صحافة

نتنياهو يختصر مفاوضات القاهرة ببند وحيد: لا هدنة من دون تخلي "حماس" عن السلاح

سميح صعب

المشاركة
نتنياهو يختصر مفاوضات القاهرة ببند وحيد: لا هدنة من دون تخلي

لم يصدر عن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ما يشير إلى أنه معني بالمفاوضات الجارية في القاهرة بين "حماس" والوسطاء، والتي تركز على إحياء هدنة الشهرين وتراجع الحركة عن المطالبة بإدخال تعديلات عليها تتعلق بنقاط تمركز الجيش الإسرائيلي. من يستمع إلى نتنياهو وهو يرد على التحرك الواسع لعائلات الأسرى والمتضامنين معهم الأحد، تتعزز لديه قناعة واحدة، بأن خيار اقتحام مدينة غزة وتهجير مليون فلسطيني منها لا رجعة فيه.

قال نتنياهو منتقداً حركة الاحتجاجات: "من يدعم إنهاء الحرب من دون هزيمة حماس، يجعل احتمال حصول اتفاق أقل احتمالاً، ويضمن أن الفظائع التي ارتكبت في 7 تشرين الأول/أكتوبر ستتكرر أكثر من مرة". من الأهمية بمكان التذكير هنا بأنه، على رغم تأييد 80 في المئة من الإسرائيليين التوصل إلى اتفاق يفضي إلى إطلاق الأسرى، فإن كل الاحتجاجات الداخلية أخفقت في تليين موقف نتنياهو، الذي يزداد تصلباً ويرفض العودة إلى التفاوض على اتفاق موقت أو شامل، إذا كان هذا الاتفاق لا يتضمن تخلي "حماس" عن سلاحها والخروج من غزة، وتشكيل حكومة محلية لا تنتمي إلى الحركة ولا إلى السلطة الفلسطينية. ثم إن عدم مشاركة نقابة "الهستدروت" العمالية الرئيسية في احتجاج الأحد أفقد معارضي الحرب سنداً قوياً، وعزز وجهة نظر نتنياهو.

وعليه، كل بحث يجري في القاهرة يمسي من دون نتائج عملية، بينما الحكومة الإسرائيلية أبلغت وكالات الأمم المتحدة أنها ستدخل عبر معبر كرم أبو سالم خيماً لتوزيعها على النازحين الفلسطينيين من مدينة غزة، في وقت يحذر برنامج الغذاء العالمي من أن نصف مليون فلسطيني على شفا المجاعة. إن إعادة احتلال مدينة غزة وإفراغها من سكانها سيؤديان إلى استفحال الوضع الإنساني، ويجعلان الحياة مستحيلة أكثر فأكثر في القطاع. وينسجم التخطيط الإسرائيلي مع ما كشفت عنه صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية، من اتصالات تجريها الدولة العبرية مع جنوب السودان وليبيا وسوريا من أجل استقبال مئات آلاف الفلسطينيين الذين سيهجرون من غزة. ويتوازى ذلك مع ضغط إسرائيلي وأميركي على مصر لإعادة توطين سكان القطاع في سيناء. الصحيفة أشارت إلى نشوب "مشادات" بين مسؤولين مصريين وإسرائيليين في هذا الصدد.

لا تناسب بين مفاوضات القاهرة لإحياء هدنة الشهرين وما تتخذه إسرائيل من خطوات عملية على الأرض لإفراغ غزة من سكانها، وكأن ثمة اقتناعاً لدى نتنياهو وشركائه في الائتلاف اليميني الحاكم، بأن ما يضمن عدم تكرار 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023 هو إنزال نكبة ثانية بالفلسطينيين. والكاتب في صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية جدعون ليفي ركز على ما أدلى به رئيس الاستخبارات العسكرية السابق أهارون حليفا، الذي استقال من منصبه عقب الإخفاق في 7 أكتوبر، للقناة الـ12 في التلفزيون الإسرائيلي. قال حليفا: "نحن في حاجة إلى إبادة جماعية كل بضع سنوات، الإبادة الجماعية للفلسطينيين عمل مشروع، بل ضروري... ويتعين قتل 50 فلسطينياً، ولا يهم إن كانوا أطفالاً، في مقابل كل قتيل إسرائيلي في 7 أكتوبر".

وعلق ليفي على كلام حليفا قائلاً: "هكذا يتحدث جنرال معتدل... غير متدين أو مسيحاني". ورئيس الأركان الإسرائيلي الجنرال إيال زامير تخلى عن كل تحفظاته عن توسيع الحرب، ليؤكد الأحد أنه "سيتم إطلاق المرحلة التالية من عملية عربات جدعون (التي بدأت في أيار الماضي) في مدينة غزة قريباً". إسرائيل تعد سيناريوهات أكثر رعباً في غزة، متسلحة بتفوقها العسكري، وبتشجيع ضمني من الرئيس الأميركي دونالد ترامب.

ليس أدل على ذلك من إعلان وزارة الخارجية الأميركية التوقف عن منح تأشيرات دخول لأطفال من غزة هم في حاجة ماسة إلى عناية طبية. جاء القرار بعد حملة ضغط عبر الإنترنت من لورا لومر القريبة من ترامب وصاحبة النفوذ الواسع داخل حركة "لنجعل أميركا عظيمة مرة أخرى" (ماغا)، التي كان لها الفضل في إعادة الرئيس إلى البيت الأبيض في انتخابات 2024.

(النهار اللبنانية)

يتم التصفح الآن