لقاءات الأشقاء دائماً، تتسم بالأخوة والتوافق في شأن القضايا الجوهرية في المنطقة والإقليم. استقبل الرئيس عبدالفتاح السيسي، صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة، حفظه الله، في مدينة العلمين الجديدة. الصورة تؤكد عمق العلاقات التاريخية بين القاهرة وأبو ظبي، فهناك توافق سياسي وتطابق في الرؤى بين القيادتين، ولا سيما أننا أمام متغيرات كبرى يمر بها العالم، على الصعد السياسية والدبلوماسية والاقتصادية.
نظام عالمي جديد يقترب من التشكُّل، ولا بد من أن يكون التنسيق والتشاور في قضايا المنطقة مستمراً ودائماً، بين دولتين وازنتين في الإقليم، وهذا ما نلمسه جيداً من اللقاءات والقمم، التي تم عقدها بين القيادتين في البلدين.
فهناك أكثر من 30 لقاءً وقمة، جمعت الزعيمين، اللافت للنظر أنّ هذا التوافق وتطابق الرؤى بين القاهرة وأبوظبي، يقومان على مجموعة من المبادئ، تتمثل في الدعوة إلى الحوار السلمي والسلام، بدلاً من أصوات البنادق، واحترام القوانين الدولية واقتراحات الأمم المتحدة، وتبنِّي الحفاظ على مفهوم الدولة الوطنية، سواء في العالم أو في المنطقة العربية، فضلاً عن أن الدولتين تشكلان جبهة قوية في مواجهة الإرهاب والتنظيمات المتطرفة، التي تمثل أكبر التحديات لاستقرار المنطقة.
غير أن المتابع لتفصيلات المشاورات المتبادلة بين الدولتين في عقد مضى، يتأكد له أن جميع القضايا الجوهرية في المنطقة، كانت محل تنسيق وتشاور، فهناك ثوابت مشتركة، تتعلق بمفهوم التعايش السلمي، وصوْن الأمن القومي العربي، والأمن العالمي، وفي مقدمتها الأمن الغذائي وأمن الطاقة.
وكذلك التوافق الكبير بين الدولتين، في شأن القضايا الإقليمية والدولية، مثل التوافق في شأن مبادرات السلام، وخصوصاً في ما يتعلق بالدعوة لوقف الحرب الروسية - الأوكرانية، والسعي الدائم لترسيخ مفهوم وقيم التسامح والتعايش مع الآخر، انطلاقاً من فلسفة الزعيمين، التي ترى أن أفضل طريق لبناء مستقبل الأمم هو السلام والاستقرار، وتبريد الصراعات وتهدئة التوترات وخلق مساحات مشتركة على جميع الصعد السياسية والاقتصادية والدبلوماسية والثقافية والاجتماعية.
وليس خافياً على أحدٍ، أن القاهرة وأبوظبي تشكلان قوة ضاربة للانحياز الكامل لكل ما يفيد الإنسانية، وكل ما يصب في مصلحة الكوكب وكيفية التعامل مع قضايا المناخ، فمصر استضافت، مؤتمر الأمم المتحدة للمناخ في نوفمبر الماضي بمدينة شرم الشيخ، وها هي دولة الإمارات العربية المتحدة تستضيفه في 2023، في نوفمبر المقبل. الأهداف مشتركة، والإرادة غير مسبوقة من أجل تقديم كل أنواع الدعم للبشرية جمعاء.
من الماضي للحاضر إلى المستقبل، نجد التاريخ يتحدث عن الروابط الصلبة بين البلدين، صفحات مضيئة تشهد على محطات فاصلة في مسيرة العلاقات بين الدولتين، فعند تأسيس دولة الإمارات كانت مصر من أوائل الدول التي دعمت قيام الاتحاد الإماراتي، وعضوية الإمارات في جامعة الدول العربية والأمم المتحدة والمؤسسات الدولية، في الوقت الذي وقفت الإمارات إلى جانب القاهرة في العديد من التحديات، سواء في حرب أكتوبر أو بعد ثورة 30 يونيو بشكل كبير. إلى ذلك، نتوقف أمام العلاقات الاقتصادية، ليتأكد لنا أنها باتت أحد الأعمدة القوية للعلاقات المصرية - الإماراتية، وباتت السوق الإماراتية تمثل الوجهة الأولى للصادرات المصرية، وتستقبل سنوياً نحو 11 % من مجمل صادرات مصر إلى العالم، في حين تسهم الإمارات في السوق المصرية، بمشروعات تزيد استثماراتها على 15 مليار دولار، فضلاً عن 1165 شركة إماراتية، تعمل في مختلف المجالات الاقتصادية.
كل هذا الحراك والتنسيق المشترك، يؤكد أننا أمام قيادتين تدركان حجم التحولات التي يشهدها العالم، فهناك هندسة جديدة يمر بها الإقليم، ولا بد من مواكبة هذه التطورات، بما يصب في مصلحة المنطقة وأمنها القومي.
("البيان") الإماراتية