بحسب الموسوعة العربية، يُعرف التكامل الاقتصادي بأنه "صيغة من صيغ العلاقات الاقتصادية الدولية، وهي عملية تنسيق مستمرة ومتصلة، تتضمن مجموعة من الإجراءات، بهدف إزالة القيود عن حركة التجارة، وعناصر الإنتاج بين مجموعة من الدول ذات الأنظمة السياسية الاقتصادية المتجانسة، كما تتضمن عملية التنسيق بين مختلف السياسات الاقتصادية والمالية والتجارية والإنتاجية بهدف تحقيق معدل نمو مرتفع".
على مستوى المقومات، تتوفر في الوطن العربي الكثير من المعطيات التي تسمح له بشغل موقع أساسي وفعال في الاقتصاد العالمي، أبرزها: الموقع الاستراتيجي، الثروات الطبيعية، الموارد الزراعية المتنوعة، الامكانيات المالية الضخمة، السوق الاستهلاكية الواسعة، توفر القوى العاملة، تاريخ مشترك، لغة واحدة.
ووفقًا للأرقام الواردة في التقرير الإقتصادي العربي الموحّد الصادر في العام 2022، يُعد الوطن العربي من أغنى مناطق العالم في احتياطي البترول الخام، حيث بلغت الإحتياطات المؤكدة من النفط، حتى العام 2021، حوالى 3.719 مليار برميل، تشكل نسبة 55.2% من إجمالي الإحتياطي العالمي المؤكد، بينما بلغت احتياطات الغاز الطبيعي حوالي 2.55 تريليون متر مكعـب، مثلت حوالى 26.9% من الإحتياطي العالمي.
ميثاق الجامعة العربية نصّ على التعاون الاقتصادي والمالي المشترك... والخلافات السياسية هي المعرقل الأساسي
أما إمتداد العالم العربي على مساحة كلية تبلغ نحو 13.3 مليون كم2 (9.6 بالمئة من مساحة العالم)، فيسمح بتنوع المناخات وبالتالي تنوع الزراعات، حيث بلغ متوسط المساحة الزراعية الكلية، خلال الفترة 1990-2021، حوالى 43.66 مليون هكتار، تمثل حوالى الثلث فقط من المساحة القابلة للزراعة البالغة حوالي 197 مليون هكتار.
على المستوى الصناعي، فإن الناتج الصناعي العربي كان قد بلغ حوالى 8.970 مليار دولار أميركي، بمعدل نمو بلغ بالأسعار الجارية 6.38% عن مستواه في العام 2020. في حين يوفر عدد سكان الوطن العربي، البالغ 441 مليون نسمة، القدرة على تأمين اليد العاملة في مختلف القطاعات، بالإضافة إلى تشكيله سوقاً إستهلاكية واسعة.
تأسّس مجلس الوحدة الاقتصادية عام 1957 لكنّ إنجازاته بقيت محدودة
تاريخياً، كانت الخلافات السياسية بين الدول العربية هي المعرقل الأساسي أمام أي محاولات جدية على هذا الصعيد، مع العلم أن الحديث عن التعاون الاقتصادي يعود إلى العام 1945، حين نصت المادة الثانية من ميثاق تأسيس جامعة الدول العربية، على تحقيق التعاون العربي المشترك في الشؤون الاقتصادية والمالية. كما نص الميثاق على تعاون الدول العربية في شؤون المواصلات، بما يشمل السكك الحديدية والطرق والطيران والملاحة والبرق والبريد.
هذا الواقع، قاد، في العام 1957، إلى تأسيس مجلس الوحدة الاقتصادية العربية، ليكون الجهاز المسؤول عن وضع خطة عملية لتحقيق التكامل الاقتصادي بين الدول العربية. إلا أن إنجازات هذا المجلس بقيت محدودة، حيث كانت الخطوة الأهم، في هذا المجال، توقيع اتفاقية التجارة الحرة العربية، في العام 1997، التي نصت على تحرير السلع المتبادلة بين الدول العربية من أي قيود أو رسوم جمركية بشكل تدريجي.
التكامل الاقتصادي فائدته تعمّ جميع البلدان والشعوب العربية
في تقييم موضوعي لهذا المسار الطويل، كان أمين "مجلس الوحدة الاقتصادية العربية" السفير محمدي أحمد الني قد أشار، خلال فعاليات الدورة العادية الـ115 التي عقدت في القاهرة، إلى أنه "رغم توافر كل المقومات الأساسية لإقامة تكامل اقتصادي عربي، فإن التجربة ما زالت تسير بخطوات بطيئة"، مؤكداً أهمية التوصل إلى تكامل اقتصادي عربي، بهدف مواجهة التحديات الاقتصادية العالمية.
ما تقدم، يقود بحسب خبراء اقتصاديين إلى التشديد على "ضرورة تكثيف الجهود التي تصب في إطار تسريع خطوات التكامل الاقتصادي العربي، لا سيما أنّ الفائدة من وراء ذلك تعمّ جميع البلدان والشعوب العربية، وهو ما يساعد في تعزيز القدرات والإمكانات في مواجهة التحديات ليس الاقتصادية والاجتماعية فحسب، إنما السياسية أيضًا"، وسط الإشارة في هذا المجال إلى تجربة مجلس التعاون الخليجي، حيث تبرز العديد من الخطوات الناجحة التي قام بها المجلس، وينبغي توسيع نطاقها على مستوى الخريطة العربية كلل.
وفي الآونة الأخيرة، وافق المجلس الأعلى للمجلس على إنشاء الهيئة الخليجية للسكك الحديدية، وبحسب أمين عام مجلس التعاون لدول الخليج جاسم محمد البديوي، فإن هذا المشروع يمثل نقلة نوعية في الترابط والتكامل الخليجي المشترك. بينما كانت وكالة "فيتش سوليوشنز" قد توقعت أن يؤدي تحسن العلاقات بين دول الخليج إلى زيادة التعاون الاقتصادي بين الدول الاعضاء، الأمر الذي قد يشكل فرصة لإنشاء "اتحاد نقدي" بين الدول الأعضاء.
(خاص "عروبة 22")