وجهات نظر

نحن والإنترنت

عرف سجل المعارف الانسانية، في مجال التواصل خاصة، تحولًا كيفيًا هائلًا مع ظهور شبكة التواصل الاجتماعي. ذلك أن الإنترنت قد جعل في متناول الإنسان وسائل في التواصل وفي اكتساب المعارف لم يكن له أن يحلم بنوالها قبل عقود قليلة فحسب.

نحن والإنترنت

يكفي المرء اليوم أن يكون "متصلًا بالشبكة" حتى يحصل على ما يبتغيه من معلومات في رمشة عين. ثم أنّ تطوير شبكة التواصل قد جعل الحكومات والإدارات المختلفة قادرة على تمكين مواطنيها من الاستفادة من خدمات تتصل بالنواحي الإدارية وبالحياة العامة في سهولة تامة، في مختلف ساعات اليوم. ومن البديهي أنّ حكومات تلك الدول قد غدت أكثر إحاطة بمختلف الجوانب التي تتصل بالأمن ومراقبة التنقل داخل حدود البلاد وخارجها – بل إن الحديث عن "الحكومة الالكترونية" (e.Government) قد أصبح اليوم، بالنسبة للكثير من الدول حقيقة راهنة باعتبار ما يتاح في تلك الدول من أسباب التسهيل والجودة في إدارة شؤون الشأن العام. ومن نافلة القول أن نذكر أنّ الشركات ومصالح القطاع الخاص (مثل البنوك ومراكز التجارة والخدمات التجارية الأخرى) قد عرفت بدورها طفرة نوعية هائلة في المستويين المحلي والعالمي.

ما أثر الإنترنت في سلوك وعقل الانسان العربي مقارنةً مع باقي بلاد المعمورة؟

فما الشأن بالنسبة للشبكة في الوطن العربي؟ وما حال "الحكومة الالكترونية" في البلاد العربية، أو ما صدى وجود الشبكة في تلك البلاد في الخدمات العمومية وفي تسهيل شؤون الحياة العامة عند مواطني تلك البلاد؟ وما أثر الإنترنت في سلوك وعقل الانسان العربي- مقارنةً مع ما وقع في باقي بلاد المعمورة؟

عرف الإنترنت طريقه إلى العالم العربي في تسعينات القرن الماضي غير أنّ "الطفرة النوعية" في انتشار الشبكة ومن الإفادة مما تتيحه من إمكانات أخذ يحدث، بكيفية تصاعدية، سريعة، في العشرين سنة الأخيرة. ومن جهة المعطيات الإحصائية نُقل أنّ نسبة الارتباط بالشبكة، في الغالبية العظمى من دول الخليج العربي، قد بلغت نسبة %90 غير أنّ الطفرة النوعية العظمى، في هذا المجال، (قيل إنها) ستحدث بين سنتي 2006 و2014 ونحن نذكر أيضًا، على سبيل المثال، أنّ أعداد المرتبطين بالشبكة قد تضاعفت في تلك الفترة ثلاث مرّات في تونس وخمس مرّات في المغرب. وبصفة عامة يصح القول، عدا استثناءات قليلة، إنّ العالم العربي- من جهة النظر المحض (كما يقول الفلاسفة) في حال ارتباط بشبكة الإنترنت.

الغاية من الارتباط بالشبكة... التسلية وتزجية وقت الفراغ

قبل أربع سنوات أذاعت الهيئة العليا للتواصل السمعي البصري في المغرب، وهي مؤسسة مغربية حكومية، نتائج بحث ميداني قامت به قصد معرفة صورة التواصل الشبكي في المغرب. وحيث أن المجال لا يتسع لنا بالوقوف عند تلك الاستخلاصات (مع الفائدة الكبرى في ذلك) فنحن نجمل القول في نقطتين. أولاهما أنّ التجهيزات التي يستوجب الارتباط بالإنترنت التوافر عليها هي، في أغلب البيوت المغربية كذلك وأنّ انتشار الهواتف الذكية والاشتراك في عمل الهاتف النقّال هو كذلك أيضًا.

وثاني النقطتين هو أنّ المغرب، من حيث اعتبار نسب انتشار وقوة عمل الشبكة أحد مؤشرات التنمية الأكثر دلالة، يفوق بكثير المعايير التي تحدّدها المنظمات العالمية. بيد أني، نظرًا لضيق المجال، أريد أن أتجاوز كل المعطيات المذكورة فأقف عند قضية واحدة من بين القضايا التي يعرض لها البحث الميداني المشار إليه، هي تلك التي تتعلق بالغاية من الارتباط بالشبكة عند الإنسان في المغرب. أبان البحث، أولًا، أنّ 75% من المرتبطين بالإنترنت يمضون أكثر من نصف ساعة في اليوم الواحد في عمل الإبحار والتواصل الاجتماعي. وأبان البحث، ثانيًا، أنّ الغاية من كل ذلك هي التسلية وتزجية وقت الفراغ. 

(خاص "عروبة 22")

يتم التصفح الآن