صحافة

"المشهد اليوم"…"حماس" تستعين بتركيا والعالم يستذكر بابا الفاتيكانايران تعزّز علاقاتها بموسكو وبكين مع استمرار المفاوضات وتصعيد أميركي عنيف على اليمن

من لقاء وزير الخارجية التركي هاكان فيدان مع قيادات من "حماس" يوم الأحد الماضي (الخارجية التركية)

تتصاعد الانتقادات داخل اسرائيل ضد أداء حكومة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في ملف الأسرى وتزداد القناعة لدى شرائح واسعة من المعارضة بأن بقائه في السلطة بات يشكل أولوية تتقدم على استعادة المحتجزين لدى حركة "حماس"، خاصة أن كافة المعطيات الميدانية والسياسية تصب في هذا الاتجاه. ويعتبر تصريح وزير المالية بتسلئيل سموتريتش أكبر دليل على اتباع نتنياهو المسار القاضي بعرقلة كل الاتفاقيات ونقض المقترحات بهدف استكمال حربه ضد قطاع غزة، متخذًا من ملف الاسرى ذريعة رغم الوعود المتكررة باستعادتهم.

ففي تصريح مثيرًا للجدل ولكنه يعكس سياسة نتنياهو الحقيقية، أعلن سموتريتش أن "إعادة الأسرى الإسرائيليين من غزة ليست أولوية قصوى"، مشددًا على ضرورة "قول الحقيقة" وعدم خداع الجمهور. وبحسب ما نقلته "القناة 13" الاسرائيليّة، فمن وجهة نظره فإن الهدف الحالي يكمن بالقضاء على حركة "حماس"، رافضاً كل الدعوات المتزايدة لإبرام صفقة تبادل ووقف الحرب على غزة. هذا التصريح الذي يأتي في لحظة مفصلية تشهد تصاعدًا في الضغط الشعبي على الحكومة، خاصة من ذوي الأسرى، ركزت عليه صحيفة "معاريف" الإسرائيلية التي اعتبرت أن تصريحات سموتريتش، وما حملته من رسائل واضحة، تؤكد بما لا يدع مجالًا للشك أن العائق الحقيقي أمام إتمام المرحلة الثانية من صفقة تبادل الأسرى هو سموتريتش نفسه، إضافة لوزير الأمن القومي ايتمار بن غفير.

فنتنياهو ووزراء حكومته من اليمين المتطرف يمعنون في تمييع المواقف وتبني الاعذار من أجل استكمال القتال لتحقيق مآرب ومطامع باتت واضحة للعيان، فتوسيع العملية العسكرية وضم منطقة رفح للمنطقة العازلة وهدم معظم منازل الفلسطينيين وصولاً الى استهداف خيمهم بشكل يومي كلها شواهد حية على أن مخطط تل أبيب هو تهجير الفلسطينيين وتحويل القطاع الى مكان غير قابل للسكن. هذا وتتماهى ادارة الرئيس الاميركي مع هذه الوحشية الاسرائيلية وتقدم لها المبررات والمسوغات كما توفر لها العتاد والاسلحة الفتاكة التي يُقتل بها الفلسطينيون كل يوم.

ومع فشل كل محاولات الوسطاء المصريين والقطريين رغم العمل الدؤوب والسعي المستمر لتدوير الزاويا، قررت حركة "حماس" الترويج لمقترحها القاضي بإطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين دفعة واحدة، مقابل عدد متفق عليه من الأسرى الفلسطينيين، ووقف الحرب وانسحاب إسرائيل من مناطق القطاع كافة، لدى الجانب التركي، حيث التقى وفد من الحركة برئاسة رئيس المجلس القيادي محمد درويش، مع وزير الخارجية التركي هاكان فيدان، يوم الأحد الماضي، كما أجرى لقاءً مع رئيس جهاز المخابرات إبراهيم قالن. وأفاد مصدران من "حماس" لصحيفة "الشرق الأوسط" بأنها "تسعى إلى الترويج لمبادرتها الجديدة لوقف إطلاق النار وأنها تريد دعمًا من تركيا لنقل رؤيتها إلى ترامب"، خاصة انها تعول على دور اميركي يمكن أن يُسهم في انفراجة أمام انسداد المفاوضات.

في غضون ذلك، تتزامن مساعي "حماس" للتوصل الى "الصفقة" الشاملة، والتي تصطدم بالتعنت الاسرائيلي، مع انعدام الاوضاع الانسانية ومفاقمتها حيث حذرت وكالة "الاونروا" من أن الأزمة في غزة بلغت أسوأ مستوياتها منذ تشرين الاول/ أكتوبر 2023، وذلك بعد مرور 50 يومًا على منع إسرائيل دخول أي إمدادات سواء صحية أو غذائية إلى القطاع رغم تكدسها عند المعابر التي تصرّ تل أبيب على اقفالها بحجة تشديد الخناق على "حماس". وعلى الرغم من كل المناشدات الصادرة بضرورة وصول المساعدات، ترفض اسرائيل البحث بالموضوع وتربطه بعقد اتفاق مع "حماس" تعرقله هي بشتى الوسائل. بدوره، قال المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان، في بيان، إن 595 طفلًا و308 سيدات استشهدوا، منذ انهيار وقف إطلاق النار بغزة منتصف شهر آذار/ مارس الماضي.

الى ذلك، وجه رئيس جهاز "الشاباك" رونين بار سلسلة من التهم الخطيرة إلى نتنياهو وذلك خلال الادلاء بشهادته أمام المحكمة العليا. وقال بار إنه رفض طلبات نتنياهو غير القانونية، مشيرًا إلى أن الأخير طلب منه أن يساعده على "التملص من المحاكمة الشخصية بقضايا الفساد، بدعوى أن ظهوره في المحكمة يهدد حياته، وأن يتجسس على قادة مظاهرات الاحتجاج ضد الحكومة". هذه الادعاءات استدعت ردًا من نتنياهو الذي اتهمه بـ"الكذب"، معلنًا أن "رونين بار قدّم اليوم إفادة خطية كاذبة إلى المحكمة العليا، سيتم دحضها بشكل شامل في الوقت المناسب".

وعليه، فإن تعقيدات المشهد الغزاوي واستمرار التخبط يأتي وسط مخاوف من تطورات لا تُحمد عقباها في الملف اليمني، خاصة مع دخول نتنياهو على خط الأزمة عبر تهديده الحوثيين بـ"ردٍّ قوي" بعد تكرار اطلاق صواريخ ومسيَّرات على إسرائيل منذ اندلاع الحرب في غزة. وجاءت كلمته بعد اعلان الحوثيين، في وقت سابق، تنفيذ 4 عمليات عسكرية ضد أهداف داخل العمق الإسرائيلي، وحاملتي طائرات أميركيتين في البحرين الأحمر والعربي رغم عدم صدور اي تأكيدات من الجانب الاسرائيلي والأميركي.

على صعيد موازٍ، أوضح المتحدث العسكري باسم الحوثيين يحيى سريع أن هذه العمليات تأتي في إطار "التصدي للعدوان الأميركي على اليمن، ورداً على مجازره المُرتكبة بحق اليمنيين التي كان آخرها مجزرة العاصمة صنعاء التي راح ضحيتها عشرات الأشخاص". ومنذ أيام صعّدت واشنطن من عملياتها العسكرية حيث نفذت أمس سلسلة غارات مكثفة على عدد من المحافظات اليمنية، بلغت نحو 40 غارة، استهدفت العاصمة صنعاء ومحافظتي مأرب والحديدة، وسط حديث عن سقوط 42 قتيلًا وجريحًا، جراء انفجار صاروخ في حي شعوب بالعاصمة. يُشار الى انه منذ بدء الضربات الاميركية تلقى الحوثيون اكثر من ألف غارة جوًا وبحرًا بحسب معطياتهم.

التدخل الاسرائيلي الذي بات أشبه بـ"الورم الخبيث" الذي يعيث الخراب والقتل في غزة ويتمدد في سوريا ولبنان ويتوعد في اليمن، اتهمته ايضًا ايران أمس بمحاولة تقويض المحادثات النووية الجارية مع الولايات المتحدة، بوساطة عُمانية. ففي معرض كلامه قال المتحدث باسم الخارجية الإيرانية، إسماعيل بقائي، إن "تحالفًا بقيادة إسرائيل يسعى لعرقلة المسار الدبلوماسي بدعم من التيارات التحريضية في أميركا"، مشددًا على أن إيران لن توافق على اتفاق نووي دون نتائج ملموسة لرفع العقوبات وضمانات واضحة. وتنبع الاتهامات الايرانية من وجود قناعة بأن التقدم في المحادثات لا يصب في صالح تل أبيب التي لطالما حرضت واشنطن على توجيه ضربات عسكرية الى طهران للحدّ من نفوذها الاقليمي.

وازاء هذه المعطيات، تسعى اسرائيل الى إفشال المفاوضات الجارية رغم أن الطرفين المعنيين، اي طهران وواشنطن، اعلنا مرارًا وتكرارًا عن وجود "أجواء بنّاءة" يمكن التعويل عليها للتوصل الى صفقة بشأن ملف ايران النووي، وهو نفسه ما اكد عليه الرئيس دونالد ترامب الذي وصف المحادثات بـ"الجيدة للغاية"، لكنه أقرَّ بالحاجة إلى مزيد من الوقت. في سياق متصل، تنشط الدبلوماسية الايرانية فبعد الزيارة الى موسكو يحط وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي في الصين، الثلاثاء، قبل انعقاد الجولة الثالثة من المحادثات النووية المُقرر عقدها يوم السبت المقبل في عُمان.

ويبدو أن ايران تستعين بحلفائها الاستراتيجيين في المنطقة من خلال اطلاعهم عما يجري في سياق المحادثات مع واشنطن، خاصة انها تعول على دور ايجابي يمكن أن تقوم به روسيا والصين بشأن القضية النووية، بظل تخوفها من افشال المفاوضات وخلق العثرات ما قد يؤدي الى تطورات تحاول تجنبها. وبانتظار ما سيصدر من مواقف بعد الزيارة وما ستحمله الجولة الثالثة من المحادثات النووية من "مفاجآت"، تبقى العين شاخصة على التحركات والمواقف الاسرائيلية في هذا الاطار. يُشار الى أن بكين تعتبر أكبر شريك تجاري لإيران وأحد كبار مستوردي نفطها في ظل العقوبات التي أعاد الرئيس ترامب تفعيلها منذ وصوله الى البيت الابيض مجددًا.

في سياق مختلف، فجع العالم أمس برحيل البابا فرنسيس بعد صراع مرير مع المرض. وقد توالت برقيات التعزية وردود الفعل التي استذكرت مواقف رأس الكنيسة الكاثوليكية وسعيه الدؤوب لاحلال السلام العالمي وتعزيز العيش المشترك خاصة أنه اشتهر بخطاباته المُناصرة للضعفاء والمدافعة عن المهاجرين والمهمشين وحقوقهم وسط عالم تفشت أزماته واضطراباته. وتوفي البابا إثر إصابته بجلطة دماغية تسببت في دخوله بغيبوبة وفشل في الدورة الدموية للقلب، بحسب شهادة الوفاة التي أصدرها الفاتيكان، أمس. ومن المفترض أن تبدأ عملية انتخاب خليفة له من قِبل مجمع الكرادلة، الذي يبلغ عدد أعضائه حالياً 252، منهم 136 لهم حق انتخاب البابا المقبل.

المنطقة وملفاتها المعقدة كانت محور متابعة الصحف العربية الصادرة اليوم، حيث ركزت على:

استنكرت صحيفة "الخليج" الاماراتية الدعوات التحريضية من منظمات استيطانية إسرائيلية لتفجير المسجد الأقصى المبارك وقبة الصخرة، معتبرة أننا "أمام مرحلة جنون حقيقية، في ظل حكومة إسرائيلية متطرفة لا تقيم وزنًا لقوانين دولية وإنسانية، ولا لقيم أخلاقية أو دينية، ويمكن أن ترتكب أية حماقة قد تشعل المنطقة والعالم".

الموضوع نفسه تناولته صحيفة "الوطن" القطرية التي لفتت الى أن هذه "الانتهاكات الخطيرة تنذر بتفجير كبير للأوضاع في الضفة الغربية، ما لم يتحرك المجتمع الدولي بشكل عاجل لحماية المقدسات ووقف الانتهاكات بما يتماشى مع قرارات الشرعية الدولية"، مشددة على أن كل هذه المعطيات تأتي "ضمن سياسة ممنهجة تستهدف الوجود الفلسطيني الرسمي وفرض وقائع تخدم مخططات الضم والتهويد".

وتحت عنوان "نتنياهو يناور لإخفاء الفشل"، كتبت صحيفة "الأهرام" المصرية "إصرار نتنياهو على مواصلة الحرب في غزة لا يعود إلى فشله في تحقيق الهدف المعلن مسبقاً بالقضاء على "حماس"، وإنما يعود أيضاً إلى اعتبارات أخرى، ربما يكون أهمها محاولة صرف الأنظار عن الإخفاقات المتتالية التي مُني بها"، مشيرة الى أن "الأجندة التي يعمل عليها تواجه عقبات حقيقية، في إطار ترويجه لمزاعم عن قدرة إسرائيل "على تغيير الشرق الأوسط"، وهي مزاعم ثبت مع التطورات أنها لا تتوافق مع المعطيات الموجودة على الأرض".

وفي سياق متصل، أشارت صحيفة "الغد" الأردنية الى "احتمال استمرار الوضع الحالي في المنطقة لفترة أطول وارد بقوة في ظل انسداد أفق التهدئة في غزة، وفائض القوة والثقة لدى حكومة نتنياهو يحول دون وقف عملياتها العسكرية واحتلالها أراضي في لبنان وسورية". وقالت: "الولايات المتحدة؛ حليف الأردن الأساسي، لم تبلور بعد سياسة واضحة تجاه الحلفاء في المنطقة، وهي تخوض حربًا جوية يومية في اليمن، وتنخرط في جهد دبلوماسي مع إيران ربما يفضي لاتفاق بعكس رغبة إسرائيل، أو تجد المنطقة نفسها بمواجهة عسكرية كبرى".

بدورها، تناولت صحيفة "عكاظ" السعودية زيارة وزير الدفاع الأمير خالد بن سلمان لإيران والتي تأتي "في ظروف بالغة الحساسية تتعلق بالأمن الإقليمي، فلدينا ملفات مشتعلة في أكثر من جهة، زادها اشتعالاً شبح الأزمة المخيف بين أمريكا وإيران". واضافت "من غير المستبعد أن تكون زيارة وزير الدفاع السعودي لها علاقة بتهدئة المواجهة بين إيران وأمريكا...فالمفاوضات غير المباشرة لم تحقق شيئاً كثيراً، وتحتاج إلى تحريك فاعل من طرف قادر على إنجاح المهمة، ولا يوجد غير المملكة تستطيع القيام بذلك"، على حدّ قولها.

من جهتها، شنّت صحيفة "الوطن" البحرينية هجومًا عنيفًا على جماعة الحوثي في اليمن، داعية اياها الى "تحمل سوء أفعالها، خاصة وأن التعامل الآن أصبح مع القوات الأمريكية، وليس قوات التحالف العربي، وشتان بين القوتين"، موضحة أن "الأميركيين يدركون أن شر الحوثي يعُم ليس على اليمن فقط، وإنما على المنطقة والعالم، وتحديدًا محاولات هذه الميليشيا الدائمة تعطيل الملاحة الدولية في البحر الأحمر ومضيق باب المندب، والسيطرة عليه وممارسة القرصنة على السفن العابرة له، وبالتالي تهديد مصالح دول العالم".

(رصد "عروبة 22")

يتم التصفح الآن