اقتصاد ومال

ثروات ضخمة مطمورة في بلاد العرب.. حان وقت قطافها!

تستحوذ منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في باطن أرضها على نحو 30% من احتياطيات المعادن العالمية، حسب بعض التقديرات، ولكنها غير مستغلة بشكل كبير. ففي مقابل نجاح العالم العربي نسبيًا في استغلال موارده من الوقود الأحفوري وتحوّله للمصدر الأكبر لها، فإنّ معظم الثروات المعدنية العربية ما زالت مطمورة دون استغلال، في وقت يطل شبح عصر نهاية النفط والغاز، الذي يهدد بتراجع حاد في موارد المنطقة المالية.

ثروات ضخمة مطمورة في بلاد العرب.. حان وقت قطافها!

المفارقة أنّ احتياطات العالم العربي من بعض المعادن قد تكون أكبر من نسب احتياطاته من النفط، فالعالم العربي يمتلك على سبيل المثال النسبة الأكبر من احتياطي الفوسفات، حيث لدى المملكة المغربية وحدها نحو 60% من احتياطي الفوسفات العالمي، وهي ثاني أكبر منتج بعد الصين. ويقال إنّ العراق لديه ثاني أكبر احتياطيات الفوسفات في العالم، إذ يمتلك 8٪ من إجمالي احتياطيات العالم، ولكن عملية استغلاله ما زالت محدودة للغاية.

بصفة عامة، فإنّ دولًا عربية عدة تحتل مراتب متقدمة في احتياطات وإنتاج الفوسفات في العالم مثل سوريا والأردن ومصر والسعودية وتونس، لكن ما زال حجم إنتاج الفوسفات أقل كثيرًا من الطاقات الكامنة خاصة في الدول العربية التي تعاني من الاضطرابات مثل سوريا والعراق.

تبرز الحاجة لاستغلال المنطقة لثرواتها من المعادن الحرجة التي تُعد نفط المستقبل وتتنافس عليها القوى الكبرى

ولدى العالم العربي ثروة ضخمة من الذهب، ومن أبرز الدول التي حباها بهذه الثروة السودان ثاني أكبر منتج بأفريقيا، وكذلك مصر والسعودية والجزائر والعراق.

وتقدّم موريتانيا قصة نجاح مثيرة للاهتمام فيما يتعلق بالعديد من المعادن مثل الذهب وكذلك الحديد، حيث تبلغ احتياطاتها من الأخير نحو 1.5 مليار طن، ولقد صدّرت في 2022 خام الحديد بقيمة 1.56 مليار دولار، مما يجعلها في المرتبة 13 عالميًا.

لدى الجزائر بدورها أحد أكبر رواسب خام الحديد في العالم، ورغم ضخامة احتياطات البلاد من المعادن التي تشمل أيضًا الزنك والذهب والفوسفات إلا أنّ قطاع المعادن لا يمثّل إلا 1% من الناتج المحلي للبلاد، ولكنهت تسعى لاستغلاله، لتنويع اقتصادها المعتمد على النفط، ولذا أطلقت العديد من مشاريع التعدين الكبيرة مثل مشروع حديد غار جبيلات.

ويُعد العراق إحدى الدول التي تتمتع بموارد معدنية غير مستغلة إلى حد كبير منها نحو 8 مليارات طن من الحجر الجيري، و600 مليون طن من الكبريت، و330 مليون طن من الدولوميت، و130 مليون طن من الجبس، كما توجد رواسب الذهب في صحرائه الغربية وفي كردستان بالشمال، والتي يوجد بها موارد كبيرة من الزنك والرصاص والنحاس والرخام.

وتحتوي منطقة الدرع العربي التي تقع بغرب المملكة العربية السعودية على معادن نفيسة بكميات كبيرة مثل الذهب والفضة، بالإضافة إلى الألومنيوم والحديد والنحاس والزنك والمنجنيز والكروم.

وخلال مؤتمر التعدين الدولي الذي عُقد في كانون الثاني/يناير 2024 بالرياض، قالت المملكة إنها عدلت تقديراتها لثرواتها المعدنية غير المستغلة إلى 2.5 تريليون دولار، ارتفاعًا من 1.3 تريليون دولار في 2016، ووضعت استراتيجية لاستغلالها تشمل شراء أنصبة في شركات عالمية متخصصة في هذا المجال.

مع اقتراب عصر أفول إنتاج النفط، تبرز الحاجة لاستغلال المنطقة لثرواتها من المعادن الحرجة، التي تُعد بمثابة نفط المستقبل وتتنافس عليها القوى الكبرى، لدورها في صناعات البطاريات وغيرها من أوجه التكنولوجيا.

ويمتلك العالم العربي احتياطيات كبيرة من المعادن الحرجة، فعلى سبيل المثال، تحتوي منطقة الدرع العربي بالسعودية على عناصر أرضية نادرة قيّمة، مثل "التنتالوم"، الذي تمتلك الرياض منه ربع احتياطيات العالم وله تطبيقات في الصناعات عالية التقنية، و"النيوبيوم"، الذي يُستخدم في السبائك الصناعية، المستخدَمة بمحركات الصواريخ.

ويسعى الأردن بدوره لأن يضطلع بدور مهم في تصدير المعادن من خلال الاستفادة من رواسب الفوسفات والمعادن الأرضية النادرة.

ويُعد المغرب من بين أكبر 5 منتجين لكوبالت الكاثود عالي النقاوة في العالم، ويحتل المركز 11 عالميًا في احتياطي الكوبالت بـ17 ألف و600 طن، حسب البيانات الرسمية.

يمكن الاستفادة من القدرات التي تم تطويرها للوقود الأحفوري لتعزيز استغلال الموارد المعدنية

والكوبالت مهم جد لصناعة البطاريات، ولدى المغرب ميزات عدة مقارنة بالكونغو الديمقراطية أبرز منتجي هذا المعدن، منها القرب من أسواق التصنيع والبنية التحتية الأقوى والقدرة على تصنيعه محليًا، وظروف العمل الأفضل في ظل الجدل حول عمالة الأطفال والأضرار البيئية التي يسببها تنجيم الكوبالات في أفريقيا.

ويمكن الاستفادة من القدرات الحالية بالمنطقة التي تم تطويرها للوقود الأحفوري لتعزيز استغلال الموارد المعدنية، ومع ذلك، لا تزال هناك عقبات عدة. إذ يتطلب جذب الاستثمارات الدولية الكبيرة شروطًا مالية تنافسية وقوانين يمكن التنبؤ بها، حسب تقرير لموقع معهد الشرق الأوسط بالولايات المتحدة، إضافة للاستقرار الأمني ومعالجة البيروقراطية.

كما على العالم العربي أن يحقق معادلة عادةً ما تكون صعبة، إذ يجب أن ينفتح على الشركات الأجنبية في ظل نقص الخبرات المحلية، ولكن في الوقت ذاته، يجب أن يفعل ذلك بشروط تضمن له نصيبًا عادلًا من الأرباح، والأهم ضرورة تشغيل العمالة المحلية وإعطاء دور أساسي للشركات الوطنية مع توطين التكنولوجيا عبر إلزام الشركات الأجنبية بنقلها للشركاء المحليين، مثلما فعلت الصين، والتي أصبحت اليوم هي نفسها مستثمرًا خارجيًا كبيرًا عبر هذا المسار.

(خاص "عروبة 22")

يتم التصفح الآن