صحافة

"المشهد اليوم"…احتضان سعودي لـ"سوريا الجديدة" وهدنة غزّة مُهدّدةملفات حيوية على جدول أعمال نتيناهو في واشنطن و"حزب الله" يشيّع نصرالله في 23 الجاري

من أجواء الزيارة التي قام بها الرئيس السوري أحمد الشرع ولقائه ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان في الرياض (واس)

ملفات حيوية واستراتيجيّة سيطرحها رئيس الوزراء الإسرائيليّ بنيامين نتنياهو خلال لقائه المرتقب مع الرئيس الأميركي دونالد ترامب في البيت الأبيض غداً، الثلاثاء. اللقاء الذي يعزّز أوجه التعاون والتقارب بين الجانبين ويرسم تحديات حتمية، لاسيما في الشرق الأوسط، الذي ستتصدر ملفاته وعناوينه المحادثات بعد وقف إطلاق النار في غزّة ولبنان، مع وجود نوايا إسرائيليّة واضحة لعدم تثبيت هذه الاتفاقات ونقضها وخرقها.

وفي وقت تستمر العملية العسكرية في الضفة الغربية المحتلة، تتبلور مساعي تل أبيب للحصول على دعم أميركي للشروع في توسيع خطط الاستيطان وتفعيل مشروع تهجير الفلسطينيين، لا سيما أن ترامب كان قد صرّح مراراً وتكراراً الاسبوع الماضي عن ضرورة استقبال عمّان والقاهرة المزيد من الفلسطينيين مع وجود مخطط "لإقتلاعهم" نهائياً من أرضهم. ورغم رفض الدول العربية المعنية بالمطلق هذا المقترح لما سيكون له من تداعيات خطيرة، إلا أن "التهديد" الاميركي وأفاق المرحلة المقبلة لا يزال يعتريها الكثير من الغموض والضبابية.

وعليه، تتجه الأنظار الى النتائج التي سيخرج منها اجتماع ترامب - نتنياهو بظل "تعثر" بدء مفاوضات المرحلة الثانية من اتفاق وقف النار في غزّة والخروقات الاسرائيليّة المستمرة للهدنة الممدّدة في لبنان ناهيك عن التوسع الاسرائيلي في مواقع سورية جديدة ما يثير المخاوف المحلية من إحتلال دائم، وفق ما كشفته صحيفة "واشنطن بوست" التي تحدثت عن بناء قواعد عسكرية في المنطقة منزوعة السلاح على الحدود السورية - الإسرائيليّة. هذه التطورات الدراماتيكية وغيرها ستكون ركيزة العناوين خاصة أن ترامب، يسعى الى أن تكون فترة ولايته خالية من الحروب باعتباره يطرح نفسه كـ"صانع للسلام".

ضمن هذا السيّاق، أشار الرئيس الأميركي الى أن المحادثات حول الشرق الأوسط مع إسرائيل ومختلف الدول الأخرى "تتقدم". وأضاف: "نتنياهو سيأتي الثلاثاء، وأعتقد أن لدينا بعض الاجتماعات الكبيرة جداً المقرر عقدها". وكان الديوان الملكي الأردني تحدث عن زيارة سيقوم بها الملك عبد الله الثاني الى واشنطن ولقاء سيجمعه بترامب في البيت الأبيض في 11 شباط/ فبراير الحالي وذلك تلبية لدعوة تلقاها الأسبوع الماضي.

الى ذلك، يبقى مصير هدنة غزّة متأرجحاً مع تعمد نتنياهو المرواغة وخلق العثرات بعدما أرجأ إرسال وفد بلاده إلى الدوحة لبدء مفاوضات كانت مقررة اليوم الاثنين، بشأن الجولة الثانية من الاتفاق. وكانت عدة مصادر إسرائيليّة تحدثت عن أن نتنياهو يعتزم تغيير فريق المفاوضات، وبشكل خاص رئيس الوفد ديفيد بارنياع، واستبداله بوزير الشؤون الاستراتيجيّة، رون ديرمر. من جهته، نقل موقع "أكسيوس" عن مسؤولين إسرائيليين قولهم إن "مستقبل اتفاق وقف إطلاق النار في غزّة مرهون بنتائج اجتماع ترامب ونتنياهو الثلاثاء". كما نقل الموقع عن المصادر ذاتها أن عدم التحرك نحو المرحلة الثانية قد يعني استمرار الحرب عاماً آخر.

بالتزامن شدّد رئيس وزراء قطر محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، على "أهمية التزام كافة الأطراف بتنفيذ كافة بنود اتفاق وقف النار وبدء مفاوضات المرحلة الثانية". وإذ لفت الى أنه "لا توجد خطة واضحة بشأن موعد بدء المفاوضات"، أكد أن قطر تتواصل مع إسرائيل و"حماس" بهذا الإطار. وجاءت هذه التصريحات خلال مؤتمر صحافي جمعه بوزير خارجية تركيا هاكان فيدان في الدوحة، الذي دعا، من جهته، إلى "ضرورة إنهاء العقبات الإسرائيليّة أمام توصيل المساعدات إلى غزّة"، معتبراً أن "الاشتباكات والنزاعات ستتواصل ما لم تحل قضية فلسطين عبر حل الدولتين".

وفي الضفة، تستعد قوات الاحتلال الإسرائيليّ الى توسيع نطاق عملياتها العسكرية بعدما أعلنت أنها ستشمل 5 قرى جديدة شمالي الضفة في حين تتزايد الاعتداءات على جنين ومخيمها حيث عمد العدو الى تفجير مربعاً سكنياً كاملاً بعد تهجير معظم السكان والأهالي. وذكرت مصادر طبية بأن حصيلة العمليات منذ انطلاق عملية "السور الحديدي" قبل أسبوعين بلغت نحو 50 شخصاً، ناهيك عن عدد كبير من المعتقلين.

وبينما تتصدر زيارة نتنياهو واشنطن سلم الأولويات، لفتت الزيارة التي قام بها الرئيس السوري أحمد الشرع، أمس الأحد، إلى المملكة العربية السعودية، بعد تنصيبه رئيساً للمرحلة الانتقالية والإطاحة بالرئيس المخلوع بشار الأسد في كانون الأول/ديسمبر الماضي، حيث التقى ولي العهد رئيس مجلس الوزراء السعودي الأمير محمد بن سلمان. وقالت وكالة الأنباء السعودية، في بيان، إن الجانبين ناقشا "أوجه العلاقات الثنائية بين البلدين الشقيقين وفرص تعزيزها في مختلف المجالات، إلى جانب استعراض تطورات الأوضاع الإقليميّة والجهود المبذولة بشأنها".

وتلعب السعودية دوراً بارزاً في تعزيز العلاقات وتقديم الدعم وهذا بدا جلياً من خلال الانفتاح على سوريا الجديدة وما يمكن أن يعنيه ذلك من توفير شبكة أمان وتقديم الدعم الاقتصادي وتوفير الاموال اللازمة للإنطلاق بعملية إعادة إعمار البلاد بعد النزاع المدمّر الذي امتدّ 13 عاماً وحوّل سوريا الى دولة مفككة تعاني من خسائر فادحة في كافة القطاعات الانتاجية مع دمار واسع شمل البنى التحتية والممتلكات. يُشار الى أن العاصمة السعودية، الرياض، كانت ايضاً الوجهة الأولى للزيارة التي قام بها وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني، مطلع كانون الثاني/ يناير الفائت.

هذا وأحيا السوريون للمرة الأولى ذكرى مجزرة حماة التي تشكل شاهداً حياً على إجرام عائلة الأسد من الأب وصولاً للابن، حيث ذهب ضحيتها ما يزيد عن 40 ألف شخص في "جريمة جماعية ممنهجة ارتُكبت بسبق إصرار من قبل نظام الأسد"، حسب "الشبكة السورية لحقوق الإنسان". وفي حين بقيت هذه المجزرة دون محاسبة أو مساءلة الجناة والمرتكبين، يعيش السوريون اليوم على أمل فتح صفحة جديدة بعد التضحيات الجسام التي قدموها طوال 43 عاماً من "الحكم الحديدي" لعائلة الأسد.

لبنانياً، أعلن الأمين العام لـ"حزب الله" نعيم قاسم أنّ تشييع الأمين العام السابق حسن نصرالله سيكون يوم الأحد 23 شباط/ فبراير الجاري، إضافةً إلى تشييع (رئيس المجلس التنفيذي السابق في الحزب) هاشم صفي الدين "بصفته أميناً عاماً للحزب" أيضاً بعدما تم انتخابه خلفاً لنصر الله، لكن اغتياله سبق الإعلان عن ذلك، بحسب قاسم، الذي حمّل الدولة اللبنانية المسؤولية بعد تمديد اتفاق وقف اطلاق النار، مطالباً إياها "بالمتابعة بشدة وحزم والضغط على الدول الراعية، وخصوصاً أميركا، لكي يتوقف العدوان الإسرائيلي". كما اتهم بوجود "حملة مضادة على الثنائي ترعاها أميركا وإسرائيل ودول أخرى، إضافة إلى فريق داخلي يروج للهزيمة".

وجاء في تقرير نشرته القناة الـ"12" الإسرائيلية، إنه في حين تستمر المناقشات حول تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار في الشمال "تتبلور توصية عسكرية واضحة لا لبس فيها وهي إنه يجب على إسرائيل الحفاظ على وجودها في النقاط الاستراتيجيّة الرئيسيّة في الأراضي اللبنانية حتى يصبح الجيش اللبناني مستعداً بالكامل في جنوب لبنان". ويأتي هذا التقرير بالتزامن مع تصريحات وزير الدفاع الاسرائيلي يسرائيل كاتس الذي قال "أقترح على خليفة نصر الله (بإشارة الى الامين العام الحالي نعيم قاسم) ألّا يخطئ في تقدير عزمنا". هذا واستمر توافد الاهالي للأسبوع الثاني على التوالي الى قراهم وبلداتهم، في ما سُمي بـ"أحد العودة 2"، على الرغم من التحذيرات الإسرائيليّة واستمرار الخروقات .

دولياً، تستدعي قرارات ترامب الاقتصادية واقراره رسوم جمركية على كندا والمكسيك (بنسبة 25%) والصين (10%) وتهديده الدول الأوروبية بإجراءات مماثلة، الكثير من الجدل وردود فعل "انتقامية" من الدول المستهدفة في إطار ما وُصف بأنه أشبه بـ "حربٍ تجارية عالمية". وبالتقاطع، تتجه الأنظار إلى اجتماع اللجنة الوزارية المشتركة للمراقبة في "أوبك بلس" اليوم، وهو الأول في ظل ولاية ترامب الذي أعلن أنه سيطلب من "أوبك" خفض أسعار النفط.

وحملت جولة الصحف العربية اليوم في عناوينها ومقالاتها انعكاساً للملفات السياسيّة والمستجدات الحاصلة، حيث:

رأت صحيفة "الرياض" السعودية أن زيارة الرئيس أحمد الشرع إلى المملكة، واختيارها لتكون وجهته الخارجية الأولى بتعكس "تقدير القيادة السورية الجديدة لمكانة المملكة السياسية وثقلها على المستوى الدولي، ودورها المحوري والمؤثر في تعزيز أمن واستقرار المنطقة"، مؤكدة أن أهمية هذه الزيارة تكمن "بالتنسيق حول الملفات والموضوعات التي تخدم المصالح المشتركة للبلدين الشقيقين خاصة في مسائل مهمة مثل: مكافحة الإرهاب والتطرف، وتعزيز حال الأمن والسلم والاستقرار الإقليمي والدولي..".

واعتبرت صحيفة "عكاظ" السعودية أن "سوريا تنظر بعيون عربية للعالم". وقالت: "اليوم تحاول سوريا الجديدة أن تفتح الخزانة الدمشقية العتيقة لعلها تتلمس وصية أموية للبحث عن دورها الذي تاه بسبب البعثيين ومن قبلهم الفرنسيون، وإذا كانت هناك من وصية يمكن أن تنجدها فلا أفضل من وصية تخرج من الخزانة النجدية"، وفق رأيها.

من جهتها، أكدت صحيفة "الراية" القطرية أنه "ليس هناك مُبرّر للتلكؤ أو التعذّر بأي حجج تؤخّر الدخول في المفاوضات من أجل المرحلة الثانية من تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار في غزّة، متسائلة "لماذا المُراوغة والتأخير الذي يزيد من معاناة الطرفين، فالاتفاق الناجح الذي جلب الأمل والاستقرار لقطاع غزّة ولإسرائيل يجب ألا يخضعَ للمُساومات السياسيّة ومُحاولات تحقيق انتصاراتٍ وهميةٍ على حساب المواطنين الفلسطينيين والإسرائيليين".

وعلّقت صحيفة "الجريدة" الكويتية، بدورها، على دعوات ترامب المتكررة لتهجير الفلسطينيين بالقول "ويبدو أن ترامب قد خطط لتلك المؤامرة منذ سنوات وحانت فرصة تحقيقها في 7 أكتوبر 2023، ففي هذا اليوم الكارثي أُجهض الاتفاق على حل الدولتين، أُجهض عمداً المشروع العربي ـ السعودي الذي كان يرمي إلى قيام دولة فلسطينية عاصمتها القدس الشرقية وانسحاب إسرائيلي إلى حدود 1967". وتابعت "إفراغ غزة والضفة من الفلسطينيين نكبة حقيقية، لكننا متفائلون بصمود الموقفين المصري والأردني الرافضين لتحقيق الوعد الترامبي الظالم".

وفي السياق عينه، أشارت صحيفة "الغد" الأردنية الى أن "البيت الأبيض، كما هو واضح يعمل على صياغة رؤية حول الإقليم، وتحديدا حول الصراع في المنطقة، وعلى وجه التحديد ما يتعلق بالقضية الفلسطينية"، مشددة على أنه "المفروض عربيا ألا تبقى دول المنطقة تنتظر وتتفاعل بردود فعل، وانما عليها تشكيل جماعات ضغط على الغرب وتقديم مقترحات مكتملة، فالدول تلك لو ارادت لديها الكثير الذي يمكنها من جعل واشنطن التريث والتفكير وتقديم حلول اكثر واقعية وقابلة للتنفيذ".

وأوضحت صحيفة "الوطن" العُمانية أن "هذه المحاولات ليست وليدة اللحظة، بل تأتي ضمن سياقٍ طويل من الضغوط الأميركية والصهيونية التي تستهدف إعادة تشكيل الشرق الأوسط وفق مصالح الاحتلال، دون أي اعتبارٍ للحقوق الفلسطينيَّة أو استقرار الدول العربية". وأضافت: "ولعل التحدي الرئيس الذي يواجه مصر والأردن هو كيفية الصمود في وجه هذه الضغوط، خصوصًا مع التهديدات المباشرة وغير المباشرة التي قد تشمل تقليص المساعدات الاقتصاديّة أو فرض عقوباتٍ دبلوماسيَّة".

هذا واعتبرت صحيفة "الخليج" الاماراتية "أن الحرب التجارية التي لوّح بها ترامب بدأت، وأنه يضع الجميع، الأصدقاء والحلفاء والخصوم، في سلة واحدة، وأن أوروبا سوف يأتي دورها، ولن تكون بمأمن من قراراته..وذلك سوف يؤدي إلى حرب تجارية وأزمة تضخم غير مسبوقة". ووصلت الى خلاصة مفادها "ولايات متحدة جديدة، ورئيس أمريكي جديد، وإدارة جديدة لا تشبه أي إدارة أمريكية سابقة تقود العالم نحو خيارات غير مألوفة.. بدأت إرهاصاتها تتبدّى بحروب تجارية قد تقود إلى حروب أخرى".

(رصد "عروبة 22")

يتم التصفح الآن