صحافة

زيارة وفد الوكالة الذرية و"تبادل الرسائل" مع أميركا: مرونة إيرانية محسوبة في الوقت الضاغط

سميح صعب

المشاركة
زيارة وفد الوكالة الذرية و

لم تتجاوز زيارة نائب المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية ماسيمو أبارو لطهران، الإثنين، الحدود "الفنية" المرسومة لها مسبقاً. لكنها التواصل الإيراني الأول منذ أن علق الرئيس مسعود بزشكيان التعاون مع الوكالة، على إثر الحرب الإسرائيلية التي استمرت 12 يوماً في حزيران/يونيو، وتخللها توجيه ضربات أميركية للمنشآت النووية في فوردو ونطنز وأصفهان. ولا يخفي المسؤولون الإيرانيون انتقادهم للوكالة الدولية، ويعتبرون أن القرار الذي أصدرته عشية الحرب وتضمن اتهاماً لطهران بعدم الوفاء بالتزاماتها بموجب معاهدة حظر الانتشار النووي، قد اعتُبر بمثابة تمهيد لشن الضربات الإسرائيلية والأميركية.

ووضعت وزارة الخارجية الإيرانية زيارة الوفد الفني للوكالة الدولية في إطار المفاوضات "التقنية" و"المعقدة" بين طهران والوكالة. وهي أتت في وقت تنعدم فيه الثقة بين الغرب وإيران. فالمفاوضات مع واشنطن متوقفة منذ الحرب، بينما المحادثات بين طهران والترويكا الأوروبية، فرنسا وبريطانيا وألمانيا، التي أجريت آخر جولاتها في اسطنبول في 25 تموز/يوليو، لم تنجح في تحقيق اختراق.

وينعكس تمسك الأطراف بمواقفها انسداداً في المسارات السياسية. وتشترط إيران للعودة إلى المفاوضات مع الرئيس الأميركي دونالد ترامب، ضمانات بعدم الإقدام على أي عمل عسكري ضدها. وتحتفظ بسياسة الغموض حول وضعية برنامجها النووي بعد الحرب، وتؤكد عدم تنازلها عن تخصيب اليورانيوم على أراضيها، مع إبراز مرونة في ما يتعلق بنسبة التخصيب، على ما قال مساعد وزير الخارجية للشؤون السياسية مجيد تخت روانجي الإثنين، في مقابل رفع العقوبات الأميركية.

على أن الاتصالات مع الجانب الأميركي ليست مقطوعة بالكامل. وتحدث وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي عن "تبادل رسائل" مع واشنطن عبر "وسطاء". لكن إيران لن يكون في إمكانها تجاهل المهلة التي حددتها الترويكا الأوروبية والتي تنتهي في آخر آب/أغسطس الجاري، للعودة إلى المفاوضات، تحت طائلة تفعيل آلية إعادة فرض العقوبات في مجلس الأمن في أيلول/سبتمبر، أي قبل انتهاء صلاحية "آلية الزناد" (سناب باك) في تشرين الأول/أكتوبر.

وبذلك، أمسى الوقت عاملاً ضاغطاً على إيران، إلا في حال تمكنت من إقناع الترويكا بتمديد "الآلية" ستة أشهر أخرى. بيد أن الأوروبيين لن يقدموا على ذلك من دون الحصول على التزامات واضحة من إيران. فهل جاء استقبال طهران الوفد الفني للوكالة الدولية لفتح ثغرة في الجدار المسدود؟ حتى اللحظة، لا يبدي ترامب اهتماماً بالتفاوض إلا وفق شروطه التي ترفض السماح لإيران بأي نوع من أنواع التخصيب على أراضيها. لكن ترك الوضع معلّقاً مع إيران والاتكاء على ما يقوله من "محو" كامل للبرنامج النووي الإيراني، لا يكفي لعدم جر أميركا إلى نزاع مسلح جديد مع طهران.

هذه مسألة يسعى ترامب إلى تفاديها. لكن الأمر لا يتعلق به وحده، إذ إن تصريحات وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس ورئيس الأركان الجنرال إيال زامير، تشي بأن إسرائيل قد تستأنف الحرب على إيران في الأشهر المقبلة، وفور شعورها بأن طهران قد جددت قدراتها الصاروخية أو حصلت على نظام للدفاع الجوي، بما يغير الواقع الاستراتيجي الذي نشأ بعد حرب الأيام الـ12.

ما يمنع تجدد الحرب هو التوصل إلى اتفاق أميركي - إيراني، يشكّل مقدمة لإزالة الكثير من التوترات الإقليمية. وفي الداخل الإيراني، لا يني بزشكيان يشدد على أهمية معاودة الحوار مع الولايات المتحدة، معتقداً أن "الحوار لا يعني الهزيمة أو الاستسلام". لكن موقف الرئيس وُوجه بانتقادات علنية من نائب مساعد الشؤون السياسية في الحرس الثوري عزيز غضنفري، الذي اعتبر أن تصريحات بزشكيان تنطوي على ما وصفه بـ"أخطاء كلامية" قد تضر بالأمن القومي والمصالح السياسية لإيران.

(النهار اللبنانية)

يتم التصفح الآن