صحافة

"المشهد اليوم"... رسائل "حزب الله" الترهيبية تهزّ الأمن اللبنانيدعوات لتنحي "حماس" عن إدارة قطاع غزّة وغموض يعتري مفاوضات المرحلة الثانية

جانب من اعتصام عناصر لـ"حزب الله" على طريق مطار رفيق الحريري الدولي (تصوير نبيل إسماعيل)

عدة رسائل حملتها التطورات الأمنية في لبنان منها ما هو داخلي وآخر خارجي بالتزامن مع إحياء "حزب الله" مناسبة تشييع أمينه العام حسن نصرالله الاسبوع المقبل وسط توقعات بحشد جماهيري كبير ستشارك به وفود وشخصيات من خارج لبنان. التشييع الذي يحمل شعار "إناّ على العهد" يترافق مع المتغيرات اللبنانيّة والاقليميّة المتسارعة وأبرزها انتخاب رئيس جديد للبنان بعد أكثر من عامين من التعطيل والمراوغة كما مع تشكيل حكومة جديدة بنفحة "تغييرية" والاهم من ذلك يتلاقى مع سقوط نظام الرئيس المخلوع بشار الاسد،  والذي شكل صدمة قوية للحزب لما جمع الطرفين من تسويات واتفاقيات، حيث كانت دمشق رئة "حزب الله" ومصدر تسليحه ومدّه بالعتاد القادم من ايران.

ومع المستجدات يقف الحزب في منعطف طرق ويبدو أن اختيار الشارع، الذي لطالما استخدمه في ارسال الرسائل لمن يعنيهم الأمر عند كل حادثة، عاد الى الواجهة. فاستهدف "الانفلات الامني" العهد ورئيسه جوزاف عون كما الحكومة التي تعكف على صياغة بيانها الوزاري الذي سيخلو من ذكر عبارة "المقاومة" كما قوات "اليونيفيل" التي يتهمها "جمهوره" بأنها شريك في ما يحصل جنوب لبنان بعد تعمد الاحتلال الاسرائيلي خرق اتفاق وقف النار دون حسيب أو رقيب. كما بظل تفاعل المعلومات، التي ترتقي إلى مستوى التأكيدات، عن نوايا اسرائيل الاحتفاظ بعدد من المواقع الاستراتيجيّة في لبنان وعدم الانسحاب منها وفق المهلة المحددة يوم الثلاثاء المقبل.

وعليه، أطلق منع طائرة ايرانية من الهبوط في مطار رفيق الحريري الدولي بعد ورود معلومات عن احتوائها على اموال مقدمة للحزب شعلة الأحداث على مدار اليومين الماضيين، إلا انه ميدانياً وسياسياً فما حصل يتجاوز القرار الذي اتخذته الحكومة اللبنانية بتعليق الرحلات الجوية من إيران إلى بيروت حتى 18 شباط/ فبراير الجاري، ويحمل أبعاداً متعدّدة. وفي استعراض قوى في الشارع لم يخلُ من قطع الطرق وحرق الاطارات وأعمال الشغب، اعتبر نائب رئيس المجلس السياسي في "حزب الله" محمود قماطي أن "قرار منع الطائرة الإيرانية هو إهانة للدولة والاجهزة الامنية"، متسائلاً "لماذا تخضعون للاملاءات الاميركيّة والاسرائيليّة". وكانت الدولة بكامل مسؤوليها وأجهزتها سارعت لتطويق الأحداث الاخيرة وما رافقها من اعتداء على قوات "اليونيفيل"، الذي وصفت الحادثة بـ"جريمة حرب"، فنفذت وحدات من القوة الضاربة في الجيش مداهمات واسعة في الضاحية الجنوبية، أوقفت على اثرها عدد من المتورطين في الاعتداءات التي وقعت على طريق المطار، يوم الجمعة.

تزامناً، تدأب الدولة اللبنانية على حشد الدعم الديبلوماسي للضغط على اسرائيل للانسحاب بالكامل وفق المهلة المحددة ورفض البقاء بأي شبر من الاراضي اللبنانية رغم محاولاتها المستميتة وتصريحاتها بالرغبة بالبقاء في خمس نقاط حدودية في جنوب لبنان، وهي تلّة الحمامص وتلة العويضة في القطاع الشرقي، وتلّة العزّية وجبل بلاط في القطاع الأوسط، وتلّة اللبونة في القطاع الغربي. ويواصل العدو خروقاته للاتفاق حيث نفذت طائرة تابعة لسلاح الجو، أمس، هجوماً استهدف أحد عناصر "الوحدة الجوية لـ"حزب الله" في منطقة بجنوب لبنان"، ما أدى الى سقوط شخصين وإصابة 5 أشخاص بجروح بينهم طفلان.

أما فلسطينياً، فرغم ما ساد عملية التبادل السادسة بين حركة "حماس" واسرائيل من جدل والمخاوف من تفجير الهدنة والعودة الى الحرب، سلمت الحركة 3 أسرى إسرائيليين "أحياء" من أصحاب الجنسيات المزدوجة، فيما أطلقت تل أبيب سراح 369 من الأسرى الفلسطينيين، 333 منهم من غزّة اعتقلوا بعد عملية "طوفان الاقصى". وكعادتها، عمدت الحركة، ومن خلفها الفصائل الفلسطينية، الى ايصال سلسلة من الرسائل وابرزها رفض المقترح الاميركي الداعي للتهجير القسري من خلال تصدّر عبارة "لا هجرة إلا للقدس" المشهد العام. فيما اطلقت إسرائيل سراح الفلسطينيين وهم يرتدون قمصاناً كتب عليها باللغة العربية "لن ننسى ولن نغفر".

الى ذلك، لفت مصدر مصري مطلع على مفاوضات وقف إطلاق النار بغزّة، لقناة "القاهرة الإخبارية" الفضائية، الى أن هناك "اتصالات مصرية مكثّفة لتشكيل لجنة مؤقتة للإشراف على عملية إغاثة القطاع وإعادة إعماره"، مشيراً إلى أن "حماس" تؤكد التزامها باتفاق وقف إطلاق النار بمراحله الثلاث، وعدم مشاركتها في إدارة القطاع خلال المرحلة المقبلة". وكان الأمين العام لجامعة الدول العربية، أحمد أبو الغيط، دعا الحركة الى "التنحي" واستلام السلطة الفلسطينية زمام الامور وهو ما رحبت به دولة الامارات العربية المتحدة بإعتباره حلاً لـ"اليوم التالي" للقطاع الذي يعتريه الكثير من الشوائب. ويأتي هذا المقترح ضمن محاولات الدول العربية التوافق نحو حلول وطرح تصورات تقوم على اعادة اعمار القطاع دون تهجير سكانه. ويتقدم المقترح المصري الذي تعمل القاهرة على بنوده لطرحه في القمة المُزمع عقدها أواخر الشهر الحالي كرد على المواقف الاميركية المتكررة لتهجير الفلسطينيين واستقبالهم في دول اخرى كمصر والاردن.

وكان الرئيس الاميركي دونالد ترامب غيّر موقفه بعد تهديده "حماس" بفتح أبواب "الجحيم الحقيقي"، وقال "إن على إسرائيل اتخاذ قرار بشأن ما ستفعله بخصوص الموعد النهائي للإفراج عن جميع الرهائن خلال ساعات، وستدعم الولايات المتحدة أي قرار تتخذه". ورداً عليه، ثمن رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو "الدعم المطلق" من الرئيس الأميركي للقرارات الإسرائيليّة المقبلة بشأن قطاع غزّة، مشيراً الى أنه سيعقد اجتماعاً لمجلس الوزراء الأمني "في أقرب وقت ممكن لاتخاذ القرار بشأن الخطوات التالية لإسرائيل".

ولا يزال مصير المرحلة الثانية من المفاوضات يلفه الغموض بعد استمرار المماطلة الاسرائيليّة دون وجود رغبة لاستكمال الهدنة بل اعداد "خطط للهجوم" وفق ما ادلى به رئيس الأركان الجنرال هرتسي هاليفي. وبينما تتكثف مساعي الوسطاء لاعادة الالتزام بما اتفق عليه بين الطرفين، يبدأ وزير الخارجية الاميركية ماركو روبيو جولة للمنطقة، يستهلها من تل أبيب، وسط مخاوف حقيقية عبرت عنها إذاعة "مونت كارلو"، التي نبهت من أن تكون الزيارة الأميركية بمثابة دعم لاستئناف العمليات العسكرية في القطاع. يُذكر أن آلاف المؤيدين للفلسطينيين تظاهروا أمام السفارة الأميركية في لندن رافضين ما يُخطط ويُرسم لغزّة من مؤمرات تستهدف أرضهم وممتلكاتهم.

على المقلب الايراني، أشار الممثل الخاص لوزير الخارجية الإيرانية للشؤون السورية، محمد رضا رؤوف شيباني، الى اتصال "غير مباشر مع السلطات السورية الحالية، وقد تلقينا رسائل أيضاً"، كاشفاً أنه اجرى في موسكو "محادثات مع الممثل الرئاسي الروسي للشؤون السورية ونائب وزير خارجية البلاد، تمت خلالها مناقشة التطورات في دمشق". وأوضح أن "ايران وروسيا تتشاركان وجهات النظر بشأن عدد من القضايا في سوريا، وتم خلال هذه الزيارة الاتفاق على مواصلة المشاورات المكثفة". 

في المقابل، أكد دبلوماسي أوروبي رفيع لـ"الشرق الأوسط" أن الأشهر المقبلة "ستكون محورية للتوصل إلى اتفاق جديد مع طهران" يحل محل الاتفاق الذي انسحبت منه إدارة ترامب الأولى والذي ينتهي مفعوله في تشرين الأول/ أكتوبر المقبل. وأعرب عن اعتقاده بأن واشنطن ستجري مفاوضات مع طهران "بشكل سري، ليس في الأماكن المعتادة التي استضافت محادثات شبيهة".

سورياً، تمكّن جهاز الاستخبارات السوري، من القبض على قيادي بارز في تنظيم "داعش"، يقف خلف التخطيط للعملية التي أدت لمقتل القيادي السابق في "هيئة تحرير الشام" أبي ماريا القحطاني، في إدلب. وبحسب وكالة "سانا" نقلاً عن مصدر في الاستخبارات السورية فإن الجهاز تمكن من القبض على القيادي "أبو الحارث العراقي"، موضحاً أنه شغل مناصب مهمة في "ولاية العراق"، منها المسؤول عن ملف الوافدين ونائب مسؤول تجهيز الهجمات "الإرهابية".

القضية الفلسطينية وما يستتبعها من مواقف ودلالات خيمت على عناوين الصحف العربية الصادرة اليوم، وأبرز ما ورد نلخصه على الشكل الآتي:

أشارت صحيفة "الأهرام" الى أن "الخطة المصرية لإعادة إعمار قطاع غزّة ترتكز على تخفيف المعاناة عن الشعب الفلسطيني وتوفير مقومات الحياة له، والحفاظ على حقوقه المشروعة وحقه في إقامة دولته المستقلة على حدود 4 يونيو 1967 وعاصمتها القدس الشرقية في إطار حل الدولتين، وتأكيد أن تكون هناك إدارة فلسطينية لقطاع غزّة، وأنه جزء أساسي من الدولة الفلسطينية"، واضعة ذلك في إطار "قطع الطريق على أي تصورات أو خطط أخرى تستهدف تغيير التركيبة الجغرافية والديمغرافية للقطاع".

هذا وشددت "الدستور" الأردنية على أن "السيناريوهات المطروحة للمرحلة القادمة في إطار تصفية القضية الفلسطينية خطيرة جدا، كما أن ارتداداتها على بلدنا وعلى المنطقة تستدعي القلق"، متحدثة عن سلسلة من الخطوات التي يجب القيام بها "والتحرك في كل الاتجاهات لإجهاض هذا المشروع الكبير، أو إبطائه على الأقل، ثم أن نتحوط لأسوأ ما يمكن ان يحدث، عنوان هذا التحوط هو استدارة حقيقية للداخل الأردني"، على حدّ قولها.

ورأت صحيفة "عكاظ" السعودية أن "الاقتراح الإسرائيلي بتهجير غزّة إلى دول عربية ليس إلا محاولةً لتصفية القضية الفلسطينية، تماماً كما فعلت مع ملايين اللاجئين الذين يحملون مفاتيح منازلهم منذ 75 عاماً". وقالت: "إنه التطهير العرقي بثوبٍ جديد يُبرره الاحتلال بحجة "الأمن" بينما الهدف الحقيقي هو تهويد فلسطين بالكامل".

من جهتها، جزمت صحيفة "الجريدة" الكويتية أنه "رغم تقمُّص الولايات المتحدة لعب شخصية الوسيط النزيه في النزاعات الإقليمية، فإن إصرار الرئيس ترامب على تهجير سكان غزّة سوف يؤدي إلى تفاقم التوترات في الشرق الأوسط، وتقويض السِّلم الوطني". وقالت "من الواضح أن ترامب يريد فرض أجندته على الدول العربية، من خلال مطالبة مصر والأردن والسعودية بقبول هجرة سكان غزّة إليها خلال التلويح بفرض عقوبات اقتصادية عليها، والترويج لفكرة أن أمنها مرتبط بالدعم الأميركي لها".

ودعت صحيفة "الوطن" العُمانية الى تحرك عربي اسلامي وأممي "يرفض جميع الأفكار المجنونة التي يتم طرحها بضرورة الشروع بخطة اليوم التالي وطنياً وفلسطينياً وتحت إرادة المجتمع الدولي بتثبيت وقف إطلاق النَّار بشكل مُستديم، وإعادة الإعمار في القطاع من قبل المجتمع الدولي والدول  المانحة، وكل ذلك تحت قيادة الإطار الوطني الفلسطيني المعني صاحبة الولاية الجغرافيَّة على كامل أراضي دولة فلسطين وبمشاركة الجميع". وختمت "ليس الفلسطينيون بحاجةٍ لمشروع مارشال جديد لتهجيرِهم حتى لو جاء بالترياق لهم. المطلوب وقفُ العدوان، وبناء دولة فلسطين وفقاً لإرادة الشرعية الدولية بأسرها".

وفي السيّاق، كتبت صحيفة "الخليج" الاماراتية، في مقال: "عندما تغوّل الرئيس الأمريكي على كل حق عربي وفلسطيني متوعداً سيناء بالتهجير القسري، أو الطوعي، من غزة إليها تحركت الوطنية المصرية بما يشبه الإجماع استعداداً لقبول التحدي، أياً كانت أثمانه وتكاليفه حتى لو اضطرت إلى دخول الحرب". وأردفت "انطوت تصريحات ترامب، على عجرفة قوة تستضعف العرب إلى حدود لم تكن متخيلة في أشد الكوابيس السياسية جموحاً. وجاء وقت رد الاعتبار".

(رصد "عروبة 22")

يتم التصفح الآن