صحافة

"المشهد اليوم"..."حماس" تدرس خطة ترامب واسرائيل تصعّد ضد "حزب الله"واشنطن ترفع من جهوزيتها في المنطقة وتركيا تفرض عقوبات على كيانات مرتبطة بإيران

السيارة المستهدفة بغارة إسرائيلية على طريق الجرمق-الخردلي جنوب لبنان والتي أدت إلى مصرع شخصين (أ.ف.ب)

تتبنى الإدارة الأميركية الخطط الاسرائيليّة بحذافيرها وتوفر لها الظروف الملائمة من أجل فرض سيطرتها على المنطقة المشتعلة بالصراعات والغارقة بالفوضى والدم. ففي غزّة يعيش السكان لحظات صعبة بانتظار ردّ حركة "حماس" على الخطة التي اعلن عنها الرئيس الأميركي دونالد ترامب بحضور رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو واصفًا اللحظة بأنها "ربما أعظم أيام التاريخ" بينما بعض بنودها تعتبر "مفخخة" وتفتقر إلى الآليات التطبيقية والتنفيذية ما يجعلها مليئة بـ"الثغرات"، وهو موقف أعلن عنه صراحة وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي في سياق تصريحاته التي أكد فيها تبني القاهرة للخطة، مكررًا بأنه لن يكون لحماس "أي دور" في مستقبل غزة.

ولكن تلك "الثغرات" المهمة والتي تحتاج إلى الشرح والتدقيق يبدو أنها غير قابلة للنقاش بعدما رفض نتنياهو التعديلات العربية المطروحة على بنود الاتفاق في وقت يكثف ترامب من ضغوطه على حركة "حماس"، حيث قالت المتحدثة باسم البيت الأبيض، كارولاين ليفيت، الخميس، إن الولايات المتحدة تأمل وتتوقع موافقة "حماس" على خطة الرئيس الأميركي بشأن غزة، وإن الرئيس ترامب سيضع خطًا أحمر لأي رد من الحركة. وهذا التهديد المستمر يزيد من تعقيدات المشهد الراهن الذي يواجه اصطفافات سياسية واضحة بعدما وافقت الدول العربية والاسلامية على الاتفاق المعروض على الطاولة بإعتباره "افضل الممكن" بظل موازين القوى الحالية ما وضع "حماس" في لحظة مفصلية، فهي إما توافق على شروط تعتبرها "ظالمة ومجحفة" (كما صرحت بعض مصادرها إعلاميًا) أو ترفض وبالتالي تعطي "شرعية" لترامب كي يمنح الغطاء الكامل لتل أبيب لتقوم بتكثيف وتصعيد عملياتها العسكرية. وعليه تواصل الحركة مع الفصائل الفلسطينية الأخرى المشاورات علّها تقدم ردًا واضحًا مع تأكيدها المستمر بأنها تسعى جاهدة لوقف الحرب. 

تزامنًا مع هذه المستجدات وضبابية الموقف الذي سيصدر عن "حماس" بظل سيناريوهات متعددة تُرسم في الخفاء، بدا لافتًا ما كشفت عنه "العربي الجديد"، ومفاده أن رئيس الوزراء البريطاني السابق توني بلير، المرشح لقيادة الإدارة الدولية لغزة، سيقوم خلال الأيام المقبلة بزيارة إلى مصر في محاولة لتسويق رؤيته. وبحسب مصدر دبلوماسي مصري رفيع المستوى، فإن الاتفاق على زيارة بلير المرتقبة جاء بعد وساطة إماراتية خلال زيارة الرئيس الإماراتي الشيخ محمد بن زايد آل نهيان إلى القاهرة مطلع الأسبوع، موضحة أن الوساطة كانت تهدف لمنح بلير فرصة لعرض رؤيته وتصوره، في وقت ترفض فيه القاهرة بأن يكون المقر المقترح للإدارة الدولية لقطاع غزة على أراضيها. وكان طرح اسم بلير أثار العديد من المواقف والقلق خاصة بأنه يوصف كـ"مجرم حرب"، إلا أن الطرح لم يأتِ من فراغ أو صدفة بل نتيجة تقاطع مصالح وأهداف تريد واشنطن أن تحققها لتل أبيب "حليفتها" ومنحها موقعًا متقدمًا في أي صفقة ستتم. بينما يعيش نتنياهو على أمل أن ترفض الحركة الصفقة بظل بعض المواقف والاصوات الداخلية في اسرائيل والتي تعتبر أن الموافقة "خطيئة" في الوقت الحالي.

وما يهم نتنياهو هو الحفاظ على حياته السياسية مهما كان الثمن ومن هنا يحذّر العديد من المحللين أن يسعى إلى فتح جبهات جديدة لم تُغلق بالكامل بعد في إطار محاولته لاستباق أي تحرك ضده خاصة بأنه يواجه تهمًا بالفساد والرشوة. هذا المشهد المُعقد خرقته الصور الواردة من على "أسطول الصمود العالمي "الذي اعترضته البحرية الاسرائيلية ملقية القبض على المشاركين فيه. وفي هذا السياق، قالت الشرطة الإسرائيلية، إنها تسلمت من الجيش أكثر من 250 مشاركًا وأخضعتهم للتحقيق ونقلتهم لمصلحة السجون، بينما أفادت "هيئة البث الإسرائيلية" بأن مئات المشاركين نقلوا إلى ميناء أسدود "للترحيل الطوعي" أو لإجراءات قضائية لترحيل قسري. وشهدت العديد من عواصم الدول تظاهرات شاجبة واحتجاجات شعبية، إلى جانب تنديدات رسمية، بعد الاعلان عن الاستيلاء على السفن في المياه الدولية ومنعها من إكمال مهمتها الانسانية الهادفة لكسر الحصار عن غزة. هذا وأدرجت النيابة العامة في إسبانيا، الهجوم على أسطول الصمود ضمن التحقيق الذي فتحته في 18 أيلول/سبتمبر الماضي، بشأن الجرائم الدولية التي ارتكبتها اسرائيل في قطاع غزة. 

الوحشية الاسرائيليّة الأخذة بالتوسع مع تفاقم الأوضاع في غزة وتدهورها في الضفة الغربية المحتلة، التي تعتبر شاهدًا اضافيًا على الانتهاكات التي تمارسها تل أبيب منفذة سياسة التهجير الممنهج والاستيلاء على الأراضي ونهب خيرات الفلسطينيين. وبظل غياب الإجراءات الرادعة لن تتوقف هذه الاعتداءات التي تنفذ بشكل يومي في سوريا ولبنان ناهيك عن الضربات على الحوثيين في اليمن. ويستفيد نتنياهو من الدعم الأميركي الواضح وفرض السياسات التي تعزّز تفتيت الشرق الأوسط وتغيير معالمه، خاصة أن خطة غزة لها تأثير واضح على مجريات المنطقة برمتها ولا تقف عند حدود القطاع المنكوب. ويبدو ذلك جليًا في سوريا التي تسعى إلى إبرام اتفاق أمني بظل شروط اسرائيلية صارمة وضغط اميركي. بينما شدّ الحبال بين أنقرة وتل ابيب ينعكس على البلاد التي لم تخرج بعد من تداعيات الحرب الدموية التي استمرت زهاء 14 عامًا. وترفض اسرائيل أن تعزّز تركيا من تواجدها العسكري في سوريا، وإقامة قواعد في وسط البلاد، ولا سيما في حماه وحمص، بينما ترى الأخيرة بأن لتل أبيب مخطط يسعى إلى استهداف أمنها القومي.

ومن هنا تأتي تصريحات الرئيس التركي رجب طيب أردوغان المتواصلة عن عدم السماح بتقسيم سوريا بل الحفاظ على وحدتها وهو كلام نفسه أعلن عنه وزير الخارجية اسعد الشيباني، الذي أكد أن سوريا موحدة تصب في مصلحة الجميع. ورغم أن دمشق كررت مرارًا وتكرارًا بأنها لا تريد الدخول في حروب إلا أن الاجراءات الاسرائيلية تتعاظم من اقامة حواجز عسكرية ودهم منازل واعتقال أشخاص. في غضون ذلك، مدّد الرئيس ترامب، حالة الطوارئ الوطنية الأميركية الخاصة بسوريا، لمدة عام كامل، مؤكدًا أن الوضع في البلاد يقوض الحملة الدولية لهزيمة "داعش"، التي تبرز كمعضلة جديدة أمام الحكومة السورية الجديدة التي تواجه المزيد من التحديات الداخلية، مع استمرار مطالبة الدروز بالحكم الذاتي والخلافات المشتعلة مع "قسد" ناهيك عن الاوضاع المضطربة مع العلويين. يُذكر ان البلاد تشهد يوم الأحد الحالي انتخابات لاختيار أعضاء أول برلمان بعد الإطاحة بالنظام المخلوع وسط انتقادات عديدة تواجه هذه العملية.

ومن الاعتداءات على سوريا إلى لبنان الذي شهد امس تغيرًا في الاستهدافات حيث أودت غارة إسرائيلية بحياة مهندسين اثنين يعملان في مهمة الكشف عن الأضرار الناجمة عن الغارات السابقة لصالح شركة "معمار"، التي فرضت عليها الولايات المتحدة عقوبات عام 2020، متهمةً إياها بأنها "مملوكة أو موجّهة من "حزب الله"، في رسالة فُهم منها بأن تل أبيب انتقلت إلى مستوى تصعيدي جديد من ضرب البنية العسكرية للحزب إلى استهداف المؤسسات المرتبطة به. في الأثناء، قالت مصادر في واشنطن وبيروت إن الإدارة الأميركية وافقت هذا الأسبوع على تقديم 230 مليون دولار لقوات الأمن اللبنانية في إطار سعيها لنزع سلاح الحزب، الذي يزيد من حدة الخلافات الداخلية والتي انعكست على العلاقات بين الرئاسات الثلاثة. وضمن السياق، بدا رئيس الحكومة نواف سلام واضحًا لجهة التأكيد بأن "حصرية السلاح بيد الدولة هو عنوان الأمن والأمان". وقال أمام وفود زارته: "أنا لم ولن أسلك غير هذا الطريق: دولة واحدة، قانون واحد، جيش واحد".

التطورات على كثرتها تتزامن مع ما نشرته صحيفة "نيوز ويك" التي ذكرت أن الولايات المتحدة الأميركية رفعت جاهزيتها في منطقة الشرق الأوسط بشكل ملحوظ، وتمثل ذلك في نشر عدد كبير من طائرات التزود بالوقود (كيه سي 135) ، في خطوة تعكس تصاعد التوترات الإقليمية، معتبرة أن هذا التحرك يعيد إلى الأذهان استعدادات مشابهة اتخذتها واشنطن قبل اندلاع المواجهة الأخيرة بين إيران وإسرائيل في حزيران/يونيو الماضي. وإذ تتكثر السيناريوهات الموضوعة وسط عودة الحديث عن امكانية تجدّد الحرب مع ايران خاصة بعد إعادة فرض العقوبات الأممية عليها غداة فشل التوصل لاتفاق بشأن برنامجها النووي وقرارها التشبث بمواقفها مع عدم اغلاق "باب الدبلوماسية والحوار" الذي يبدو حتى الساعة موصدًا بين طهران وواشنطن. على صعيد متصل، قررت تركيا تجميد أصول العديد من الأفراد والكيانات المرتبطة بأنشطة تخصيب اليورانيوم الإيرانية. ويستهدف القرار، الذي صدر بموجب مرسوم رئاسي موقّع من الرئيس أردوغان، الأشخاص والمنظمات المشاركة في برنامج التطوير النووي الإيراني.

في السياسة ايضًا، تبرز الأحداث التي تشهدها المغرب منذ عدة أيام والتي أدت، بحسب رئيس الحكومة عزيز أخنوش إلى وفاة ثلاثة أشخاص، مؤكدًا، في كلمة بثها التلفزيون المغربي، "تجاوب" الحكومة مع المطالب المجتمعية، واستعدادها لإجراء حوار بشأنها، في إشارة إلى احتجاجات شبابية تطالب بإصلاحات اجتماعية وما لبثت أن تحولت إلى أعمال عنف. وضمن الأحداث التي برزت أمس، كان الاعتداء على كنيس في مدينة مانشستر (شمال غربي إنجلترا) والذي أدى إلى مقتل ثلاثة أشخاص. فيما قالت الشرطة البريطانية "إنها تعتقد أن الشخص الذي شن هجومًا هو مواطن بريطاني من أصل سوري يبلغ من العمر 35 عامًا ويحمل اسم جهاد الشامي". وقتل الأخير برصاص ضباط مسلحين بعد أن صدم بسيارته مشاة وطعن شخصًا واحدًا على الأقل بالقرب من الكنيس خلال "يوم الغفران"، وهو أقدس يوم في التقويم اليهودي.

وهنا نستعرض أبرز ما تناولته الصحف الواردة اليوم، الجمعة، في عالمنا العربي:

لفتت صحيفة "الخليج" الاماراتية إلى أن الاعتراف البريطاني بفلسطين "يعكس تحولًا كبيرًا في السياسة البريطانية التي اتسمت على مدار عقود طويلة بالصمت والحذر من الإعلان الصريح كما حدث اليوم بالدولة الفلسطينية وذلك نتيجة تحولات في السياسة الأوروبية عمومًا وفرنسا خصوصًا التي تبنت وترأست المؤتمر الدولي لحل الدولتين، إضافة إلى تحول لافت في الرأي العام البريطاني تجاه تأييد الشعب الفلسطيني والرفض المطلق لحرب الإبادة التي ترتكبها إسرائيل في قطاع غزة". وأضافت :" إن اعتراف بريطانيا وغيرها هو اعتراف لا يتجاهل الحقائق على الأرض وخطوة مهمة تحتاج إلى جهد عربي ودولي لإنهاء الاحتلال وقيام الدولة الفلسطينية الكاملة العضوية بسيادتها على أرضها".

وعن الخطة الاميركية بشأن غزة، رأت صحيفة "الأهرام" المصرية بأنها "مثيرة للجدل، وفيها تكمن تفاصيل كثيرة، وقد استجاب فيها ترامب لبعض مطالب رئيس الوزراء الإسرائيلى نتنياهو، وقام بتعديل بعض بنودها، وألفاظها، لتتماشى مع ما كان يطالب به نتنياهو طبقًا لما تم نشره فى وسائل الإعلام الأمريكية والإسرائيلية"، معتبرة انه يجب العمل  "إلى تفكيك ألغامها الكثيرة بهدوء وعقلانية، بعيدًا عن "الانفعالية" التي يمكن أن تؤدي إلى المزيد من الخسائر والمشكلات. ربما يكون التجمع العربى - الإسلامى الذي اجتمع معه ترامب قبيل إعلان خطته هو أداة مهمة للتعامل مع ألغام ترامب إذا ما قبلت بها "حماس" وفصائل المقاومة أو حتى رفضتها"، بحسب قولها.

في سياق آخر، تناولت صحيفة "عكاظ" السعودية مسألة الأحزاب اللبنانية، لافتة إلى أنه "من الضروري أن تتخذ الدولة قرارًا جريئًا بحل هذه الأحزاب وإعادة تشكيلها، مع إقرار قانون جديد يحدد معايير واضحة للتمويل والشفافية والمساءلة. هذا القانون يجب أن يضمن أن تعمل الأحزاب بما يتماشى مع متطلبات العصر". وأردفت قائلة " إن إعادة بناء نظام سياسي جديد ومعالمه واضحة تُعد السبيل الوحيد لإحياء الحياة السياسية وضمان مستقبل أفضل للبنان وشعبه، كما تمثّل خطوة أساسية لإنقاذ البلاد من أزمتها المستمرة".

صحيفة "اللواء" اللبنانية، بدورها، تطرقت إلى العلاقة بين الرئيسين جوزاف عون ونواف سلام، مؤكدة ان "التعاون والإنسجام بين الرئيسين يسير على ما يرام إلى أن حصلت "واقعة صخرة الروشة"، وما تخاللها من تحدٍّ صارخ ليس لتعليمات وقرارات رئيس الحكومة وحسب، بل، وهذا الأخطر، إتخذت الممارسات والشعارات طابع الإستفزاز لوجود الدولة وهيبتها". وتابعت "هنا برزت التباينات بين الرئيسين في أسلوب العمل لتطويق تفاعلات الحادثة، وإن كان هدف الإثنين هو درء الفتنة. وعوض أن يتركز الإهتمام بتنفيذ القانون والحفاظ على هيبة الدولة ومؤسساتها، أظهرت المعالجات تباعدًا في الخطوات بين الرئيسين، عمل المصطادون في المياه العكرة على الترويج لفكرة الخلاف بين بعبدا والسرايا الكبير".

(رصد "عروبة 22")

يتم التصفح الآن