صحافة

"المشهد اليوم"…غزة تدخل "مرحلة المجاعة" وانفجار ضخم يهز ايرانخلافات تسود "مفاوضات مسقط" وواشنطن تدعم العراق "خاليًا من النفوذ الخبيث"

عمال إنقاذ يحاولون إسعاف مصابين جراء الانفجار في رصيف ميناء رجائي جنوب إيران (رويترز)

عيّن الرئيس الفلسطيني محمود عباس عضو اللجنة التنفيذية لـ"منظمة التحرير الفلسطينية " حسين الشيخ نائبًا له في رئاسة المنظمة وفي رئاسة دولة فلسطين، ليكون بذلك الاقرب الى خلافته في أي إنتخابات يُمكن أن تُجرى مستقبلاً أو رئيسًا بحكم الواقع في حال تدهور صحة الرئيس الحالي وعدم قدرته على الحكم. وبهذه الخطوة يكون عباس افتتح مرحلة جديدة في تاريخ المنظمة في وقت شديد الحساسية والتعقيد نتيجة ما تتعرض له القضية الفلسطينية من محاولات لتصفيتها سواء عبر ما يجري في قطاع غزة او في الضفة الغربية المحتلة.

 ولم تأتِ خطوة الرئيس الحالي من فراغ بل كرستها الضغوط الدولية والمطالب لاجراء اصلاحات او تغييرات في هيكل المنظمة طال انتظارها. والشيخ، بحسب المعلومات الإعلامية المتداولة، يتبنى وجهة نظر تقوم على ضرورة التوصل الى اتفاق السلام مع اسرائيل واعتماد الحوار لغة للتواصل بعيدًا عن العنف والفوضى. وعقبت مصادر مطلعة لصحيفة "الشرق الأوسط" على هذا الاختيار بالقول: "من قبل تعيينه يُعتبر الرجل الطباخ الرئيسي في المطبخ السياسي والأمني الفلسطيني، وتعيينه نائبًا للرئيس سيعطيه الشرعية، وبالتالي نفوذًا أوسع".

وبانتظار ما سيترتب عن هذه الخطوة التي رحبت بها المملكة العربية السعودية، تتواصل حرب الابادة في غزة بعد اعلان برنامج الاغذية العالمية عن نفاذ مخزونه بالكامل جراء اغلاق المعابر والحصار المُطبق الذي تفرضه اسرائيل منذ أكثر من سبعة أسابيع، ما يضع سكان القطاع في مواجهة الموت جوعًا والمترافق مع القصف العنيف والقتل اليومي ونزوح نصف مليون فلسطيني خلال شهر آذار/ مارس الماضي بسبب إصدار الجيش الإسرائيلي إنذارات شبه يومية بإخلاء مناطق بقطاع غزة، وفق وكالة "الأونروا". هذه الاوضاع الانسانية المأساوية تتسابق مع مساعي الوسطاء الى ارساء هدنة في القطاع، حيث ولاول مرة يصل الى مصر، وفد كبير يضم جميع أعضاء المجلس القيادي لـ"حماس" برئاسة محمد درويش وقيادات أخرى، وذلك بهدف بحث الصفقة التي يجري العمل على صياغتها وبلورة مضمونها.

وقد فعّل الوسطاء المصريين والقطريين المحركات الدبلوماسية بغية التوصل الى اتفاق لوقف النار ولكن كل المحاولات السابقة اصطدمت بالتعنت الاسرائيلي والعرقلة المتعمدة بهدف استكمال الحرب وتوسيع نطاقها وتحقيق المزيد من المكاسب العسكرية. وتصر "حماس" على صفقة شاملة تفرض هدنة طويلة الامد وانسحاب اسرائيلي من القطاع وتنحيها عن الحكم شرط عدم تسليم سلاحها الذي تعتبره "خطًا أحمر" في حين تشدد اسرائيل على هدنة مؤقتة مقابل اطلاق سراح الرهائن المحتجزين لديها ودخول المساعدات الانسانية. وهذا الكباش المستمر والتباعد في وجهات النظر يضع اي صفقة مقبلة في مهب الريح رغم الدعوات الاسرائيلية الداخلية لابرامها ووقف الحرب فورًا مقابل انقاذ الأسرى من الموت المحتوم نتيجة تكثيف القوات الاسرائيلية لعملياتها وضرباتها العسكرية.

في غضون ذلك، طغى الانفجار الذي وقع في ميناء الشهيد رجائي بمدينة بندر عباس جنوب إيران، وهو يُعتبر من أكبر الموانىء في البلاد، على الجولة الثالثة من المفاوضات الايرانية - الاميركية غير المباشرة التي كانت تُعقد في العاصمة العُمانية، مسقط. ووسط تضارب في الاسباب التي ادت الى الانفجار الضخم وفتح تحقيقات رسمية "دقيقة" لكشف ملابساته، سارعت اسرائيل الى نفي تورطها في الانفجار الذي تسبب، وفق معلومات ايرانية، بمقتل 14 شخصًا وإصابة نحو 750 آخرين في حصيلة أولية. يُذكر أن هذا الميناء يُعد أحد الموانئ الإستراتيجية التي يعبر منها جزء كبير من الصادرات الإيرانية إلى دول العالم.

وحتى توضيح حقيقة الملابسات والخلفيات التي تقف وراء الانفجار "الغامض" الذي تزامن مع المفاوضات التي تجري بشأن ملف طهران النووي، حيث تم الاتفاق في عُمان أمس، السبت، على استئناف النقاشات، الأسبوع المقبل بعد اجراء المشاورات اللازمة. وجرت المحادثات بوساطة وزير الخارجية العُماني بدر البوسعيدي، وسط انقسام المباحثات إلى شقين، سياسي وفني، بمشاركة كبار المسؤولين والخبراء من الجانبين. من جهته، أعلن البوسعيدي أن المفاوضات التي جرت اليوم "تناولت المبادئ الأساسية والأهداف العامة بالإضافة إلى المخاوف الفنية المتعلقة بالملف النووي الإيراني".

بدوره، اعرب وزير الخارجية الايراني عباس عراقجي عن ارتياحه لمسار وسرعة المفاوضات، واصفًا أجواء الجولة بأنها "جادة تمامًا وعملية". ولكنه أيضًا اشار الى أن "هذا لا يعني أن الخلافات قد حُلّت، إذ لا تزال هناك خلافات سواء في القضايا الكبرى أو التفاصيل الدقيقة". وجدد الوزير الايراني موقف بلاده الرافض لأي تفاوض بعيدًا عن الموضوع النووي "فنحن لن نتفاوض على أي مواضيع أخرى ولا نقبل أي مواضيع أخرى للتفاوض عليها". وتصرّ طهران على أن قدراتها الدفاعية، مثل برنامج الصواريخ غير قابلة للتفاوض ما يمكن أن يشكل عائقًا في اي اتفاق مستقبلي. وكان الرئيس الاميركي دونالد ترامب قد قال، في حديث اعلامي، "أعتقد أننا سنتوصل إلى اتفاق مع إيران"، لكنه كرَّر تهديده بشن عمل عسكري عليها، إذا فشلت الجهود الدبلوماسية "رغم انني افضل اتفاقًا على إلقاء القنابل".

وستنعكس هذه المفاوضات، في حال نجاحها على المنطقة برمتها، حيث يمكن أن ترسي نوعًا من الاستقرار الذي يمهد لحل بعض القضايا التي تضطلع ايران بدور بها، خاصة مع استمرار الضربات العسكرية الاميركية على اليمن للقضاء على مقدرات "الحوثيين" الذين أعلنوا عن وقوع عدة اصابات نتيجة الغارات التي استهدفت العاصمة صنعاء. في المقابل، أعلن المتحدث العسكري باسم الجماعة، يحيى سريع، استهداف قاعدة "نيفاتيم" الجوية الإسرائيلية في النقب بصاروخ باليستي وموقعين آخرين في منطقة تل أبيب ومنطقة عسقلان، كما أعلن استهداف قطع حربية في حاملة الطائرات الأميركية "إس إس هاري ترومان" شمالي البحر الأحمر. ورغم مرور ما يُقارب الستة اسابيع على الضربات الاميركية المكثفة على المناطق والمدن الخاضعة لسيطرة الحوثيين وبظل سرية مطلقة بعدم الكشف عن خسائرهم، تؤكد الجماعة مواصلة عملياتها في البحر الأحمر ضد الأهداف الإسرائيلية حتى توقف الحرب على غزّة.

أما في الشأن العراقي، فقد أكد وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو، خلال لقاء جمعه بنظيره فؤاد حسين، التزام بلاده دعم استقرار العراق، مشددًا على ضرورة أن يكون "خاليًا من النفوذ الخبيث"، في إشارة واضحة الى الدور الايراني في البلاد. من جهته، أكد الوزير العراقي توجه بلاده نحو تنويع مصادر الطاقة، وتقليل الاعتماد على الغاز الإيراني، داعيًا الشركات الأميركية إلى تعزيز استثماراتها في العراق. وتسعى بغداد الى النأي بنفسها عن التوترات الاقليمية الحاصلة واعتماد سياسة الحياد لعدم ادخال البلاد في أتون حرب جديدة خاصة ان المعطيات الدولية تؤكد ان طهران نفسها تسعى للديبلوماسية على حساب الحلول العسكرية.

سوريًا، ردّت دمشق كتابيًا على قائمة الشروط الأميركية لرفع جزئي محتمل للعقوبات المفروضة على البلاد، مشددة على أنها طبّقت معظمها، لكن البعض الآخر يتطلّب "تفاهمات متبادلة" مع واشنطن، وفقاً لما نشرته وكالة "رويترز" في هذا الاطار. وتتعهد سوريا، في رسالتها، بإنشاء مكتب اتصال في وزارة الخارجية هدفه البحث عن الصحافي الأميركي المفقود منذ سنوات أوستن تايس، كما تورد بالتفصيل إجراءاتها للتعامل مع مخزونات الأسلحة الكيماوية. الا ان الرسالة لا تتناول ما يتعلق بالمطالب الاميركية الاخرى وأهمها إبعاد المقاتلين الأجانب والسماح لأميركا بشن ضربات لمكافحة الإرهاب. وتسعى الادارة السورية بقيادة أحمد الشرع الى تبديد هواجس الولايات المتحدة، التي لم تعترف حتى اللحظة بالحكم الجديد ولا تزال تصنف سوريا كدولة راعية للارهاب. الى ذلك، شهد مقر الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، رفع العلم السوري الجديد لأول مرة أمام المقر، بحضور وزير الخارجية أسعد الشيباني الذي رحب بتلك الخطوة.

وفي الشق الدولي، استحوذ "اللقاء الخاص" الذي عُقد بين الرئيس دونالد ترامب ونظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في روما، على هامش مراسم وداع بابا الفاتيكان، على الاهتمام خاصة انه اول لقاء يجمع بين الرئيسين بعد مشادة البيت الابيض الذائعة الصيت. وفي حين اشارت المعطيات الى اجراء "محادثات مثمرة للغاية"، لا يزال اتفاق وقف النار غير واضح المعالم لاسيما ان الصفقة التي تطرحها واشنطن على كييف تصب في صالح موسكو التي تبدو غير جاهزة بعد لتوقيع اي اتفاق بينما تستمر بالضربات العسكرية على مناطق واسعة في اوكرانيا.

ومن اوضاع الحروب والصراعات التي تعم العالم الى الوداع المهيب للبابا فرنسيس بحضور أكثر من 400 ألف شخص، توافدوا إلى ساحة القديس بطرس وشوارع روما، بالإضافة إلى حضور نحو 50 رئيس دولة وعشرات الملوك والشخصيات الدينية الذين شاركوا في مراسم الوداع الاخيرة للبابا الذي عُرف بمواقفه الانسانية ودفاعه عن المهمشين والمظلومين والمهاجرين. ومع انتهاء مراسم الجنازة، تتجه الأنظار إلى مجمع الكرادلة المكون من 135 كاردينالًا تحت سن الثمانين، حيث سيجتمعون في جلسات مغلقة خلال الأسابيع المقبلة لاختيار بابا جديد لقيادة الكنيسة الكاثوليكية.

وفي جولتنا الصباحية على أبرز عناوين ومقالات الصحف العربية الصادرة اليوم نرصد:

رأت صحيفة "الخليج" الاماراتية أن "الذين يتعاملون مع مواجهة الأردن، وطنًا ونظامًا شرعيًا، مع "الإخوان المسلمين" على أنها فعل عابر متعلق بشكل أو آخر مع ما يجري في الأراضي الفلسطينية، وبالتحديد السعي المزعوم من طرفها لنصرة غزة، يقعون في فخّ تنصبه الجماعة دوماً على هوامش الأزمات والمنعطفات"، معتبرة أن "التطورات السياسية منذ أكثر من 10 سنوات سمحت بانكشاف زيف جماعة "الإخوان"، وتحديدًا لهذه الحواضن التي عرفت أنها كانت الستار الذي يخفي الأهداف الحقيقية لهذا التيار".

صحيفة "الدستور" الاردنية جزمت، من جهتها، بـ"أن الفرص مستحيلة ومستبعدة في فتح المجال أمام أي ترميم أو تريث في العلاقة مع الإسلاميين: حزبًا وجماعة". واضافت: "الجماعة والحزب سقطوا من الداخل، ومشروعهم أصبح عاريًا أردنيًا. ويستحيل موضوعيًا التوفيق بين ديمقراطية وطنية وتنظيم عابر للأوطان، وغير مؤمن بالسلمية السياسية…هذه حقائق شبه نهائية، والباقي مجرد تفاصيل"، على حدّ تعبيرها.

وشددت صحيفة "الوطن" القطرية، في معرض تناولها للاوضاع في قطاع غزة، "على أنه ما زال نتنياهو يعتقد أن في مقدوره تدمير القضية الفلسطينية وإحداث تغيير جذري في المجتمع الإسرائيلي يساعده في تحقيق أطروحاته المتطرفة، لكن كل ما فعله انتهى إلى فشل ذريع"، موضحة أن "هناك حل بسيط للغاية يمكن أن يحقق السلام والاستقرار والأمن للجميع: الدولة الفلسطينية، وبغير ذلك فإن كل ما سنراه انفجار يتلوه انفجار".

وعن المفاوضات الاميركية - الايرانية، كتبت صحيفة "البلاد" البحرينية "لطالما شكلت الطموحات النووية الإيرانية تحديًا للأمن الإقليمي والعالمي، وعلى الرغم من المفاوضات والاتفاقيات المختلفة، لا تزال طهران تطور برنامجها النووي بينما تستخدم المحادثات الدبلوماسية لتخفيف الضغوط الاقتصادية، وهو ما يجعل المحادثات القائمة حاليًا ذات أهمية قصوى سينتج عنها سلام تحت التجربة أو حرب لا تحمد عقباها"، مؤكدة بأنه "يمكن لإيران تجنب العقوبات من خلال الالتزام بتعهدات قابلة للتحقق؛ ما يحفز التعاون من خلال موازنة التدابير الاقتصادية والدبلوماسية لمنع العزلة مع الحفاظ على الضغط في آن واحد".

بدورها، لفتت صحيفة "الأهرام" المصرية الى أن "الإدارة الأمريكية ستركز في المفاوضات على تدمير الصواريخ الإيرانية القادرة على حمل رؤوس نووية. في المقابل يضغط نتنياهو من أجل تكرار النموذج الليبي في التعامل مع البرنامج النووي الإيراني، وهو توجه لا يلقى قبولًا عامًا حتى الآن داخل البيت الأبيض". وقالت "بغض النظر عما ستؤول إليه هذه المفاوضات، فالحقائق على الارض ان إيران وبعد اكثر من 3 عقود من المواجهة مع ادارات امريكية متعددة وحتى اليوم نجحت على الأرجح في امتلاك القنبلة الذرية الافتراضية".

وعن العلاقات العراقية - السورية، أوضحت صحيفة "الصباح" العراقية أن "الانفتاح المحسوب على دمشق يمثل خيارًا عراقيًا ملائمًا في الوقت الحاضر، خصوصًا أن سياسة العزلة الحديدية، التي تم تبنيها سابقًا لا تبدو واقعية، فالعراق دولة جارة لسوريا ليس من مصلحته تجاهل الأوضاع فيها أو ادارة ظهره لها"، معربة عن اعتقادها بأن "هذه التحركات واللقاءات الرسمية، التي جمعت بين بغداد ودمشق ستزيل الشكوك والعقبات أمام تطور العلاقات".

(رصد "عروبة 22")

يتم التصفح الآن