صحافة

"المشهد اليوم"…اسرائيل تبدأ احتلال غزّة وتقرّ رسميًا خطة تقسيم الضفة إدارة ترامب تفرض عقوبات جديدة على "الجنائية الدولية" ومقتل قيادي "داعشي" في ادلب

فلسطينيون يتفقدون منازلهم بعد الغارات الإسرائيلية العنيفة على مدينة غزة (رويترز)

تتجه الامور في قطاع غزة الى التصعيد بعدما أعلن الجيش الإسرائيلي بدء المراحل الأولى من الهجوم على مدينة غزة في إطار ما سماها عملية "مركبات جدعون 2″، ما يعني زيادة الضغوط الممارسة على حركة "حماس"، ومن خلفها الوسطاء، من اجل تقديم المزيد من التنازلات خاصة ان تل أبيب لم ترد رسميًا على مقترح وقف اطلاق النار الذي وافقت عليه الحركة منذ أيام وقررت ان ترسل اجوبتها بـ"النار" وتصيب هذه الجهود التي بُذلت بـ"الرصاص" سعيًا وراء إفشالها وعدم التوصل الى هدنة بعد مرور 685 يومًا على حرب الابادة المتواصلة في غزة.

فرئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو، المستفيد من الدعم الاميركي اللامتناهي، يحاول الهروب الى الامام بعد تصاعد حدة الانتقادات له ولحكومته داخل اسرائيل متهمين اياه بالعمل من اجل تحقيق أجندته الخاصة بعيدًا عن الهدف الاول الذي من اجله بدأت الحرب الا وهو اطلاق سراح الرهائن الاسرائيليين الأحياء منهم والأموات، والذين لا يزالون محتجزين في القطاع. ومع اقرار خطة توسيع العملية فإن تل أبيب تدفع بالمزيد من قواتها الى المعركة وسط معضلة بدأت تلوح في الافق والمتمثلة بالنقص في عدد الجنود بما يتراوح بين 10 و12 ألف جندي ومحاولتها توجيه نداءات الى الجاليات اليهودية الموجودة في الخارج من اجل الالتحاق بالمؤسسة العسكرية. وكانت الإذاعة الإسرائيلية أفادت بأن الجيش بدأ استدعاء 60 ألف جندي من قوات الاحتياط للانضمام إلى 70 ألف جندي وضابط سبق أن تم استدعاؤهم قبل أسبوعين في إطار الاستعدادات العسكرية لاحتلال مدينة غزة.

وفي هذا السيّاق، أمر نتنياهو بتقليل المهلة الزمنية للسيطرة على معاقل "حماس" وهزيمتها، وفق ما نشرته وكالة "رويترز" التي لفتت الى أن إسرائيل تمضي قدمًا في خطتها للسيطرة على أكبر مركز حضري في القطاع على الرغم من الانتقادات الدولية لعملية ستجبر مزيدًا من الفلسطينيين على النزوح. وصعَّد الجيش الإسرائيلي من هجماته الجوية والمدفعية، ولاسيما على حييّ الزيتون والصبرة جنوب مدينة غزة، بعدما عمد خلال الايام الماضية الى تنفيذ عمليات نسف واسعة فيما ألقت طائرات مُسيّرة منشورات تدعو الاهالي في عدد من المناطق الى الاخلاء والنزوح نحو المواصي في جنوب القطاع. وهذه المنطقة قد تكدست بخيم النازحين الذين حشروا في بقعة جغرافية محددة وسط ظروف انسانية مأساوية وتصاعد الخوف من أن هذه العملية قد تسهم بتهجير الفلسطينيين لاسيما ان تقارير عديدة تتحدث عن اتصالات تجريها تل أبيب في الخفاء مع عدد من الدول بهدف استقبالهم، وما توجيه "مساعدات انسانية" الى جنوب السودان قبل عدة أيام الى واحدة من هذه المحاولات لاحياء مخطط التهجير رغم نفي جوبا إجراء محادثات بهذا الخصوص.

هذا وتتضاعف المخاطر المحيطة بسكان القطاع المحاصر الذين يغامرون، رغم القصف والقنص، الى الاصطفاف بالقرب من مراكز "مؤسسة غزة الانسانية" سعيًا وراء الحصول على ما يسد رمقهم. وقد استشهد أمس، الاربعاء، ما لا يقل عن 81 فلسطينيًا في مناطق متفرقة، منهم 30 من منتظري المساعدات التي تحولت الى "مصيدة للموت" تمارس من خلالها اسرائيل ابشع انواع الوحشية والاجرام وسط عجز دولي واضح عن وقف حرب الابادة والتجويع. وفي هذا الصدد، أعلن مفوض وكالة "الأونروا" فيليب لازاريني أن عدد الأطفال الذين يعانون من سوء التغذية في القطاع تضاعف 3 مرات في حين دق برنامج الاغذية العالمي، التابع للأمم المتحدة، ناقوس الخطر مشيرًا الى أن العائلات "لا تواجه الجوع فقط بل تواجه الموت جوعا". علمًا ان اعداد شهداء التجويع في تزايد مطرد، وفي أخر تحديث أفادت وزارة الصحة باستشهاد 3 أشخاص خلال 24 ساعة، ليرتفع العدد الإجمالي إلى 269 شهيدًا، بينهم 112 طفلًا.

وازاء غياب الرد الاسرائيلي على مقترح وقف النار لمدة 60 يومًا ومحاولة نتنياهو كسب الوقت لتحقيق المزيد من التقدم الميداني، تقف واشنطن في صف تل أبيب، متخذة سلسلة من القرارات التي تدعم موقف الاحتلال وتؤيده وحتى تغض النظر عن جرائمه وتُعاقب من يفكر حتى في توجيه التهم اليه. وهذا ما بدا واضحًا من خلال فرض عقوبات على أربعة مسؤولين رفيعي المستوى في "المحكمة الجنائية الدولية"، واتهامهم بقيادة تحقيقات "غير مشروعة" بحق مواطنين أميركيين وإسرائيليين. وهذه الخطوة لم تعد تثير الاستغراب بعدما عمدت الولايات المتحدة، في وقت سابق، الى فرض قرارًا مماثلًا على مقررة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان على الأراضي الفلسطينية فرانشيسكا ألبانيزي. وفي أول رد فعل، أعلنت المحكمة الجنائية الدولية أن العقوبات الأميركية تشكل "اعتداء صارخ على استقلال مؤسسة قضائية محايدة وإهانة للدول الموقعة على ميثاق المحكمة".

في غضون ذلك، ضربت اسرائيل عرض الحائط بكل الادانات الدولية وأقرت حكومتها مشروعًا استيطانياً جديداً من شأنه أن يفصل شمال الضفة الغربية المحتلة عن جنوبها، وهذا بعدما وافقت لجنة الاستيطان الحكومية على الشروع في تنفيذ مخطط "اي 1" والهادف الى بناء نحو 3400 وحدة استيطانية جديدة، وذلك برعاية وزير المالية المتطرف بتسلئيل سموتريتش الذي أكد أن محو الدولة الفلسطينية "يكون بالأفعال وليس بالشعارات"، داعيًا نتنياهو إلى فرض السيادة الإسرائيلية الكاملة على الضفة. من جهتها، نددت وزارة الخارجية الفلسطينية بالقرار الذي "يكرس تقسيم الضفة إلى مناطق وكنتونات معزول بعضها عن بعض غير متصلة جغرافيًا، لتصبح أشبه ما تكون بسجون حقيقية يتعذر التنقل بينها إلا عبر حواجز الاحتلال، ووسط إرهاب ميليشيات المستوطنين". أما وزير الخارجية البريطاني ديفيد لامي، فلفت الى أن هذه الخطة "ستشكل في حالة تنفيذها انتهاكًا للقانون الدولي، وستهدد بتقسيم الدولة الفلسطينية".

في الشأن السوري، أصدر الرئيس أحمد الشرع مرسومًا يقضي بالمصادقة على النظام الانتخابي المؤقت لمجلس الشعب السوري. وبحسب رئيس اللجنة العليا لانتخابات المجلس محمد الأحمد فإن الإجراءات العملية لتطبيق المرسوم ستبدأ غداً (اليوم)، موضحًا أنه تم تقسيم الدوائر الانتخابية إلى 62 دائرة ستُجرى فيها عملية الترشح والانتخاب. ووفق ما نص عليه المرسوم، فإن المجموع الكليّ لأعضاء مجلس الشَّعب هو 210 أعضاء، على أن يتم انتخاب ثلثي أعضاء المجلس فيما ستتوزع المقاعد المتبقية بحسب التوزع السكاني فيها، بحيث سيكون لكل دائرة انتخابية مقعد واحد، أو أكثر. ويأتي هذا القرار وسط ظروف حساسة ومعقدة تمر بها البلاد بعد سقوط النظام السابق وتسلّم الشرع دفة القيادة ووسط انتقادات داخلية وخارجية حول طريقة الحكم. الى ذلك، نفذت قوات "التحالف الدولي"، فجر أمس الأربعاء، عملية إنزال جوي في بلدة أطمة في ريف إدلب الشمالي، بالقرب من الحدود التركية. وبحسب المعلومات فإن العملية أدت إلى مقتل صلاح نومان، وهو "عراقي الجنسية وقيادي في تنظيم "داعش" ويوصف بأنه "أحد أخطر المطلوبين لضلوعه في تنشيط وتحريك خلايا التنظيم داخل سوريا".

لبنانيًا، أكد البطريرك الماروني بشارة الراعي وجود "إجماع حاسم على تنفيذ قرار نزع سلاح "حزب الله"، لافتًا إلى أن "أبناء الطائفة الشيعية سئموا الحرب ويريدون السلام". كما شدد على أن كلام الأمين العام للحزب نعيم قاسم "مزايدة، ولا وجود لحرب أهلية في لبنان"، داعيًا إياه الى "إظهار الولاء الكامل لبلده، وإيقاف الارتهان لإيران". وأسهمت هذه المواقف "الجريئة" التي تتطابق مع خطوة الدولة بحصر السلاح وبسط سلطتها على كامل اراضيها في حدوث جدل داخلي، اذ اعتبر المفتي الجعفري أحمد قبلان، في معرض رده على الراعي، بأن قرار نزع السلاح "مجنونًا ويخدم مصالح إسرائيل"، وأضاف أنه "لن يكون هناك سلام أبدا مع قتلة الأنبياء وخونة الشعوب ومحتلي الأوطان"، قائلا إن "على من يريد إسرائيل أن يرحل إليها". ومن المعلوم أن الحزب يرفض قرار الحكومة ويتمسك بالسلاح في معركة وصفها نعيم قاسم بأنها "كربلائية" واضعًا الجميع امام خيارين،  إما التمسك بالسلاح وما سيجلبه ذلك على لبنان او التهديد بالحرب الاهلية.

ويشدّد الحزب على أن أي خطوة للبحث بموضوع السلاح يجب أن تبدأ بخطوات عملية من الجانب الاسرائيلي واهمها الالتزام باتفاق وقف النار الذي تنقضه تل أبيب بشكل يومي، حيث هاجمت أمس الاربعاء، أهدافًا تابعة لـ"حزب الله" في جنوب لبنان. وقال جيش العدو، في بيان، "أغارت طائرات سلاح الجو قبل قليل على بنية تحتية إرهابية، مخازن وسائل قتالية ومنصّة إطلاق تابعة لمنظمة "حزب الله" الإرهابية"، مشيرًا إلى أن "وجود هذه المخازن والبنية التحتية والمنصّة شكّل خرقًا للتفاهمات بين إسرائيل ولبنان". وتمثل هذه الانتهاكات والتعديات ضغطًا على الحكومة اللبنانية التي تحاول بكافة الوسائل حشد الدعم لتحقيق الانسحاب الاسرائيلي من الاراضي التي احتلتها كما الى وضع خطة اعادة الاعمار على السكة.

واليكم ابرز ما عنونت عليه الصحف العربية الصادرة اليوم:

أشارت صحيفة "الوطن" القطرية الى أن "التصعيد الإسرائيلي الذي نراه، وإرسال أوامر استدعاء إلى 60 ألف عسكري من قوات الاحتياط كلها مؤشرات خطيرة تدل على أن إسرائيل ليست في وارد التعاطي إيجابيا مع الحلول السلمية المطروحة، رغم جهود الوسطاء لوقف إطلاق النار، ووضع حد لهذه المأساة المروعة"، موضحة أن "رد "حماس" يتطابق بدرجة كبيرة مع ما تمت الموافقة عليه سابقًا من الجانب الإسرائيلي، وهذا يعني ببساطة شديدة أنه لم يعد هناك ما يستدعي المماطلة والتسويف من جانب تل أبيب، كما يعني أيضا أن على المجتمع الدولي القيام بالدور المنوط به للدفع باتجاه عملية سلمية تؤدي إلى وقف فوري لإطلاق النار والسماح بدخول المساعدات وتبادل الأسرى والمحتجزين، وبدء عملية بناء قطاع غزة".

وهاجمت صحيفة "عكاظ" السعودية حركة "حماس" وما أسمته "موقفها الرمادي من مبادرة المملكة العربية السعودية، وجهودها خلف عزم فرنسا على الاعتراف بدولة فلسطين، لأنهم في حالة حرب استثنائية، مختلفة تمامًا عن الصراع العربي–الإسرائيلي". وقالت "يصر "الحمساويون" على القتال، وعدم إيجاد حل سلمي للقضية التي كانت عربية، ثم تحولت إلى قضية فلسطينية، ومن ثم إلى قضية "حمساوية"، ولم يعد الحديث السياسي والإعلامي يدور حول صراع عربي–إسرائيلي"، بحسب تعبيرها.

صحيفة "الأهرام" المصرية، رأت أن "موافقة "حماس" على المبادرة المصرية القطرية تعني إعادة للقضية إلى مربع السياسة وإدراك أن الوقت ليس في صالح الفلسطينيين وقطعا للطريق على نيتنياهو ليكمل مهمته في الإجهاز على قطاع غزة"، معتبرة أن "الإصرار الاسرائيلي رغم كل التقارير التي تتحدث عن تواضع السلاح أو ما تبقى من سلاح لدى "حماس" يؤكد رغبة نتنياهو الشخصية في الحصول على ما يتشوق لتسويقه للإسرائيليين باعتباره انتصارا كاملا باستسلام "حماس"، والعنوان هو نزع سلاحها الآن بصرف النظر عن تداعيات ذلك على حياة الرهائن الإسرائيليين".

وكتبت صحيفة "الصباح" العراقية "ان ما كشف عنه هذا النتنياهو (عن رؤية "اسرائيل الكبرى") لا يقتصر على مشاعر شخصية ورغبات جنونية تتغذى على دماء الأطفال والنساء ليكون بطلا في نظر المؤسسة الصهيونية وحسب، بل هو منطلق عقائدي قائم على السرديات اليهودية التي صنعتها الصهيونية العالمية، بهدف تحقيق حلم الكيان في صورته الكبرى التي تتماهى مع مشروع الشرق الأوسط الجديد". واضافت "وازاء هذا الوضوح في كشف أطماع الاستراتيجية الصهيونية، بات الصراع لا يحتمل خيارا ثالثا وسط مساحة التنظير والسفسطة التي تغص بها وسائل الاعلام، فإما أن تكون مع المقاومة لردع نتنياهو والاحتلال، وإما أن تكون مع نتنياهو في استراتيجية التوسع على حساب معركة الوجود".

(رصد "عروبة 22")

يتم التصفح الآن