الجزائر - فرنسا: الأزمة تتفاقم مع صعود "اليمين المتطرّف"!

الجزائر - ربيعة صباح

المشاركة

يبدو أن كلّ القراءات السياسية والتحليلات التي كانت تتوقع مُصالحةً وانفراجًا في الأزمة السياسية بين الجزائر وفرنسا، لمُجرّد تلقّي الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون اتصالًا هاتفيًّا وزيارةً من وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو إلى الجزائر، لم تكن صائبةً وكانت مُجرّد تقديراتٍ لم تأخذ بعين الاعتبار منطق التصعيد الذي يتبنّاه أنصار اليمين داخل الحكومة الفرنسية والمعروفون بخطاب الكراهية والنّزعة الانتقامية.

الجزائر - فرنسا: الأزمة تتفاقم مع صعود

منطق التصعيد ظهر بعد قرار الجزائر القاضي بطرد 12 ديبلوماسيًا فرنسيًا من أراضيها في ردٍّ جزائريّ على توقيف السلطات الفرنسية للقائم بأعمال القُنصلية الجزائرية في "كريتاي" بالقرب من باريس، والذي وُجهت له تُهمة محاولة اختطاف ناشط جزائري مُعارض صُنِّفَ على اللائحة الرسمية للإرهاب في البلاد في مايو/أيار 2021، لتَرُدَّ باريس بخُطوةٍ مماثلةٍ إذ أعلنت طرد 12 مُوظفًا في الشبكة القُنصلية والديبلوماسية الجزائرية في فرنسا واستدْعت السفير الفرنسي لدى الجزائر ستيفان روماتيه للتشاور، في سابقة هي الأولى من نوعها منذ استقلال الجزائر في عام 1962.

وعلى هذا المنحى الديبلوماسي المُتصاعد الذي يُعبّر بشكلٍ واضحٍ وصريحٍ عن تفاقم الخلاف والعداء بين الدولتيْن، تُجمع بعض التقديرات السياسية على أن هذه الأزمة ستستمرُّ حتّى انتخابات الرئاسة الفرنسية 2027 لأسبابٍ عدّة من بينها صُعود اليمين بشقَّيْه التقليدي والمُتطرّف الذي لا يُفوّت أي فرصة حتى ينصب العداء للجزائر ومهاجريها هناك، وهو برز بقوة في العامين الأخيرين، من خلال الحملات التي تُعرقل كلّ مساعي التقارب وتحافظ على "شعرة معاوية" في العلاقات الثنائية.

وللتدليل على هذا المُعطى، يقول البروفيسور نور الصباح عكنوش، أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدّولية في جامعة بسكرة، لـ"عروبة 22"، إنّ "وزير الداخلية الفرنسي برونو روتايو (شخصية بارزة من اليمين الفرنسي) يُمثّل مشروع تيارٍ بأكمله وهُو يُحاول حاليًا توظيف ورقة الجزائر انتخابيًا، وهو في مسعاه هذا يُريد استنساخ تجربة نيكولا ساركوزي عندما كان وزيرًا للداخلية واستعمل الجالية في الضواحي من خلال إجراءات قمعية عُنصرية كورقةٍ سياسيةٍ للوصول إلى الإليزيه".

وأضاف: "يبدو أنّ وزارة الداخلية الفرنسية تحوّلت الى منصّةٍ انتخابيةٍ لاعتلاء سدّة الحكم في فرنسا، وهو ما يتمظهر عبر سلوك وزير الداخلية الحالي الذي يريد ملء فراغ مارين لوبان زعيمة اليمين المُتطرّف في فرنسا والتي مُنعت من الترشّح للانتخابات الرئاسية المقررة عام 2027 بعد إدانتها باختلاس الأموال من البرلمان الأوروبي، وذلك عبر استخدامه خطابًا عدوانيًّا مُتطرّفًا يبتغي من خلاله إرضاء "لوبيّات" وعصب ومصالح إيديولوجية ضيّقة يحسب أنها تضمنُ له بالمال والإعلام كُرسي الإليزيه".

من هذا المُنطلق، لا يُمكن إطلاقًا إغفال الشهيّة الانتخابية المفتوحة لليمين المتطرّف على هذا الموعد المصيري بالنّسبة لهذا التيار، ولذلك هو يصعّد بشكلٍ ممنهجٍ مستهدفًا الجزائر مباشرةً لحصْد أكبر عددٍ من الأصوات وسط المجتمع الفرنسي، مستغلًا الأزمة الاقتصادية التي تمرّ بها فرنسا لركوب الموْجة وحكْم باريس لعلمه أنّ الأزمات، وإن تعدّدت بنيويًا ومجتمعيًا وماليًا وسياسيًا، كما يحدث في واقع الجمهورية الخامسة، فإنّها موضوعيًا تصبح بيئةً حاضنةً لأفكاره وبرامجه ومشاريعه وأحلامه التي يعتقد بقوّة أنها ستتحقّق في 2027.

(خاص "عروبة 22")

يتم التصفح الآن