قضايا العرب

اجتماع "فتح" - "حماس": مقتضيات المرحلة وسيناريوات "حُكم القطاع"!

فلسطين - فادي داود

المشاركة

لم يعد خافيًا على أحد طبيعة المخطط الإسرائيلي في قطاع غزّة، حيث عبّر بنيامين نتنياهو صراحةً عن أنه لا يريد "فتحستان" ولا "حماسستان" أن تحكم القطاع، بل وأكد أنه يريد أن يبقى مسيطرًا على غزّة في خطابه في الأمم المتحدة، بينما أظهرت الخارطة التي عرضها هناك "التهام" إسرائيل الضفة الغربية.

اجتماع

في ظل هذا الوضع عُقد اجتماع بين حركتي "فتح" و"حماس" في القاهرة برعاية رسمية مصرية، الأربعاء والخميس الماضيين، لبحث "ترتيبات فلسطينية تتعلق بالتطورات الراهنة". وركزت الاجتماعات على "التطورات السياسية والميدانية بالمناطق الفلسطينية وتوحيد الصف الفلسطيني وناقشت عددًا من الترتيبات المتعلقة بالتطورات الراهنة"، وفق قناة "القاهرة الإخبارية".

وأكدت مصادر في حركة "فتح" لـ"عروبة 22"، أن الاجتماع بين الوفدين اللذين ترأس كل منهما محمود العالول نائب رئيس "فتح"، وخليل الحية عضو المكتب السياسي لـ"حماس"، إنتهى عمليًا دون الوصول إلى أي نتيجة، لكنها أشارت إلى إمكانية أن تُستأنف الاجتماعات بين الوفدين في وقت قريب لأنّ مقتضيات المرحلة تتطلب مواجهة التحديات بجهد مشترك.

من ناحيته أكد الناطق الرسمي باسم حركة "فتح"، عبد الفتاح دولة لـ"عروبة 22"، أن اجتماع القاهرة أتى "إدراكًا من قبل الكل الفلسطيني بما في ذلك "فتح" و"حماس" لطبيعة المخطط الاسرائيلي لقطاع غزّة الذي يريد أن يتمسك في إبقاء احتلاله للقطاع، وعدم تخلي إسرائيل عن مخططها التهجيري للمواطنين في القطاع"، نافيًا أن يكون الاجتماع عُقد بضغوط دولية أو عربية، إنما جاء "لخطورة المرحلة التي تمر بها القضية الفلسطينية والمنطقة عمومًا".

وإذ أكد أنّ أي اتفاق سيخلص إليه الطرفان "سيتم تنفيذه فورًا"، بعكس الاتفاقات السابقة التي ظلت حبيسة الأدراج، توقع دولة أن تبارك جميع الفصائل الوطنية الاتفاق في حال تم التوصل إليه وأن تنضم إليه.

لجنة إدارية.. هل يقع الفلسطينيون في "الفخ"؟

في هذا السياق، عبّر الكاتب والمحلل السياسي هاني المصري عن الخشية من أن تكون فكرة تشكيل لجنة إدارية من شخصيات مستقلة في قطاع غزة "فخًا" لأنّ من طرح اللجنة الإدارية أولًا هم حكام واشنطن مع وعود أميركية لفظية فقط من دون رصيد بأنّ تشكيل هذه اللجنة سينهي الاحتلال، محذرًا من أنّ هناك مخططات لبقاء السيطرة الإسرائيلية على معبر رفح ومحور صلاح الدين الذي يسمى "فيلادلفيا"، ولإقامة مناطق عازلة، لا سيما في الشمال، وفي محور الشهداء الذي يسمى "نيتساريم"، كما تدل "خطة الجنرالات" الإسرائيلية، وهي تتضمن تفريغ شمال القطاع من مئات الآلاف الذين لا يزالون مقيمين فيه على الرغم من الجحيم الذي يعيشونه، كما تشمل وضع توزيع المساعدات الإنسانية في يد جيش الاحتلال لاستخدامها في تشكيل وضع جديد يساعد على بقاء الاحتلال.

غير أنّ المصري أوضح أنه من المفهوم لماذا تدرس حركتا حماس وفتح الاقتراح بتشكيل لجنة إدارية، نظرًا لأنّ "الوضع الإنساني ضاغط جدًا"، لكنّ الموافقة على هذه الفكرة قبل ضمان الانسحاب الإسرائيلي من القطاع أو الالتزام بالانسحاب، ستمنح الشرعية للاحتلال وستشجعه على المضي في تقويض السلطة في الضفة للقضاء على أي تجسيد لهوية وطنية واحدة تبقي باب تجسيد الدولة الفلسطينية واستقلالها مفتوحًا، كما يدعم تشكيل لجنة إدارية فكرة واشنطن بإيجاد سلطة أكثر استجابة للشروط الإسرائيلية، ما يجعل الاحتلال في غزة "خمس نجوم" مثل ما هو قائم في الضفة الغربية.

سيناريوات الحكم في غزة

وقد أصدر المركز الفلسطيني لأبحاث السياسات والدراسات الاستراتيجية "مسارات"، مؤخرًا، تقريرًا استراتيجيًا بعنوان "سيناريوات العدوان وإدارة الحكم في غزّة"، وضع 6 سيناريوات لإدارة الحكم في القطاع، وهي:

السيناريو الأول: إعادة الحكم العسكري الإسرائيلي لجزء أو لجميع قطاع غزّة. ويشمل إعادة الحكومة الإسرائيلية احتلالها لجزء أو جميع القطاع، وقيامها بإدارة شؤونه من قبل الإدارة العسكرية، أو إعادة إنشاء "الإدارة المدنية" التي كانت قبل العام 1994 في غزّة.

السيناريو الثاني: تشكيل حكومة/إدارة محلية من شخصيات محلية مع وجود حاكم عسكري/إداري إسرائيلي. ويشمل قبول بعض الشخصيات في قطاع غزّة تولي إدارة الحكم بعد احتلال القطاع أو جزء منه، فيما يتولى ضابط في جيش الاحتلال توجيه هذه الحكومة، حيث يستعيد هذا السيناريو المحاولات الإسرائيلية القديمة المتعلقة بروابط القرى بداية الثمانينيات من القرن الماضي، أو نموذج "جيش لحد" الذي أُنشئ في الجنوب اللبناني.

السيناريو الثالث: إدارة خارجية أو دولية لقطاع غزة. وقد يتضمن هذا السيناريو مسارات فرعية بحسب التصورات المتداولة المتباينة لشكل إدارة القطاع، سواء من خلال قوة عربية بإشراف الولايات المتحدة، أو قوة عربية – دولية، وكذلك من حيث طبيعة علاقة السلطة الفلسطينية التي ترفض حكومة نتنياهو أي دور لها، في حين تتراوح تصورات أخرى ما بين إعطاء دور لسلطة "متجددة" في إدارة القطاع، أو تشكيل إدارة محلية تنسق مع السلطة، أو إرجاء تمكين السلطة من إدارة القطاع إلى ما بعد فترة انتقالية قد تمتد لفترة تتراوح بين 3-5 سنوات، وتكون فيها صلاحيات الإدارة والأمن منوطة بأطراف عربية ودولية.

السيناريو الرابع: استمرار العمل بلجنة العمل الحكومي التابعة لحركة "حماس"، أو حكومة بقيادة الحركة بالتحالف مع فصائل فلسطينية في القطاع. ويتمثل هذا السيناريو في إنشاء حكومة محلية تتولى إدارة الحكم وإعادة تفعيل المؤسسات الحكومية في القطاع ومساعدة المواطنين على استعادة حياتهم بعد الدمار الهائل الذي خلّفه الاحتلال الإسرائيلي. ويعتمد إنشاء هذه الحكومة على استمرار قدرة "حماس" على حكم قطاع غزّة بعد انتهاء الحرب.

السيناريو الخامس: استلام السلطة الفلسطينية إدارة الحكم بعد الحرب من طرف واحد من دون وجود توافق فلسطيني داخلي على استلام السلطة الفلسطينية الحكم.

السيناريو السادس: إنشاء حكومة إنقاذ/وفاق وطني. ويقتضي هذا السيناريو تشكيل حكومة إنقاذ/طوارئ وطنية يتم الاتفاق على شكلها (تكنوقراط/ سياسية/ مختلطة/ شخصيات عامة) وبنيتها وصلاحياتها وطنيًا. ويتماشى هذا السيناريو مع ما ورد في "إعلان بكين" الذي نصّ على تشكيل حكومة وفاق وطني مؤقتة، إلى جانب الاتفاق على تفعيل وانتظام الإطار القيادي المؤقت الموحّد للشراكة في صنع القرار السياسي، إلى حين تشكيل مجلس وطني جديد.

ويخلص التقرير إلى أنّ تشكيل حكومة وفاق وطني مؤقتة في الضفة والقطاع هو السيناريو المفضّل، الذي يتطلب العمل لبناء مقومات تحقيقه كخيار وطني للكل الفلسطيني. كما يعتبر أنّ "إعلان بكين" يشكل فرصة للمضي في بناء هذا الخيار الوطني، وهو ما يتطلب تضافر جهود القوى السياسية ومنظمات المجتمع المدني والأطر النسوية والشبابية والمستقلين، لتشكيل حالة ضاغطة لضمان تنفيذ هذا الإعلان أولًا وتطويره ثانيًا.

(خاص "عروبة 22")

يتم التصفح الآن