سواء انعقدت القمة العربية المقررة في السابع والعشرين من الشهر الجاري، أو تأجلت كما تردد، فإن الأهم من ذلك هو الرد العربي المنتظر على خطة أو اقتراحات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بتهجير سكان قطاع غزة إلى دول في المنطقة أو خارجها.
وجوهر الرد العربي، كما يمكن استشفافه من تحركات الدول الأكثر انشغالاً بالملف وتصريحاتها، هو الرفض الكامل لمساعي ترامب، وهو أمر يجد تأييداً من دول غربية. وكان من المؤمل أن يحظى هذا الرفض بغالبية عربية ميدان تحققها والإعلان عنها هو القمة المنتظرة، مادام الصمت هو خيار معظم العواصم العربية أمام تحدٍ خطير كالذي تواجهه المنطقة.
من حيث الشكل على الأقل، يمثل هذا التحدي فرصة لتوحيد الصوت العربي واستعادة منبره، أي الجامعة العربية، لكن، من ناحية المضمون، يبدو أن دولاً عربية لا تشتبك مع الأمر بما يكفي، إما تركاً للملف برمته بأيدي أطراف تراها كافية للتصدي له، أو يخصها أكثر، أو تجنباً لصدام مع الولايات المتحدة الأمريكية.
أياً ما كان الأمر، فإن الرد العربي حتمي، ولعله الآن يتبلور سواء أُعلن عنه في القمة أو خارجها، وربما يكون الحديث عن تأجيلها مرتبطاً بالحاجة إلى مزيد من الوقت لحشد مزيد من التوافق على طبيعة الرد، والبحث عن مخارج تجعله قابلاً للصمود والتحقق على حساب الاقتراح الأمريكي.
ولعل في هذا التأخير أيضاً ما يوفر مزيداً من الحقائق حول خلفيات الاقتراح الأمريكي الذي تعامل معه العرب وبعض دول العالم على أنه واحدة من شطحات الرئيس الأمريكي، غير أنه لم يكن مفاجئاً لإسرائيل باعتراف بنيامين نتنياهو، رئيس الوزراء الإسرائيلي، الذي قال إن الخطة حظيت بتنسيق بين واشنطن وتل أبيب.
ومثل هذه الحقيقة المعلومة بالضرورة للمطلعين على دقائق الملف، تفرض صلابة الرد العربي المنتظر واحتواءه على ما يبطل المسعى الأمريكي الإسرائيلي الذي لا تزال بعض الأطراف في إسرائيل تلوّح به. وإذا كانت مصر، لأسباب مفهومة، الأكثر انخراطاً في الملف، فإنه من الطبيعي أن تكون الفاعل الأكبر في صياغة الرد العربي والأكثر تعبيراً عن خطوطه الرئيسية قبل بلورته النهائية.
وفي هذه الخطوط ما تقول المصادر الرسمية إنه خطة متكاملة لإعادة إعمار غزة مع استبقاء أهلها على أراضيهم، ما يعني إبطال حجة التهجير، وهي أقصى ما بدأ به ترامب أملاً في تحقيق مكاسب أخرى دون ذلك وفق نهجه التفاوضي المعروف. ما دون التهجير هو تغييب حركة "حماس" عن حكم غزة، وتردد أنها أبلغت القاهرة بموافقتها على ذلك في إطار ما جرى من مفاوضات هناك قبل أيام.
ما بعد ذلك متعلق بكُلفة إعادة الإعمار، وشكل الإدارة في غزة، وما تطلبه إسرائيل من ضمانات أمنية. والتنسيق بين ذلك في صياغة محكمة كله يستلزم كثيراً من الجهد العربي متنوع الأطراف والمساعي، انعقدت القمة أو تأجلت.
(الخليج الإماراتية)