يسيطر الاحتلال على نحو 85% من خزان المياه الجوفية في الضفة والقطاع بحجم 734 مليون متر مكعب، ويزوّد حوالى 70% من هذه الكمية للمستوطنات الواقعة في الضفة الغربية بينما يحرم الفلسطينيين منها.
قيود الاحتلال على المياه
تتعمّد سلطات الاحتلال الإسرائيلي فرض تقييدات كبيرة على استغلال المياه الفلسطينية، مثل رفض منح رخص جديدة لحفر آبار ارتوازية جديدة، وفي حالة الموافقة على حفر بئر تشترط أن لا يزيد عمقه عن 140 مترًا، كما تحرم الفلسطينيين من استخدام مياه نهر الأردن وتقوم بعرقلة إمدادات المياه للبلديات الفلسطينية في مقابل إطلاقها العنان للمستوطنات بحفر آبار زراعية دون قيد أو شرط بحيث يسيطر المستوطنون على 40 بئرًا جوفيًا، بينما يقوم الاحتلال بتدمير المنشآت المائية القائمة، من برك وأحواض وآبار، خصوصًا في المناطق المصنّفة "ج" البالغة حوالى 64% من مساحة الضفة الغربية، ومن المتوقع أن تزيد هذه الإجراءات بعد قرارات حكومة الاحتلال بالسيطرة على المناطق المصنّفة "ب" التي تشكّل نسبة 18% من مساحة الضفة الغربية، أي أنّ "إسرائيل" أصبحت تسيطر على ما نسبته 82% من مساحة الضفة الغربية.
"اتفاقية أوسلو" والمياه
يشير رئيس جمعية الهيدروجين في فلسطين (عضو الوفد الفلسطيني المفاوض عن المياه)، الدكتور عبد الرحمن التميمي، إلى أنه في مفاوضات مدريد وواشنطن لم يتم الاتفاق على قضية المياه في فلسطين لحساسية الموضوع، وتأجل الاتفاق عليها من "المرحلة الانتقالية" التي بدأت منذ عام 1994 إلى مفاوضات "الوضع النهائي" التي كانت من المفترض أن تنتهي عام 1999.
ويشدد التميمي على أنّ ما أُعطي في الاتفاقية الانتقالية قليل لا يمثّل الحد الأدنى من احتياجات الفلسطينيين، ورغم ذلك لم تلتزم "إسرائيل" بما وقعت عليه في "الفترة الانتقالية" إذ كان يُفترض أن توفر 80 مليون متر مكعب سنويًا إلا أنها وفرت فقط 28,5 مليون متر مكعب، مع العلم أنّ حاجة الضفة الغربية وقطاع غزّة لمياه الشرب تبلغ 240 مليون متر مكعب، وللزراعة 400 مليون متر مكعب.
وأوضح أنه مع تعثّر مفاوضات "الوضع النهائي" ظلّت الكمية التي حصل عليها الفلسطينيون في الضفة والقطاع هي نسبة الكمية نفسها التي كانت في "الفترة الانتقالية" على الرغم من الزيادة الكبيرة في عدد السكان، بحيث بلغ عدد السكان حين وُقّعت الاتفاقية 3,200 مليون نسمة، بينما وصلت عام 2023 حسب جهاز الاحصاء المركزي إلى 5,48 مليون نسمة في الضفة وغزّة، وهو ما يؤكد حجم الإجحاف بحق الشعب الفلسطيني وحرمانه من التمتع بحقوقه المائية التي يتم الاستيلاء عليها بالقوة وبسياسة الأمر الواقع.
وتقوم شركة المياه الإسرائيلية المسماة "ميكيروت" بسحب كميات كبيرة من مياه الضفة الغربية أو الآبار الواقعة على خط الهدنة دون مقابل ثم تقوم ببيع هذه المياه للفلسطينيين عبر البلديات، كما أنّ الفلسطينيين ونتيجة لجدار الضم والتوسّع عام 2002 تمت مصادرة الكثير من آبار مياههم خلف الجدار وحرمانهم بالتالي من الاستفادة من 10 مليون متر مكعب.
وتُظهر تقارير الجهاز المركزي للإحصاء وسلطة المياه الفلسطينية، أنّ معدل استهلاك الفرد في "إسرائيل" للمياه يزيد ثلاثة أضعاف عن الفرد الفلسطيني، إذ بلغت حصة الفرد الإسرائيلي نحو 300 لتر في اليوم، فيما يتضاعف المعدل للمستوطنين الإسرائيليين إلى أكثر من 7 أضعاف استهلاك الفرد الفلسطيني، الذي يبلغ معدل استهلاكه اليومي 86,3 لترًا من المياه، (89,0 لترًا في اليوم في الضفة الغربية، مقابل 82,7 لترًا في قطاع غزّة).
وفي حال احتساب نسبة التلوث العالية للمياه في قطاع غزّة، وكميات المياه الصالحة للاستخدام الآدمي من الكميات المتاحة، فإنّ حصة الفرد من المياه العذبة ستنخفض إلى 21.3 لترًا فقط في اليوم، مع الإشارة إلى أنّ التجمعات البدوية في الضفة الغربية تعاني أكثر من غيرها من أزمة المياه، حيث يضطر البدوي الفلسطيني لقطع مسافات طويلة لجلب المياه، ومؤخرًا أصبحت صعوبة حصوله على المياه وسيطرة المستوطنين على مصادر المياه القريبة من التجمّعات البدوية من أهم الأسباب الدافعة إلى رحيل البدو قسريًا عن أرضهم باتجاه مناطق أخرى في الضفة.
يُذكر أنّ معدل استهلاك الفرد الفلسطيني للمياه أقل من الحد الأدنى الموصى به عالميًا حسب معايير منظمة الصحة العالمية البالغ 100 لتر في اليوم، وذلك نتيجة السيطرة الإسرائيلية على أكثر من 85% من المصادر المائية الفلسطينية.
(خاص "عروبة 22")