صحافة

"المشهد اليوم"..نتنياهو إلى واشنطن واجتماع القاهرة يتمسّك بـ"حلّ الدولتين"أحمد الشرع في السعودية اليوم.. وفيتو أميركي على مشاركة "حزب الله" في الحكومة اللبنانية

من مراسم إطلاق الدفعة الرابعة من السجناء الفلسطينيين في السجون الإسرائيليّة أمس (أ.ب)

تعيش المنطقة والعالم على وقع القرارات والتصريحات الأميركية منذ تسلّم الرئيس الأميركي دونالد ترامب زمام السلطة بعد إعادة انتخابه رئيساً. تقلبات وتغيرات تنظر إليها العديد من الدول بعين الخشية والريبة كما حال الدول الأوروبيّة التي تجتمع غداً، الاثنين، للمرة الأولى منذ تنصيب ترامب، لبحث خريطة طريق للتعامل مع "ساكن" البيت الأبيض وسط التركيز على ملفات محورية تبدأ من الحرب الأوكرانية المحتدمة ولا تنتهي عند الرسوم الجمركية التي أكد ترامب إنه يسعى لفرضها على دول الاتحاد.

أما عربياً، فيستحوذ موضوع تهجير الفلسطينيين صدارة الإهتمامات والأولويات ما استدعى عقد اجتماع "خماسي عربي"، بدعوة من القاهرة، للتأكيد على رفض مثل هذه المخططات والتمسك بمبدأ "حل الدولتين". وقد ضم الاجتماع وزراء خارجية السعودية ومصر وقطر والإمارات والأردن وخرج ببيان واضح وصريح، رداً على تصريحات ترامب المتكررة بشأن "تهجير" أهل غزّة، ما يثير عدة مخاوف عبّر عنها المجتمعون الذين أعربوا عن تطلعهم "للعمل مع إدارة ترامب لتحقيق السلام العادل والشامل في الشرق الأوسط".

وبعد ساعات على الاجتماع، أكد بيان المتحدث الرئاسي المصري تلقي الرئيس عبد الفتاح السيسي اتصالاً من نظيره الأميركي دونالد ترامب، إلا أنه لم يتطرق الى "موضوع تهجير الفلسطينيين". واكتفى البيان الصادر بالإشارة  الى أن الرئيسين شددا على أهمية "تثبيت" وقف إطلاق النار وضرورة تكثيف إيصال المساعدات لسكان غزّة". وتحاول الدول العربية، ولاسيما مصر والأردن، الى التكاتف والسعي لتدعيم اتفاق الهدنة في غزّة ومنع الأمور من التفلت والعودة الى الحرب رغم وجود نوايا إسرائيليّة مبيتة بهذا الشأن.

وعليه من المتوقع أن، تُستأنف غداً، الاثنين، المرحلة الثانية من اتفاق وقف النار بين اسرائيل و"حماس"، بعد اتمام الدفعة الرابعة من اطلاق سراح الرهائن الإسرائيليين، حيث أُفرج أمس عن 3 أسرى في مراسم منظمة رُفعت خلالها صور لقادة من "حماس" قضوا خلال الحرب مع إسرائيل، وبينهم قائد "كتائب القسام" الراحل محمد الضيف. في المقابل، أفرج الاحتلال عن أكثر من 180 معتقلاً فلسطينياً في السجون الإسرائيلية، من بينهم 111 معتقلاً من قطاع غزّة أُسروا بعد عملية "طوفان الأقصى"، رغم أن لا علاقة مباشرة لهم بأحداثها. في وقت، عاد معبر رفح إلى العمل، إذ أعلنت وزارة الصحة في غزّة أن 50 مريضاً غالبيتهم من الأطفال ومرضى السرطان، غادروا عبر المعبر، الذي فُتح أمس، للمرة الأولى منذ أيار/مايو الماضي، وذلك بهدف تلقي العلاج في المستشفيات المصرية.

هذا ويستعد رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، إلى زيارة واشنطن، الثلاثاء المقبل، للقاء الرئيس ترامب. وإذ قالت صحيفة "معاريف"، إن اللقاء "يُعتبر إنجازاً دبلوماسياً لنتنياهو"، أشارت إلى أن "هذه الزيارة ليست مجرد حدث شكلي، لأن الأخير يحمل معه قائمة طويلة من الملفات التي يرغب في مناقشتها مع ترامب، أبرزها كيفية إنهاء الحرب في غزّة، وضمان القضاء على إمكانية سيطرة "حماس" على القطاع في المستقبل". وبحسب الصحيفة، فإن "الهدف الشامل لنتنياهو في الوقت المخصص له في المكتب البيضاوي، سيكون إقناع ترامب بأن هناك حاجة إلى أن تواصل إسرائيل الحرب بدون القيود التي كانت تفرضها إدارة الرئيس الأميركي السابق جو بايدن على الجيش الإسرائيلي، بحيث تدعمها في ضرب "حماس" مع الاستمرار في المساعدات الإنسانيّة".

تزامناً، قال مكتب نتنياهو، في بيان، إن الأخير "تحدث هذا المساء مع المبعوث الخاص للرئيس الأميركي إلى الشرق الأوسط ستيف ويتكوف. واتفق الاثنان على أن المفاوضات بشأن المرحلة الثانية من صفقة الرهائن ستبدأ عندما يلتقيان في واشنطن الاثنين المقبل (موعد وصول نتنياهو الى واشنطن قبل لقائه ترامب الثلاثاء). وأضاف البيان أن المبعوث الأميركي سيجري بعد ذلك محادثات خلال الأسبوع مع رئيس الوزراء القطري ومسؤولين مصريين رفيعي المستوى. وفي سياق متصل، أعلن مكتب رئيس الحكومة الإسرائيلية، أن نتنياهو ووزير أمنه يسرائيل كاتس، اتفقا على تعيين إيال زامير رئيسا لأركان الجيش، بعد إعلان رئيس الأركان الحالي هيرتسي هليفي، استقالته الشهر الماضي، والتي من المقرر أن تدخل حيّز التنفيذ اعتباراً من 6 آذار/ مارس المقبل.

التطورات الاقليمية المتسارعة تتماهى مع الأوضاع اللبنانية، لاسيما على الجبهة الجنوبية. فعلى وقع اعلان الجيش اللبناني انتشاره في بلدة عيترون وعدد من المناطق الحدودية جنوب نهر الليطاني، تواصل قوات الاحتلال تكرار خروقاتها لاتفاق وقف إطلاق النار، الذي تم تمديده حتى 18 شباط/ فبراير المقبل. وقد رُصدت أمس اعتداءات استهدفت بلدات عدّة مثل العديسة ورب الثلاثين وجرى فيها إحراق ونسف للمزيد من الوحدات السكنيّة، كما وقامت مسيّرة إسرائيليّة بإلقاء عدد من القنابل على آليات كانت تعمل على انتشال جثامين الضحايا في وسط بلدة الطيبة.

وفي ظلّ هذه المستجدات، يبقى ملف إعادة إعمار المناطق المتضررة من العدوان الإسرائيلي معضلة حقيقية تحتاج الى حلول سريعة لم توفرها الدولة اللبنانيّة حتى الساعة، بينما تتخبط سياسياً مع استمرار العُقد التي تحول دون تشكيل الحكومة. وضمن هذا السيّاق، نقلت وكالة "رويترز" عما أسمته، مصادر مطّلعة أنّ الإدارة الأميركيّة تُمارس ضغوطًا على كبار المسؤولين اللّبنانيين لمنع "حزب الله" أو حلفائه من تعيين وزير الماليّة القادم، وذلك في إطار مساعيها للحدّ من نفوذ الحزب في الحكومة اللبنانيّة الجديدة.

ووفقًا للمصادر عينها، فقد نقل المسؤولون الأميركيون رسائل مباشرة إلى رئيس الوزراء المكلّف نواف سلام ورئيس الجمهورية جوزاف عون، تؤكد على ضرورة عدم مشاركة "حزب الله" في الحكومة المقبلة. كما أفادت التقارير بأن مسعد بولس، رجل الأعمال اللبناني الأميركي والمستشار السابق للرئيس الأميركي دونالد ترامب، كان أحد الناقلين لهذه الرسائل، حيث أشار إلى أهمية تشكيل حكومةٍ جديدة خاليةٍ من رموز "المنظومة السّابقة" لاستعادة الثقّة الدوليّة. يُشار الى أن وزير الخارجيّة المصري بدر عبد العاطي أجرى جولة محادثات مع المسؤولين اللبنانيين أكد خلالها موقف مصر الداعم لوحدة واستقرار لبنان، موضحاً أن بلاده مستعدة لتقديم كل أشكال الدعم السياسي والاقتصادي للبنان للخروج من أزمته. 

سورياً، ذكرت معلومات صحافية أن الرئيس السوري، أحمد الشرع، سيزور السعودية اليوم دون تقديم المزيد من المعلومات الإضافية حول جدول اللقاءات. وتترافق هذه الزيارة على أهميتها مع القلق إزاء الأوضاع الأمنية المتفلتة، حيث أفاد "المرصد السوري لحقوق الإنسان"، عن مقتل 9 أشخاص وإصابة 15 آخرين في انفجار سيارة مفخخة في منبج بشمال سوريا. وتشهد منبج قتالاً شرساً بين قوات سوريا الديمقراطية (قسد) التي يقودها الأكراد، وفصائل مسلحة مدعومة من تركيا منذ الإطاحة بنظام بشار الأسد.

على المقلب الآخر، نقلت وسائل إعلام إيرانية، أمس، أن قوات "الحرس الثوري" كشفت عن "مدينة صاروخية" مزودة بتقنيات أنشئت تحت الأرض على السواحل الجنوبية للبلاد. وعلّق التلفزيون الرسمي الإيراني بالقول إن "إيران تهز بعصاها الغليظة، وتكشف عن جانب صغير من مدنها الصاروخية والجوية تحت الأرض وفوقها". وتسعى طهران الى إبراز "قوتها" وسط مخاوفها وخشيتها الحقيقية من عودة الرئيس الأميركي الى ممارسة سياسة "الضغوط القصوى" لإجبارها على التفاوض، خصوصاً مع تقدّم برنامجها النووي الى مستويات متطورة.

وواصلت الصحف العربية الصادرة اليوم تركيزها على مسألة تهجير الفلسطينيين والموقف العربي الرافض إزاء الدعوات الاميركية المتكررة. وأبرز ما ورد:

كتبت صحيفة "الخليج" الإماراتية "يريد الرئيس الأميركي أن ينجز لإسرائيل ما عجزت عنه آلتها العسكرية طوال أكثر من 15 شهراً من الحرب الشنيعة، وبعد أن صدمتها مشاهد الحشود الفلسطينية العائدة إلى شمال القطاع المدمّر، وإحباط "خطة الجنرالات". وقالت: "اللاءات العربية الرافضة للتهجير واضحة، وعبّرت عنها كل الاجتماعات والبيانات وكرّرها اجتماع القاهرة الأخير، وعلى مروّجي أوهام اجتثاث الفلسطينيين من أرضهم إعادة الحساب، والنظر في العواقب، والكفّ عن هذه السياسات الهدّامة التي تؤجّج التوتر، وتقضي على ما بقي من مصداقية لشرعية الأمم المتحدة والمواثيق الناظمة لحياة الشعوب".

وشددت صحيفة "العرب" القطرية، بمعرض ردها على دعوات التهجير، على أن "فلسطين وحقوق شعبها، من الثوابت لدى دولة قطر، فالقضية الفلسطينية ليست مثل غيرها من القضايا بالنسبة للدوحة، ويتضح ذلك جلياً، في كافة المواقف الثابتة منذ سنوات وحتى اليوم". وأردفت "أن زوال الاحتلال وممارسة الشعب الفلسطيني حقه في تقرير المصير ليس منة أو مكرمة من أحد، كما أن الوساطة والعمل الإنساني هما خيار الدوحة السياسي والاستراتيجي على المستوى الإقليمي والدولي"، وفق تعبيرها.

من جهتها، اعتبرت صحيفة "عكاظ" السعودية أن "تسوية الصراع العربي – الإسرائيلي ستحتل مرتبة متأخرة في قائمة أولويات ترامب، رغم ما ترتكبه إسرائيل بحق الشعب الفلسطيني من مجازر؛ وذلك يعني المزيد من المعاناة للفلسطينيين والمنطقة"، موضحة أن "ترامب من أشد مؤيدي إسرائيل، ولا يتوقع أن يمارس ضغوطاً تذكر على الكيان الصهيوني، لقبول حل الدولتين، المجمع عليه عالمياً، خاصة بعد أحداث غزّة، وتطورات العلاقات الإقليمية الأخيرة".

والموقف عينه عبرت عنه صحيفة "الدستور" الأردنية، التي أكدت أنه "لا يكفي رفض أفكار الرئيس ترامب الاقتلاعية، بل يجب دعم الرفض الأردني والمصري والفلسطيني، بموقف عربي وإسلامي وأوروبي وأممي، لمدّ أيادي الغوث والإنقاذ لقطاع غزّة، لتصبح الحياة في القطاع ممكنة"، منبهة من أن "الاقتلاع والتهجير الذي طرحه ترامب، ما هو إلا ظلم على ظلم، وهو ما سيفاقم الظلم القائم، ويحضّر تربة خصبة جديدة لمقاومة الاحتلال".

بدورها، رأت صحيفة "البلاد" البحرينية أن "أغلب الأهداف التي أعلن عنها بنيامين نتنياهو مع بداية عملية الانتقام من "طوفان الأقصى" فشلت ولم تتحقق"، مشيرة الى أن "الطرف الذي حقق قسماً كبيراً من شروطه هو الطرف الفلسطيني وليس الطرف الإسرائيلي. فإسرائيل تمكنت من تدمير قطاع غزة، لكنها لم تستطع هزيمة إرادة الفلسطيني بالصمود والثبات، وهنا مكمن الفشل الذي مني به نتنياهو والذي سيدفع ثمنه عاجلا أم آجلا".

ووفق صحيفة "الأهرام" المصرية، "فإن الضغط الحقيقي لإنجاز اتفاق وقف الحرب الإسرائيلية على غزّة يفتح الباب للعودة إلى مسار التسوية". وأضافت "الصفقة العربية ما زالت مطروحة على الطاولة وصالحة... إنها تضمن مساراً صحيحاً وآمناً للسلام الحقيقي والدائم الذي يبحث عنه ترامب". وخلصت الى أن "وحده الرئيس الأمريكي من يستطيع اليوم "إعادة بعثة المبادرة العربية مستفيداً مما قام به لتوسيع رقعة السلام العربي ــ الإسرائيلي فيما عُرف بـ "السلام الإبراهيمي".

وفي إطار متصل، علّقت صحيفة "الراي" الكويتية على الوضع اللبناني بإعتبار أن "جانباً رئيسياً مما سيكون عليه واقع جبهة الجنوب بات ينتظر لقاء ترامب – نتنياهو ليتبلور في ضوئه أفق الحرب مع "حزب الله"، لافتة إلى أن "ترقباً يسود لـ "اليوم التالي" لهذه المباحثات بين جانبين يقفان على "الموجة نفسها" بالكامل في ما خصّ أمن إسرائيل و"حقوقها الموسَّعة"، وإن مع فروقاتٍ حيال أولوية الخيار العسكري أولاً كما تحبّذه تل أبيب، أو "ديبلوماسية التشدّد الأقصى" بدايةً وفق رؤية ترامب".

(رصد "عروبة 22")

يتم التصفح الآن