قضايا العرب

الغموض يلفّ مستقبل الصراع اليمني: بانتظار قرار أميركا و"كلمة" السعودية!

اليمن - محمد الغباري

المشاركة

على الرَّغم من التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في قطاع غزّة وإيقاف هجمات الحوثيين على الدولة العبرية والسفن في جنوب البحر الأحمر وخليج عدن، إلّا أنّ قطار السلام الموعود في اليمن لم يستأنف مساره الذي كان رُسِمَ في نهاية العام 2023 عبر ما أُطلق عليها خريطة الطّريق والتي كانت حصيلة تفاهمات سعودية - عُمانية.

الغموض يلفّ مستقبل الصراع اليمني: بانتظار قرار أميركا و

مع أنّ الأطراف اليمنية أعادت التأكيد على التمسّك بخيار السلام، إلّا أنّ الضباب يلفّ المشهد السياسي والعسكري مع وصول الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، حيث رأت الحكومة في غضب واشنطن وتصنيفها الحوثيّين كمنظمة ارهابية أجنبية، فرصة مؤاتية للتخلّص مما تعتبره إجحافًا في بنود خريطة الطّريق التي تمنح الحوثيين مكاسب من دون أي تنازلات، بخاصة فيما يتعلّق بصرف رواتب الموظفين العموميين في مناطق سيطرتهم وتقاسُم عائدات النّفط والغاز.

وفي ظلّ عدم وضوح الرؤية الأميركية في كيفيّة التعامل مع الملف اليمني، يُرجِّح سياسيون وخبراء أن يستخدم البيت الأبيض هذا الملفّ لابتزاز السّعودية وسلطنة عُمان معًا، ورأوا أنّ المساعي التي بذلتها العاصمتان لإبرام أي اتفاق في الجوانب الاقتصادية بين الحكومة والحوثيين قبل تسلّم ترامب السّلطة تأكيدٌ على هذه الهواجس.

وعلى الرَّغم من مساعي الحكومة في اليمن للاستفادة من موقف الإدارة الأميركية الجديدة تجاه إيران وحلفائها في المنطقة، ومطالبتها العرب بدعم عسكري لانتزاع السيطرة على ميناء الحديدة من أيدي الحوثيين، إلّا أنّها لم تتلقَّ أي دعم حتى الآن، وإن تحدّثت مصادر حكومية وديبلوماسية عن دراسة واشنطن مثل هذا الخيار في التعامل مع الحوثيين.

وعقب دخول ترامب البيت الأبيض، بدا أنّ أيّ خطوة باتجاه دعم الخيار العسكري لم تُتّخذ بعد، وأنّ المضي فيها مرهون بصُنَّاع القرار في واشنطن، وبموافقة الرّياض اللاعب الأساسي في الملف اليمني، وأنّ مثل هذا الخيار ستكون محوره القوّات التي يقودها العميد طارق صالح (ابن شقيق الرئيس الرّاحل علي عبد الله صالح) والتي تتمركز في ميناء المخا قرب مضيق باب المندب. وإذا ما تمّ تبنّي هذا الخيار مستقبلًا، فإنّه وفق مصادر يمنية وغربية سيعتمد على تزويد هذه الوحدات بأسلحة وإمكانات تجعلها متفوّقة على الحوثيين، ومن ثمّ إسناد هذه القوة بحرًا وجوًّا من أجل إنجاح الهجوم على ميناء الحديدة عبْر البحر وانتزاع آخر وجود للحوثيين على الساحل اليمني، ويعتقد داعمو هذا التّوجه أنّه سيرغم الحوثيين على القبول بمتطلّبات السلام بعيدًا عن الاشتراطات التي يضعونها حاليّا.

وسط هذا الغموض، يُجمع المراقبون على استحالة عودة الأطراف اليمنية وداعميهم إلى خريطة الطريق بشأن السلام، غير أنّهم ينتظرون الرياض لتقول الكلمة الفصل في هذا الأمر باعتبارِها صاحبة النفوذ القوي في الجانب الحكومي ولأنها باتت تمتلك خطوط تواصل قويّة مع الحوثيّين.

ومع دخول الصراع عامه العاشر، لا يزال الشعب اليمني يتحمّل وطأة الأعمال العدائية المستمرّة والتدهور الاقتصادي الشديد، حيث بلغ العدد الإجمالي للنّازحين داخليًّا 4.5 ملايين شخص، أي ما يُعادل 14% من السكان.

وتُظهر بيانات أمميّة حديثة أنّ من بين هؤلاء النّازحين، يعيش حوالى 1.6 مليون نازح في 2297 موقع استضافة دون المستوى المطلوب، ويقيمون في المقام الأول في محافظات الحديدة وحجة ومأرب وتعزّ. وهذا يعادل 4.5% من إجمالي سكّان البلاد المقيمين في مواقع "ظروفها قاسية للغاية من دون بدائل قابلة للتطبيق". ولأنّ مواقع النّزوح تكون غالبًا مكتظّة بالسكّان، وتفتقر إلى المأوى المناسب والوصول المحدود إلى الاحتياجات الأساسيّة، مثل المياه ومرافق الصّرف الصحي والنّظافة، فإنّها تواجه مخاطر صحية وحماية متزايدة، خصوصًا أنّ غالبية النّازحين داخليًّا كانوا قد نزحوا بسبب الصراع المستمر منذ العام 2014 ومع ذلك، تغيّر المشهد عام 2023 حيث وصل النّزوح المرتبط بالمناخ إلى أعلى مستوى له في أربع سنوات، ليشكل 76% من حالات النزوح الجديدة، مقابل نسبة 24% منه إلى الصراع.

(خاص "عروبة 22")

يتم التصفح الآن