صحافة

توحيد الصف الفلسطيني والموقف العربي أولوية!

أشرف محمود

المشاركة
توحيد الصف الفلسطيني والموقف العربي أولوية!

تبدو الأزمة العربية المستعصية في توحيد الموقف العربي تجاه القضايا المشتركة، هي أم الأزمات التي تواجهها الأمة عبر تاريخها الحديث، وبالتحديد من احتلال فلسطين من قبل جماعات صهيوينة نجحت بالخداع وبالدعم الانجليزي ثم الرعاية الأمريكية في أن تزرع نفسها في قلب الوطن العربي، وزادت بأن باتت خنجرا في ظهر الأمة كلها، ما تسبب في اندلاع حروب عدة مع الدول العربية المحيطة بها.

ورغم الظاهر الذي يقول إن الدول العربية مجتمعة تحارب هذا الكيان المغتصب للأرض الفلسطينية إلا أن الواقع يقول غير ذلك، والا لما كانت النتائج التي أفرزتها تلك الحروب، ولولا حرب اكتوبر 1973 وقيام الجيشين المصري والسوري كل على جبهته مع مشاركة رمزية من بعض الدول العربية لما تحقق النصر، الذي فتح بابا للتفاوض السياسي لكنه لم يجد توافقا عربيا يستفيد منه، فكانت اتفاقية السلام المصرية التي عارضها عدد كبير من الدول العربية، وحال اعتراضهم دون الاستفادة بما سعت اليه مصر لمصلحة الفلسطينيين، وتسبب هذا التعنت في إطالة أمد الصراع العربي الاسرائيلي، دون تحقيق الهدف المنشود وهو تحرير فلسطين واقامة دولتها المستقلة.

وعندما فطن العرب أن لا مجال لتحقيق ذلك إلا بالتفاوض وندموا على تفريطهم في الفرصة التي قاتل المفاوض المصري في العام 1977 من أجلها، فإذا بهم يقبلون بأقل منها وفق اتفاقية اوسلو 1993 التي قضت بأن تكون غزة واريحا أولا، ورغم حالة التفاؤل الا أن كثيرين كانوا يرون أنها ستكون غزة واريحا اولا واخيرا، وهو ما ترجمه الواقع، بعدما انتشرت المستوطنات في أنحاء متفرقة من الاراضي الفلسطينية التي كانت وفق التفاوض المصرى ارض فلسطين، ما زاد القضية تعقيدا وتكررت الانتفاضات الشعبية الفلسطينية لكن العالم أغمض عينيه وصم أذنيه عن سماع أنات شعب يعاني الاحتلال وحده دون غيره في هذا الكون الفسيح.

وبقي الوضع على حاله أصوات عربية تندد وتشجب، وانتفاضات بين الحين والآخر ومحاولات للمقاومة للتذكير بالقضية ليس أكثر، لأنها لا تحقق الهدف، بل إن الخسائر من ورائها كبيرة للغاية في الأرواح والمنشآت، وكانت مبادرة السلام العربية التي أطلقها الملك الراحل عبد الله بن عبد العزيز، ورعتها الجامعة العربية لتصبح مبادرة عربية، لكن العدو لم يعرها الاهتمام، ولم تضغط عليه راعيته ليقبل بها، وكانت المبادرة تمنح العدو علاقات مع كل الدول العربية ورضى بوجوده في المنطقة شريطة حل قضية فلسطين وفق حدود الرابع من يونيو ١٩٦٧، لكن الفرصة ضاعت، وجاءت حالة الانقسام التي شرخت جدار الوحدة الفلسطينية باستيلاء حماس على غزة وإبعاد يد السلطة الفلسطينية عنها لتبقى في رام الله فقط، ليسهم هذا الانقسام في تعقيد القضية وضياع فرص الحل، فالسلطة لا سلطة لها على حماس، والاخيرة لها حسابات وعلاقات خارجية تتعارض تماما مع سياسات السلطة في رام الله، وتفرق دم القضية فلم يعد لمنظمة التحرير الفلسطينية وجود في غزة، واختصر الصراع في مناوشات بين الجانبين رغم اختلاف القوى العسكرية، ثم كان طوفان الأقصى يوم السابع من اكتوبر.

ورغم ان المقاومة لم تستشر أحدا فيما قامت به، ورغم ترحيب القطاع الشعبي في الوطن العربي به باعتباره السبيل الوحيدة للتذكير بالقضية من خلال العمل الذي يفهمه ويخشاه العدو ومن يرعاه، إلا أن الموقف العربي لم يكن موحدا إلا في تصريحات التنديد والشجب، وأقولها بمنتهى الصدق إن مصر كانت ومنذ اللحظة الأولى تتابع وتشرح لكل دول العالم خطورة الموقف وتحذر من فقدان السيطرة عليه وامتداد الصراع إلى أماكن أخرى وهو ما جرى عندما أطلق حزب الله عدة صواريخ على اسرائيل، وفي اليمن عندما استولى الحوثيون على سفينة إسرائيلية وتلك مقدمات.

ولولا الحكمة التى تتميز بها سياسة مصر، لما دخلت مساعدات لأهلنا فى غزة ولما توصل الطرفان إلى هدنة إنسانية لتبادل الأسرى، على أمل أن تمتد هذه الهدنة لتتوقف آلة الحرب، وساعتها على الأمة العربية ان تتحد وتتوحد على موقف واحد بإصرار وحسم حتى لا يتكرر المشهد الفظيع الذي تابعه العالم كله، ويتم أولا توحيد الصف الفلسطيني فلا انقسام ولا تقاسم للسلطة، كيان واحد وهدف واحد، وثانيا توحيد الموقف العربي والتمسك بعودة المفاوضات السياسية بين الطرفين للتوصل إلى حل دائم وعادل للفلسطينيين وفق مبادرة السلام العربية.

("الأهرام") المصرية

يتم التصفح الآن