تقدير موقف

واقع ودور "الابتكار والبحث العلمي" في الدول العربية

يُعتبر البحث العلمي، وسيلة يقوم بها الباحث بغرض الحصول على معلومات أو تطوير معلومات قديمة تتعلق بموضوع معين، حيث يستخدم الباحث مجموعة من الأساليب العلمية، بغرض التأكد من صحة المعلومات، وهو أيضًا من الوسائل التي يمكن من خلالها تحديد المشكلات، وتوفير الحلول المناسبة لها، بواسطة التقصي الدقيق لجميع الأدلة التي يمكن استخدامها لحل المشكلة، وترتبط بها ارتباطًا وثيقًا.

واقع ودور

وتُعدّ الدراسة البحثية إحدى الطرق التي يقوم الباحث العلمي بواسطتها، بتوصيل المعلومات الصحيحة التي كان قد حصل عليها بعد القيام بالاجراءات العلمية الصحيحة في جمعها، إلى الباحث على نحو مرتب، ولا يتم ذلك الترتيب، إلا باتباع الباحث العلمي لأُسُس كتابة الدراسة البحثية التي هي ذاتها مكوّنات هذه الدراسة.

إنّ البحث العلمي هو عبارة عن وثيقة علمية يقوم بها الباحث العلمي، وقد يكون الباحث العلمي إما طالبًا أو أستاذًا أو باحثًا في الكلية أو الجامعة أو المؤسسات البحثية وغيرها، ولا يقوم الباحث العلمي بكتابتها، إلا بعد اتباع منهج علمي صحيح من شأنه أن يدل الباحث العلمي، على الكيفية التي لا بد على الباحث العلمي اتباعها، من أجل جمع كل من البيانات والمعلومات، الضروري تضمينها، في البحث العلمي، ويُعرف البحث العلمي بأنه، مجموعة من الإجراءات النظامية التي ينتهجها الباحث أو الدارس، من أجل التعرّف على جميع الجوانب المتعلقة بموضوع أو إشكالية علمية، والهدف النهائي هو حل تلك المشكلة.

حصلت أمريكا على مكانتها الأولى لعدة أسباب، منها القدرة على البحث والتطوير (R&D)

أهمية البحث العلمي بالنسبة للباحث، أنه يصقل من مهارات الباحث، فيتعرّف على الكثير من المعلومات التي تساعده في التميّز عن أقرانه من الباحثين العلميين، كما أنه وسيلة لتبوؤ المكانة العلمية والأكاديمية المُناسبة.

هناك عدد من القوائم التي يتم ذكرها، والتعامل معها إحصائيًا، فيما يتعلق بالترتيب الخاص بالدول، وذلك وفقًا لعدد من الأمور ومن بينها البحث العلمي، إذ حصلت أمريكا على مكانتها الأولى لعدة أسباب، منها القدرة على البحث والتطوير (R&D)، وتتضمّن نقاط القوة في أمريكا نسبة عالية جدًا من الشركات الناشئة والتمويل الكبير للملاكات الفنية، إذ من المهم أن نلاحظ أنّ أمريكا تحصل على درجات عالية من بناء اقتصادها المعرفي، حيث إنّ الدول العشر الأولى في البحث العلمي هي أمريكا، بريطانيا، كندا، إسرائيل، الهند، ألمانيا، بولندا، ماليزيا، السويد والدنمارك، بينما حصدت الدول العربية، مراتب مختلفة في البحث العلمي، إذ تصدرت قطر القائمة وحصلت على المرتبة 28، السعودية 29، الكويت 30، تونس 31، الإمارات 58.  

أما ترتيب الدول العربية، من حيث الإنفاق على البحث العلمي، فتخصص الدول العربية، الميزانية الخاصة بالبحوث العلمية من أجل حث الباحثين على إجراء هذه البحوث، ونقلت بيانات منظمة اليونسكو UNESCO (منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة) أنّ مقدار إنفاق السعودية على خدمات البحوث العلمية سنويًا هو نحو 12.5 مليار دولار، ومعدل انفاق مصر في الترتيب الثاني بواقع 6.1 مليار دولار كل عام، ومن الملاحظ عالميًا أنّ الإمارات تنفق سنويًا في مجال التطوير والبحث العلمي ما يقارب 4.25 مليار دولار، يلي ذلك المغرب التي تنفق كل عام 1.4 مليار دولار، بينما تنفق دولة قطر سنويًا 1.2 مليار دولار، وإنفاق الكويت السنوي في مجالات البحث العلمي والتطوير 0.8 مليار دولار، وكذلك تنفق تونس على البحوث العلمية فيها كل عام 0.8 مليار دولار، كما يبلغ المعدل السنوي لإنفاق عمان على التطور العلمي ما قيمته 0.3 مليار دولار، يلي ذلك الأردن التي تنفق 0.2 مليار دولار، وأخيرًا تنفق الجزائر كل عام على مجال البحوث والتطور العلمي 0.2 مليار دولار. ومن الجدير بالإشارة، أنّ الإنفاق العربي على البحث العلمي ما يزال منخفضًا بالمقارنة مع الدول المتقدّمة التي توجه نسبة كبيرة من مواردها المالية لدعم الإنفاق على البحث العلمي.

من ناحية أخرى يمثل الإبتكار عاملًا مهمًا وأساسيًا في طريق التنمية الإقتصادية والإجتماعية في الدول العربية، إذ تتعدد البرامج التي تسمح بتحليل عناصر النظام الوطني للابتكار، وقد صُمِمَ إطار لسياسات الابتكار بحيث يتناسب مع احتياجات المنطقة العربية وأولوياتھا ويرتكز على عنصرين رئيسيين، وھما رؤية الابتكار، والنظام الوطني للابتكار، كما يحدد مختلف أصحاب المصلحة المعنيين بتحقيق الابتكار، وُيُدرج الابتكار عمومًا في سياق التنمية المستدامة الشاملة، بحيث تراعي سياسات الدول العربية المتعلقة بالقضايا الاقتصادية والاجتماعية والبيئية الأھداف الإنمائية في كل عنصر من عناصر نُظم الابتكار الوطنية.

ويأتي هذا التقدُّم في مؤشر الابتكار العالمي، نتيجة الدعم لقطاع البحث والتطوير والابتكار، وتكامل النظام البيئي للابتكار، وإطلاقها للتطلعات والأولويات الوطنية للبحث والتطوير والابتكار التي تستهدف أن تصبح الدول العربية، من الدول الرائدة في مجال الابتكار على مستوى العالم، بما يُحقق رؤيتها الطموحة في التحوّل نحو اقتصاد قائم على الابتكار، والإسهام في تنمية وتنويع الاقتصاد الوطني.

وتتصدر، سويسرا، أمريكا، السويد، بريطانيا، هولندا، جمهورية كوريا، سنغافورة، ألمانيا، فنلندا والدنمارك، المراكز العشرة الأوائل في التصنيف، باعتبارها أكثر الاقتصادات ابتكارًا في العالم وفقًا لمؤشر الويبو العالمي للابتكار 2022، بينما تحتل الصين المركز 11، كما تُظهر الاقتصادات الناشئة الأخرى أداءً قويًا ثابتًا، ومن الجدير بالإشارة، أنّ الاقتصادات العربية احتلت مواقع مختلفة في مؤشر الابتكار العالمي، وهي الإمارات 31، السعودية 51، قطر 52، الكويت 62، المغرب 67، البحرين 72، مصر 89، اليمن 128 ويأتي العراق في المرتبة 131 قبل الأخيرة.

وبناءً على ما تقدّم، تتصدر سويسرا، السويد، أمريكا، بريطانيا، سنغافورة، فنلندا، هولندا، ألمانيا، الدنمارك وجمهورية كوريا، المراكز العشرة الأوائل في التصنيف في مؤشر الإبتكار عن تقرير التنافسية العالمي لعام 2023، باعتبارها أكثر الاقتصادات ابتكارًا في العالم، بينما تحتل فرنسا المركز 11 والصين 12 واليابان 13، كما تُظهر الاقتصادات الناشئة الأخرى أداءً قويًا ثابتًا، ومن الجدير بالإشارة احتلت  الاقتصادات العربية مواقع مختلفة في مؤشر الابتكار العالمي، وهي الإمارات 32، السعودية 48، قطر 50، الكويت 64، البحرين 67، عمان 69، المغرب 70، الأردن 71، تونس 79، مصر 86، لبنان 92، الجزائر 119، علمًا أنّ معظم الدول العربية سجّلت تقدمًا ملحوظًا بالمقارنة مع 2022، في الوقت الذي لا تظهر الدول العربية الأخرى في المؤشر.

الإبتكار والبحث العلمي سيدفعان الدول العربية إلى النمو والتطور والتنمية الإقتصادية المستقبلية

وعلى صعيد موازٍ، تواصل معظم الدول العربية تطوير منظومة العمل الحكومي، عبر وضع خارطة طريق متكاملة، واتباع نهج جديد ومتكامل للحوكمة بهدف توجيه التطلعات للاستثمار على نحو واسع في مجالات البحث والتطوير بناءً على استراتيجيتها الوطنية للابتكار، وتهدف إلى تحفيز الابتكار وتمكينه في 7 قطاعات وطنية رئيسية، وهي الطاقة المتجددة والنقل والصحة والتعليم والتكنولوجيا والمياه والفضاء، وذلك عبر تطوير الإطار التنظيمي المثالي، وتوفير خدمات تمكينية شاملة مع تعزيز البنية التحتية للتكنولوجيا وضمان توافر الاستثمارات والحوافز على نحو مستمر.

إنّ الإبتكار والبحث العلمي، سيدفعان الدول العربية إلى النمو والتطور، إذ سيقودان نحو التنمية الإقتصادية المستقبلية واكتشاف مكامن خفية في الاقتصاد المعرفي والرقمي والجريء، كما سيدفعان بقطاعاته نحو التنافسية، وتعزيز موقفها الخارجي في حفظ حقوق الملكية الفكرية، كذلك سيحفزان توليد المبادرات، والتنافس مع الدول المتقدّمة في الرعاية والإهتمام بالأفكار والمبتكرين، إذ تسعى التشريعات لأن تشمل مختلف أنواع الملكية الفكرية، حيث تعتبر معظم الدول العربية أعضاء في الاتفاقيات الدولية الأساسية المتعلقة بحقوق الملكية الفكرية، ومنها اتفاقية إنشاء المنظمة العالمية للملكية الفكرية.

(خاص "عروبة 22")

يتم التصفح الآن