صحافة

"المشهد اليوم"…إنزال بحري إسرائيلي شمالي لبنان والحصار البري يتقدمالمفاوضات "مُعلقة" بإنتظار نتائج الانتخابات الأميركية وتصعيد عسكري في مخيم جباليا

من التسحيل المصوّر الذي يوثق لحظة اختطاف عماد أمهز من البترون

تخطفُ الأحداث اللبنانية المتسارعة الأنظار عما يحدث من عملية تطهير عرقي وإبادة جماعية مستمرة منذ أكثر من عام في قطاع غزّة. فالساحتان اليوم تشهدان على وحشية العدو الاسرائيلي وآلته العسكرية التي تخطت كل الخطوط الحمراء، فبات القتل اليومي وإرتفاع عداد الشهداء والجرحى حدثاً طبيعياً يمر مرور الكرام في غزّة ولبنان دون أن تلوح في الأفق "بوادر ايجابية" لإنطلاق مسار التسويات التي تراوح مكانها.

وفي إنتظار الانتخابات الرئاسية الأميركية، التي تجري على بُعد يومين لتحدد ساكن البيت الأبيض، يُكمل رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو إجرامه، معرقلاً كل المفاوضات والمقترحات لإرساء هُدن على الساحتين اللبنانية والغزاوية، محاولاً الاستفادة من الوقت الفاصل ليعيد "تشكيل" موازين القوى في المنطقة، خاصة بعد إعلانه أن "الأولوية ليست للتسويات والقرارات الدولية، إنما لفرض الأمن وردع "حزب الله" ومنع تسليحه".

وعليه، عكست الصحف العربية الصادرة اليوم ترقب العالم، ولاسيما شعوب المنطقة العربية، لما ستفرزه الانتخابات الاميركية رغم أن كلا المرشحين، أي دونالد ترامب او كامالا هاريس، هما من المؤيدين لـ"حق اسرائيل في الدفاع عن نفسها"، مع وجود بعض التباينات حول ملف الشرق الأوسط وطريقة مقاربته، وهو ما يطرح تساؤلاً لدى الرأي العام المتابع بشأن ما سيكون عليه المشهد في المرحلة القادمة، أسيتجه نحو الحلحلة أم التعقيد؟!

وإذ يبقى الجواب رهن الأيام المقبلة وتطورات الأوضاع السياسية والميدانية، وتحديداً في ملفي لبنان وغزّة وما بينهما من ملفات آخرى، ذات ارتباط وثيق كسوريا واليمن والعراق والأهم إيران التي تشكل العنصر المشترك بين كل الدول الآنفة الذكر، الى جانب استمرار بيانات "التهديد والوعيد" بينها وبين تل أبيب.

إزاء هذه الأحداث المتداخلة والمتشابكة، برزت سلسلة مستجدات في لبنان، وأهمها عملية الإنزال البحري التي نفدها الجيش الإسرائيلي، فجر يوم الجمعة الماضي، على ساحل البترون، شمالي لبنان. وفي الوقت الذي لا تزال فيه ملابسات هذه السابقة قيد التحقيق من قبل الأجهزة الأمنيّة وقوات "اليونيفيل"، أشارت المعلومات إلى إختطاف قبطان لسفن مدنية وتجارية، في خرق بري هو الأول من نوعه منذ بدء الحرب الإسرائيليّة الموسعة على لبنان.

وبحسب ما نشره موقع "أكسيوس"، فإن "المخطوف" هو عماد فاضل أمهز، عضو بارز في القوة البحرية لـ"حزب الله"، لافتة الى أنه "إحتجز من أجل استجوابه ومعرفة المزيد عن العمليات البحرية للحزب". بالتوازي أفاد موقع "تايمز أوف إسرائيل" أن "أمهز يخضع للاستجواب عن طريق "الوحدة 504" التابعة لمديرية الاستخبارات العسكرية".

ويأتي هذا التطور الخطير على وقع محاولات العدو قطع كل خطوط الإمداد بين لبنان وسوريا بعد استهدافه المعابر البريّة الشرعية وغير الشرعية، حيث سُجل مساء أمس قصف جسر يربط بين بلدتي كفرتون وأكروم في منطقة عكار، وهو أول استهداف إسرائيلي في هذه المنطقة. هذا وتستمر عمليات الاغتيالات المحددة وآخرها في منطقة "كاليري سمعان" على المدخل الشرقي لضاحية بيروت الجنوبية. وفي المعلومات المتداولة فإن الغارة استهدفت شخصاً مقرباً من "حزب الله" وأدت لسقوط شهيد وأكثر من 11 جريحاً.

بالتزامن مع هذه المجريات يستمر سلاح الجوّ الإسرائيليّ، بشنّ غارات جوية مكثفة على مناطق متفرقة في جنوب لبنان وشرقه، موقعاً المزيد من الضحايا والجرحى، ناهيك عن الخسائر الفادحة في الممتلكات والبنى التحتية، حيث يعمد الاحتلال إلى تدمير أحياء ومباني سكنية بأكملها وتفخيخ معظم القرى الحدودية ومحو معالمها الحضارية والتاريخية. وكانت "وكالة أسوشيتد برس" نقلت عن صور أقمار صناعية وخبراء قولهم "إن التدمير الإسرائيلي على الحدود مع لبنان يظهر رغبة في إنشاء منطقة عازلة".

وفي هذا الصدد، كشفت "هيئة البث الإسرائيلية" أنّ الجيش الإسرائيلي يقترب من نهاية المرحلة الأولى من العمليّة البرية بجنوب لبنان بعد شهر من بدئها، مشيرةً إلى "أن التفكير بدأ يتركز على بدء المرحلة الثانية، والتي تشمل توغلاً في القرى الخلفية للقرى المحاذية للشريط الحدودي، بعد تحقيق إنجازات مهمة".

وبينما لم يتضح بعد شكل وحجم المرحلة الثانية، التي قد تستعر في اليومين المقبلين، يواصل "حزب الله" إطلاق عشرات الصواريخ باتجاه عكا وحيفا وصفد، كما قال إنه قصف 3 قواعد عسكريّة إسرائيلية بالمسيّرات، وهي قاعدة "غليلوت" التابعة لوحدة الاستخبارات العسكرية 8200، قاعدة "زوفولون" للصناعات العسكريّة و قاعدة "بلماخيم" الجوية.

أما في قطاع غزّة، فقد دفعت القوات الاسرائيليّة بتعزيزات عسكرية جديدة الى مخيم جباليا، ليرتفع عدد القوات العاملة في المنطقة الى ثلاثة ألوية، وذلك بعد اعلانها عن توسيع عملياتها العسكرية في ظل تصعيد ميداني، وقصف متواصل أدى الى وقوع ما يزيد عن 7 مجازر راح ضحيتها العشرات من الشهداء والجرحى. وبموازاة "جمود" المفاوضات مع إسرائيل، إستضافت القاهرة اجتماعات بين حركتيّ "فتح" و"حماس"، لبحث تشكيل لجنة لإدارة قطاع غزّة في إطار خطط ما بعد الحرب.

وبظل تصاعد التهديدات الايرانية وآخرها على لسان المرشد الإيراني الذي قال "على العدوّين، الولايات المتحدة والكيان الصهيوني، أن يعلما بأنهما سيتلقّيان بالتأكيد رداً قاسياً وساحقاً على ما يفعلانه ضد إيران ومحور المقاومة". أعلنت وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) وصول تعزيزات عسكريّة جديدة تشمل طائرات مقاتلة ومدمرات إضافية إلى منطقة الشرق الأوسط.

ونورد أبرز ما تناولته الصحف العربية الصادرة اليوم:

تحت عنوان "إنتخابات إستثنائية ومخاطر حرب"، كتبت صحيفة "الخليج" الإماراتية أنه "مثلما يصعب التنبؤ بنتائج الانتخابات الأمريكية، يصعب أيضاً التكهن بتداعياتها على الحرب الدائرة في الشرق الأوسط"، مشددة على أن "الوضع بات شديد التعقيد، وخارجاً عن السيطرة، وسيبقى رهن مفاجآت غير متوقعة قد تكون في الميدان، وقد تأتي أيضاً من الولايات المتحدة بعد انتخابات الخامس من نوفمبر الاستثنائية".

وفي السياق عينه، أشارت صحيفة "العرب" القطرية إلى أن "سياسة واشنطن في الشرق الأوسط ثابتة ومؤسسية، لا تتعلق بتغير الأشخاص، ولا تتغير بوصول رئيس جمهوري أو ديمقراطي للبيت الأبيض"، معتبرة أنه "بالنسبة للوضع المأساوي في غزّة ولبنان، فكل مرشح يلوح من بعيد بالتغيير كالعادة في كل انتخابات ليكسب أصوات العرب والمسلمين في أمريكا، فمن ينتظر أن تأتي هذه الانتخابات بالخير فهو واهم…وأياً كان الفائز، فلا جديد لصالح القضايا العربية والإسلامية، بل من المرجح أن الوضع سيزداد سوءاً".

وأوضحت صحيفة "عكاظ" السعودية أن "دعم إسرائيل، وخدمة "مصالح" أمريكا الضيقة بالمنطقة، هي من ثوابت السياسة الخارجية الأمريكية التي لا تتغير بتغير الساسة". وقالت: "رغم ذلك، تظل لشخصية المسؤول الأمريكي - على حدّ تعبيرها- بصمته الخاصة المحدودة، وأسلوبه في إدارة العلاقات الأمريكية مع الأمم والشعوب الأخرى".

أما صحيفة "البلاد" البحرينية، فرأت أن الانتخابات الأميركية "سيكون لها الأثر الكبير والعميق في قوة التأثير على سياسات العالم بلا استثناء". وخلصت إلى أن "دول العالم تحبس أنفاسها ترقباً للنتائج النهائية لهذه الانتخابات لمعرفة نوع القرارات الأميركية القادمة التي ستؤثر على الاقتصاد والحرب والعلاقات الدولية، ولكن يبقى السؤال الأخطر الذي يسأله الأميركيون بين بعضهم هو هل تستطيع أميركا النجاة بسلام من الاستقطاب الحاصل؟".

ولفتت صحيفة "الراي" الكويتية إلى أن "الاهتمام اللبناني مُنصب على التحرّي عن تداعيات فوز،هاريس أو ترامب، على سلوكيات تل أبيب وحساباتها الحربية"، واضعة خيارين "إما انتصار المرشحة الديمقراطية وما يمكن أن يجعل نتنياهو يختصر مهلة إطالة أمد الحرب إذ يُصبح إبقاؤها مستعرةً حتى يناير - موعد تسلُّم الرئيس منصبه - غير ذي جدوى أو فوز ترامب، الذي يتم التعاطي معه على أنه قد يعزز احتمال مضيّ نتنياهو أكثر في الحرب ومحاولة فرض وقائع أكثر إيلاماً في الميدان".

وحذرت صحيفة "عُمان" العمانية من أن "الوحشية التي شاهدها العالم في حرب الاحتلال على قطاع غزّة من شأنها أن تنسف أي أفكار قد تظهر حول سلام محتمل مع إسرائيل ويجعل احتمالات تكرار ما حدث في 7 أكتوبر قائمة متى ما كانت المقاومة تستطيع تكرارها مرة ثانية وثالثة". وأضافت: "لا يمكن أن يتلاشى شعور الرغبة في الانتقام وبهذا المعنى أن هذه الحرب لا يمكن أن تكون بأي معنى من المعاني بهدف حماية إسرائيل ولكنها في الحقيقة ترسخ بعيداً عن السياق السياسي لحقيقة مآل إسرائيل الحتمي"، وفق تعبيرها.

بدورها، نبهت صحيفة "الدستور" الأردنية من أنه "بعد فلسطين ولبنان، فان نتنياهو يستعد للحرب على سورية والانتقال الى العراق، واليمن، ولا يخفي هو (أي نتنياهو) واليمين المتطرف أطماعه في الاردن، ويحضر لضربة كبرى لايران"، لتخلص الى أنه "الجنون الاسرائيلي، ولا غيره اليوم يضبط ويمسك ايقاع الحروب في الاقليم".

(رصد "عروبة 22")

يتم التصفح الآن