صحافة

"المشهد اليوم"...ترامب يتراجع عن "ريفييرا غزّة" ونتنياهو "ينقض" الاتفاق "حزب الله" يستعرض شعبيّته في تشييع نصرالله وبوادر تسوية بين "قسد" والإدارة السورية

الرهينة عومير شام توف يقبّل رأس أحد عناصر "كتائب القسام" خلال عملية تسليمه أمس (صورة وزعها المكتب الإعلامي لـ"حماس" - أ.ف.ب)

رغم تراجع الرئيس الاميركي دونالد ترامب عن مقترحه بشأن "ريفييرا غزّة" وتهجير الفلسطينيين من أرضهم بعد سلسلة المواقف العربية الرافضة، إلا إن مفاوضات المرحلة الثانية من وقف إطلاق النار في قطاع غزة لم تنطلق بعد بسبب تعنت رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو ووضعه شروطاً "تعجيزية"، لم يتم الاتفاق عليها سابقاً، لاستئناف المحادثات التي يبدو أن مسارها سيكون معقداً وصعباً رغم المساعي الدؤوبة للوسطاء المصريين والقطريين. فتسليم "حماس" لسلاحها ونفي قادتها الى الخارج يعرقلان المسار وسط وجود رغبة اسرائيليّة عارمة للعودة الى الحرب "حتى تحقيق النصر".

ويبدو "النصر"، الذي لم تحققه تل أبيب طوال 15 شهراً من الحرب الشرسة، مثيراً للجدل لدى الرأي العام الاسرائيلي الذي يراقب عمليات تبادل الأسرى والتي تنفذها "حماس" بمشهدية تختزل ألاف الرسائل والعبر، ما أثار حفيظة نتنياهو الذي أعلن، في ساعة مُبكرة اليوم، تأجيل إطلاق سراح 620 أسيراً فلسطينياً ضمن الدفعة السابعة، والذي كان مخططاً أمس، حتى "تُنهي "حماس" ما أسماه "المراسم المهينة" والتي تُقيمها أثناء تسليم الرهائن الإسرائيليين. فيما اعتبرت الحركة على لسان المتحدث باسمها عبد اللطيف القانوع، أن "عدم التزام الاحتلال بعملية التبادل في الموعد المحدد يمثل خرقاً فاضحاً للاتفاق"، داعية الوسطاء "لممارسة الضغط على الاحتلال لاحترام اتفاق وقف إطلاق النار".

هذا وسلّمت كتائب "القسام" 6 أسرى إسرائيليين في موقعين مختلفين شملا مخيم النصيرات وسط القطاع ومنطقة رفح في جنوبه، كما أفرجت عن الرهينة السادسة، وهو هشام السيد من دون أي مراسم احتراماً لفلسطينيي الداخل، كون الأخير عربياً يحمل الجنسية الاسرائيليّة. وجاء إطلاق سراح الأسرى خلال مسعى عمل عليه الوسطاء من أجل اختصار المرحلة الأولى وتسريع الدخول في المرحلة الثانية من المفاوضات. وفيما تبدي الحركة مرونة بعدم حكم القطاع وتسليم كل الرهائن المتبقيين لديها دفعة واحدة، وعددهم 59 أسيراً من بينهم ما لا يقل عن 28 قتيلاً، مقابل تثبيت وقف النار والانسحاب الاسرائيلي من غزّة والافراج عن جميع المعتقلين واعادة الاسرى، يعرقل نتنياهو ذلك ويحاول المماطلة لوجود نوايا بالعودة الى الحرب فور الحصول على اكبر عدد من الاسرى "الأحياء". وهذا ما عكسته وسائل الاعلام العبرية ومن بينها "هيئة البث العامة الإسرائيلية" التي ذكرت أن "تل أبيب تحاول تمديد المرحلة الأولى والإفراج عن مزيد من الأسرى المحتجزين في القطاع".

وكانت الحركة رفضت، في وقت سابق، شروط تسليمها للسلاح والنفي ووصفتها بـ"السخفية"، كما وجهت رسائلها المعتادة خلال عمليات التسليم، التي حصلت أمس وشملت هذه المرة عرض اسلحة اسرائيلية حصلت عليها كغنائم خلال عملية "طوفان الأقصى" الى جانب لافتات تؤكد على التمسك في الارض والحرية و"الطوفان"، في اشارة الى أحداث 7 أكتوبر. وكان لافتاً خلال عملية تسليم المحتجزين، قيام أسير بعد الإفراج عنه في مخيم النصيرات، بتقبيل رأس عنصرين من كتائب "القسام" ما أثار صدمة في الاوساط الاسرائيليّة التي كانت تراقب عملية التبادل.

وفي هذا الصدّد، عزا وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو، اطلاق سراح الرهائن إلى "جهود" الرئيس دونالد ترامب، مطالباً بإخلاء سبيل جميع المحتجزين في غزة "الآن". وكان ترامب أبدى، في مقابلة تلفزيونية، الجمعة، "نوعاً" من التراجع عن خطته المتمثلة بتهجير الفلسطينيين، إذ قال: "خُطتي هي الطريقة الأفضل للقيام بالأمر. أعتقد أنها هي الخطة التي ستنجح حقاً، لكنني لن أفرضها. سأتراجع فحسب وسأوصي بها"، لافتاً إلى أنه "شعر بدهشة" لرفض مصر والأردن المقترح "ونحن نقدم لهما مليارات الدولارات سنوياً"، وفق تعبيره.

أما التطورات اللبنانية فتحصد الانتباه والاهتمام، حيث يُشيع "حزب الله" أمينه العام السابق حسن نصرالله وخليفته هاشم صفي الدين، اليوم، في مراسم ضخمة وحشود غفيرة في "استفتاء شعبي" لتوجيه رسائل للداخل والخارج على استمراره والحفاظ على هيكليته وبنيته التنظيميّة والعسكرية رغم الضربات الاسرائيليّة الأخيرة. ويجهد الحزب في التأكيد على امتداده الجغرافي من خلال مشاركة دول عديدة في هذه المراسم وعلى رأسها ايران والعراق واليمن. وتحسباً لاي استفزازات او تطورات أمنية، رفعت القوى الأمنية مستوى جهوزيتها إلى حدودها القصوى، وأعطت التعليمات اللازمة لضبط الأوضاع وعدم انفلاتها. ومن المتوقع أن تبدأ مراسم التشييع عند الساعة الواحدة ظهراً في مدينة كميل شمعون الرياضية، التي أعاد الرئيس رفيق الحريري بناءها مع ما يحمله ذلك من رمزية سياسية ودلالة، حيث سيتلو أمين عام الحزب نعيم قاسم كلمة قبل التوجه نحو موقع الدفن المُستحدث لنصرالله في قطعة أرض تقع بين الطريقين المؤديين إلى المطار.

سياسياً، استقبل الرئيس جوزاف عون وفداً من الكونغرس الأميركي برئاسة داريل عيسى، الذي اعتبر أن تطبيق القرار 1701 والانسحاب الإسرائيلي الكامل من لبنان "قد يأخذان بعض الوقت للانتهاء من تدمير مخازن الأسلحة والأنفاق التابعة لـ"حزب الله"، متوقعاً أن "تتابع المساعدات الاميركية إلى الجيش بما فيها التدريبات الإضافية وتأمين التجهيزات اللازمة". بدوره، جدّد الرئيس اللبناني مطالبه بالضغط على إسرائيل لاستكمال الانسحاب من جنوب لبنان وفق الاتفاق المُبرم. الى ذلك، لا يزال العدو مستمراً بخروقاته واعتداءاته، حيث سُجل أمس إطلاق نار على سيارة عند أطراف بلدة حولا، مما تسبب في اشتعالها كما أعلن الجيش الإسرائيلي عن مهاجمته نقاط عبور على الحدود اللبنانية - السورية قائلاً إنها تستخدم من قبل "حزب الله" لتهريب الأسلحة إلى لبنان.

وفي مؤشر على قُرب التوصل الى اتفاق سياسي، تم استئناف تدفق النفط الخام من مناطق سيطرة "قوات سوريا الديمقراطية" (قسد) شمال شرقي سوريا إلى الداخل السوري، بعد توقفه منذ سقوط نظام الأسد في 8 كانون الأول/ ديسمبر الماضي. وتجري الحكومة السورية الانتقالية و"قسد" مفاوضات تقضي بوقف القتال وانضمام عناصر منها الى الجيش السوري كما المشاركة في إدارة البلاد ضمن "سوريا موحدة". في وقت تنتظر دمشق تعليق العقوبات الأوروبية المفروضة عليها بما سيسهم في التخفيف من الاعباء الاقتصادية التي ترزح تحتها، خاصة بعد حرب طاحنة استمرت ما يقارب الـ14 عاماً وحولت سوريا الى دولة مُفككة عاجزة تواجه انعداماً غذائياً وتراجعاً على كافة المستويات.

وضمن السيّاق، يصل وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف إلى طهران، الثلاثاء، لإجراء مباحثات مع نظيره الإيراني عباس عراقجي، حول "أهم التطورات الإقليمية والدولية"، وفق ما ذكرت وسائل اعلامية ايرانية، في حين يبدو أن مستجدات العلاقات الاميركية - الروسية والملف السوري سيكونان في طليعة المحادثات غداة ما شهدته المنطقة من أحداث مؤخراً. يُشار الى أن وكالة "إيسنا" الحكومية أكدت أن لافروف سيقوم بزيارة الى تركيا، مطلع الأسبوع الحالي، قبل التوجه إلى طهران.

دولياً أيضاً، أشار نائب وزير الخارجية الروسي سيرغي ريابكوف الى أنه يجري التحضير لاجتماع روسي - أميركي على مستوى الخبراء سيُعقد خلال أسبوعين، مؤكداً استعداد بلاده لإجراء محادثات "عملية" مع الولايات المتحدة بشأن أوكرانيا وترحيبها بتغيير اللهجة في تصريحات واشنطن. وهذا التحول الاميركي يثير حفيظة الدول الاوروبية التي تسارع خطواتها لعدم التوصل الى اتفاق على حسابها وحساب كييف، ومن هنا جاء اعلان وزير الخارجية البريطاني ديفيد لامي عن أن بلاده ستكشف عن "حزمة كبيرة من العقوبات" ضد روسيا، بمناسبة الذكرى السنوية الثالثة للحرب في أوكرانيا.

ويستمر الرئيس الأميركي في اعتماد سياسة التمايز والتباعد عن الدول الأوروبية حيث قال "نريد من أوكرانيا المعادن النادرة والنفط وأي شيء يمكننا الحصول عليه"، مؤكداً أنه يحاول "استعادة أموال" المساعدات الأميركية التي قدمتها بلاده. كما اعتبر ترامب انه "من غير المهم" ان يكون نظيره الاوكراني فولوديمير زيلينسكي موجوداً في المفاوضات القادمة بين موسكو وواشنطن.

المواقف العربية والدعوة إلى توحيدها وتجانسها كانت في صلب اهتمامات الصحف العربية الصادرة اليوم، حيث نرصد في الجولة الصباحية:

أكدت صحيفة "عكاظ" السعودية أن اللقاء الذي عُقد في السعودية استباقاً لقمة القاهرة بشأن تطورات غزة شكل "فرصة لتبادل وجهات النظر ومناقشة التطورات الإقليمية في أجواء من الصراحة والانسجام، وهو ما يعكس متانة العلاقات بين هذه الدول وحرصها على تعزيز التعاون المشترك". وقالت "المشهد الإقليمي اليوم مليء بالتحديات، لكن هذا اللقاء بعث برسالة إيجابية إلى العالم، مفادها أن هناك إرادة حقيقية للحفاظ على التماسك العربي وتجاوز أي خلافات قد تعيق مسيرة التنمية والاستقرار".

ومن وجهة نظر صحيفة "الدستور" الأردنية فإن "صلابة وشجاعة الملك عبد الله والرئيس عبد الفتاح السيسي أطاحا بخطة الرئيس ترامب التي كانت تهدف إلى اقتلاع وتهجير وانتزاع فلسطينيي قطاع غزة". وأضافت "خرج الرئيس ترامب من الأوهام العقارية التي زيّنت له أن غزة تُباع وتُشترى، وأن الملك الأردني والرئيس المصري سوف يتساهلان ويتطامنان تحت ضغط المساعدات المليارية الأميركية، ويمرران خطته التي اعتبر العالم عامة والاتحاد الأوروبي خاصة "انها جريمة حرب وانتهاك للقانون الدولي".

من جهتها، رأت صحيفة "عُمان" العُمانية أن "الولايات المتحدة الأمريكية لها مصالح اقتصادية وأمنية وسياسية في منطقتنا، وبالتالي باستطاعتنا أن نقول لا. ولن نخسر الكثير وربما تخسر أمريكا أكثر منا بكثير"، متسائلة "هل يستطيع حكامنا في اجتماعهم القادم أن يقولوا لا وأن يعبروا عن غضب شعوبهم؟ حينئذ سوف يحظون بدعم شعبي هائل من شعوبهم، ومن كثير من دول العالم. وحتى يقول العرب كلمتهم فسنظل في انتظار قرارهم متفائلين ومتوجسين أيضاً"، على حدّ  قولها.

وشدّدت صحيفة "البلاد" البحرينية على أن "مسيرة التعاون العربي تشهد تقدماً ملحوظاً، إذ تدرك الدول العربية أن التكامل هو الطريق الأمثل لمواجهة الأزمات العالمية المتسارعة"، موضحة أنه "ومع استمرار هذه الجهود، من المتوقع أن نشهد مزيدا من الخطوات نحو تعزيز التكامل في المجالات الاقتصادية والأمنية والسياسية، ما سيسهم في بناء مستقبل أكثر استقرارا وازدهارا للدول العربية وشعوبها".

بدورها، نبهت صحيفة "الشروق" الجزائرية أن "الانقسام الفلسطيني الحاصل بين الضفة والقطاع، وانهيار عقيدة المقاومة لدى النُخب الفلسطينية التي تُوَالي أوسلو، لن يمكِّن من مواجهة خطة ترامب الحالية ولا ما يأتي بعدها من خطط"، معتبرة أن "التعويل على الموقف العربي الموحد، أعطى نتائج ضحلة وغير حاسمة في كل القمم التي عُقدت في العقدين الأخيرين".

وفي السياق عينه، أشارت صحيفة "الراية" القطرية الى "التحريض الإسرائيلي المفضوح على وكالة "الأونروا"، من أجل تقويض دورها الإنساني واستخدام الغذاء كوسيلة تجويع وضغط على الفلسطينيين للرضوخ وقبول مخططات المحتل بالتهجير"، لافتة الى أن الاحتلال "يسعى من خلال شيطنة الوكالة لطمس حقوق الفلسطينيين، وليس فقط إنكارها كما لا يزال يعطل تنفيذ البروتوكول الإنساني الذي يسمح بخروج الجرحى والمرضى للعلاج وإدخال الآليات الثقيلة ومواد البناء والبيوت الجاهزة لإيواء النازحين".

وتحت عنوان "هواجس أوروبية من صفقة أوكرانيا"، كتبت صحيفة "الخليج" الاماراتية "عودة الموقف الأميركي بكل ما يحمله من خطاب عالي النبرة يحبط الأوروبيين ويفاقم الانقسامات بينهم، فبعد مجيء ترامب لم تعد الكلمة واحدة، وبدأت بعض القوى تتمرد وتقف في صف واشنطن وموسكو"، مشيرة الى أن "هناك في الأفق تحولات كثيرة، منها الانتخابات في ألمانيا، التي لن تساعد على استمرار النهج القديم في التعامل مع الوضع في أوكرانيا، وإنما ستعزز الاتجاه إلى الصفقة التي يريدها ترامب".

(رصد "عروبة 22")

يتم التصفح الآن