صحافة

"المشهد اليوم"…السعودية "تحتضن" لبنان وغزّة بانتظار المرحلة الثانيةإسرائيل تسعى لإطالة أمد بقائها في الجنوب اللبناني وتواصل اقتحام الضفة الغربيّة

رئيس الجمهورية اللبنانية جوزاف عون مستقبلاً وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان في قصر بعبدا (رويترز)

بعد "قطيعة" دامت 15 عاماً، حط وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان في بيروت. الزيارة التي حملت طابعاً بروتوكولياً في الشكل ولكن سياسياً في المضمون، لاقت استحساناً وقبولاً خاصة أنها تأتي بظل التطورات التي حصلت في المنطقة ولاسيما بعد الحرب الاسرائيليّة على لبنان وسقوط النظام السوري وصولاً الى إلغاء الفراغ الرئاسي الذي دام أكثر من عامين بضغوط أميركية، لم تكن الرياض بعيدة عنها.

هذه الزيارة التي يأمل اللبنانيون أن تكون بادرة خير تفتح صفحة جديدة في العلاقات التي تأزمت في السنوات الاخيرة نتيجة ما اعتبرته السعودية ودول الخليج عموماً ابتعاد لبنان عن الحضن العربي، بعدما سيطر "حزب الله" على مفاصل الدولة وشنّ عبر أمينه العام السابق حسن نصرالله حملات "شعواء" على المملكة والدول العربية. واليوم وبعد التغيّرات التي طرأت في لبنان، تبدو المملكة منفتحة و"متفائلة" بالمرحلة المقبلة في ظل ما أسمته "النهج الاصلاحي"، وهو ما نقله فرحان من مقر القصر الجمهوري بعد لقائه الرئيس جوزاف عون الذي حدّد، بدوره، أولويات المرحلة المقبلة بعد تشكيل الحكومة بـ"إعادة الإعمار، ومعالجة الوضع الاقتصادي، ودعم الجيش والمؤسَّسات الأمنية".

وعليه يمكن القول أن الزيارة تضمنت 3 عناوين رئيسية عبّر عنها الوزير السعودي، وهي دعوة الى تطبيق الاصلاحات التي تعتبر مدخلاً رئيسياً للحصول على الاموال والدعم من أجل إعادة الاعمار، الالتزام بوقف النار والانسحاب الاسرائيلي من الجنوب مع اقتراب انتهاء مهلة الشهرين المنصوص عنها بحسب بنود الاتفاق، كما تطبيق القرار 1701. وفي السيّاق نفسه، تحدثت صحيفة "الجريدة" الكويتية عن محطة خليجية أخرى ينتظرها لبنان اليوم، هي زيارة وزير الخارجية الكويتي عبدالله اليحيا الى بيروت، علماً أن زيارة لوفد قطري ستحصل إلى لبنان في المرحلة المقبلة، وربما بعد إنجاز التشكيلة الحكومة، بحسب ما أوردته.

هذا ولا يزال تشكيل الحكومة "متعثراً" مع تمسك الثنائي الشيعي بحقيبة المالية باعتبارها "حصة مكرسة لهما". وهذا التمسك يعود الى أهمية وزارة المال باعتبارها تحمل التوقيع الرابع، ما يعني أن الثنائي يمكن أن يعرقل أي قرار ويجمده، والتجارب في الحكومات السابقة حُبلى بالنماذج والامثلة. هذه "العرقلة" تترافق مع التطورات على الجبهة الجنوبية، حيث نقلت "هيئة البث الإسرائيلية" أن الجيش يستعد لإطالة أمد بقائه في جنوب لبنان، وتم إبلاغ قوات "اليونيفيل" والولايات المتحدة بذلك، مشيرة إلى أن "إسرائيل طلبت من واشنطن تمديد فترة بقاء الجيش في جنوب لبنان لتدمير بنى تحتية لـ"حزب الله". 

من جهتها، أشارت وكالة "رويترز"، نقلًا عن دبلوماسيين، أن الرئيس عون تباحث مع مسؤولين أميركيين وفرنسيين بشأن انسحاب الجيش الإسرائيلي. وكان "حزب الله" قد أصدر بياناً اعتبر فيه أن أي تأجيل أو تمديد يعتبر "خرقًا فاضحًا للاتفاق واعتداءً على السيادة اللبنانية"، داعياً السلطة السياسية في لبنان، بالتعاون مع الدول الراعية للاتفاق، إلى التحرك الفعّال لضمان تنفيذ الانسحاب الكامل وانتشار الجيش اللبناني. وتزامن ذلك البيان مع استمرار الخروقات والاعتداءات الاسرائيليّة، والتي شملت المزيد من عمليات النسف والتدمير، على وقع عودة أهالي الناقورة والخيام إلى بلداتهم لتفقد منازلهم التي دُمرت جراء العدوان الإسرائيلي، بعدما حصلوا على تصاريح من الجيش اللبناني. 

على المقلب الآخر، دعا المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين فيليبو غراندي من لبنان إلى عودة "مستدامة" للاجئين السوريين إلى بلادهم بعد سقوط نظام الرئيس المخلوع بشار الأسد. وتتوافق هذه الدعوة مع مناشدات ومطالبات اطلقتها الحكومة السورية الانتقالية بعودة النازحين واللاجئين والمساهمة في إعادة نهضة "سوريا الجديدة". في الوقت عينه، جدّد القائد العام للإدارة السياسية الجديدة في سوريا أحمد الشرع، التأكيد على عدم القبول بوجود أي مجموعات مسلّحة خارج سيطرة الدولة، لافتاً الى أن وحدات حماية الشعب الكردية، العمود الفقري لـ"قوات سوريا الديمقراطية" "قسد"، هي الجهة الوحيدة التي لم تستجب لدعوات نزع السلاح. كما قال، في معرض حديث تلفزيوني، إن أولى زيارته الخارجية ستكون للسعودية أو تركيا. 

وبالحديث عن المشهد الفلسطيني المتأزم، يواصل الاحتلال الإسرائيلي، لليوم الرابع على التوالي، عمليته العسكرية في جنين ومخيمها، في الضفة الغربيّة المحتلة، حيث فرض حصاراً شاملاً وقام بعدة عمليات مداهمة واعتقال كما أجبر المئات على النزوح تحت تهديد السلاح بعدما عاث دماراً وخراباً في البنى التحتية والمنازل وحول بعضها الى ثكنات عسكرية. وفي حصيلة أولية، سقط 13 شهيداً بينهم طفل وأصيب أكثر من 50 شخص، وفق مصادر طبية فلسطينية رسمية.

أما غزّة، فتعيش على وقع استمرار انتشال جثامين الشهداء من بين الركام، مع بدء غداً، السبت، المرحلة الثانية من تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار، والذي يشمل اطلاق سراح أربعة محتجزات (3 مجندات ومدنية) وتسليمهن إلى اللجنة الدولية للصليب الأحمر. ومن المقرر أيضاً أن تتسلم إسرائيل، في اليوم نفسه، القائمة الكاملة التي تعهدت بها حركة "حماس"،  وتتضمن الأسرى الأحياء والموتى، ضمن بقية الـ33 أسيراً الذين سيطلق سراحهم في المرحلة الأولى من الاتفاق.من جهته، شدّد ترامب على ضرورة صمود الاتفاق في غزّة، مؤكدا أن عدم استمراره سيتسبب في الكثير من المشاكل.

في غضون ذلك، ذكرت صحيفة "هآرتس" أن السلطات الاسرائيليّة تسعى لتنفيذ 3 مخططات استيطانية كبرى، تشمل إقامة مدرسة دينية للحريديين في الشيخ جراح، و9 آلاف وحدة استيطانية جديدة في شمال شرق القدس، و1100 وحدة استيطانية جديدة غرب بيت صفافا. وبحسب الصحيفة، وُضعت المخططات الثلاثة على جدول أعمال لجنة التنظيم والبناء في منطقة القدس. 

الى ذلك، أعرب ولي العهد السعودي محمد بن سلمان خلال اتصال هاتفي جمعه بالرئيس ترامب، رغبة السعودية في توسيع الشراكة الاستثمارية مع الولايات المتحدة، مشيراً إلى تخطيط المملكة لاستثمارات تبلغ 600 مليار دولار خلال السنوات الأربع المقبلة، مع إمكانية زيادتها حال توفرت فرص إضافية. وفي السيّاق، تلقى ولي العهد السعودي اتصالاً من وزير الخارجية الأميركي، ماركو روبيو الذي تحدث عن تطلعه إلى تعزيز المصالح المشتركة في سوريا ولبنان وغزة وغيرها من المناطق، كما أكد التهديدات التي تُشكلها إيران ووكلاؤها، وفق ما نقلته المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأميركية.

وفي إطار متصل، لم تحظَ تصريحات الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش بقبول من طهران التي دعاها الى اتخاذ "خطوة أولى نحو تحسين العلاقات مع دول المنطقة والولايات المتحدة من خلال توضيح أنها لا تهدف إلى تطوير أسلحة نووية". ووصف وزير خارجيتها عباس عراقجي التصريحات بـ"الوقحة"، وعدّ أن "التزام إيران الطويل الأمد" بمعاهدة حظر الانتشار النووي العالمية "واضح تماماً".

وتزامنت هذه التطورات مع تحذير مدير "الوكالة الدولية للطاقة الذرية"، رافائيل غروسي من أن طهران تحث الخطى بشدة في تخصيب اليورانيوم قريباً من درجة صنع الأسلحة. ودعا إلى ضرورة الحوار بين إيران وترامب، معتبراً أنه "لا غنى عنه" لتحقيق التقدم. ووفق معلومات صحافية، يتجه ترامب لتكليف مبعوثه إلى الشرق الأوسط ستيف ويتكوف التعامل مع ملف إيران، في تعيين فسره البعض على أنه محاولة لإستخدام الحل الدبلوماسي قبل الشروع بممارسة الضغوط على طهران.

وفي جولة اليوم على الصحف العربية نرصد اهتمامها بالحدث الاميركي وتداعياته كما بالأوضاع الفلسطينية، حيث:

اعتبرت صحيفة "البيان" الاماراتية أن "العالم حالياً، بين حالة من القلق من عودة ترامب، وحالة من عدم الارتياح. فحالة القلق مبنية على ما تحتفظ به الذاكرة العالمية من السلوك الاندفاعي في اتخاذ القرارات دون تحسب لأي تداعيات قد تحدث". وأردفت: "أما عن حالة عدم الارتياح فلها جانبان الأول أن هذه هي الفترة الرئاسية الثانية والأخيرة له، وبالتالي يستطيع اتخاذ قرارات جريئة وحاسمة. أما الجانب الآخر، فهي تلك الأوامر التنفيذية التي دشن بها ترامب عهده".

ورأت صحيفة "الخليج" الاماراتية أن "ترامب قرر فتح المعركة مع الاتحاد الأوروبي باكراً من منطلق شعاره "أمريكا أولاً"، من دون الأخذ في الاعتبار علاقات بلاده مع حلفاء أو أصدقاء أو خصوم، مساوياً بين أوروبا والصين وكندا والمكسيك وروسيا وغيرها، لافتة الى أن "أوروبا تجد نفسها في مواجهة مباشرة مع الولايات المتحدة، لذلك تعكف على تطوير استراتيجية تجارية، تتضمن إمكانية فرض رسوم جمركية مرتفعة على الواردات الأمريكية، في حال أصّر ترامب على فرض رسومه".

من جهتها، أكدت صحيفة "الوطن" القطرية أن "محاولات تفجير الأوضاع في الضفة الغربية المحتلة تتصاعد بحثاً عن مبررات لنسخ جرائم الإبادة والتهجير التي ارتكبتها إسرائيل في قطاع غزّة"، مشددة على أن "هذه الجرائم تأتي كجزء من استمرار حرب الإبادة، لاسيما وأن الحكومة الإسرائيلية اليمينية المتطرفة تحاول جرّ الضفة الغربية إلى مواجهة شاملة".

وذكرت صحيفة "الراي" الكويتية أن "نهج نتنياهو تجاه الضفة يسلط الضوء على إحجامه عن السعي إلى السلام والمساءلة"، منبهة الى أنه "من خلال إعطائه الأولوية للبقاء السياسي والتحالفات اليمينية المتطرفة، فإنه وضع جهود المصالحة جانباً وبدعم من الإدارة الأميركية المتحالفة ايديولوجياً مع المتشددين في إسرائيل".

هذا وتطرقت صحيفة "الأهرام" المصرية تحت عنوان "تحديات ما بعد الهدنة" الى أن "التحدي الأكبر يتمثل في جلوس الحركات الفلسطينية على مائدة واحدة لاختيار رئيس جديد وحكومة ذات كفاءة وتفعيل مؤسسات الدولة بعيدا عن الانتماءات الضيقة". وأضافت: "الفترة المقبلة تحتاج إلى قيادات تملك رؤية شجاعة لاتخاذ قرارات صعبة والتفاوض بعقليات متفتحة بعيدة عن الشعارات القديمة التي أثبتت الأيام فشلها الذريع".

وفي سياق مختلف، تحدثت صحيفة "البلاد" البحرينية عن أن "سلاح الفصائل المسلحة خارج إطار الدولة، يأتي في مقدمة الملفات الأكثر تعقيدًا في العراق، والذي ليس من السهل إيجاد حلول عملية له دون أن يكون لذلك أثر قد يطولُ استقرار العراق"، مركزة على أن هذه الفصائل "تمارس الزبائنية السياسية، وبات لديها اقتصادها الموازي، وهو أمر بالغُ الخطورة ليس على دول الجوار العراقي وحسب، بل على الدولة العراقية ذاتها".

(رصد "عروبة 22")

يتم التصفح الآن