختلفة، بخلاف المواضيع الأخرى مثل الصراعات والنزاعات والحروب التي تثير بدورها القلق.
أثبت المناخ نفسه كحقيقة سياسية، ويدخل العالم في ذروة حالة الطوارئ البيئية، تلك التي أطلقتها مجموعة كبيرة من الباحثيين والاعلاميين، وتُعِدّ وسائل الإعلام أقسامًا جديدة للتعامل مع تلك القضايا.
اختارت قناة "فرنسا الثانية" أخيرًا، أن تحوّل نشرة الطقس اليومية إلى "مجلة الطقس والمناخ"، تجمع بين التوقعات والإجابات وأسئلة المشاهدين حول ظاهرة الاحتباس الحراري.
العالم بحاجة إلى تشكيل ثقافة في قضايا المناخ، وما تثيره من انطباعات متداخلة وتأثيراتها على الحياة اليومية. لكن المزيد من المساحة البيئية قد يؤدي إلى خطر تعزيز "الارهاب المعلوماتي". وهنا لا بد من مواجهة المعلومات، ليس لمجرد أنها قد تتسبب بالقلق الكبير في أوقات غير مستقرة، وبعيدة من التحقق من الحلول اللازمة.
في وسائل الإعلام العربية تظل معالجة المواضيع البيئية خجولة جدًا، بصرف النظر عن درجات الحرارة القياسية وحجم الجفاف وشكل الفيضانات، الذي أخذ منحى تراجيديًا في دول الخليج العربي.
هناك الحاجة إلى مزيد من المحتوى الإعلامي ومراجعة الأساليب القديمة.
البحث الدقيق عن الحلول ممتاز، لكن مع عدم التشكيك في قابلية تكرار الأزمات البيئية في ظروف مناخية أسوا وأوسع.
البيئة ليست محايدة، الموضوع أبعد من مصطلح التغيّر المناخي (أمر طبيعي)، حجة غالبًا ما يتبناها العلماء المناخيون، ما ينفي أي مسؤولية إنسانية. لذلك يُفضَّل استخدام مصطلح اضطرابات مناخية.
الموضوع بات محور إجماع علمي، ولم يعد موضع تساؤل إلا ما يثير الشكوى حول مسؤولية الإنسان عن هذه الاضطرابات، ويبدأ ذلك من النوايا والطريقة التي يتعامل فيها للحدّ من إرتفاع درجات الحرارة فوق مستويات ما قبل الصناعية.
العالم أكثر دفئًا، يعني أكثر إثارة للقلق والتحذير، ارتفاع حرارة الجسم البشري درجة مئوية واحدة يفصل بين الصحة والمرض. هذا يشير إلى نظام القيم، المنزل، الحياة، الحدّ من مرور السيارات، التلوث والدخان الكثيف، تحسين جودة الهواء، من دون الحاجة للتعبير عن الخوف من خلال خطاب إعلامي كارثي، يصيب الجهود حول مستقبل آخر ينفتح أمام المدينة.
تشير عدة سيناريوات بيئية إلى أزمة يمكن أن تُدخل البشرية في "عنق الزجاجة"
دولة مثل تشيلي قررت أن تكون مختبرًا واسعًا لنطاق الطاقة الانتقالية وتطوير مصادرها، وبلدان كثيرة بدأت التخلص من الفحم المسؤول عن 44% من انبعاثات الغازات الدفيئة، والناجمة أيضًا عن قطاع الطاقة.
لقد غطّت الحرب على غزّة على مشاكل المجتمع العربي، وحالات الفوضى البيئية على الساحل الأفريقي الجنوبي.
أصبح القلق البيئي متصاعدًا بالنسبة للأجيال الشابة، خاصة وأنّ الأطفال والمراهقين لا يفهمون ما يحدث لهم من ظواهر تترك وراءها آثارًا دائمة، إلى الصدمات النفسية والشعور بالضعف من مواجهة المستقبل (غير الأضرار المادية الكبيرة، وتعطّل الجسور والمحطات والمطارات والعواصم المغمورة بالمياه).
لا يوجد تباعد في العالم. غابات القارة الأوروبية تتضرر بشدة من الحرائق والجفاف والأعراض المرتبطة بالاحتباس الحراري.
توجد عدة سيناريوات بيئية، تشير إلى أزمة يمكن أن تُدخل البشرية في "عنق الزجاجة".
(خاص "عروبة 22")