اقتصاد ومال

"تقاطع المصالح" السعودية - الصينية: نحو نظام عالميّ متعدّد الأقطاب

بخطوات ثابتة وسريعة، تتقدم العلاقات السعودية - الصينية، ويتصاعد مستوى التعاون بينهما، في ظل حرص الطرفين الواضح على تطوير العلاقات بين البلدين، بما يخدم مصالح كل منهما، الاقتصاديّة والجيوسياسيّة. 

على وقع تنامي حركة التجارة بين العالم العربي والصين، إستضافت المملكة العربية السعودية مؤتمر رجال الأعمال العرب والصينيين العاشر، يومي الأحد والإثنين في 11 و12 حزيران/يونيو، ونتج عنه توقيع اتفاقيات استثمار بقيمة تزيد عن مبلغ 10 مليارات دولار، الذي شمل 30 إتفاقية وصفقة في عدد من القطاعات، منها: التكنولوجيا، ومصادر الطاقة المتجددة والزراعة والعقارات، والمعادن وسلاسل التوريد والسياحة والرعاية الصحية.

وإذ شهد المؤتمر توقيع عددٍ من الاتفاقيات بين القطاعين العام والخاص، شملت اتفاقية بقيمة 5.6 مليارات دولار بين وزارة الاستثمار السعودية وشركة هيومان هورايزونز الصينية، وضع الخبير في العلاقات الدولية حسين شعيتو التعاون بين البلدين في إطار "استراتيجي"، متوقعًا أن تصبح العلاقات السعودية – الصينية "أقوى وأمتن في المستقبل القريب، خصوصاً بما تشكله السعودية من رمزية في منطقة الشرق الأوسط ومن سوق إستهلاكية عربية ومحلية، فيما تعتبر الصين المُصدّر والمُصنّع الأول في العالم من حيث البضائع"، إنطلاقاً من ذلك "فإنّ هذا التكامل الإقتصادي، سيعزّز تنامي وتطور العلاقة بين الجانبين، ومن المعروف أنّ الصين تغزو العالم من بوابات الإقتصاد والسوق بمعزل عن الخيارات السياسية".


وتعد الصين الشريك التجاري الأكبر للدول العربية، إذ بلغ حجم التبادل التجاري بين الجانبين 430 مليار دولار في العام 2022، منها أكثر من 106 مليارات دولار بين الصين والسعودية، أيّ ما نسبته حوالى 25 في المئة من إجمالي التبادل التجاري العربي - الصيني، بمعدل نمو بلغ 30 في المئة مقارنةً مع العام 2021.

ويلفت شعيتو إلى الوساطة التي لعبتها الصين بين السعودية وإيران، فيقول: "من نظّم العلاقة مع إيران بعد خلاف عميق دام لسنوات، لن يصعب عليه الدخول إلى السعودية عبر بوابة الإستثمارات".

باتت السعودية شريكًا في الحوار مع منظمة شنغهاي للتعاون التي تقودها الصين

وبرز دور بكين في الشرق الأوسط، وتحديداً في آذار/مارس الماضي، حين رعت اتفاقًا مفاجئًا بين الرياض وطهران لاستئناف العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، بعد انقطاع دام حوالى سبع سنوات، كما باتت السعودية شريكًا في الحوار مع منظمة شنغهاي للتعاون التي تقودها الصين.

وفي ظل هذه الإتفاقات التي تعزّز الروابط السعودية - الصينية، يطرح بعض المتابعين لهذا الملف علامات إستفهام عديدة حول طبيعة العلاقة المستقبلية بين الرياض وواشنطن، على وقع بروز الصين بوصفها قوة دولية صاعدة باتجاه تكريس نظام عالميّ جديد متعدّد الأقطاب.

السعودية تعي أنّ أحادية القطب لا تفيد في الإقتصاد الدولي

غير أنّ شعيتو يلفت في هذا السياق إلى أنّ "الصين لن تحّل محلّ أميركا، لكنها ربما تكون قطبًا أساسيًا في الشرق الأوسط، وهذا ما تسعى إليه من خلال تكتلات أو اتفاقات عربية تتزعمها المملكة العربية السعودية"، التي يلفت إلى كونها "تعي جيدًا بأنّ أحادية القطب لا تفيد في الإقتصاد الدولي، وتنتهج بالتالي سياسة الانفتاح على جميع الأقطاب".


تسعى الصين إلى توسيع دائرة علاقاتها مع دول الخليج الغنية بموارد الطاقة


وتسعى السعودية مؤخراً للإنضمام إلى تحالف "بريكس" الذي يضم البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب إفريقيا، وبالإنكليزية (BRICS) وهو اختصار يضم الحروف الأولى لأسماء هذه الدول، وتطمح كثير من الدول للإنضمام إلى هذا التكتل كونه من أنجح وأهم التكتلات الإقتصادية العالمية نظراً لأرقام النمو التي يحققها.

وكذلك تسعى الصين من جانبها، إلى توسيع دائرة علاقاتها مع دول الخليج الغنية بموارد الطاقة، ومن بينها السعودية التي تُعدّ من أكبر مورّدي النفط إلى الصين، لا سيّما بعد التغيّرات التي يشهدها العالم بعد الغزو الروسي لأوكرانيا.

(خاص "عروبة 22")

يتم التصفح الآن