في الثامن عشر من حزيران/يونيو الفائت، تسلّم اللاجئ السوري الشاب، ريان الشبل (29 عامًا)، مهام منصبه كعمدة لبلدية أوستلسهايم بولاية بادن فورتمبيرغ، بعدما تمّ انتخابه لهذا المنصب، بأغلبية مطلقة، في نيسان/أبريل الماضي.
قبل هذا التاريخ بثمانية أعوام، كان الشبل قد خرج من موطنه نحو ألمانيا لاجئًا، لا يكاد يحقّق أدنى حاجاته الإنسانية الفطرية، كما حدّدها عالم النفس الأميركي أبراهام ماسلو (1908 - 1970)، في هرمه الشهير، قبل أن يقفز نحو قمة ذلك الهرم في المهجر، حتى حصد أعلى درجات تحقيق الذات.
وفي شهر نيسان/أبريل الماضي، شهدت مصر جدلًا واسعًا، حول هروب لاعب المصارعة الرومانية، أحمد فؤاد بغدودة (22 عامًا)، بعد مشاركته في بطولة أفريقيا بدولة تونس، وحلوله في المركز الثاني بالميدالية الفضية. وقتها، خرج والده في إحدى اللقاءات التلفزيونية، شاكيًا ما عاناه نجله الشاب، من غياب الدعم الرسمي، حتى أنه كان يستعير حذاء اللعب من زملائه المصارعين!
هنا، لا يحتاج الباحث عن غواية المهجر للشباب العربي، إلى تفسير. والمعضلة الحقيقية تتلخّص في مدى تحقّق مفهوم التنمية البشرية في المجتمع العربي.
هذا المفهوم، الذي طُرح لأول مرة، في التقرير الأممي المعنيّ به في العام 1990، يقوم أساسًا على عملية توسيع نطاق حريات الناس، وفرصهم، وتعزيز رفاههم. ووفق تقرير التنمية الإنسانية العربية، للعام 2022، فإنّ لهذه الحريات جانبين: حرية الرفاه، المتمثلة في الوظائف والإمكانات، وحرية الوكالة على الحياة، المتمثّلة في التعبير عن الرأي، والاستقلالية، كما شمل، لاحقًا، إمكانات أخرى، مثل القدرة على المشاركة في القرارات التي تؤثر على حياة المرء، أو التحرّر من العنف.
فهل يمكن، بعد التأمّل في حكاية كل من الشبل وبغدودة ومفهوم التنمية البشرية، أن تقدّم الحكومات، والنخب العربية، رؤى وبرامج عملية تنفع الشباب في مسعاهم نحو تحقيق الذات؟
خاص "عروبة 22"