صحافة

"المشهد اليوم"…زيارة لبنانية قريبة إلى دمشق والملف الرئاسي يحتدمإيران تعتبر سقوط الأسد "جرس إنذار" وترامب يتوعّد "حماس" بـ"الجحيم"

تعيش المنطقة العربية على وقع التغيرات التي حملها عام 2024 والتي أدت الى صعود قوى وتراجع أخرى في مشهدية لا يزال يعتبرها البعض "سرياليّة" لأنها حملت تقلبات واهتزازات في بنية الدول وتركيبتها وأنظمتها. وقد يكون سقوط نظام الرئيس المخلوع بشار الأسد خلال أيام معدودات واحدة من تلك المشاهد التي طبعت أحداث العام الماضي ناهيك عن مقتل الامين العام لـ"حزب الله" حسن نصرالله وكبار قيادات الحزب بعمليات اسرائيليّة أبرزت تفوقاً عسكرياً وتكنولوجياً ومعرفياً هائلاً.

وقد أثرت جملة هذه التطورات على ايران، بوصفها من الدول التي كانت تعتبر الحفاظ على حكم الأسد بمثابة بقاء استراتيجي، ومن هنا تأتي تصريحات قادتها الرافضة بالاعتراف بالهزيمة والتهديد والوعيد بقلب المعادلات في سوريا وآخرهم وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي الذي اعتبر "هزيمة" الجيش السوري والإطاحة بنظام الأسد "جرس إنذار" لبلاده وقواتها المسلحة. وقال: "لقد شهدت جبهة المقاومة خلال حياتها تطوراً مستمراً، ولا ينبغي لأعدائنا أن يعتقدوا أنه مع الضربات الأخيرة التي تلقوها، ستظهر ضعفاً في هذه الجبهة، بل على العكس، سيصبح هذا النهج أقوى وأكبر".

عليه، تدرك ايران أن نفوذها في المنطقة العربية يشهد تراجعاً حاداً وانتكاسة كبيرة وهي تتحضر لمرحلة حكم الرئيس الأميركي المُنتخب دونالد ترامب الذي، بحسب المعطيات، سيشدد الخناق على ايران لدفعها نحو طاولة المفاوضات بشأن ملفها النووي. وكان بارزاً ما قاله الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون عن أن إيران تشكل "التحدي الإستراتيجي والأمني الرئيسي لفرنسا والأوروبيين والمنطقة بكاملها وأبعد من ذلك بكثير"، محذراً بأن "البرنامج النووي الإيراني يقترب من نقطة اللاعودة".

وتأتي هذه التصريحات على بُعد أقل من أسبوعين من تسلم ترامب الحكم رسمياً وسط انشغال المحللين والمراقبين بمتابعة حيثيات المرحلة المقبلة بتفاصيلها وتطوراتها. بالتزامن، يحتل الملف اللبناني سلم الاولويات الاميركية مع استمرار الدفع نحو انتخاب رئيس للجمورية في الجلسة المقررة بعد غد، الخميس، على الرغم من استمرار تقاذف المسؤولين اللبنانيين التهم وغياب التوافق الداخلي حول اسم مرشح مع تقدم قائد الجيش جوزف عون.

وبانتظار ما ستحمله الساعات المقبلة التي ستكون حُبلى بالمواقف السياسية، تابعت وحدات الجيش اللبناني الانتشار في منطقة الناقورة الحدودية وعدة بلدات جنوبية اخرى في القطاعين الغربي والأوسط، بعد انسحاب الجيش الإسرائيلي منها، وجاءت هذه الخطوة في أعقاب اجتماعٍ للجنة الخماسيّة في رأس الناقورة، بحضور الموفد الأميركيّ آموس هوكشتاين. 

هذا وأطلقت الأمم المتحدة والحكومة اللبنانية نداء جديداً لجمع تبرّعات بقيمة 371.4 مليون دولار لتلبية الاحتياجات الإنسانية العاجلة للسكان المتضرّرين من الحرب الاسرائيليّة الأخيرة. ويشكل هذا التحدي الأكبر أمام لبنان الذي يعاني من أزمات اقتصادية واجتماعية حادة قبل اندلاع الحرب ومن هنا تتجه الانظار الى مرحلة إعادة الإعمار التي لا تزال غير واضحة المعالم. في وقت برز الحديث عن زيارة سيقوم بها رئيس الحكومة نجيب ميقاتي الى سوريا دون تحديد موعد محدد لها.

على الصعيد السوري ايضاً، أعلن وزير الخارجية أسعد الشيباني، أن حكومته ستتريث في عقد مؤتمر الحوار الوطني "حرصاً منها على تشكيل لجنة تحضيرية موسعة تستوعب كافة شرائح ومناطق البلاد". ودعا، خلال الزيارة التي قام بها الى عمان ولقائه وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي الى "رفع العقوبات عن سوريا بعد زوال سببها"، مؤكداً أن "سوريا ستكون مصدراً للسلام والأمن لدول الجوار والعالم". فيما شدد الصفدي على احترام خيارات الشعب السوري والوقوف إلى جانب السوريين لإعادة بناء سوريا الموحدة.

الى ذلك، شهدت الليرة السورية تحسناً واضحاً يوم الثلاثاء، وأصبحت قيمتها في السوق السوداء، ولأول مرة، أدنى من نظيرتها في النشرة الرسمية الصادرة عن مصرف سوريا المركزي، وذلك بعد ساعات على صدور الإعفاءات من العقوبات المفروضة من قبل الولايات المتحدة على سوريا. وفي الاطار عينه، استقبل مطار دمشق أول رحلة جوية قطرية وأردنية بعد انقطاع دام نحو 13 عاماً. فيما انطلقت أولى الطائرات من مطار دمشق، نحو مطار الشارقة، في دولة الإمارات العربية المتحدة.

وكانت وثيقة سرية، اطلع عليها "المرصد السوري لحقوق الإنسان"، كشفت عن عمليات تهريب أموال ضخمة عبر "الخطوط الجوية السورية" إلى موسكو، وتحديداً إلى مطار "فنوكوفا". وتعقيباً على ما ورد، قال مدير "المرصد" لـ"الشرق الأوسط" أن آخر رحلة لتهريب تلك الأموال، أقلعت قبل 4 أيام فقط من هروب بشار الأسد إلى موسكو في كانون الأول/ ديسمبر الماضي.

فلسطينياً، كثف جيش الاحتلال الإسرائيلي غاراته على قطاع غزة، مستهدفاً مناطق عدة في مدينة خان يونس في وقت تشهد المفاوضات "تململاً" وسط الشروط الجديدة التي وضعتها اسرائيل بشأن قائمة الاسرى والتي تضم 34 محتجزاً. يترافق ذلك مع تجديد ترامب تهديداته لـ"حماس" بفتح أبواب "الجحيم" إذا لم تفرج عن الرهائن المحتجزين لديها قبل تسلمه السلطة في 20 من الشهر الحالي.

في السيّاق، قال القيادي في حركة "حماس" أسامة حمدان "موقفنا الواضح في المفاوضات هو وقف إطلاق النار، وانسحاب الاحتلال، وتبادل الأسرى، وإعادة إعمار غزة، دون شروط إسرائيليّة". يُذكر أن وكالة "رويترز" نقلت عن دبلوماسيين أجانب ومسؤولين غربيين قولهم إن المناقشات، التي تجري خلف الأبواب المغلقة، تشمل إمكانية أن تشرف الإمارات والولايات المتحدة، إلى جانب دول أخرى، بشكل مؤقت، على الحكم والأمن وإعادة الإعمار في غزة، بعد انسحاب الجيش الإسرائيلي، وحتى تتمكن إدارة فلسطينية من تسلم المسؤولية. وهذا الدور الاماراتي عكسته المباحثات التي أجراها نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية عبد الله بن زايد آل نهيان مع وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر، حيث شدد على "الأهمية العاجلة للدفع نحو إيجاد أفق سياسي جاد لإعادة المفاوضات لتحقيق السلام الشامل القائم على أساس حل الدولتين، وفقاً لـ"وكالة أنباء الإمارات" (وام).

على المقلب الآخر، أظهر الموقع الإلكتروني لوزارة الخزانة الأميركية أن الولايات المتحدة أصدرت أمس، الثلاثاء، عقوبات جديدة مرتبطة بالسودان استهدفت فيها قائد قوات الدعم السريع، محمد حمدان دقلو (حميدتي). وفي أول تعليق رسمي، قال وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن إن واشنطن فرضتها "لدوره (حميدتي) في الفظائع الممنهجة المرتكبة ضد الشعب السوداني".

وتضمنت جولة الصحف العربية اليوم نظرة على الاوضاع في سوريا وفلسطين. وأبرز ما جاء:

تناولت صحيفة "العرب" القطرية دور الدوحة في دعم سوريا وشعبها بعد سقوط الأسد، حيث أوضحت أن "الحضور القطري لا يقتصر على الجانب الرمزي، بل يعكس دعمًا عمليًا لاستقرار سوريا، حيث عرضت قطر المساعدة في ضمان صيانة المطار واستئناف عملياته بشكل آمن خلال المرحلة الانتقالية. علاوة على ذلك، أعلنت قطر عن فتح سفارتها في دمشق كإشارة إلى التزامها بإعادة بناء العلاقات الدبلوماسية مع سوريا". وختمت "في مرحلة ما بعد الحرب، يبقى دور قطر أساسيًا في بناء مستقبل سوريا وتحقيق تطلعات شعبها".

وكتبت صحيفة "عكاظ" السعودية "منذ أن وطأت أقدام حزب البعث سُدَّة الحكم في دمشق، بات لبنان في نظر سورية أشبه بمسرح صغير تحركه أنامل السياسة العابثة. ومع وصول حافظ الأسد إلى السلطة، تحوّل المسرح إلى ساحة دموية لتصفية الحسابات، ووسيلة لإرسال رسائل لا تحمل إلا رائحة الموت والدمار"، متسائلة "كيف يمكن لدولة أسيرة أن تبني علاقة ندية مع جارتها؟ كيف يمكن للبنان أن يحقق استقلاله الفعلي بينما قراراته معلّقة في يد قوة مسلحة تتبع أجندة خارجية؟".

بدورها، ركزت صحيفة "الشروق" المصرية على أن "قضية أكراد سوريا تُعد من القضايا الصعبة بحكم نشأتها وتطوراتها، سواء في جانبها المحلي وعلاقاتها مع السلطة المركزية فى دمشق أو في ما يتعلق بالسلطة وإدارة شؤونهم بما يتفق مع خصوصيتهم ويحترمها، أو في جوانبها العابرة للحدود في تواصل عرقي وثقافي مع الأقليات الكردية في مثلث الحدود السورية العراقية التركية"، مشيرة الى أن "أكراد سوريا قد أصبحوا فى موقف ضاقت فيه اختياراتهم إزاء النفوذ التركي الحالي في سوريا من ناحية، وصعوبة وعظم التضحيات إن هم اختاروا الاستمرار فى القتال، لعدم التكافؤ بين قواتهم والقوات التركية".

ومن وجهة صحيفة "الصباح" العراقية، "فإن مؤشرات مستقبل سوريا غير واعدة حتى الآن وان الطريق إلى مستقبل سوريا محفوف بعدم اليقين ومرصوف بالمخاطر". وأضافت: "خطر تفكيك سوريا إلى كانتونات قومية ودينية ومذهبية قائم على قدم وساق. ولا راد لكل هذه المخاطر المعاشة غير المقاومة التي لم تنتصر اليوم لأن انتصارها يعتمد على استمرارها، فاذا كانت الانظمة في المنطقة قد اقتنعت معظمها بأن قوتها في تبعيتها للمشروع الصهيوامريكي التركي فإن شعوب المنطقة لا يمكن أن تقتنع بغير حقيقة ان قوتها في مقاومتها لكل شكل من اشكال التبعية"، على حد تعبيرها.

من جهتها، رأت صحيفة "الخليج" الاماراتية أن "سياسات التحريض، التي ينتهجها المتطرفون في تل أبيب، باتت تشكل خطراً استراتيجياً على المنطقة، لما تضمره من نوايا خبيثة ومواقف عنصرية، وما تضمنته الخرائط المستفزة الأخيرة (في اشارة الى خرائط لما يسمى "إسرائيل التاريخية" والتي ضمت أجزاء من فلسطين والأردن وسوريا ولبنان) تختزل ما كان يروج له وزراء متطرفون مثل وزير الأمن الإسرائيلي إيتمار بن غفير، ووزير المالية بتسلئيل سموتريتش وأتباعهما في الأشهر الماضية".

وانتقدت صحيفة "الغد" الأردنية ممارسات السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية، منبهة الى أن "إسرائيل لا تحتاج إلى مبررات من أجل إعادة احتلال الضفة، أو فرض السيادة عليها، أو قتل أهلها، وهذا يعني أن قمع الفلسطينيين نيابة عن إسرائيل بذريعة عدم توفير حجة لإسرائيل مجرد وهم". وتابعت: "بهذا المعنى تبدو مبررات السلطة غير قائمة، وغير منتجة، ولأن الضفة الغربية تعد جزءا من الأمن الوطني للأردن، فلا بد أن تتوقف السلطة عن المعالجة الأمنية، لأنها تقود الضفة أيضا إلى اقتتال داخلي وتمدد في المواجهات الدموية".

(رصد "عروبة 22")

يتم التصفح الآن