صحافة

"المشهد اليوم"…"حماس" تستبعد "صفقة جزئية" وحفاوة قطرية بلبنانإدانات عربية لمخطط "الإرهاب" في الأردن وتحذيرات من وقوف ايران عند عتبة تطوير قنبلة نووية

أمير قطر تميم بن حمد آل ثاني يستقبل الرئيس اللبناني جوزاف عون في الديوان الأميري القطري (قنا)

تعجز اسرائيل رغم حربها الشعواء على قطاع غزة أن تقدم خارطة طريق واضحة لـ"اليوم التالي" كما تفشل في وضع خيارًا محددًا على طاولة التفاوض بل تعمد الى ممارسة سياسة المراوغة والتحايل من اجل استكمال "الحرب لأجل الحرب" دون أفق واضحة وأيضًا دون تحقيق الاهداف التي رفعتها منذ البداية، فلا أسرى تحررت بفعل العمليات العسكرية ولا تم القضاء على حركة "حماس"، التي لا تزال موجودة في المشهد العام، رغم ما تعرضت له من انتكاسات تمثلت بمقتل عدد من كبار قياداتها.

وبينما تشترط تل أبيب نزع سلاح الحركة واقصائها عن أي دور سياسي او أمني مستقبلي، ترفض، في الوقت عينه، قيام دولة فلسطينية أو كيان سياسي موحد في الضفة الغربية المحتلة وغزة وتراهن على تنفيذ خطة الرئيس الأميركي دونالد ترامب بالتهجير الذي ينتهج، بدوره، سياسة داعمة لمخططات نتنياهو سواء بالمواقف السياسية المعلنة له ولكبار المسؤولين في ادارته او عبر مدّ اسرائيل بالعتاد والاسلحة التي تحتاجها لاستكمال حرب الابادة والتطهير على القطاع. وينطلق ترامب في دعمه اللامتناهي من اولويات رفعها منذ اليوم الاول لحملته الانتخابية والتي تقوم على 3 مبادىء: تحجيم النفوذ الايراني في المنطقة، القضاء على حركة "حماس" كما تعزيز علاقاته مع دول الخليج، خاصة بعدما ارتأى أن يبدأ أولى جولاته الخارجية من المملكة العربية السعودية.

وهذه الزيارة التي يعول عليها ترامب تدفعه لممارسة ضغوط على نتنياهو لدفعه نحو ابرام اتفاقية هدنة جديدة في غزة، مع العلم أن مقوماتها شبه غائبة والطريق مسدودة لاختلاف الرؤى بين اسرائيل و"حماس" التي لا تزال تدرس ردها على المقترح الاسرائيلي الجديد لوقف اطلاق النار وتصرّ على أن أي اتفاق يجب أن ينهي الحرب بشكل دائم ويؤدي الى انسحاب تام للقوات الاسرائيلية من كامل القطاع، وهو ما يرفضه رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ويتمسك بهدنة مؤقتة لاطلاق سراح اكبر عدد ممكن من المحتجزين "الأحياء" دون تقديم اي ضمانات بعدم استئناف الحرب مجددًا.

هذا وتُكثر الأقاويل والمعلومات عن امكانية دفع الوسطاء نحو حلول جزئية أو وسطية تضمن هدنة مؤقتة وادخال المساعدات الانسانية مع تأجيل أي خلافات لمحادثات لاحقة، في وقت أعلن القيادي في حركة "حماس" محمود مرداوي "أنه لا مكان لأي صفقة جزئية"، مشددًا على أن "سلاح المقاومة لن يخضع لأي مفاوضات وهو يقع في قلب الإجماع الفلسطيني لدى الفصائل". ورغم هذا التصريح يمكن للجهود الحثيثة الممارسة من جانب مصر وقطر أن تسهم في تقريب وجهات النظر وتذليل عدد من العقبات المرحلية في وقت أصدر نتنياهو توجيهات لفريقه المفاوض بمواصلة الخطوات للدفع باتجاه الإفراج عن المحتجزين في غزة.

فنتنياهو الذي يواجه ضغوطًا داخلية غير مسبوقة مع توسع العرائض الداعية لوقف الحرب واعطاء اولوية لانقاذ حياة الأسرى، يستمر في تبرير العمليات العسكرية حيث قال خلال زيارة قام بها مؤخرًا لشمال قطاع غزة للاطلاع على اوضاع الجنود هناك "نصر على إطلاق سراح رهائننا، ونصر على تحقيق جميع أهدافنا في الحرب، ونفعل ذلك بفضل مقاتلينا الأبطال". وهذه الرسالة التي اراد من خلالها الأخير ان يواجه حالات التمرد في قوات جيش الاحتياط بالتأكيد على الصمود تأتي في وقت كشف مصدر عسكري إسرائيلي كبير أن الجيش بدأ يخفف عملياته ويدفع بقوات من الجيش النظامي، بسبب النقص في القوى البشرية والخوف من انتشار ظاهرة التمرد على الأوامر، وهو ما أزعج رئيس أركان الجيش الجديد، إيال زامير.

تزامنًا، بثت "سرايا القدس" الجناح العسكري لـ"حركة الجهاد الاسلامي" مقطع فيديو لجندي إسرائيلي أسير لديها شنّ خلاله هجومًا عنيفًا على نتنياهو ووزير الأمن القومي ايتمار بن غفير والرئيس ترامب، واصفًا الحرب الجارية بـ"الغبية" كما شدد على أن الضغوط العسكرية "لن تعيد أحدًا، وكل ما ستجلبه هو الموت والألم والدماء". في حين أبرزت لقطات مصورة نشرتها وسائل الاعلام الروسية استقبال الرئيس فلاديمير بوتين أسرى سابقين كانوا محتجزين لدى "حماس"، مؤكدًا أن ذلك تحقق "بفضل العلاقات الممتدة بين موسكو والشعب الفلسطيني".

وبانتظار ما ستحمله الساعات المقبلة من تطورات، برز توقيف السلطات اللبنانية شخصَين ينتميان إلى حركة "حماس" للتحقيق معهما في ملف إطلاق الصواريخ على إسرائيل خلال الشهر الماضي وما استدعى حينها ردًا اسرائيليًا طال مناطق واسعة في جنوب لبنان كما في الضاحية الجنوبية لبيروت. وتسعى القوى الامنية اللبنانية، بظل قرار سياسي واضح، الى وضع حد لتفلت السلاح غير الشرعي وحصر قرار الدولة وتعزيز دور الجيش اللبناني وبسط سلطته على كامل اراضيه. وتحقيقًا لذلك، فقد شرع المعنيون الى اتخاذ عدة قرارات في هذا الاطار وتمثلت بازالة كل الشعائر واليافطات الحزبية كما والاهم بدعوة رئيس الجمهورية جوزاف عون عناصر "حزب الله" للانضمام الى الجيش، رافضًا استنساخ تجربة "الحشد الشعبي" في العراق.

واذ عكست دعوته هذه ارتياحًا من قبل الداعين الى تعزيز دور القوى الامنية، استدعت وزارة الخارجية العراقية السفير اللبناني في بغداد علي الحبحاب للتعبير عن "عدم ارتياحها" إزاء التصريحات المتعلقة بـ"الحشد الشعبي"، داعية إلى "تصحيح الموقف بما يعزز العلاقات الأخوية بين البلدين". في السياق، أظهرت زيارة الرئيس عون الى قطر حجم الاهتمام العربي عمومًا والخليجي خصوصًا المعطى الى لبنان، حيث أعلن أمير قطر تميم بن حمد آل ثاني عن تجديد الهبة القطرية لدعم رواتب الجيش اللبناني بمبلغ 60 مليون دولار، بالإضافة إلى تقديم 162 آلية عسكرية لتمكينه من القيام بمهامه الوطنية وضبط الحدود على كامل الأراضي اللبنانية.

عربيًا ايضًا، أدانت عدة دول وعواصم عربية "مخططات الإرهاب" التي تستهدف المساس بأمن الأردن واستقراره، مؤكدة رفضها لجميع أشكال العنف والفوضى، وكل ما من شأنه خلق البلبلة وعدم الاستقرار. في وقت كشفت مصادر أردنية رفيعة المستوى لصحيفة "الشرق الأوسط" أن هناك "رسالة واضحة لجماعة الإخوان المسلمين غير المرخصة، وذراعها "جبهة العمل الإسلامي" بضرورة إنهاء الازدواجية، وفك الارتباط بينهما"، مقدرة أن الكشف عن "شبكة الصواريخ والمسيّرات" ستعقبه "خطوات للتنظيم القانوني للعلاقة بين السلطات والإخوان" في المرحلة المقبلة.

في غضون ذلك، يقوم وزير الخارجية الاميركي ماركو روبيو ومبعوث الرئيس الاميركي للشرق الأوسط ستيف ويتكوف بزيارة مهمة الى أوروبا تهدف لمناقشة الاوضاع في الشرق الأوسط والحرب الأوكرانية الى جانب الاتفاق النووي مع ايران. وتضغط ادارة ترامب للوصول الى اتفاق سلام يضع حدًا للحرب الدائرة في اوكرانيا رغم عدم تحقيق أي نتائج ملموسة بحسب ما تبرزه المعطيات الميدانية كما تسعى لابرام صفقة مع طهران بشأن ملفها النووي بعد استئناف المحادثات غير المباشرة بوساطة عُمانية. وصرح ويتكوف في وقت سابق بأن "اي ترتيب نهائي يجب أن يضع إطارًا للسلام والاستقرار والازدهار في الشرق الأوسط؛ ما يعني أنه يجب على إيران وقف برنامج التخصيب النووي والتسلّح والتخلّص منه".

وتترافق هذه الدعوات التي ترفضها ايران جملة وتفصيلًا مع وصول مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية رافائيل غروسي إلى طهران، في زيارة تستغرق يومين، لعقد اجتماعات مع كبار المسؤولين هناك، في اطار محاولة لتعزيز القواسم المشتركة بين الجانبين واعلاء شأن الحل الدبلوماسي على العسكري. وقبل ساعات من زيارته لطهران نقلت صحيفة "لوموند" الفرنسية عن غروسي قوله إن إيران "ليست بعيدة" عن تطوير قنبلة نووية. يُشار الى أن الجولة الثانية من المحادثات بين واشنطن وطهران ستعقد يوم السبت المقبل وسط تباين حول مكان انعقادها، ففي حين تصر ايران على بقائها في مسقط، تسعى الادارة الاميركية لنقلها الى العاصمة الايطالية، روما. 

الوضع الامني في الاردن خيّم على عناوين وافتتاحيات الصحف العربية الصادرة اليوم، والتي أجمعت على ضرورة صون الوحدة العربية والوقوف بوجه مخططات الفوضى والارهاب. ونرصد ابرز ما ورد:

رأت صحيفة "البيان" الاماراتية أن "الكشف عن تنظيم إرهابي في الأردن هو موضوع شديد الخطورة يجب التوقف أمامه بالتحليل العميق والفهم الشديد"، معتبرة أن "تواصل جماعة الإخوان مع "الحرس الثوري الإيراني" هو جزء من تمكين طهران لتحقيق مشروع "الهلال الشيعي"، الذي سقط كل أطرافه منذ أشهر معدودة حينما سقط نظام بشار الأسد في سوريا، وتم إضعاف "حزب الله" في لبنان، و"حماس" في غزة، وقصف القواعد الرئيسية للصواريخ الإيرانية على أرضها بواسطة إسرائيل".

ولم تختلف وجهة نظر صحيفة "عكاظ" السعودية التي أكدت أن "تنظيم الإخوان المسلمين" بكل تمظهراته وتنوع مسميات فصائله هو تنظيم إرهابي يتستر خلف شعار إسلامي هو أبعد ما يكون عنه"، موضحة أن "المؤامرة الكبيرة الخطيرة على أمن الأردن وضلوع تنظيم الإخوان فيها، أكدت مثلما أكدت كل المؤامرات السابقة للتنظيم أن جيناته إرهابية بالمعنى الحرفي للإرهاب؛ ولذلك يكون استئصال هذا التنظيم الخبيث بشكل جذري ضرورة قصوى لأمن الدول العربية".

هذا وألمحت صحيفة "الوطن" البحرينية الى أن ما "تم كشفه في الاردن لم يكن مجرد تهديد عابر، بل مشروعًا ممنهجًا لضرب استقرار دولة محورية لطالما كانت ركيزة توازن في قلب الشرق الأوسط". وقالت: "أمن الأردن هو أمن كل بيت عربي. والتساهل مع التطرف لم يعد خيارًا..فالمرحلة الحالية لا تحتمل التهاون أو التراخي. فوجود هذه التيارات المتطرفة، وعلى رأسها "جماعة الإخوان"، هو سرطان يجب استئصاله من الجذور"، على حدّ تعبيرها.

عن المخطط الارهابي نفسه في الأردن، كتبت صحيفة "الراي" الكويتية "وجد لبنان نفسه مُحرجًا لكونه شكّل "مسرحًا" لهذا المخطّط، ولو في الشقّ التدريبي كما أُعلن حتى الساعة، بما يكشف فداحة الأضرار الناجمة عن تحوُّله في الأعوام الماضية بمثابة ساحة لـ "تصديرِ" اللا استقرار إلى أكثر من دولة"، منبهة الى أن "هذا الملف يُفترض في وجهه الآخَر أن "يحفّز" العهد الجديد الذي رفع شعار بناء الدولة واحتكارها حمل السلاح وامتلاكها قرار الحرب والسلم وبسْط سيادتها على كامل أراضيها، بما في ذلك داخل المخيمات الفلسطينية، على المضي قدمًا بهذا المسار الذي يحظى بمتابعة حثيثة عربيًا ودوليًا".

الامر عينه سلطت عليه صحيفة "الدستور" الأردنية الضوء عبر تحذيرها من أن "أي جماعة أو فئة تعمل على الأرض الأردنية وتضمر للأردن شرًا وخرابًا ستلقى من الأردنيين عقابًا وحسابًا عسيرًا"، مستهجنة اساليب "الكذب والمتاجرة بالشعارات واستغلال حرب غزة كذريعة لإرهاق الدولة وأجهزتها، ما يؤكد زيف هؤلاء وما أرادوا وأسيادهم الذين يحركونهم من هدف خبيث تجاه الأردن الذي بقي قلعة صمود في وجه مشاريع الضلال والتكسب باسم الدين والمتاجرة بقضية الشقيقة فلسطين".

بدورها، أشارت صحيفة "القدس العربي" الى أنه و"رغم وجوده في فالق زلازل سياسي هائل تمثّل إسرائيل مركزه، واتساع حدوده مع دول عربية تعرّضت لحروب أهلية، فقد تمكن الأردن من الحفاظ على استقراره وأمنه عبر التزام سياسات معتدلة وحكيمة"، جازمة بأن "تمسك حكوماته، وشعبه، بالتعاطي مع القضايا حسب مقتضياتها السياسية والأمنية والقضائية، هو الذي مكّنه من عبور التحديات الهائلة التي واجهته، وسمحت له بالحفاظ على سلمه الأهلي ونسيجه الوطني وعلاقاته المتوازنة عالميًا وعربيًا".

(رصد "عروبة 22")

يتم التصفح الآن