صحافة

"المشهد العام"…اسرائيل تواصل الإبادة والانقسام الفلسطيني يعمّق الصراعاتواشنطن ترفض عرضًا ايرانيًا بإتفاق نووي "مؤقت" وبريطانيا ترفع العقوبات عن وزارات سورية

فلسطينيون يحملون جثث أقاربهم المُكفنة الذين استشهدوا جراء غارة إسرائيلية استهدفت مدرسة بغزة (أ.ف.ب)

يعيش أكثر من 2.2 مليون نسمة في قطاع غزة في ظروف انسانية صعبة تتفاقم يومًا بعد يوم، خاصة أن التقارير الأممية تشير إلى أن نحو 90% من سكان القطاع المنكوب أصبحوا نازحين داخليًا بحلول نيسان/ ابريل 2025. ويكشف هذا النزوح المتكرر عن مأساة متجددة، لغياب المناطق الآمنة واستهداف اسرائيل عشوائيًا للمدنيين بحجج وذرائع واهية، فيما الاوضاع الاقتصادية والصحية تشهد تدهورًا لا مثيل له مع توقف ادخال المساعدات وتوسع العملية العسكرية وتزايد الضربات الجوية في الآونة الاخيرة دون أن يلوح في الافق أي بوادر حل او اتفاق يضع حدًا لحمام الدم الجاري منذ أكثر من عام ونصف العام.

وهذه الاوضاع تشهد مزيدًا من التفاقم نتيجة غياب التوافق الفلسطيني الداخلي ما يعكس حالة التفكك والتشرذم الحالية رغم المحاولات السابقة لرأب الصدع ولكنها بقيت في اطار التوافقات العملية الشكلية دون تحولها الى ممارسات وافعال. ومن هنا برزت خطوة "منظمة التحرير الفلسطينية" باستحداث منصب "نائب الرئيس"، في خطوة هي الأولى منذ تأسيسها عام 1964. وتتزامن هذه الخطوة مع ما يمر به قطاع غزة والضفة الغربية من اعتداءات اسرائيلية مستميتة هدفها شطب الفلسطينيين من المعادلة كما تواكب حالة الانقسام المستمرة في الشارع الفلسطيني، ولاسيما بين حركتي "فتح" و"حماس"، والتي تلقي بثقلها على المشهد العام. الى جانب ترجمتها لوعود الرئيس الفلسطيني محمود عباس بإجراء تغييرات واصلاحات على السلطة تلبية لمطالب خارجية.

ووفق ما ذكرته وكالة "وفا" الفلسطينية الرسمية، ينصّ القرار على أن يعين نائب رئيس اللجنة التنفيذية لـ"منظمة التحرير" من بين أعضاء اللجنة التنفيذية، بترشيح من رئيس اللجنة، ومصادقة أعضائها. ويحقّ لرئيس اللجنة تكليفه بمهام، وأن يعفيه من منصبه، وأن يقبل استقالته. وتضم اللجنة التنفيذية 16 عضواً، من بينهم 3 من حركة "فتح"، و6 يمثلون 6 فصائل، إضافة إلى 7 أعضاء مستقلين. وكانت 4 فصائل فلسطينية أعلنت، أمس، مقاطعتها وانسحابها من جلسة المجلس المركزي. وقد أثار هذا الاستحداث امتعاضًا واسعًا في صفوف حركة "حماس" التي أعلنت عن رفضها لما أسمته "المسار الأحادي"، فيما اعتبرت "الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين" أن "هذه الاجراءات لا تعالج أزمة النظام السياسي، بل تفاقمه، وتوسع الفجوة بينه وبين الجماهير".

هذا ولا يزال خطاب الرئيس عباس العالي النبرة تجاه "حماس"، والتي كال لها الشتائم، يتفاعل في الشارع الفلسطيني، الذي اعتبره كُثر مؤشرًا خطيرًا يستهدف الوحدة الفلسطينية ويعزّز الانقسامات الداخلية خاصة لجهة دعوته الى تسليم السلاح والرهائن، تماهيًا مع المطالب الاميركية والاسرائيلية دون الالتفات الى المعاناة المستمرة للفلسطينيين، سواء في غزة او في الضفة الغربية المحتلة، بحسب ما عبرت عنه بيانات الشجب والاستنكار. ففي قطاع غزة، يواصل العدو ارتكاب المجازر الجماعية بحق النازحين عبر الاستهداف المتعمد لخيامهم مع تزايد أعداد الشهداء والجرحى وسط غياب كل المقومات الصحية والطبية اللازمة.

من جهتها، نقلت صحيفة "معاريف" الاسرائيلية عن مصادر في "الكابينت" أن وزراء، من بينهم وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير ووزير المالية بتسلئيل سموتريتش، يطالبون بالتحرك الفوري نحو تصعيد عسكري واسع النطاق في غزة، في حين يُفضّل رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو منح فرصة إضافية للمسار التفاوضي على أساس المبادرة المصرية. وتزداد الضغوط الداخلية على الحكومة والمطالب بإبرام صفقة فورًا تعيد الاسرى المحتجزين في وقت تبدو الاولويات في مكان أخر يتركز على المكاسب السياسية بعيدًا عن الحفاظ على ارواح من تبقى من الرهائن. وفي هذا الاطار، حددت دراسة أمنية إسرائيلية صادرة عن معهد "دراسات الأمن الإسرائيلي" 4 بدائل وصفتها بـ"القاتمة" أمام تل أبيب للتعامل مع قطاع غزة، وتمثلت في حكم عسكري مطول أو تهجير السكان أو إقامة حكم فلسطيني "معتدل" أو بقاء الوضع القائم.

على صعيد أخر، تُعقد غدًا، السبت، الجولة الثالثة من المفاوضات الاميركية - الايرانية في عُمان، والتي ستشكل أول لقاء بين الفريقين الفنيين، على أن يقود الشق الفنّي من المحادثات عن الجانب الأميركي مايكل أنتون، رئيس قسم التخطيط السياسي في وزارة الخارجية، بحضور المبعوث الأميركي الخاص ستيف ويتكوف. وفيما تتجه الانظار الى ما سيخرج عن هذه الجولة الجديدة، أبدى وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي استعداده لزيارة ألمانيا وفرنسا وبريطانيا لإجراء نقاشات بشأن برنامج بلاده النووي، مؤكدًا انفتاحه على إجراء محادثات "ليس بشأن الملف النووي فحسب، لكن في كل مجال آخر من مجالات الاهتمام والقلق المشتركين".

هذه الدعوة الايرانية تلقفتها باريس التي لفتت الى انها ستتابع "الوضع من كثب لمعرفة إذا كان إعلان الوزير الإيراني سيُقرن بأفعال"، لكنها أبدت، في الوقت عينه، ترحيبها بمواصلة "الحوار مع الإيرانيين بكل سرور" بشأن الملف النووي. ولم يصدر بعد أيّ تعليق رسمي عن برلين أو لندن. يُذكر أن الوزير الايراني قام بجولة شملت بكين وموسكو هدفها تعزيز رؤية بلاده والتوسط في المفاوضات الجارية خاصة بظل وجود رغبة اسرائيلية بعرقلة المباحثات الجارية وتقويضها. ووجهة النظر الاميركية - الاسرائيلية غير مطابقة بهذا الشأن، حيث يسعى الرئيس الأميركي دونالد ترامب الى تعزيز فرص التوصل الى اتفاق "دائم" بشأن ملف ايران النووي ضمن مهلة الشهرين التي حددها منذ بدء المحادثات. وفي السياق، أفاد موقع "أكسيوس" نقلًا عن مصادر مطلعة بأن الجانب الاميركي المتمثل بستيف ويتكوف رفض عرضًا ايرانيًا بعقد "اتفاق نووي مؤقت"، مفضلًا التركيز على التوصل لاتفاق شامل ضمن المهلة المحددة.

الى ذلك، استحوذت الاشتباكات التي وقعت بين القوات الحكومية السورية وعناصر من "حزب الله" في منطقة القصير في ريف حمص الغربي على الاهتمام، خاصة بعد تدخل الجيش اللبناني لوقفها ومنع تفاقمها. وتشكل هذه المنطقة رمزية خاصة للحزب الذي بسط سيطرته عليها بالكامل خلال عهد النظام السابق. في غضون ذلك، طلبت الخارجية اللبنانية رسميًا من السفير الإيراني في بيروت مجتبى أماني عدم التدخل في شؤون لبنان الداخلية بعد تغريدات له تناولت مسألة سلاح "حزب الله".

اما في سوريا، فقد بدا لافتًا ما نقلته صحيفة "جيروزاليم بوست" الإسرائيلية عن العضو الجمهوري في الكونغرس الأميركي مارلين ستوتزمان قوله إن الرئيس السوري أحمد الشرع منفتح على تطبيع العلاقات مع إسرائيل؛ شرط بقاء بلاده موحدة وذات سيادة. وبانتظار ما ستحمله المعطيات في هذا الاطار، خاصة ان الادارة السورية الجديدة أعلنت منذ اليوم الاول لتسلمها السلطة أنها لا تسعى الى الحرب بل تركز جهودها نحو السيطرة على الاوضاع الداخلية المتأزمة في البلاد. في السياق، أعلنت الحكومة البريطانية رفع العقوبات المفروضة على وزارتي الدفاع والداخلية، فضلًا عن أجهزة المخابرات السورية، وفق ما أفادت به وكالة "رويترز"، في خطوة من شأنها ان تنعكس ايجابًا على الوضع الاقتصادي والمعيشي.

على الصعيد الدولي، تتفاقم الحرب الاوكرانية رغم المحاولات الاميركية لانهاء الحرب، حيث أكد الرئيس ترامب أنه يضغط بشدة على روسيا، وذلك بعدما أثار القصف الروسي الجوي على كييف سخطًا واستنكارًا واسعين لجهة تقويضه الجهود الرامية للتوصل إلى وقف اطلاق النار. وفي وقت سابق، هاجم ترامب نظيره الروسي فلاديمير بوتين، متوجّهًا إليه بكلمتَين: "فلاديمير، توقّف!"، بعد ضربات جديدة أودت بحياة 12 شخصًا على الأقل، وأسفرت عن إصابة نحو 100 في هجوم موسع، هو الأعنف منذ أشهر، استهدف 6 مناطق أوكرانية وعدّة مدن، من بينها العاصمة كييف.

في إطار مختلف ولكنه يكشف تداعيات الحرب السودانية ومخاطرها، أعلنت "منظمة الصحة العالمية" أن المركز الوحيد في العالم لأبحاث المايستوما (الورم الفطري)، وهو مرض مداريّ مُعدٍ يصيب خصوصًا الفئات المحرومة، قد دُمّر في الخرطوم بسبب الحرب المستمرة هناك. وفي وقت يتعذر الوصول إلى موقع المركز، ما يحول دون "إجراء أي تقييم للأضرار"، أسف مؤسس المركز أحمد فحل لما حصل قائلًا: "فقدنا كل المحتوى الموجود في بنوكنا البيولوجية وكانت فيها بيانات منذ أكثر من 40 سنة".

القضايا العربية على تنوعها افردت لها الصحف العربية حيزًا من اهتمامها، ففي جولة اليوم الصباحية نرصد ما ورد في العناوين والمقالات:

تطرقت صحيفة "الخليج" الاماراتية الى التغيرات التي طرأت على العلاقات العراقية - السورية منذ سقوط نظام بشار الاسد، اذ لفتت الى أن "بغداد لديها رغبة جادة للتكيف مع "سوريا الجديدة"، ولعل هذا ما حفز الحكم السوري الجديد بالدفع بوزير خارجيته أسعد الشيباني لزيارة البلاد"، معتبرة أن رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني "لن يسمح لمنظمات عراقية مثل "عصائب أهل الحق" أو "كتائب حزب الله" بإعاقة مشاركة الرئيس أحمد الشرع في القمة العربية المنوي عقدها في العراق…ولعل الأسابيع المقبلة ستكون كاشفة لحدود العلاقة بين البلدين"، على حدّ تعبيرها.

وتحت عنوان "هل سلاح "حماس" أهم من دماء الفلسطينيين؟"، كتبت صحيفة "عكاظ" السعودية "سلاح "حماس" تحول من وسيلة إلى أن أصبح بحد ذاته غاية، والمدنيون الفلسطينيون يدفعون الثمن من دمائهم بدون أي جدوى ونفع حقيقي من هذا السلاح، فما هي الجدوى التي تحققت من عملية 7 أكتوبر؟"، داعية "الوسطاء العرب الى أن يضغطوا على الحركة لتهتم بقيمة وحرمة دماء الفلسطينيين وليس فقط بحفظ سلاحها وسلطتها..فأهل غزة عالقون بين مطرقة إسرائيل وسندان "حماس"، ولا أحد من الطرفين يبالي بالجحيم الذي يعيشونه".

اما صحيفة "اللواء" اللبنانية فشددت على أنه في حال "أقدم الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون على الخطوة الشجاعة وإعترف من جانبه بدولة فلسطين فإن سائر دول القارة الأوروبية سترى الخير في ما إختاره وستحذو حذوه، خصوصاً تلك الدول التي باتت ترى في الفعل البنياميني ما يذكِّرها بما تسعى لمحوه من الذاكرة"، موضحة أنه "مِن دون الردع العربي الفاعل له من جهة وإيصال التوجه الذي عبَّر عنه الرئيس ماكرون في شأن الإعتراف بالدولة الفلسطينية سيواصل نتنياهو هتلريته"، بحسب وصفها.

ومن وجهة نظر صحيفة "البلاد" البحرينية، فإن القيادة الإيرانية الحالية "تدرك عدم الرضا الشعبي العارم عن الظروف الاقتصادية واحتمال حدوث احتجاجات ناتجة عنها، ويمكن أن يؤثر هذا الشعور العام على عملية صنع القرار في النظام، لاسيما في مقاربته للمفاوضات الجارية مع الولايات المتحدة" حيث تُعقد الجولة الثالثة غدًا في عُمان، مشددة على أن فرض "المزيد من العقوبات، بما في ذلك إغلاق المواقع النووية، سيسرع من انهيار النظام واستبداله".

الى ذلك، تناولت صحيفة "الأهرام" المصرية العلاقات بين القاهرة وبكين وتطورها في عدة مجالات، اذ قالت: "مصر لم تكن دولة معتدية، بل إنها ركيزة للأمن والسلام في المنطقة، في وقت يعبث فيه آخرون بأمنها. وقد رأينا ما يحدث في محيطنا الإقليمي من حروب وقلاقل، لذا فإن استعداداتنا العسكرية والاقتصادية ليست مشروعة فحسب، بل ضرورية". واضافت: "إن قوة مصر ليست على حساب أحد، وإنما هي إضافة كبيرة تدعم الاستقرار الإقليمي والدولي، بالتوازي مع حماية أمنها القومي في منطقة تغلي بالتوترات، مما يفرض عليها أن تكون في مستوى التحديات، وأن تصبح حامية للاستقرار والتقدّم".

(رصد "عروبة 22")

يتم التصفح الآن