اقتصاد ومال

موازنة العراق 2024: ملاحظات على القانون!

يعزو اقتصاديون التأخير في إقرار موازنة 2024، إلى محاولات حكومية لخفض العجز، في ظلّ تحذيرهم أيضًا من اعتماد الموازنة على إيرادات النفط، الذي إذا انخفضت أسعاره سيضع العراق على أعتاب أزمة ماليّة كبيرة، غير أنّ بعض المتخصصين في الاقتصاد ينظرون في الوقت ذاته بتفاؤل للوضع المالي في العراق.

موازنة العراق 2024: ملاحظات على القانون!

في ضوء قانون الموازنة العامة الاتحادية 2024، فإنّ إيرادات العراق من النفط بلغت 124.5 تريليون دينار، في حين بلغت الإيرادات غير النفطية 27.3 تريليون دينار عام 2024، وتشكّل الإيرادات غير النفطية تقريبًا 18.5% من الإيرادات العامة، مقارنة مع السعودية إذ تبلغ مساهمة القطاع غير النفطي فيها 44.79%، من مجموع الإيرادات الكلية.

وأشارت وثائق قانون الموازنة إلى أنّ ارتفاع أسعار النفط من 70 دولارًا في موازنة عام 2023 إلى 80 دولارًا في 2024، والقروض الخارجية والداخلية وبنود أخرى، من شأنها تغطية عجز الموازنة، إذ يعتمد الاقتصاد العراقي بشكل كبير على صادرات النفط الخام، التي تشكل أكثر من 80% من الإيرادات، وأنّ اسباب الزيادة في إجمالي الإيرادات المخمنة لسنة 2024 تعود إلى زيادة سعر بيع برميل النفط الخام المصدّر إلى الشركات النفطية المحلية، وزيادة الإيرادات الناتجة عن بيع المشتقات النفطية الأخرى.

انخفاض التخصيصات للقطاعات المهمة يؤثّر سلبًا على الأداء الإقتصادي ودعمها يُسهم في تعظيم الإيرادات غير النفطية 

تجدر الإشارة إلى أنّ إجمالي النفقات المقدّرة لسنة 2024 بلغ ما يقارب من 211.9 تريليون دينار (الجارية والإستثمارية)، وهي تزيد عن النفقات المقدّرة لسنة 2023 بنسبة 7%، إذ بلغت التخصيصات الجارية 157 تريليون دينار (74.1%)، بينما بلغت التخصيصات الاستثمارية 55 تريليون دينار (25.9%) ، فاستمرار انخفاض التخصيصات المرصودة لبعض القطاعات المهمة مثل الزراعة، الصناعة، التشييد، الإسكان، النقل والاتصالات إلى آخره، يؤثّر سلبًا على الأداء الإقتصادي في العراق، ودعم مثل هذه القطاعات سوف يُسهم بشكل مباشر في تعظيم الإيرادات غير النفطية للخزينة العامة للدولة.

وبالرغم من استمرار النمو في التخصيصات المالية للموازنة خلال السنوات 2023 و 2024، إلا أنّ النمو كان ثابتًا ومستمرًا في القطاعات التي تستحوذ على أكبر نسبة مئوية من إجمالي التخصيصات المالية السنوية.

ومن المهم الإشارة إلى أنّ سياسة تمويل العجز تعتمد، وبنسبة كبيرة لا تقل عن 53%، على المصادر المحلية (البنك المركزي والمصارف الحكومية)، وتُعتبر هذه مؤشرات سلبية تحمل في طياتها مخاطر تتعلق بصعوبة تطوير القطاع المصرفي الحكومي وعدم تحقيق الاستقرار في النظام المالي، فضلًا عن انعكاسته بشكل سلبي على الاقتصاد الوطني، علمًا أنه واستنادًا إلى وزارة المالية فقد تم تعديل السعر التخميني لبيع النفط الخام المصدّر، كما هو وارد في قانون الموازنة العامة الاتحادية (2023-2024 - 2025) من 70 دولارًا إلى 80 دولارًا، ونتج عن ذلك إضافة مبلغ 17 تريليون دينار لسد العجز المخطط لسنة 2024.

ضرورة زيادة التخصيصات المالية للقطاعين الصناعي والزراعي والبحث العلمي فيهما

هناك بعض التحديات التي تواجه اللجنة المالية التي تُعد الموازنة العامة للدولة، وهي دعم القطاع الخاص بشكل أكبر، وتعظيم الإيرادات غير النفطية للخزينة العامة واستمرار الاقتراض من المصارف الحكومية لسد العجز والذي بدوره قد ينعكس بشكل سلبي على الأداء المصرفي وتصنيفه الدولي، كما أنّ هناك تحديًا آخر مهمًا، وهو استمرار النمو في الموازنة الجارية على حساب الموازنة الاستثمارية وبنسبة عالية جدًا، واستمرار الاقتراض من الجهات الداخلية والخارجية بالرغم من ارتفاع حجم المديونية ووصولها لمعدلات عالية، وأخيرًا استمرار استحواذ الإيرادات النفطية في تحديد القدرة الإنفاقية للدولة، مع النمو البسيط جدًا في الإيرادات غير النفطية، التي بلغت نسبتها 18.5% من الإيرادات العامة.

وفي الختام، لا بد من الإشارة إلى ضرورة زيادة التخصيصات المالية للقطاعين الصناعي والزراعي، والبحث العلمي فيهما، وضرورة الإستفادة من تجربة الدول ذات الكثافة السكانية العالية. فعلى سبيل المثال تملك الصين أعظم تجربة تنموية في إستثمار القوى العاملة البشرية، من خلال الأساليب المختلفة، منها التكنولوجيا العالية المهارة إلى متوسطة المهارة والمهارة ذات المستوى المنخفض، بحيث كل مجموعة تساهم حسب إمكانياتها في توليد الناتج المحلي الإجمالي، ومن خلال هذه التجربة يتم تشغيل كل الخريجين المؤهلين للمساهمة في زيادة توليد الناتج المحلي الإجمالي، في ضوء معالجة مشكلة البطالة.

(خاص "عروبة 22")

يتم التصفح الآن