قضايا العرب

ملايين اليمنيين على بُعد "درجة واحدة" من المجاعة!

اليمن - محمد الغباري

المشاركة

مع تعثّر المصادقة على اتفاق مبادئ بشأن السلام اقترحته السعودية وسلطنة عمان، وإعلان الأمم المتحدة خفضًا جديدًا في المساعدات، وزيادة رسوم التأمين على السفن المتجهة إلى اليمن، يواجه ملايين اليمنيين الجوع مع نهاية العام الحالي وحلول العام القادم وفق بيانات وزّعتها الأمم المتحدة ومصادر يمنية.

ملايين اليمنيين على بُعد

على عكس التوقعات، تعذّر التوافق على اتفاق مبادئ لوقف الحرب بسبب ملاحظات طُرحت من الجانبين الحكومي والحوثي على حد سواء، تتعلّق بإيرادات الموانئ في مناطق سيطرة الحوثيين وعائدات الضرائب، حيث يتمسك الجانب الحكومي بضرورة توريدها لحساب بنكي مشترك يتولى الإنفاق على كل الجهات الحكومية في مناطق سيطرة الطرفين، مقابل رفض الحوثيين لذلك ومطالبته بنصف عائدات الدولة في مناطق سيطرة الحكومة.

وبالتزامن مع هذه التطورات، يتجه برنامج الغذاء العالمي لخفض مزيد من المساعدات عن الملايين في مناطق سيطرة الحوثيين بعد أن خفّض المساعدات بنسبة تصل إلى النصف خلال العام الحالي عن حوالى خمسة ملايين شخص، وهو ما أكده مصدر رفيع في مكتب البرنامج الأمني في اليمن، وأعاد أسباب ذلك إلى الانخفاض الكبير في حجم تبرّعات المانحين والتي لم تزد على 34‎%‎ حتى شهر نوفمبر/تشرين الثاني الجاري، وهي خطوة، وفق عاملين في قطاع الإغاثة، من شأنها أن تدفع بمزيد من السكان إلى حافة الجوع لا سيما وأنّ الملايين منهم يعيشون حاليًا على بُعد درجة واحدة من هذه النقطة وفقًا للمقياس العالمي لانعدام الأمن الغذائي.

وأبدى الحوثيون اعتراضهم على قرار البرنامج واعتبروه "يُشكّل تهديدًا خطيرًا للأمن الغذائي والإنساني للشعب اليمني" لأنّ البلاد تعاني من أسوأ أزمة إنسانية في العالم، حيث يواجه أكثر من 20 مليون شخص انعدام الأمن الغذائي الحاد، ومن بينهم أكثر من 12 مليون شخص على حافة المجاعة. وفي رسالة موجّهة إلى مكتب برنامج الأغذية العالمي في اليمن، رأى الحوثيون أن إيقاف المساعدات "سلوك يتعارض مع واجبات البرنامج الأخلاقية والإنسانية، ويرقى إلى أن يكون جريمة ضد الإنسانية".

توقعات برفع كلفة التأمين على السفن المتوجهة إلى اليمن بنسبة 100‎%‎ إضافية

وامتدت التحديات الاقتصادية التي يواجهها اليمن إلى التأمين على السفن المتوجهة إلى البلاد، عقب اعتراض الحوثيين سفينة شحن في البحر الأحمر واقتيادها إلى ميناء الحديدة الخاضع لسيطرتهم واشتراطهم وقف العدوان على غزّة من أجل الإفراج عنها، مع تهديدهم باعتراض المزيد من السفن.

وفي ظلّ توقعات برفع كلفة التأمين، المرتفعة أصلًا نتيجة الحرب، بنسبة 100‎%‎ إضافية، ضاعف من هده المخاوف إقدام مجموعة مسلّحة، يقال إنها تتبع الحوثيين، على اعتراض ناقلة نفط في مياه خليج عدن في المنطقة التي تسيطر عليها الحكومة اليمنية ومحاولة اقتيادها إلى الحديدة، قبل أن تتدخّل القوات الدولية المرابطة هناك وتنفّذ عملية إنزال اعتقلت خلالها المهاجمين وحرّرت الناقلة.

ووسط هذه الأجواء، توقّع تقرير مشترك وزّعته منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة وبرنامج الغذاء العالمي حول بؤر الجوع الساخنة في العالم، أن يتفاقم مستوى انعدام الأمن الغذائي الحاد في اليمن خلال الأشهر الستة المقبلة، مع احتمال معاناة 20% من السكان من صعوبة شديدة في الحصول على الغذاء.

وأكد التقرير أنه في ظل استمرار الصراع والأزمة الاقتصادية ونقص التمويل الإنساني، والتغيّرات المناخية، من المتوقع أن يظل انعدام الأمن الغذائي الحاد في اليمن عند مستويات حرجة خلال فترة التوقعات الممتدة بين نوفمبر/تشرين الثاني 2023 وأبريل/نيسان 2024. إذ يحتل اليمن المرتبة الرابعة في قائمة بؤر الجوع الـ18 حول العالم، بعد الكونغو الديمقراطية والسودان وإثيوبيا من حيث عدد الأشخاص الذين يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد؛ وطبقًا لهذه البيانات فإنّ نحو 17 مليون شخص في اليمن يحتاجون إلى المساعدات؛ منهم 10.8 مليون شخص في مستوى الأزمة، وهي المرحلة الثالثة من التصنيف المتكامل لانعدام الأمن الغذائي، و6.1 مليون شخص في مستوى الطوارئ، وهي المرحلة الرابعة من التصنيف التي تبعد عن المجاعة بدرجة واحدة فقط.

ضرورة اتخاذ إجراءات طارئة لمواجهة التدهور المتسارع لانعدام الأمن الغذائي في اليمن

التقرير توقع أن يستمر الوضع في التفاقم حتى حلول ديسمبر 2023، مع معاناة 20% من السكان في عموم اليمن من انعدام الأمن الغذائي بشكل خطير؛ من بينهم نحو 456 ألف طفل دون سن الخامسة، وهؤلاء سيعانون من سوء التغذية الحاد في مناطق سيطرة الحكومة وأكثر من 97 ألفًا آخرين من سوء التغذية الحاد الوخيم.

وانطلاقًا من تشديدهما على ضرورة اتخاذ إجراءات طارئة لمواجهة التدهور المتسارع لانعدام الأمن الغذائي في اليمن، وفي مقدّمتها توفير 2.2 مليار دولار للأمن الغذائي والزراعة و398 مليون دولار للتدخلات الغذائية، أكدت المنظمتان على ضرورة توفير دعم سبل العيش في حالات الطوارئ وتحفيز الانتعاش الاقتصادي لزيادة توافر الغذاء والوصول الآمن إليه للأسر الأكثر ضعفًا، وتوفير المساعدات الغذائية وخدمات الوقاية من سوء التغذية، مع الاستمرار في تقديم المساعدات النقدية للنازحين واللاجئين والمهاجرين.

(خاص "عروبة 22")

يتم التصفح الآن