المرأة العربية

بمناسبة الانتخابات البرلمانية.. ما هو نصيب المِصريات؟!

تاريخيًا، تواجه المرأة المصرية تحدّي التمثيل العادل في المجالس المُنتخبة سواء كانت برلمانية أو محلّية أو نقابية أو حتّى اجتماعية أي في النوادي الاجتماعية وما شابَه.

بمناسبة الانتخابات البرلمانية.. ما هو نصيب المِصريات؟!

من المقرّر أن تشهدَ مصر انتخابات برلمانية خلال الشهور المقبلة، ومن غير المعروف حتّى اللحظة طبيعة النّظام الانتخابي الذي يؤطّر هذه العملية وإنْ كان من المتوقّع وفقًا للتسريبات المُتاحة أن يكون بقوائم مُطلقة كحال الانتخابات السابقة مع تغييراتٍ طفيفة.

والتساؤل المطروح هنا؛ هل يتجاوز البرلمان المقبل نسب التمثيل البرلماني الذي حصلت عليه المصريات في البرلمان الحالي والذي وصل إلى 27% من عدد المقاعد الإجمالي بواقع 162 منهم 148 سيّدة منتخبة؟ ليكون ذلك تمثيلًا صحيحًا لوجود المرأة في المجتمع أي 50% أو حتّى تمثيلًا صحيحًا لمساهمتِها في النّاتج القوْمي الإجمالي وهو الذي يتجاوز الـ40% في القطاعيْن الرّسمي وغير الرّسمي.

ثقافة ذكوريّة سائدة في المجتمع وفي الأحزاب السياسية

وإذا كان التمثيل النسوي في البرلمان والمحلّيات مضمون بحماية النّص الدستوري طبقًا لدستور 2014 وتعديلاته في 2019، فإنّه يبدو أنّ هناك صعوبةً في تجاوز نسب التمثيل بمعدّلاتٍ ملحوظةٍ وذلك لعددٍ من العوامِل منها الثّقافة الذكوريّة السائدة ليس في المجتمع فحسب، ولكن أيضًا في الأحزاب السياسية التي من المفترض أن تكون هي ميادين التدريب السياسي واكتساب الخبرات، وكذلك طبيعة النظام الانتخابي المُتغيّر في كلّ انتخابات، فضلًا عن الموقف السلبي لغالبية الأحزاب السياسية المصرية من ترشيح النساء على قوائمها للانتخابات البرلمانية أو المجالس المحلية حيث يسود تقدير ذهني لدى غالبية عضوية الهياكل القيادية للأحزاب المصرية أنّ النساء عاجزات عن حيازة مقاعد للأحزاب في البرلمان بمعزلٍ عن سياسات التمييز الإيجابي التي تفرضها الدولة.

وفي هذا السّياق، فإنّ النساء يغِبن عن ترؤّس الأحزاب السياسية المصرية بشكلٍ شبه مطلق، والاستثناء الوحيد هنا هو حزب "الدستور" الذي ترأّسته امرأتان على التوالي هما د. هالة شكر الله وجميلة إسماعيل، أمّا المفارقة اللّافتة فهي في الأحزاب الليبيرالية وأشهرها حزب "الوفد" الذي يزيد عمره عن قرنٍ من الزّمان وطوال هذه الحقبة الزّمنية الطويلة شغل موقع رئاسته رجال، بينما يكاد يكون تمثيل النساء في الهياكل القيادية للحزب رمزيًا إلّا في لجنةٍ نوعيةٍ مخصّصةٍ للمرأة.

تراكُم الخبرات القيادية للنّساء يرفع المقدّرات الإنتاجية والتنموية لمصر نحو آفاق جديدة

تطوير التمثيل السياسي للمرأة يرتبط عضويًا بتوسيع مظلّة سياسة التمييز الإيجابي المُقرَّة دستوريًا، وتعديلها بحيث تشمل جميع المجالس المُنتخبة ولا تقتصر فقط على منصّات التمثيل السياسي أي البرلمان والمجالس المحلّية، إذ من المطلوب أن تمتدّ نسبة الـ25% إلى الأحزاب والنّقابات، ومجالس إدارات الكِيانات الاقتصادية في قطاعَي الأعمال العام والخاص، وكذلك في النوادي الرياضية، إذ إنّ الوجود المكثّف للنساء على هذا النّحو يضمن تفكيك صورة الأدوار النّمطية للمرأة من حيث ارتباطها بالأدوار الإنجابية والأُسَرية لتشمل الأدوار السياسية والتنفيذية والاقتصادية، وكذلك توفير تراكُم الخبرات القيادية للنّساء بما يتيح لهنَّ نجاحًا في أدوارهنّ في المجالات كافّة، وهو أمر لا يرتبط فقط بتنفيذ الدولة لالتزاماتها الدولية الخاصّة بالمساواة الجندرية وأهمّها اتفاقية "سيداو"، ولكنّه بالأساس يرفع المقدّرات الإنتاجية والتنموية لمصر نحو آفاقٍ جديدة، هي مطلوبة تحت ضغوط الأزمات الاقتصادية الممتدّة.

وعلى صعيدٍ موازٍ، فإنّ هناك مسؤوليةً كبرى تقع على عاتق كلّ من الأحزاب السياسية ومنظّمات المجتمع المدني بشأن عدالة التمثيل السياسي للمصريات في البرلمان المقبل والذي قد يزيد عدد مقاعده عن 700 مقعد طبقًا للتسريبات المُتداولة، بحيث تتركّز مهامّ الطرفين في بلْورة مبادرات التدريب على خوض الانتخابات سواء للنائبة المرشّحة أو أعضاء وعضوات الحملة الانتخابية الخاصّة بها، وكذلك ضمان تمويلٍ مناسبٍ للحملات الانتخابية للنساء.

سوف يُحدّد النظام الانتخابي المصري طبيعة قرار الدولة بشأن تطوير وتوسيع الحيّز المُتاح للحركة السياسية

أمّا على صعيد الدولة، فإنّ التشجيع على انتخاب النّساء في الانتخابات المقبلة أمر يمكن الدفع نحوه عبْر القنوات الإعلامية بأنواعها كافّة، من حيث إبراز صور إيجابية للمرأة البرلمانية، وطبيعة أدوارها الإيجابية في العمليات الرّقابية لسياسات الحكومة.

وبطبيعة الحال، سوف يكشف النّظام الانتخابي المصري المرتقب صدوره في غضون الأسابيع المقبلة، ربّما ليس فقط مدى إمكانية تطوير التمثيل السياسي للنساء، ولكنّه أيضًا سوف يُحدّد طبيعة القرار السياسي للدولة بشأن تطوير وتوسيع الحيّز المُتاح للحركة السياسية بشكلٍ عام، بحيث تكتسب العملية الانتخابية للبرلمان المُقبل المِصداقية المطلوبة لتعزيز المشاركة السياسية للشعب المصري بنسائه ورجاله.

(خاص "عروبة 22")

يتم التصفح الآن