صحافة

الخطابات العشوائية وآفة التلاعب بالشعور الوطني

الوليد آدم مادبو

المشاركة
الخطابات العشوائية وآفة التلاعب بالشعور الوطني

على بؤس خلفياتهم الثقافية والفكرية، كثيرٌ من الساسة السودانيين – لا سيما اولئك العسكريين الذين تولّوا سدة الحكم في البلاد دون أدنى استحقاق – يرتجلون الخطب فيقعون في أخطاء سياسية ودبلوماسية مقيتة، إذا لم نقل سخيفة. لماذا لا توكل هذه التقارير الصحفية – الشفهية منها والمكتوبة – لمتخصصين كي يضبطوا فحوى ومنطوق هذه البيانات احترامًا للمواطنين وتقديرًا لأفهامهم؟ لماذا لا يُسند أمر الاستراتيجية الإعلامية – خاصة في زمن الحرب – لخبراء كي يضعوا الموجهات العامة ويحددوا الخطوط المحورية التي يلزم إتباعها حال تبدّل الموقف على الأرض سياسيًا أو عسكريًا؟ ذلك حريُّ أن يجنّب الدولة مشكلة الوقوع في حرج يصعب تلافيه سيما إذا ما تكلّمت شخصية سيادية ولم تكتف بإيكال أمر التقارير اليومية للناطق الرسمي.

لم تكن الحربُ يوماً شأنًا عسكريًا محضًا، فهناك تقاطعات سياسية ودبلوماسية واقتصادية هي التي تؤثر في مسار المعركة وقد تحدد مخرجاتها، لكن تبقى إدارة ساحة المعركة شأنًا عسكريًا محضًا. ما نراه اليوم في السودان أمرًا مثيرًا للريبة، ذلك أنّ للقادة، الكباشي وياسر عطا مثالًا، توجّهين استراتيجيين مختلفين، فالأوّل ينادي بالرجوع للتفاوض دون خطة ذات معالم واضحة، والآخر يريد أن يتمادى في الحرب دون وجود أدنى وسيلة للانتصار على الصعيد الميداني. يبدو أن كلا الرجلين يسعيان تكتيكيًا لكسب الوقت لكنهما لا يجيدان البحث عن مخرج استراتيجي يجنّب البلاد مغبّة التشظي. 

لا أود أن أخوض في الجدل الذي دار عن الفيديوهات التي عرضت حميتي مخاطباً جنده، أو ياسر عطا متبخترًا وسط عسكره أو البرهان متوشحًا سلاحه في غرفة قيادته، فهذه العنتريات ما عادت مهمة. هناك بلدٌ مستباحٌ وأرضٌ محروقةٌ وإرادةُ مسلوبة وشعبٌ مغلوب على أمره وأممُ مهمومة. ما يهم الآن هو كيفية الوصول إلى حل تمليه الإرادة الوطنية وليس الغربية أو الخليجية فهؤلاء من المفترض أن يكونوا ميسرين وليس أوصياء معتمدين. حسب المعادلة السياسية والعسكرية الحالية لا يمكن الوصول إلى حل أمثل، لكن يمكن القبول بتسوية (deal) تُخرج قادة كلا الفريقين من القوات المسلحة ومن قيادة الدعم السريع مباشرةً من المعادلة الحكمية وبعد ستة أشهر من المؤسسات العسكرية, الاتفاق فيما بينهم على شخصية رئيس الوزراء، إعادة تشكيل هيئة الأركان بعد دمج قيادات معتدلة – حبذا من خلفيات عسكرية – من الدعم السريع، والإعداد للمؤتمر الدستوري في فترة لا تتجاوز ستة أشهر.


لقراءة المقال كاملًا إضغط هنا

("التغيير) السودانية

يتم التصفح الآن