بصمات

.. ما لم تفعله الجامعة العربية منذ نشأتها!

وافق مجلس النواب الأميركي بالأكثرية الساحقة على قانون يحظر تمامًا الاحتجاج ضد إسرائيل، بعدما أخذ رفض الاحتلال الإسرائيلي والتعاطف مع الشأن الفلسطيني في الحرم الجامعي مكان حرب فيتنام والفصل العنصري في جنوب أفريقيا، والقضايا التي كانت تدور حولها شبكات الغضب وحركات اليسار كالمناخ والرأسمالية المتوحشة (حركة اغضبوا واحتلوا وول ستريت).

.. ما لم تفعله الجامعة العربية منذ نشأتها!

من شأن مشروع القانون أن يحظر ويمنع أي مقارنة بين حرب الإبادة الإسرائيلية والسياسات القمعية الفاشية، ويعاقب كل من يصف إسرائيل بأنها عنصرية. هذا التصويت يمزّق أهم تشريع في الدستور الأميركي، والذي يتضمن حرية التعبير وحرية الناس في التجمّع السلمي.

نجح الطلاب ومناصرو القضية الفلسطينية في توعية الرأي العام، ونشر جغرافيا كانت مجهولة في معاناتها مع الاحتلال، والعدالة المهددة في العديد من البلدان من خلال عدم التطبيق المتساوي للقوانين.

لطلاب الجامعات قوة هائلة جاذبة وقدرة على قيادة المجتمعات

تتوسع الظاهرة في جامعات أميركا وأوروبا وأستراليا وكندا واليابان والبرازيل.. ويشارك فيها طلاب الثانويات على الرغم من التعرض لضغوط سياسية وتدخلات الشرطة التعسفية.

عدد الجامعات الأميركية المتضامنة مع غزّة لا يقل عن 75، وأقرت الهيئة الطلابية في جامعة كولومبيا استفتاءً يطالب الجامعة بسحب استثمارتها من إسرائيل، وإلغاء افتتاح مركز تل أبيب العلمي، وإنهاء برنامج الشهادات المزدوجة.

معظم الطلاب المحتجين من حملة الجنسية الأميركية، ونسبة قليلة من باقي الجنسيات خوفًا من سحب المنح الدراسية منهم أو إلغاء تأشيراتهم، وأغلب هؤلاء الطلاب يحجزون وظائف في غاية الأهمية، ومنهم من يتم إعداده للخدمة العامة، كأن يكونوا أعضاء في الكونغرس أو في إدارة الولايات وغيرها.

يرفض المتظاهرون إنهاء احتجاجاتهم قبل تلبية 3 مطالب وهي: سحب الاستثمارات والتعاون مع إسرائيل، الشفافية فيما يتعلق بالشؤون المالية، والعفو عن الطلاب وأعضاء هيئة التدريس الذين خضعوا لإجراءات تأديبية بسبب تضامنهم مع الفلسطينيين.

منظمة "هيومن رايتس ووتش"، دعت إدارة الجامعات لعدم وصف الانتقادات للحكومة الإسرائيلية بأنها "معادية للسامية"، وألا تسيء استخدام السلطة في قمع الاحتجاجات، وأن تحمي حقوق الشباب في التجمّع وحرية التعبير. الطلاب شبكوا أذرعهم أمام قاعة هاميلتون، واحدة من الأبنية التي سيطر المتظاهرون عليها خلال الاحتجاجات المناهضة لحرب فيتنام عام 1968. وفي عام 1985 أغلق متظاهرون القاعة بالسلاسل وطالبوا الجامعة بسحب استثماراتها من الشركات التي كانت تمارس أعمال الفصل العنصري في جنوب أفريقيا. وأطلق المتظاهرون على المبنى اسم "قاعة مانديلا"، وفي عام 1996 قام الطلاب بإضراب عن الطعام مطالبين بإنشاء قسم الدراسات العرقية الآسيوية واللاتينية.

لطلاب الجامعات قوة هائلة/جاذبة، وقدرة على قيادة المجتمعات. للمفارقة، شهدت مصر في شباط من العام 1968، احتجاجًا طلابيًا انطلق في جامعة القاهرة، ثم في عين شمس، رفضًا لـ"الأحكام" الصادرة عقابًا لقادة سلاح الطيران، إذ رآها الطلاب، مخففة، كون القادة المحكومين ممن تسببوا في هزيمة 1967، لكن الرئيس جمال عبد الناصر حين علم بعزم الطلاب على التظاهر، أعطى تعليماته بتأمين التظاهرت، محذّرًا من المساس بهم، وأمر بإعادة المحاكمة.

ما أنجزته التظاهرات الطلابية الغربية يفوق كل ما فعلته الجامعة العربية في مواجهة أخطبوط الهيمنة الإسرائيلية

يمكن القول إنّ ما أنجزته التظاهرات الطلابية الغربية لغاية الآن، يفوق كل ما فعلته الجامعة العربية منذ نشأتها في مواجهة أخطبوط الهيمنة الإسرائيلية على العقل الأميركي والأوروبي، تزامنًا مع انكسارات وهزائم جيش الاحتلال الإسرائيلي في غزّة.

هناك عشرات الآلاف من الشهداء الفلسطييين، وهي أرقام غير مسبوقة في تاريخ الصراع االفلسطيني/العربي - الإسرائيلي. لهذا يسود الغضب عند الطلاب، ليس فقط للتعبير عن الاستياء، بل لفرض البحث عن حلول تنهي الاحتلال وتفرض "حلّ الدولتين"، فضلًا عن المطالبة بتعليق الشراكات مع الجامعات الإسرائيلية، حيث تمثّل الجامعات الأميركية سوقًا كبيرًا للأوراق المالية والعقارات، جامعة هارفارد (50 مليار دولار) ، يال (40 مليار دولار)، ستانفورد (36 مليار دولار).

جانب آخر من المشهد يعكس الانقسام الداخلي في الرأي العام الأميركي والقاعدة الديمقراطية. والمومنتوم الطلابي، قد دخل بالفعل في استراتيجيات السياسة الأميركية في كل مكان في العالم، ويتخذ الأمر منعطفًا وجوديًا، بإنتظار فصل آخر من مسرحية صامويل بيكيت "في انتظار عودة غودو" إلى البيت الأبيض.

(خاص "عروبة 22")

يتم التصفح الآن