صحافة

"المشهد اليوم"… "السور الحديدي" يتصاعد وتحذير أممي من "ضمّ الضفّة"تشكيل حكومة لبنان "مكبل" بشروط سياسية وإسرائيل تبحث تأجيل موعد الانسحاب من الجنوب

تترقب المنطقة تداعيات قرارات الرئيس الأميركي دونالد ترامب، التي بدأ بتوقعيها منذ اللحظة الأولى لوصوله إلى البيت الابيض، وهو العائد وسط متغيرات ألمت بالعالم والشرق الأوسط الذي اختبر في عام واحد تبدلات وتحولات جوهرية وجذرية. من حرب غزّة وتداعياتها المستمرة الى الأوضاع في لبنان عقب الاتفاق "الهشّ" لوقف النار وصولاً الى المشهد السوري الذي قلب كل الموازين بعد سقوط نظام الرئيس المخلوع بشار الأسد في أيام معدودات.

تحولات يلاقيها ترامب بالتهديد والوعيد وهو الذي هدّد حركة "حماس" بـ"الجحيم" مرتين إذا لم تطلق سراح الاسرى المحتجزين، وهو ما يفعله اليوم مع تهديده روسيا بفرض المزيد من الضرائب والرسوم الجمركية والعقوبات في حال لم يتم التوصل إلى اتفاق لإنهاء الحرب في أوكرانيا قريباً. هذه الدعوات التي يتعمد خلالها ترامب بالظهور كأحد رعاة "السلام" وتخليص العالم من الصراعات، لا تنطبق مع غياب أطر الحلول والبحث الجدي والمُعمق لإنهاء الحروب وفق رؤى واضحة وشفافة، وهو ما تواجهه إتفاقيات وقف النار سواء في لبنان أو غزّة حيث يتعمد الاحتلال الاسرائيلي خرقها وتجاوزها دون حسيب أو رقيب.

بل يمكن القول إن هذه الاعتداءات تحصل برضى أميركي أو بغض النظر عنها، في أقل تقدير، حيث تجدد الولايات المتحدة في كل مرة دعمها "اللامحدود" لرئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو، وهو ما عكسه الاتصال الهاتفي الذي أجراه وزير الخارجية الأميركي الجديد ماركو روبيو بنتنياهو والذي هنأه فيه على ما أسماه "نجاحات إسرائيل ضد "حماس" و"حزب الله" وتعهد بالعمل بلا كلّل للمساعدة في تحرير جميع الرهائن المتبقين في قطاع غزّة".

ويأتي اتصال الدعم بعد يومين من تنصيب ترامب بالتزامن مع العملية العسكرية الموسعة التي أطلقها الاحتلال الاسرائيلي في الضفة الغربية المحتلة، وسط مخاوف حقيقية بأن يسعى نتنياهو لضمها وهو ما دفع الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش إلى دق ناقوس الخطر، حيث أشار الى أن هناك "خطراً، بأن تشعر إسرائيل بأن هذه هي اللحظة المناسبة لضم الضفة الغربية، وإبقاء الوضع في غزّة في حالة من الغموض".

وبحسب المعطيات، يتعمد الاحتلال الى اعتماد نفس الممارسات التي استخدمها في حرب غزّة، لجهة الاعتقالات التعسفية، والتي ناهزت عدد الذين أُطلق سراحهم في المرحلة الاولى من اتفاق وقف النار في غزّة الى محاصرة المستشفيات كما حصل مع مستشفى جنين الحكومي بعدما جرفت قوات الاحتلال الشوارع المحيطة، ووضعت سواتر ترابية على مداخله، ما تسبب بحصار المرضى وأهاليهم داخله.

وفي حصيلة أولية للعملية العسكرية الموسعة "السور الحديدي" استشهد 10 اشخاص كما نزح أكثر من 600 فلسطيني من مخيم جنين. فيما يواصل جيش الاحتلال الإسرائيلي حملته مستقدماً تعزيزات عسكرية ولوجستية إضافية. ويستفيد نتنياهو من الدعم الاميركي الجلي للاستمرار بمخططاته التوسعية رغم الانشقاقات التي تحصل في صفوف حكومته والدعوات الداخلية لاستقالته بعد فشله الذريع في تحقيق الاهداف التي رفعها في حربه على غزّة، ومنها القضاء كلياً على حركة "حماس" وعدم قدرته على تحرير الاسرى رغم الدمار والخراب والقصف اليومي الوحشي.

هذا وينتظر لبنان بدوره التزام اسرائيل بالانسحاب من جنوب لبنان مع قرب انتهاء مهلة الشهرين المحددة وفق بنود اتفاق وقف النار في 27 كانون الثاني/يناير الحالي. إلا أنه وبحسب صحيفة "يديعوت أحرونوت"، فإن الجيش الاسرائيلي يطالب بتمديد احتلاله لمناطق في الجنوب اللبناني لمدة 30 يومًا على الأقل لإنهاء ما وصفه بـ"المهام الأمنية الضرورية". وتأتي هذه الدعوات مع استمرار الخروقات الإسرائيليّة، حيث تم رصد 621 خرقاً للاتفاق منذ دخوله حيّز التنفيذ.

وعليه، سيكون هذا الانسحاب محور اللقاء المرتقب في الساعات المقبلة بين رئيس المجلس النيابي نبيه بري ورئيس لجنة مراقبة وقف النار الأميركي جاسبر جيفرز. وفي هذا الصدّد، قال مصدر نيابي بارز لـ"الشرق الأوسط" إن بري يريد استيضاح الجنرال الأميركي عن الدوافع التي تتذرع بها إسرائيل لتبرير طلبها تمديد المهلة التي حددها الاتفاق للانسحاب من جنوب لبنان، وما يمكن أن يترتب عليه من تداعيات.

داخلياً أيضاً، دعا رئيس الجمهورية جوزاف عون الى "تشكيل الحكومة بأسرع وقت ممكن، لا أن تتم عرقلة التشكيل في زواريب مذهبية وطائفية وسياسية ضيقة"، مضيفاً: "نحن أمام فرص يجب ألا نتركها تضيع منا، بل علينا الترفع عن جميع الصغائر كي يتم تأليف الحكومة لتنطلق عجلة العمل". ويأتي هذا التصريح وسط حديث عن عقبات وعراقيل توضع بوجه رئيس الحكومة المكلّف نواف سلام، ومنها تمسك الثنائي الشيعي بحقيبة المالية، الى جانب عثرات آخرى لا تتلاقى مع حجم المشاكل والتحديات التي يمرّ بها لبنان.

وفي الشأن السوري، برزت مشاركة وزير الخارجية أسعد الشيباني في منتدى دافوس الاقتصادي، حيث جدد مطالبته بضرورة رفع العقوبات "لأنها فُرضت في الماضي لصالح الشعب السوري، لكنها الآن ضد الشعب السوري". وإذ أوضح أن الأوضاع الأمنية في دمشق باتت مقبولة، أكد أن بلاده "ستكون لكل أطياف الشعب، ولن تدخل في حرب أهلية أو طائفية". في المقابل، شدد وزير الدفاع السوري مرهف أبو قصرة على أن السلطات الجديدة تعهدت بحل الفصائل المسلحة ودمجها في إطار جيش موحَّد، مشيراً الى أن باب "التفاوض مع قوات سوريا الديمقراطية (قسد)- التي يشكل الأكراد عمودها الفقري - في الوقت الحاضر قائم، وإذا اضطررنا إلى القوة فسنكون جاهزين".

إلى ذلك، أفادت وكالة "تاس" الروسية بأن موسكو تجري محادثات مع السلطات السورية الجديدة بشأن مستقبل قواعدها العسكرية. وأشارت الوكالة إلى أن الطرفين لم يتوصلا بعد إلى اتفاق حول هذا الملف، وسط استمرار المحادثات. ويترافق ذلك مع قرار مدير جمارك طرطوس، رياض جودي، إلغاء العمل بالاتفاق المبرم مع شركة "ستروي ترانس غاز" الروسية بشأن إدارة مرفأ طرطوس.

وتنوعت اهتمامات الصحف العربية الصادرة واختلفت بين الاوضاع في غزة والضفة الى الدور الاميركي مع وصول ترامب وصولاً الى المشهد اللبناني. ونرصد في جولة اليوم:

أشارت صحيفة "البلاد" البحرينية الى أن "إسرائيل حققت انتصارًا ساحقًا بقدرتها على تحويل قطاع غزة إلى ركام وإلى مكان غير صالح للحياة"، متسائلة: "هل كان ذلك حقًا هو الهدف الإسرائيلي من الحرب؟ وهل تحقيقه يستغرق نحو 15 شهرًا من دولة بقوة وقدرات إسرائيل وما تحصل عليه من دعم مالي وعسكري خارجي والفوارق الشاسعة في مختلف أوجه القوة لصالحها في مواجهة "حماس" بوضعها المحاصر داخل قطاع غزة منذ سنوات؟".

وتحت عنوان "مرحلة جديدة من محاولة تصفية القضية"، كتبت صحيفة "الغد" الأردنية "دخلنا مرحلة جديدة من محاولة تصفية القضية الفلسطينية، وهذه العمليات الإسرائيلية ستؤدي في المحصلة إلى انفجار الضفة الغربية". وقالت: "معركة الضفة إذا تواصلت ستؤدي إلى مذابح وهي معركة تعد اختباراً للفلسطينيين، ولقدرة واشنطن على منع تمددها، أو نشوء نتائج سياسية عنها، تصب في إطار "صفقة القرن" التي كانت واشنطن قد تبنتها خلال رئاسة ترامب السابقة".

بدورها، أوضحت صحيفة "الأهرام" المصرية أن "ترامب تعهد في حملته الانتخابية بإنهاء الحرب في شرق أوروبا والشرق الأوسط. وسيظهر في الشهور المقبلة ما يستطيع أن يفعله، وهل سيقدر على خفض حرارة العلاقات الدولية وتقليل سخونتها، أم سيزيدها سخونةً عبر تشجيع الكيان الإسرائيلي على مواصلة جرائمه"، معتبرة أن "أمام ترامب خياران، فإما أن يدخل التاريخ من باب العُلا إذا وضع حداً للهستيريا الصهيونية، أو أن يُحشر فى باب السفُول إذا اختار صب مزيد من الزيت على النار المشتعلة في الشرق الأوسط، والعالم عمومًا".

هذا ورأت صحيفة "القدس العربي" أن "إحدى طرق إيران للمواجهة مع إدارة ترامب كانت زيارة رئيسها مسعود بزشكيان إلى موسكو، حيث أعلن مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين "اتفاقية الشراكة الاستراتيجية الشاملة" أما الصين، التي تحاول "ركوب العاصفة" الترامبية، فستلجأ إلى أشكال المواجهة الاقتصادية، سواء عبر نفوذها في تحالف "بريكس" أو عبر مواجهة العقوبات التي ستلجأ إليها إدارة ترامب". وأضافت: "ضمن هذا المشهد الكبير للنزاع تبدو المنطقة العربية في برزخ بين حالين، تلخصه حالة وقف إطلاق النار في غزة، كما يلخصه الوضع السوري بعد سقوط نظام بشار الأسد".

وتطرقت صحيفة "الجريدة" الكويتية الى الوضع اللبناني حيث لفتت الى أن "القوى السياسية تحاول تكبيل الرئيس المكلف، لكنه يصر على التمسك بالدستور وبصلاحياته، ويؤكد أنه لن يتنازل ولن يسمح بإفشال عملية التشكيل"، موضحة أنه "يكمل مشاوراته في سبيل الوصول إلى أوسع تفاهم فيما التطورات الحاصلة ترسم 3 احتمالات، إما أن يتمكن سلام من تشكيل حكومة يتمثل بها الجميع، وإما أن يتم تشكيل حكومة أمر واقع، وإما أن تستمر العرقلة وتطول عملية التأليف كمحاولة لتغيير المعادلة ودفع الرئيس المكلف إلى الاعتذار".

من جهتها، لفتت صحيفة "اللواء" اللبنانية الى أن "زيارة وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان اليوم، خطوة أساسية لإعادة الروح إلى العلاقات الأخوية مع المملكة، التي طالما وقفت إلى جانب لبنان في أزماته وملمَّاته"، مثمنة الدور السعودي وأهميته من "لجنة الدول الخماسية التي ذللت العقبات لإنهاء الشغور الرئاسي، وانتخاب رئيس الجمهورية، والخطوات اللاحقة لتشكيل حكومة جديدة…".

(رصد "عروبة 22")

يتم التصفح الآن