صحافة

"المشهد اليوم"…دمشق تستعيد أنفاسها وسط معضلات اقتصاديةروسيا تحاور الفصائل المسلّحة لضمان قواعدها العسكرية واسرائيل توسع نطاق المنطقة العازلة

من مشاهد استعداد السوريين للمغادرة إلى بلادهم من معبر باب الهوى الحدودي بين هطاي التركية وشمال إدلب (أ.ف.ب)

معضلات وتحديات جمة تواجه سوريا بعد سقوط حكم الرئيس المخلوع بشار الأسد، خاصة أن عملية التغيير تلك أتت بعد سنوات طويلة من الحرب الداخلية وتغلغل الفساد والزبائنية في شرايين الحياة السياسية ما انهك الاقتصاد السوري في موارده وأصوله المالية وحوله الى اقتصاد هش يعاني من التراجع في كافة القطاعات. فسوريا التي كانت تتمتع باكتفاء ذاتي، ذات يوم، تحولت الى دولة تعاني من انعدام الامن الغذائي مع ارتفاع مؤشرات التضخم ومعدلات الفقر ناهيك عن عدد النازحين الذين تفرّقوا في كافة قارات العالم ضمن أكبر عملية نزوح ولجوء شهدها العصر الحديث.

فبحسب منظمات دولية، يعيش 90٪؜ من السوريين تحت خط الفقر الأدنى، في حين تصل نسبة الدمار في المساكن والممتلكات العامة إلى نحو 27٪؜، ما يجعل مسألة اعادة الاعمار هاجساً حقيقياً سيلقي بثقله على المرحلة القادمة لاسيما أن عدداً كبيراً من اللاجئين وخصوصاً في دول الجوار السوري بدأ بالعودة الى قراه ومناطقه. دون أن ننسى أن عائلة الأسد بنت شبكة اقتصادية منوطة بها في القطاعات الإنتاجيّة والأساسية ما أسهم بزيادة الخلل البنيوي والهيكلي.

وفي تطورات الأحداث، زار رئيس المخابرات التركية إبراهيم كالين العاصمة دمشق حيث أجرى لقاءات مع رئيس "هيئة تحرير الشام" أحمد الشرع ورئيس حكومة تصريف الأعمال محمد البشير تناولت التطورات الأخيرة على ضوء المحاولات التركية لتحسين شروط تفاوضها مع الإدارة الأميركية وتوسيع نطاق نفوذها ودورها انطلاقاً من البوابة السورية. هذا وذكرت وكالة "الأناضول" أن تركيا قررت تعيين قائم بأعمال سفارتها في دمشق، بشكل مؤقت، بعد أكثر من 10 سنوات على إغلاقها، فيما استأنفت عدة بعثات دبلوماسية عملها.

سياسياً ايضاً، دعت "مجموعة السبع"، في بيان، "كل الأطراف" إلى الحفاظ على سلامة أراضي سوريا ووحدتها الوطنية واحترام استقلالها وسيادتها"، مشددين، من جانب آخر، على ضرورة "محاسبة نظام الأسد". فيما برز تأكيد نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف أن بلاده بدأت اتصالات مباشرة مع الإدارة السياسية في "هيئة تحرير الشام" بهدف "الإبقاء على قاعدتيها العسكريتين لمواصلة "قتال الإرهاب الدولي" في البلاد، وفق ما تم تداوله اعلامياً.

وفي تصريح لافت، كشف رئيس البرلمان الإيراني محمد باقر قاليباف، أنّ "اغتيال قادة "حزب الله" كان أشد علينا من سقوط الأسد"، معتبراً أنّ ما حدث "يسبب اضطرابا للمقاومة ولكنها ستتكيف مع الظروف الجديدة وتصبح أقوى". بينما دافع قائد "الحرس الثوري" حسين سلامي عن انسحاب قواته من سوريا، متسائلاً: "هل من المنطقي أن نُشغل كل قوات (الحرس الثوري) والباسيج في القتال داخل بلد آخر، بينما جيش ذلك البلد يقف متفرجاً؟".

وعلى وقع الخطوات التي تتخذها الحكومة الانتقالية و آخرها اعلانها تجميد الدستور والبرلمان خلال الفترة التي ستمتد ثلاثة أشهر مع الحديث عن عودة حركة الطيران خلال الساعات المقبلة، أعلنت وزارة الخارجية الأردنية، عن استضافتها، يوم السبت المقبل، اجتماعات حول سوريا، بمشاركة وزراء خارجية الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وتركيا وعدد من الدول الخليجية والعربية، إضافة إلى ممثل عن الأمم المتحدة.

أما الميدان فيحفل بالانتهاكات الاسرائيليّة المستمرة وآخرها تهجير قرى في الجنوب السوري من سكانها واجبارهم على النزوح وتسليم ما يملكونه من أسلحة وعتاد. وفي هذا الصدد، ذكر "المرصد السوري لحقوق الإنسان" أن "القوات الإسرائيليّة تواصل تجاوزاتها بحق المدنيين في ريف القنيطرة، بالقرب من الحدود مع الجولان المحتل"، مشيراً إلى أن "هذا التصعيد يأتي في سياق تعزيز الوجود الإسرائيلي في المنطقة العازلة، بالتوازي مع غارات جوية مكثفة أسفرت عن تدمير شبه كامل لترسانة الجيش السوري".

انسانياً، أفادت الأمم المتحدة ان أكثر من مليون شخص، معظمهم نساء وأطفال، نزحوا في الآونة الأخيرة في سوريا، منذ بدء معركة "ردع العدوان" التي أسفرت عن إنهاء حكم عائلة الأسد بعد 53 عاماً وتعليق "حزب البعث العربي الاشتراكي" في سوريا عمله ونشاطه الحزبي "حتى إشعار آخر".

وضمن السيّاق عينه، قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إن "الضربات التي وجّهتها إسرائيل إلى إيران وحلفائها في الشرق الأوسط أثارت ردود فعل متسلسلة ستغير وجه المنطقة برمتها في المستقبل". وأضاف أن "كل ما تسعى إليه إسرائيل هو الدفاع عن دولتها، لكننا من خلال ذلك ندافع عن الحضارة بوجه الوحشية".

وفي الشق الفلسطيني، تستمر الاتصالات واللقاءات الاميركية المكوكية التي تحاول استباق موعد تسليم الرئيس الاميركي جو بايدن مقاليد الحكم بهدف التوصل الى اتفاق لوقف النار في غزّة واطلاق سراح الرهائن. ورغم اثارة اجواء "ايجابية" الا أن آلة الحرب الاسرائيليّة تستمر بقتل المدنيين والعُزل، إذ ذكرت المعلومات عن استشهاد 71 فلسطينياً منذ فجر أمس، الخميس، وذلك ضمن سلسلة غارات على غزّة، تركزت في وسط القطاع وجنوبه، مع استمرار حملة الإبادة الجماعيّة والتطهير العرقي.

وإليكم أبرز ما ورد اليوم ضمن الجولة على الصحف العربية التي غلبت عليها التطورات السورية والاعتداءات الاسرائيليّة في غزّة والضفة الغربية وصولاً الى الواقع السياسي اللبناني:

تحت عنوان "هل سقط نظام بشار الأسد حقاً؟"، كتبت صحيفة "عكاظ" السعودية "سقوط هذا النظام البائد ليس نهاية المطاف، بل هو البداية الحقيقية لمستقبل الدولة السورية، فكل ما سيحدث لاحقاً خلال الفترة القليلة المقبلة سيحدد علاقة سورية بالعالم"، موضحة أن "نجاح النظام الجديد لا يكمن فقط في التغني بالشعارات البراقة، بل يجب عليه تحويل هذه الشعارات في المستقبل القريب جداً إلى واقع ملموس يعيشه السوريون وتشعر به أيضاً دول الجوار".

ودعت صحيفة "الوطن" البحرينية السوريين إلى "المصالحة الوطنية الشاملة وتغليب مصلحة الوطن فوق كل اعتبار، مع التأكيد على فتح صفحة جديدة تجمع السوريين على اختلاف أطيافهم"، معتبرة أن "سوريا الآن في مفترق طرق وهي على أعتاب مرحلة صعبة لا تخلو من الصعاب والتحديات من أجل إعادة بناء دولة تحترم الجميع وترى المواطنين سواسية وتعمل على تحقيق العدالة، لا أن يتمّ تكرار أخطاء الماضي للنظام السابق".

بدورها، رأت صحيفة "الأهرام" المصرية أن "ما ينتظر سوريا مخيف في ظل انتشار السلاح، ويتطلب الأمر من المعارضة المدنية الحقيقية من أبناء سوريا، العمل على تشكيل حكومتهم للمرحلة الانتقالية، ومنع حمل السلاح أو استخدامه إلا من الجهات المسؤولة عن حفظ الأمن، ومنع الميليشيات من تنفيذ مخططها باستهداف الاقليات من أبناء سوريا"، واصفة إياه بـ"أحد الملفات المهمة، مع عدم الخضوع لإملاءات "أمريكية - تركية - صهيونية"، فهناك من ينظر تحت أقدامه اليوم، ولا ينظر إلى المستقبل الذي ينتظره الشعب السوري"، على حدّ تعبيرها.

وأشارت صحيفة "القدس العربي" إلى أن "الانهيار أظهر أن التغوّل الشديد للنظام في حربه ضد السوريين، والدعم الهائل الذي تلقّاه من روسيا وإيران، كانا عنصرين كبيرين، ولكن غير حاسمين، في تأخير سقوطه". وخلصت إلى القول "باستثناء إسرائيل، التي استغلّت أوضاع النكبة السورية للإغارة المتواصلة على البلاد، والتهديدات المستمرة للنظام الجديد، فإن ما يجري في ساحات العالم مؤشّرات إيجابية لكنّها غير كافية، ولا تتناسب مع حجم المسؤولية الكبيرة التي يتحملها العالم تجاه السوريين".

ونبهت صحيفة "الجريدة" الكويتية إلى أن "عملية إصلاح الشأن السوري بعد الاستبداد ستكون عين الرقيب، وما يتأمله الشعب الذي عانى الويلات في سجون حُرم أبناؤه فيها من النور لأعوام، هو الحفاظ على هويته ومؤسساته دون تدخل سافر من الأطراف التي لا تظهر وجهها الحقيقي الساعي لتفتيت الداخل كي تفرض هيمنتها". وأضافت: "وحتى لا تتحول نشوة الانتصار الى هزيمة غير متوقعة وصراع من أجل الفوز بالسلطة، خصوصا أن الكيان الصهيوني وغيره من المتربصين لن يهدؤوا أو ينعموا باستقرار الدول التي تشكل تهديدا لهم".

في المقابل، لفتت صحيفة "القدس" الى أن "إسرائيل تبدو عازمة على تسريع تنفيذ خططها لضم الضفة الغربية، على غرار ما فعلته مع الجولان السوري المحتل، مستفيدة من التطورات الإقليمية الحالية والانشغال الدولي بالأحداث المستجدّة، على حساب حرب الإبادة الجماعية في غزة والأراضي الفلسطينية المحتلة"، مؤكدة ضرورة "تكثيف الضغط القانوني والدبلوماسي على الاحتلال في مختلف المحافل الدولية، إذ أن هذه الإجراءات ضرورية لبناء موقف فلسطيني قوي قادر على مواجهة التحديات المختلفة".

من جهتها، سلطت صحيفة "اللواء" اللبنانية الضوء على التطورات الداخلية المحلية وانتخاب رئيس للجمهورية بعد اكثر من عامين من الفراغ، وقالت: "ثمة محاولة للتوصل إلى توافق بين الكتل النيابية على "مرشح توافقي"، وفي حال تعذر الوصول إلى التوافق المنشود على مرشح واحد، يبقى التنافس المشروع من صلب العملية الإنتخابية في النظام الديموقراطي"، معربة عن أملها بإجراء "الإنتخابات في موعدها المقرر، ويصبح للبنان رئيسٌ، وتعود المؤسسات الدستورية إلى الإنتظام المعهود إيذاناً ببدء عهد، ومرحلة واعدة من الإستقرار والإزدهار".

(رصد "عروبة 22")

يتم التصفح الآن