صحافة

وثائق استهداف مصر في مؤامرة التهجير

عاطف الغمري

المشاركة
وثائق استهداف مصر في مؤامرة التهجير

دائماً، كانت حكومات إسرائيل تتصور وهماً، أن ما تدبّره من مؤامرات سيبقى في الخفاء، ولما سعى نتنياهو لكسب مؤيدين له من قادة أوروبا للوساطة لدى مصر، ومحاولة إقناعها بقبول ترحيل الفلسطينيين من غزة إليها، فإن القادة الأوروبيين رفضوه، حسب معلومات صحيفة «الفاينانشيال تايمز» البريطانية، وفى محاولة كاذبة منه لكسب تأييد قادة أوروبا، فإنه قدم لهم وعداً بإعادتهم إلى غزة بعد انتهاء الأزمة الحالية.

في الوقت نفسه، خرجت إلى الأضواء من وراء سرية صناعة القرار، الوثيقة التي جهزتها وزارة المخابرات في حكومة نتنياهو، متضمنة خطة تهجيرهم إلى سيناء، مع عدم السماح لهم بالعودة إلى بلدهم، في تكذيب صريح لما وعد به نتنياهو قادة أوروبا.

حتى أن الجنرال جيورا إيلاند، الرئيس السابق لمجلس الأمن القومي الإسرائيلي، أضاف إلى الوثيقة وصية بجعل الحياة لا تحتمل لأهالي غزة، لإرغامهم على مغادرتها نحو مصر، وأن من أهداف التهجير خلق مشكلة لمصر، عن طريق الضغط عليها بطوفان الهجرة القسرية، وخلق تعقيدات أمام حل القضية الفلسطينية، التي تمثل أولوية لسياسة مصر، العربية والخارجية، وهو ما راحت مراكز دراسات غربية، وأيضاً إسرائيلية، تكشف عما وراء ذلك من مؤامرة تستهدف الأرض الفلسطينية، ومصر، في الوقت نفسه.

تقول تلك الدراسات، إن ضغوط نتنياهو على قادة أوروبا جاءت عقب ذيوع الوثيقة التي كانت أعدتها وزارة المخابرات في حكومة إسرائيل، متضمنة دفع فلسطينيي غزة قسراً، نحو سيناء، مع عدم السماح لهم بالعودة، وحتى يتحول تهجيرهم إلى مشكلة لمصر. والوثيقة تحمل مسمى «ورقة لزمن الحرب».

وقبل أيام نشر معهد «كارنيجي للشرق الأوسط»، دراسة كتبها مايكل كير، وهو أحد خبرائه تحت عنوان «بينما تمارس إسرائيل التطهير العرقي للفلسطينيين في غزة، فإن الدول الغربية تتصرف كأنها لا ترى ولا تسمع».. ونحن نرى اليوم محاولة لتكرار واقعة التطهير العرقي للفلسطينيين عام 1948، بالإصرار على التهجير القسري لسكان غزة.

وحاول دبلوماسي غربي التخفيف من وقع المؤامرة بقوله إن نتنياهو يريد أن تستقبل مصر الفلسطينيين مؤقتاً، على الأقل خلال فترة النزاع الحالي في غزة، والزعم بإعادتهم بعد ذلك إلى بلادهم. ما اعتبره محللون غربيون قولاً منافياً للعقل.

الوثيقة الإسرائيلية تحمل تاريخ 13 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، وتسربت لأول مرة إلى الموقع الإعلامي المحلي Sicha Mekomit.. وفي الحال راحت مواقع أوروبية تتناولها بالتحليل، مثلاً، قالت عنها شبكة تلفزيون «فرنسا-24» إن الوثيقة تحمل اسم مقترح زمن الحرب، ما يثير التساؤل عما وراء تلك التسمية. أيضاً الموقع الإخباري E.T. تساءل عما تنوى إسرائيل أن تفعله بعد تغييرها للواقع السكاني في غزة بترحيل سكانها منها.

كما أن ياؤل جوازنسكي، كبير الخبراء بمعهد دراسات الأمن القومي، في تل أبيب، قال: لو أن تلك الوثيقة تمثل سياسة فعلية، فإنها تعتبر خطأ كبيراً لما يمكن أن تسببه من أضرار للعلاقة مع مصر. وقال جوازانسكي، إنه تحدث مع مسؤولين في وزارة المخابرات التي وضعت هذه الوثيقة في وقت سابق، ووجد أن هذا التفكير ناتج إما عن جهل، وإما لأن هناك أشخاصاً يريدون فعلاً، أن يتسببوا بإحداث أزمة مع مصر، والتي تعتبر العلاقة معها مهمة لنا في الوقت الحاضر، ثم إن الوثيقة في حالة وضعها موضع التنفيذ سوف تصطدم بالشرعية الدولية.

ولعل أدق ختام لحقيقة تلك المؤامرة هو ما سجلته المنظمة البريطانية Declassi Fied – U K وهي منظمة مختصة بالغوص في أعماق قضايا السياسة الخارجية، والعسكرية، والمخابراتية، وتقول: إن خطة إسرائيل، تتحدد الآن في محاولة لوضعها موضع التطبيق، وإن ما تفعله إسرائيل ليس بعيداً عن عين كل من أمريكا وبريطانيا، فهما اللتان تساعدانها في خطتها للتطهير العرقي في حق الفلسطينيين من أجل حلمها «إسرائيل الكبرى».

("الخليج") الإماراتية

يتم التصفح الآن