صحافة

نتنياهو فضّل ترامب على بن غفير وسموتريتش فهل تعيد صفقة غزة إحياء "صفقة القرن"؟

سميح صعب

المشاركة
نتنياهو فضّل ترامب على بن غفير وسموتريتش فهل تعيد صفقة غزة إحياء

في ظل التسليم بأنه كان للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب التأثير الحاسم في إقناع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بقبول وقف للنار في غزة، الذي كان يرفضه بشدة قبل أشهر، فإن السؤال الذي يطرح نفسه تلقائياً ماذا بعد الاتفاق؟

فجأة تراجع وزيرا الأمن القومي إيتمار بن غفير ووزير المال بتسئليل سموتريتش إلى المقاعد الخلفية. وهما يقولان إن صفقة غزة هي "اتفاق استسلام، لكننا لا نستطيع منعه". لم يتحدث أحد عن الخروج من الحكومة أو التهديد بإسقاطها، كما دأبا منذ بداية الحرب.

الظاهر أن تأثير نتنياهو على الوزيرين كان مماثلاً لتأثير ترامب على رئيس الوزراء الإسرائيلي نفسه. كلام في غاية الأهمية قاله ترامب عندما سئل ماذا عنى بقوله قبل أسبوع إن "جحيماً سيحل بالشرق الأوسط" في حال لم يُطلَق الأسرى الإسرائيليون في غزة بحلول موعد تنصيبه رسمياً بحلول الإثنين المقبل، فأجاب أنه يعني "حماس... وبصراحة، كل شخص".

التقط نتنياهو تلميح ترامب، فقرر المضي في الاتفاق الذي رفضه في أيار / مايو وفي كانون الأول / ديسمبر الماضيين، وهو يعلم جيداً أن بن غفير وسموتريتش ليس من مصلحتهما فرط الائتلاف الحكومي في لحظة تظهر استطلاعات الرأي الأسبوعية أن حزب "الصهيونية الدينية" بزعامة سموتريتش لن يتجاوز عتبة الحسم في أي انتخابات تجرى اليوم، بينما حزب "القوة اليهودية" بزعامة بن غفير في تراجع مستمر. أما نتنياهو، الذي انهارت شعبيته إلى النصف عقب هجوم "حماس" على غلاف غزة في 7 تشرين الأول /أكتوبر 2023، فقد رمّم نسبة كبيرة من شعبيته. وهناك نسبة 64 في المئة من الإسرائيليين تؤيد الذهاب إلى صفقة وإنهاء الحرب.

ما الذي أحدث هذا التبدل في رأي عام كانت غالبيته تسعى وراء الانتقام في غزة أكثر من خوض حرب تنطوي على أهداف تخدم سياسة إسرائيل على المدى البعيد؟ يعبّر عن هذا الاتجاه ما كتبه الجنرال الإسرائيلي السابق إسحق بريك في صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية، من أن نتنياهو وبن غفير وسموتريتش "يقودون إسرائيل إلى حرب استنزاف مستمرة تدمّر الاقتصاد والمرونة الوطنية والعلاقات مع العالم والأمن الوطني، في حرب لم تحقق أي هدف، لا إطلاق المحتجزين، ولا عودة النازحين إلى ديارهم، ولا انهيار حماس ولا هزيمة حزب الله".

وأمير أفيفي، جنرال إسرائيلي آخر متقاعد، يقول لصحيفة "وول ستريت جورنال" قبل يومين، إن "حماس تعيد بناء قدراتها بخطوات تسبق عملية القضاء على الحركة من إسرائيل". تعليق أفيفي ورد في سياق تفسير تعاظم خسائر الجيش الإسرائيلي في الأشهر الثلاثة الأخيرة وتحديداً في جباليا وبيت حانون وبيت لاهيا شمال القطاع.

قياساً إلى هذه العوامل، وجد رئيس الوزراء الإسرائيلي أن المكاسب من وراء القبول بوقف النار في غزة، قد تعود بفوائد أكبر من استمرار الحرب، آخذاً في الاعتبار ما يطمح إليه من خطط كبرى في ظل عهد ترامب، من ضم أجزاء واسعة من الضفة الغربية، إلى معالجة البرنامج النووي الإيراني ومسألة التطبيع مع السعودية.

وبذلك، تفتح صفقة غزة الطريق مجدداً أمام ترامب لإحياء "صفقة القرن" التي اقترحها في ولايته الأولى، حلاً للصراع الفلسطيني-الإسرائيلي، وهي الصفقة التي هلّل لها نتنياهو، لأنها تنص على ضم نحو 40 في المئة من أراضي الضفة الغربية، بينما ترجئ قيام دولة فلسطينية إلى سنوات لاحقة، تكون محل اختبار لمدى التزام السلطة الفلسطينية التعاون مع إسرائيل وكبح جماح الفصائل الفلسطينية الأخرى.

هل التحولات الاستراتيجية التي طرأت في الأشهر الـ15 الأخيرة، تتيح تجديد الطرح نفسه الذي كان قائماً في الولاية الأولى لترامب؟ ليس بالضرورة.  

(النهار اللبنانية)

يتم التصفح الآن