يُعتبر هذا التنظيم الأكثر دموية بين المجموعات الاستيطانية العاملة في الضفة الغربية، ولم يكن مسمى "فتيان التلال" عبثيًا فهو تنظيم يقوم على احتلال التلال والجبال في الضفة الغربية عن طريق انتزاعها من أصحابها بالقوة وطرد المزارعين منها.
وفق هيئة مقاومة الجدار والاستيطان، فإنّ مساحة الأرض التي سيطر عليها تنظيم "فتيان التلال" بلغت 410 آلاف دونم بواقع 95 بؤرة استيطانية زراعية ورعوية من أصل 194 بؤرة استيطانية يتركز معظمها في السفوح الشرقية لمدينة رام الله وحتى الأغوار.
ويشير أمير داوود، مدير عام التفريغ والنشر في هيئة مقاومة الجدار والاستيطان، إلى أنّ تنظيم "فتيان التلال"، قام بترحيل قسري لأكثر من 25 تجمعًا بدويًا بعد السابع من أكتوبر 2023، عن طريق حرمانها من المياه والرعي، بالإضافة إلى الاعتداءات الممنهجة ضمن إطار إجراءات ترتقي الى مستوى جرائم حرب، ما خلق بيئة قهرية طاردة لهذه التجمّعات فاضطر جزء كبير منها للرحيل.
وأوضح داوود أنّ الاستيطان الرعوي أو الزراعي ليس هدفه تربية المواشي والزراعة، بل السيطرة على الأراضي، وهو أصبح في الفترة الأخيرة أهم من الاستيطان السكني بالنسبة لدولة الاحتلال، لأنه يُمكّن المستوطنين من وضع يدهم على الأراضي وحرمان الفلسطينيين من دخولها أو فلاحتها، على أن تتولى حكومة الاحتلال ترخيصها وتحويلها إلى "قانونية"، واعتمادها ضمن المخططات الهيكلية للبؤرة الاستيطانية وربطها بالخدمات الاساسية من المياه والكهرباء والشوارع والأمن. كما تعمل على ربط التجمعات الاستيطانية ببعضها في الضفة إضافة إلى ربطها مع الأراضي المحتلة عام 1948، عن طريق الطرق الإلتفافية.
ولفت إلى أنّ ذالك يساهم في بعثرة القرى والبلدات والمدن الفلسطينية في الضفة الغربية، وقطع التواصل الجغرافي بينها، لتصبح أشبه بجزر معزولة محاصرة بالتجمعات الاستيطانية والحواجز العسكرية، بما يمنع التمدد الجغرافي والسكاني الفلسطيني فيها، خاصة في المناطق المصنفة (ج) وفق اتفاقية أوسلو.
حرق قرى ومجازر
ويُعرف تنظيم "فتيان التلال" بأنه الأكثر تطرّفًا وفاشية من بين الجماعات الاستيطانية، ضد الفلسطينيين، بحيث ارتكب عدة مجازر وحرق ممتلكات وقرى في الضفة، وقد وثّقت هيئة مقاومة الجدار والاستيطان استشهاد 19 فلسطينيًا في الضفة على يد هذا التنظيم بعد السابع من أكتوبر 2023.
وفي السابع من شباط عام 2023، نفذ قرابة 300 عنصر من "فتيان التلال" هجومًا على بلدة حوارة شمال الضفة الغربية، وقاموا بحرق منازل ومركبات وممتلكات عديدة في البلدة، حتى تصاعدت ألسنة اللهب من حارات وأزقة وشوارع البلدة، وسط حماية من جيش الاحتلال.
ومن أبرز جرائم هذا التنظيم، حرق عائلة دوابشة بتاريخ 31 يوليو 2015، في قرية دوما شمال الضفة الغربية، واستشهد خلال الجريمة الأم والأب وواحد من طفليهما فيما أصيب الطفل الأخر بجروح بليغة في أنحاء جسده لا يزال يعاني منها حتى اليوم.
في المقابل، يُمنع الفلسطيني من الدفاع عن أرضه ويُعرض على محاكمة عسكرية اسرائيلية بينما توفر دولة الاحتلال حصانة لكل المستوطنين بغض النظر عن طبيعة الجرائم التي نفذوها ضد الفلسطينيين.
المطلوب فلسطينيًا
ما يجري من وقائع استيطانية في الضفة الغربية، وخصوصًا بعد خطة حسم الصراع أو الضم التي أعلن عنها وزير المالية في حكومة الاحتلال المتطرف بتسلئيل سموتريش، والعدوان الذي يشن على جميع مواقع التواجد الفلسطيني، بات المطلوب اليوم تعزيز صمود المواطن الفلسطيني فوق أرضه بتوفير كل المقوّمات لذلك وتحديدًا للمناطق التي تُسمى "الخاصرة الرخوة" التي تتعرض لاعتداءات المستوطنين والمهددة بالمصادرة والإخلاء، وكذلك العمل على المتابعة القانونية من خلال العمل مع منظمات المجتمع المدني المحلية والدولية العاملة بالشق القانوني، بالإضافة من جهة ثانية إلى تفعيل العمل الشعبي واستنهاض كل مكوّنات الشعب الفلسطيني في هذه المعركة المصيرية.
(خاص "عروبة 22")