شهد العراق انفصالًا تنمويًا بسبب الحروب والحصار ومواجهة الإرهاب، ما تسبب بحدوث فجوات في جميع القطاعات وحتّم ضرورة العمل على إعادة عجلة التنمية وردم تلك الفجوات.
الخطّة الجديدة تتواءم مع ما وضعته الحكومة من مُستهدفات، ومواجهة التحدّيات الداخلية أو الخارجية، وقد وضعت الحكومة مساحةً لتحقيق الحكم الرشيد، والآلياتِ المُناسبة لمحاربة الفساد واعتماد مبادئ الشفافية، وراعت أولويات تحسين الخدمات في المجالات كافة، عبر تسريع تنفيذ المشاريع قيد الإنشاء، والذهاب نحو مشاريع تنموية وخدمية جديدة.
العراق يواجه أزمة مالية خطيرة تهدد استقرار اقتصاده
وقد بدأت الحكومة بسلسلة مشاريع استراتيجية لتطوير قطاع النفط والغاز، وإيقاف الهدر فيه، والاعتماد على القدرات والمشاريع في تأمين المشتقات النفطية بدلًا من الاستيراد، إذ اتجهت لمشاريع تنسجمُ مع رؤية التنمية المُستدامة 2030، بينها مشاريع البُنى التحتية، والطاقة النظيفة، وطريق التنمية، وميناء الفاو وشبكة الطرق والجسور والمدن السكنية والصناعية والزراعة الحديثة وغيرها.
إنّ خطة التنمية الوطنية الخمسية تتضمن مسارات ذات أبعاد اقتصادية تستند إلى سياسة التنوّع الاقتصادي، والعمل على إصلاح القطاع المَصرفي والمالي، وأتمتة جميع الأنشطة الاقتصادية والخدمية، وحوكمة العمل الحكومي والخدمي، والبدء بأتمتة العمل بالمنافذ الحدودية، والتحوّل نحو الدَّفع الإلكتروني في جميعِ التعاملات السوقية والتجارية، وتبني التحوّل الرّقميَّ الشامل، واعتماد الأنظمة الإلكترونية في جميع مفاصل الحياة.
ولعل التخطيط السليم بحاجة إلى بيانات ومؤشرات دقيقة وسليمة، وهذا يتحقق بالتعداد العام للسكّان والمساكن الذي تقرر إجراؤه في 20 نوفمبر/تشرين الثاني 2024، إذ إنّ الحكومة تبذل جهودًا استثنائيةً لتنفيذ التعداد الذي تأخّر كثيرًا، إذ أكملت وزارة التخطيط والجهات الساندة جميع الاستعدادات اللازمة لتنفيذه، ويبقى على العوائل العراقية المساهمة في إنجاح التعداد والإدلاء بالبيانات الصحيحة، خصوصًا أنّ الهدف من التعداد تنموي والسعي من خلاله لمعالجة السلبيات في جميع المجالات.
ويواجه العراق أزمة مالية خطيرة تهدد استقرار اقتصاده الوطني، حيث تكشف الأرقام أنّ جزءًا كبيرًا من الإيرادات النفطية يُصرف على الرواتب والتكاليف الاجتماعية ، وتُظهر الأرقام المقلقة أنّ أكثر من ثلثي إيرادات النفط يُنفق على الرواتب والرعاية الاجتماعية، ما يجعل المخاوف حقيقية بشأن قدرة الدولة على مواجهة التقلبات المحتملة في أسعار النفط العالمية، إذ مع استمرار الضغط على الميزانية العامة، سيتعامل العراق مع التحديات الاقتصادية المقبلة في ظل اعتماد مالي متزايد على إيرادات النفط.
إعتمدت الخطة على عدد من الوثائق الوطنية والقطاعية التي تُشكّل أساسًا فكريًا وعمليًا لخطة التنمية الوطنية، من خلال توفيرها أطرًا تحليلية واستشرافية لمختلف المشكلات، واقتراح تشكيلة واسعة من البرامج والحلول التي هي قيد التنفيذ حاليًا، كالسياسة السكانية واستراتيجية التربية والتعليم (2022 – 2031) واستراتيجية التخفيف من الفقر (2024 – 2028) واستراتيجية تطوير القطاع الخاص (2014 – 2030).
الهدف العام للخطة تنويع الهيكل الإنتاجي للاقتصاد الوطني
وقد تبنّت الحكومات المتعاقبة، مجموعة من الأولويات ضمن وثائق البرنامج الوزاري التي ركزت على القطاعات التي تمس حياة المواطن اليومية، وتعتمد الخطة الإبتكار كأحد الركائز الأساسية لتحقيق مستهدفاتها على مستوى السياسات الإقتصادية والإجتماعية والإنتاج وتقديم الخدمات العامة بوصفه مسارًا لكل وسائل تحقيق المستهدفات، وفي مستويات عدة منها الإبتكار في السياسات الإقتصادية والإجتماعية بما يعزز عملية التنمية، وزيادة حجم الإبتكارات وإدخالها في إنتاج السلع والخدمات في القطاعين العام والخاص، وتبني التطبيقات الحديثة في تقديم الخدمات العامة والتحوّل نحو الأتمته واستخدام الذكاء الإصطناعي.
وفي الختام، لا بد من الإشارة إلى أنّ الهدف العام للخطة هو تنويع الهيكل الإنتاجي للاقتصاد الوطني والتركيز على القطاعات الإنتاجية ذات القدرة الأكبر على تحقيق ذلك، بجانب تحسين مؤشرات التنمية البشرية والاجتماعية وتعزيز الإستثمار في الرأس المالي البشري، وتطوير مهارات الإبتكار وتوطين التقانات الحديثة، وتحسين بيئة الإستثمار للقطاع الخاص الوطني والأجنبي.
(خاص "عروبة 22")