في السنوات الأخيرة بدأت تطفو على السطح في الدول الغربية مظاهر عدة تنذر بأن هناك منعطفًا خطيرًا بدأ يتجه له الغرب وعلى رأسها وأهمها المثلية بأشكالها جميعًا، بظهور الداعمين لها وعلو أصواتهم، وأحيانًا تشريع بعض القوانين لصالحهم، ومنها أيضًا اختلال العملية الديمقراطية التي كانت رمزًا للحالة السياسية الغربية والطعن في الانتخابات بتزويرها، وضعف مستوى الساسة لديهم، ووجود أعمال عنصرية كمقتل الشاب نائل في فرنسا.. والتهجم على المقدسات وبشكل علني للاستفزاز لا غير كما حصل مع حرق المصحف.
كل هذه (المظاهر) لم تكن موجودة في السابق إلا على نطاق ضيّق وغير بارزة، وعلى الغرب أن ينتبه لهذا المنزلق فكلها مضادة للقيم. وفي الوقت الذي تحصل به مصائب كبرى وعلى رأسها جائحة كورونا وحرب أوكرانيا وزيادة حرائق الغابات وارتفاع الأسعار فإنه يمكن أن نعتبرها عقوبة إلهية لتنكبهم الصراط السوي الذي كانوا عليه، وهذا إذا ما اتجهنا إلى التفسيرات الدينية، أو أنها نتجت من ضعف إدارات تلك الحكومات مما نتج عنه تلك الكوارث.
ربما يقول قائل وهل كانوا على طريق سوي قبل هذه التغيّرات والجواب أنهم أفضل حالًا، وما كانوا عليه من أخطاء فهو مما تختلف فيه الثقافات والأعراف والأديان، ولكنها ليست مما تتفق عليه هذه المرجعيات على خطئها وبطلانها وهنا الفرق.. ودعوى أنهم أحرار في ذلك أو أنّ مساندتهم هم لتلك الدعوات يعتبر من دعم حرية التعبير أو الرأي فغير صحيح، فالنسبية ليست مطلقة في هذه المواضيع حتى ولو كان الفعل الممارس لا يضر بالآخرين، فهل من حرية التعبير أن يدعو شخص لعدم النظافة الشخصية أو أكل ما يضر الإنسان أو العزوف عن الزواج والتحذير منه كمبدأ عام للبشرية يجب أن تنتهجه، أو ترك التربية السليمة للأبناء، أو الدعوة للجهل وعدم التعلم، وليس هذا فحسب بل دعم تلك التوجهات والسماح بوجود تكتلات لها وتمكينهم في الحياة بدعوى الحقوق، فهل هذه المواضيع يمكن أن يقر عليها الإنسان أخلاقًا أو نظامًا؟
فكذلك المثلية والشذوذ والتهجم على المقدسات علنًا. ولذا فمن الأجدر أن يظهر خطاب عالمي موجّه ضد هذه الدعوات بما في ذلك خطاب الدعوة الإسلامية في الغرب، الذي من الأجدر أن يتحول في هذه الفترة إلى تخطئة تلك الدعوات وفق الوسائل السلمية والعلمية فإن ذلك مما يخدم الدعوة.
(الوطن)