هيمنت الحروب الدائرة في الشرق الأوسط، بوجه خاص، والعالم بشكل عام، على حملات المرشحين للانتخابات الأمريكية من الحزبين الديمقراطي والجمهوري، على نحو بات يؤثر في نتائج هذه الانتخابات بما يعنيه ذلك من الإسهام في تحديد ساكن البيت الأبيض الجديد.
ومع أن اهتمامات الناخب الأمريكي كانت تنصب أساساً، على الاقتصاد أولاً، والقضايا الداخلية الأخرى مثل الهجرة والإجهاض والخدمات وما إلى ذلك، إلا أن السياسة الخارجية، فرضت نفسها، هذه المرة، على أجندة المرشحين لهذه الانتخابات لما لها من تأثير مباشر على قرارات الناخبين. ولهذا يمكن مشاهدة التنافس الحاد بين المرشحين في كلا الحزبين الرئيسيين، لاقناع الناخب الأمريكي بصواب رؤيته في التعامل مع ملفات السياسة الخارجية.
يظهر ذلك في التصريحات والمناظرات والاتهامات المتبادلة بين المرشحين سعياً وراء كسب أصوات الناخبين المترددين أو الذين أبدوا مواقف معينة تجاه العديد من القضايا والأزمات الدولية المتفجرة لانعكاسها المباشر على الداخل الأمريكي.
وهنا لا بد أن نتوقف عند الحرب في الشرق الأوسط، والمرشحة لأن تتحول إلى حرب إقليمية، والتي كان لها انعكاس مباشر على هذا الداخل الأمريكي، كما ظهر في ما يسمى "انتفاضة" الجامعات الأمريكية للمطالبة بوقف إطلاق النار في غزة. ناهيك عن حالة الاستقطاب التي أعقبتها لدى الجاليات العربية والمسلمة، التي تشكل ثقلاً انتخابياً لا يستهان به، خصوصاً في بعض الولايات "المتأرجحة" مثل متشيغان وغيرها، والتي يمكن أن تحسم نتيجة الانتخابات لصالح هذا الطرف أو ذاك.
وماذا لو أضيف إلى ذلك الحرب في أوكرانيا والأزمة في بحر الصين الجنوبي وإمكانية اندلاع حرب محتملة مع الصين، ناهيك عن بؤر الصراع الأخرى المتفجرة في العالم من كوريا الشمالية إلى إفريقيا وأمريكا الجنوبية ومعظمها مواضيع خلافية بين الحزبين. ثم ماذا لو اندلعت حرب واسعة في الشرق الأوسط واضطرت الولايات المتحدة للانخراط فيها عشية الانتخابات الأمريكية.؟
كل هذه الأمور، من وجهة نظر الناخب الأمريكي قد تؤدي إلى تراجع مكانة الولايات المتحدة وموقعها في قيادة الساحة الدولية، وستنعكس نتائجها حكماً على الاقتصاد وأوجه الحياة الأخرى في الداخل الأمريكي، ما يعني أن الناخب بات في حاجة إلى إجابات واضحة عن كل هذه التساؤلات.
ومن هنا يمكن فهم التصريحات النارية التي يدلي بها المرشح الجمهوري دونالد ترامب والذي دأب على التحذير من حرب عالمية ثالثة، وبأنه قادر على وقف الحرب في أوكرانيا خلال 24 ساعة، أو أنه لو كان في السلطة لما اندلعت حرب غزة أو الشرق الأوسط عموماً.
ومع أن كلا الطرفين يتفقان على دعم إسرائيل باعتباره من الثوابت الأمريكية، إلا أنهما يتلاومان حول حدود هذا الدعم وطبيعته ومدى الانخراط فيه، وبالتالي فإن الانتخابات الأمريكية باتت تحت تأثير هذه الصراعات، وأن حسمها بات يتوقف على قدرة أي من الفريقين في إقناع الناخب الأمريكي على التصويت لصالحه.
(الخليج الإماراتية)