بحسب بيانات الجهاز المركزي المصري للتعبئة العامة والإحصاء، إرتفع مستوى التضخم في المدن المصرية إلى 35.7 في المئة في حزيران/ يونيو (الماضي) على أساس سنوي من 32.7 في المئة في أيار / مايو، وهي أعلى نسبة مسجلة منذ أكثر من 5 سنوات.
وتعود أسباب إرتفاع التضخم إلى عوامل كثيرة، أهمها، خفض قيمة الجنيه (العملة المحلية) أمام الدولار، شحّ العملات الأجنبية، تأخّر دخول الواردات إلى البلاد، نقص المعروض في بعض السلع وزيادة حجم الإستهلاك.
بلغ الرقم القياسي العام لأسعار المستهلكين 177.6 نقطة في يونيو بارتفاع 2% عن مايو
وأتى إرتفاع معدل التضخم في مصر، عقب سلسلة إجراءات متصلة بخفض قيمة الجنيه بدأت في منتصف العام 2022. وجاء متوسط توقعات المحللين في الاستطلاع الذي أجرته وكالة الأنباء العالمية "رويترز" عند 33.6 في المئة في آذار / مارس.
وبلغ الرقم القياسي العام لأسعار المستهلكين لإجمالي الجمهورية المصرية 177.6 نقطة لشهر حزيران / يونيو مسجلاً بذلك إرتفاعًا قدره 2 في المئة عن شهر أيار / مايو 2023. وترجع أهم أسباب هذا الارتفاع إلى ارتفاع أسعار مجموعة اللحوم والدواجن بنسبة 3.3 في المئة، مجموعة الأسماك والمأكولات البحرية بنسبة 2.9 في المئة، مجموعة الألبان والجبن والبيض بنسبة 0.4 في المئة، مجموعة الفاكهة بنسبة 5.7 في المئة، مجموعة السكر والأغذية السكرية بنسبة 1.4 في المئة، وفق الجهاز المركزي المصري.
وتوصلت مصر لإتفاق بشأن حزمة دعم مالي جديدة من صندوق النقد الدولي بقيمة ثلاثة مليارات دولار في كانون الأول/ ديسمبر، وخفضت قيمة عملتها (سعر الجنيه) إلى النصف أمام الدولار منذ آذار/ مارس 2022، لتحتلّ مصر بذلك المرتبة الثانية بعد الأرجنتين على مقياس "الدول الأكثر اقتراضًا" من صندوق النقد.
وكان مدير إدارة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى في صندوق النقد الدولي جهاد أزعور قد أكد خلال مؤتمر صحافي، عقده في 13 نيسان/ أبريل، إن مصر وصندوق النقد الدولي لم يتفقا بعد على موعد للمراجعة الأولية بموجب حزمة مالية بثلاثة مليارات دولار تم توقيعها في كانون الأول/ ديسمبر.
تتحدث السلطات السياسية عن "صدمات إقتصادية" أحدثتها مشكلات خارجية
وتعاني مصر من ارتفاع في أسعار السلع والخدمات الأساسية، مثل الأطعمة والطاقة والنقل والملابس، في حين تعتمد البلاد بشكل كبير على الاستيراد لتوفير احتياجاتها الأساسية.
وقارب سعر الصرف 30 جنيهًا للدولار الواحد، في ظل تدخل من الحكومة ومحاولات حثيثة للجم إرتفاعه أكثر. وتعاني مصر من مشكلات إقتصادية أعقبت إنتفاضة 2011 ومن نمو سكاني سريع، وقد تخطى عدد سكانها 105 ملايين نسمة وفق بيانات الجهاز المركزي.
وتتحدث السلطات السياسية عن "صدمات إقتصادية" أحدثتها مشكلات خارجية، منها جائحة كوفيد-19 والحرب الروسية الأوكرانية، إذ تسببت في عرقلة سلاسل الإمداد، وجعلت وصول السلع أصعب إلى مصر.
"مشاريع عملاقة" استنزفت المالية المصرية من دون تحقيق منافع حقيقية للإقتصاد
في وقت يقول محللون مصريون، إن هناك "قرارات خاطئة" أدت إلى تردي الوضع الإقتصادي، أهمها، عدم تنفيذ إصلاحات هيكلية، وإنفاق أموال كثيرة لمساندة العملة المحلية والإعتماد الكبير على الإستثمارات الأجنبية، مقابل إغفال القطاعات المنتجة.
ومنذ عام 2014، دعمت الحكومة المصرية مشاريع عملاقة، كمشروع القطار الكهربائي المسيّر ومشروع بناء العاصمة الإدارية الجديدة بالقرب من القاهرة، بملايين الدولارات، ما استنزف المالية المصرية من دون تحقيق منافع حقيقية للإقتصاد، كما يرى خبراء الإقتصاد.
هذا المزيج من مسببات التضخّم وضع مصر في أزمة مالية وإقتصادية متشابكة يخشى مراقبون أن تستمر طويلاً طالما بقيت البلاد من دون إصلاحات هيكلية.
(خاص "عروبة22" - إعداد حنان حمدان)