صحافة

"المشهد اليوم"…اسرائيل توسع عملياتها في سوريا وتستدعي الاحتياط سالم بن بريك رئيسًا للحكومة اليمنية و"مفاوضات مسقط النووية" في خطر

خلال مشاركة مشايخ دروز في تشييع قتلى سقطوا بمواجهات السويداء يوم السبت (أ.ف.ب)

تدعي اسرائيل حماية "الأقليات" في سوريا، وعلى رأسهم طائفة الموحدين الدروز، ولكنها تتخذ منهم وقودًا لحربها الدموية الجارية. ويقع "بعضهم" في الفخ المنصوب بعناية لتقويض وتفتيت سوريا وتفكيكها وفقًا لمخطط اسرائيلي يبدأ من لبنان ولا ينتهي في سوريا ولا في غزّة. واذ صح القول يحتاج الشعب السوري اليوم الى عقلاء وحكماء يتحدون في صالح دمشق ويتعالون عن الاختلافات وينبذون الخلافات، لان ما هو مرسوم اكبر من نزاعات ضيّقة بل سيناريو يُرسم للمنطقة بأسرها، وسيقع الجميع سنّة وشيعة ودروز ومسيحيين به لان هناك من يصطاد في المياه العكرة ويورطهم جميعًا في "فوضى الدم".

فخوف الاقليات في سوريا "محق" تمامًا كما كان خوف "السنّة" من نظام بائد قتل منهم الالاف، وهذا ما يستدعي حوارًا وطنيًا شاملًا يعزّز الثقة بالدولة والحكومة الجديدة وينزع فتيل المشكلات. ولهذا تقف سوريا اليوم، عند مفترق طرق، فإما أن تسمع لصوت المكونات الداخلية، على اختلافها، وتردم الهوة وتقلص الفجوات وتجد سبيلًا للتوافق وإما أن ندخل في أتون مستنقع من الخراب لن يفيد أحد بل سيؤذي وسيدمر ما تبقى من مقومات هذا البلد. وتدرك الادارة السورية الجديدة حجم المخاطر المحدقة بها، ولاسيما بعد احداث الساحل العنيفة واستغلال بعض العناصر ما حصل لاثارة الفتنة في بلد لم يتعاف بعد من تداعيات الحرب الطويلة الامد التي دمرت الاقتصاد وشردت السوريين في كل اصقاع العالم.

وفي التطورات الخطيرة، شهدت سوريا أعنف سلسلة من الغارات الاسرائيلية لهذا العام، ليل الجمعة - السبت، مع أكثر من 20 غارة أعلن جيش الاحتلال أنها استهدفت مواقع عسكرية تابعة للجيش السوري. وامتدّت الغارات على كافة أرجاء البلاد، وشملت ريف دمشق ومحافظتي اللاذقية وحماة، وذهب ضحيتها مدني واحد وأصيب أربعة آخرون وذلك بعد ساعات من استهداف موقعًا قرب القصر الرئاسي في دمشق برسالة تهديد مباشرة الى الرئيس أحمد الشرع. وتسعى تل أبيب، كما بات واضحًا، الى مواصلة تصعيدها العسكري وتوسيع استهدافها للاراضي السورية خاصة بعدما كلّف رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو الجيش بتحديد أهداف عسكرية وادارية جديدة خلال اجتماع أمني عُقد مساء الجمعة، وفقًا للعديد من وسائل الاعلام الاسرائيلية. وازاء ما تقدم، تتراوح الاهداف الاسرائيلية الحالية بين إضعاف الجيش السوري لأقصى درجة ممكنة والقضاء على ما تبقى من ترسانته العسكرية وثانيًا استغلال الورقة الدرزية لتوسيع سيطرتها داخل الاراضي السورية.

ومن الاعتداءات الاسرائيلية الى محاولات القيادة السورية ضبط الفصائل الفلسطينية العاملة على أراضيها وتقليص أنشطتها. وقد شملت الملاحقة "الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين - القيادة العامة" إثر اعتقال أمينها العام طلال ناجي لساعات واستجوابه قبل اطلاق سراحه في وقت لاحق. وبحسب بعض المصادر، فإن القيادة تدخلت لدى الرئيس الفلسطيني محمود عباس والقيادي في حركة "حماس" خالد مشعل لـ"التوسط لدى دمشق للإفراج عن الأمين العام للجبهة". ويُعرف ناجي بمواقفه وقربه من النظام السوري السابق الذي قاتل الى جانبه لسنوات طويلة وهو ليس الوحيد على قائمة الاعتقالات التي شملت في منتصف شهر نيسان/ أبريل الماضي مسؤول حركة "الجهاد الإسلامي" الفلسطينية في سوريا خالد خالد ونائبه مسؤول اللجنة التنظيمية أبو علي ياسر. وقد وضع الكثير من المحللين هذه الخطوات في اطار الرد على الشروط الاميركية المطلوبة من دمشق من اجل رفع جزئي للعقوبات المفروضة عليها، وهو هدف تضعه ادارة الشرع في سلّم أولوياتها.

المستجدات السورية على خطورتها لا تقل أهمية عما يجري في غزة بعد قرار الاحتلال توسيع الهجوم على القطاع واستدعاء الآلاف من جنود الاحتياط. وفي هذا الاطار، أفاد موقع "واي نت" الإخباري بأنه سيتم نشر هؤلاء الجنود على الحدود اللبنانية مع اسرائيل، وفي الضفة الغربية المحتلة، ليحلوا بذلك محل الجنود النظاميين الذين سيقودون هجومًا جديدًا على غزة في اطار ما تصفه اسرائيل بالضغط على "حماس" التي أكدت انها قدمت مقترحًا يقوم على هدنة تمتد لمدة 5 سنوات مقابل اطلاق سراح الأسرى الاسرائيلين وادخال المساعدات، الا ان نتنياهو قابل هذا العرض بالرفض ما اعاد محركات الوسطاء الى المرحلة الاولى. 

هذا القرار الذي يعني المزيد من عمليات القتل والاجرام المترافق مع "العقاب الجماعي" المتمثل بوقف ادخال المساعدات لاكثر من 60 يومًا رافقه تظاهرات من قبل عائلات المحتجزين لدى "حماس" الذين حذروا من تداعيات التصعيد المستمر مطالبين بإسقاط حكومة نتنياهو. يُذكر أنه في اطار عملية الضغط المتواصلة، بثت "كتائب القسام"، الجناح العسكري لحركة "حماس"، تسجيلًا مصورًا لأسير إسرائيلي مُصاب تعرض للقصف مرتين منذ انتهاك اسرائيل وقف اطلاق النار.

تزامنًا مع حرب الابادة، أعلن مكتب نتنياهو إرجاء زيارته التي كانت مقررة لأذربيجان مرجعًا ذلك لعدة أسباب منها التطورات الأخيرة في غزة وسوريا. الا ان موقع "والا الإسرائيلي" نقل عن مصادر مطلعة اشارتها الى أن رفض تركيا منح طائرة نتنياهو تصريحًا للمرور من مجالها الجوي هو السبب الحقيقي وراء تأجيل الزيارة. هذا وتشهد غزة وضعًا انسانيًا مأساويًا لا يمكن التعبير عنه بعدما بات السكان محاصرون في رقعة جغرافية ضيقة يعانون من الموت جوعًا وقصفًا حيث لم تفلح كل المناشدات الدولية والاممية بثني تل أبيب عن قرارها بتخفيف الحصار رغم تكدس المئات من الشاحنات عند المعابر. وكانت معلومات صحفية ذكرت أن واشنطن وتل أبيب وممثلين عن مؤسسة دولية جديدة على وشك التوصل إلى اتفاق بشأن آلية جديدة لتوزيع المساعدات تضمن عدم تدخل "حماس" في هذه العملية.

من جهته، أعلن المكتب الإعلامي الحكومي بغزة، ارتفاع عدد الوفيات بسبب سياسة التجويع إلى 57 فلسطينيًا منذ 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023، محذرًا من تزايد العدد وتفشي الامراض لاسيما لدى الاطفال الذين يواجهون سوء التغذية وغياب اللقاحات كما يعانون من أوضاعًا انسانية صعبة تسهم في قتل طفولتهم وتزيد من تعرضهم لحالات نفسية خطيرة. ومع غياب أي افق لهدنة قريبة وتعثر المفاوضات خاصة بعد هجوم مكتب نتنياهو على دور الوساطة الذي تقوم به قطر في المفاوضات ما استدعى ردًا من الدوحة التي وصفت التصريحات بـ"التحريضية والتي تفتقر إلى أدنى مستويات المسؤولية السياسية والأخلاقية".

أما لبنانيًا، فالوضع على حاله اذ لا تفوت اسرائيل اي فرصة للاعتداء على لبنان بينما يحاول المعنيون تجنيب البلاد تداعيات أي تطورات عسكرية جديدة خاصة مع محاولات اسرائيل الحثيثة لتوريط لبنان بحرب أخرى. وفي هذا الصدد، كان لافتًا الموقف الرسمي الذي دعا "حماس" الى عدم استخدام أراضي لبنان للقيام بأعمال تمس أمنه القومي الوطني وتشكّل انتهاكًا لسيادته، في تحذير هو الاقوى من نوعه وذلك بعد اتهام عناصر من الحركة باطلاق صواريخ من شمال الليطاني باتجاه مستعمرتيّ المطلة وكريات شمونة. وينسحب هذا القرار على جميع الفصائل والمجموعات الفلسطينية التي تتخذ من الاراضي اللبنانية مقرًا لها وهو ما سيكون محل بحث خلال الزيارة المرتقبة للرئيس الفلسطيني محمود عباس لبيروت في 21 أيار/ مايو الحالي.

وضمن السياق، تنطلق الانتخابات البلدية، اليوم الأحد، في محافظة جبل لبنان، على أن تستمر لأربعة أسابيع متتالية آخرها في 24 أيار/مايو الحالي في محافظة الجنوب، وذلك بعدما كانت قد تأجلت ثلاث مرات لأسباب مرتبطة بالأوضاع الأمنية التي مرّ بها لبنان. وتشكل هذه الانتخابات أول استحقاق في عهد رئيس الجمهورية جوزاف عون وحكومة نواف سلام اللذان يسعيان الى اعادة الزخم للحياة السياسية واطلاق عجلة الاصلاح بعد سنوات من التعطيل والركود.

في اطار متصل، تستحوذ المستجدات اليمنية على الاهتمام خاصة مع مواصلة العمليات العسكرية الاميركية حيث أفادت وسائل اعلام حوثية عن قصف مُرّكز فجر اليوم، الأحد، بـ26 غارة استهدفت محافظات صعدة والحديدة ومأرب دون الحديث عن وقوع اصابات. التحديات الأمنية ترافقت مع حدث سياسي تمثل باعلان مجلس القيادة الرئاسي باليمن عن تعيين وزير المالية بالحكومة السابقة سالم صالح بن بريك رئيسًا للوزراء، خلفًا لأحمد عوض بن مبارك الذي تقدم في وقت سابق أمس باستقالته من المنصب لأسباب عزا انها تتعلق بـ"عدم تمكيني من العمل وفقا لصلاحياتي الدستورية في اتخاذ القرارات اللازمة لإصلاح عدد من مؤسسات الدولة، وعدم تمكيني من إجراء التعديل الحكومي المستحق".

على المقلب الاخر، تمرّ المفاوضات الايرانية - الاميركية في مخاض عسير وقد برز ذلك بعد تأجيل الجولة الرابعة من المحادثات التي كانت متوقعة أمس، السبت، في عُمان. وتتزايد المخاوف من تداعيات عدم التوصل الى اتفاق مع غياب الاطر المشتركة وزيادة الاختلافات في مقاربة الملف النووي لاسيما مع تأكيد طهران على لسان وزير خارجيتها عباس عراقجي على أن "بلاده لديها كل الحق في امتلاك دورة الوقود النووي الكاملة". الى ذلك، قالت صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية إن الرئيس دونالد ترامب أزاح مستشاره للأمن القومي، مايك والتز، بعد أن أظهر توافقًا في الرأي مع نتنياهو، حول توجيه ضربة عسكرية إلى إيران.

الهمّ الفلسطيني وتطورات الازمة السورية طغت على افتتاحيات وتحليلات الصحف العربية الصادرة اليوم. ونرصد أبرز ما تناولته في الجولة الصباحية:

تناولت صحيفة "الراية" القطرية ما يجري في غزة مع منع دخول المساعدات، اذ لفتت الى "أن القوة العظمى أصبحت عمياء وصماء أمام هذه الجريمة الإنسانيّة التي هي فعلًا إبادة. لا شيء يُبرّر مثل هذا الحصار الوحشي إزاء حرمان مليوني فلسطيني من الطعام والدواء لأشهر". واضافت "نتنياهو لا يشبع من الحروب الأحادية، فهو يشن غارة على دمشق، ويحتل نقاطًا في الجنوب اللبناني. وهو لا يريد ترك الدول حوله تعيش في سلام واستقرار. لكن السؤال كيف سينتهي ذلك داخل المجتمع الإسرائيلي، وهل يقبلون حياة حرب داخل البلد وفي الدول المجاورة؟".

من جهتها، أشارت صحيفة "البلاد" البحرينية الى أن "الفلسطينيين يملكون ثلاثة مقومات رئيسية: العلم والمال والسلطة. ويمكنهم تأسيس جماعات للضغط في عددٍ من الدول الغربية - كالولايات المتحدة الأميركية - لتنافس جماعات الضغط المؤيدة لإسرائيل"، معتبرة أن الشعب الفلسطيني "بحاجة إلى قيادة جديدة تمتلك عقلية رجل الدولة ولا تمتلك فكرًا نضاليًا، حيث إن النضال انتهى بقبول القيادة الفلسطينية آنذاك بنود اتفاقية أوسلو للسلام والتوقيع عليها عام 1993، وكذلك اعتراف الدول العربية ضمنيًا بإسرائيل عبر مبادرة السلام العربية"، بحسب تعبيرها.

وعن تهجير الفلسطينيين، كتبت صحيفة "عكاظ" السعودية "أمريكا، بطرحها لهذه الفكرة الظالمة، إنما تستخف بعقول العرب وبمشاعرهم، وتداهن الصهاينة وتسترضيهم، لدرجة الذل. الا إن من يستحق، وينبغي أن "يهجّر" هم الصهاينة المجرمون، الذين احتلوا فلسطين، قادمين من شتى بقاع العالم"، منبهة الى أن "قيام ونمو وتوسع إسرائيل، إنما تم بدعم غربي مغرض، يهدف للتخلص من اليهود، ونكاية بالأمة العربية، بإقامة قاعدة متقدمة، ضد هذه الأمة، من ألد أعدائها".

وبالنسبة الى المستجدات السورية، رأت صحيفة "الراي" الكويتية، في تحليلها، أن "تفضيل إسرائيل لاستغلال سوريا على لبنان ينبع من ضعفها الحالي. فبينما ما زال الحزب، راسخًا سياسيًا وعسكريًا في لبنان، تُمثّل سوريا ما بعد الأسد ساحةً أكثر مرونة"، مستنتجة بأنها "حرب هادئة - حربٌ تُقايض انتصارات ساحة المعركة بانتصاراتٍ بيروقراطية، تُخاض في الوزارات وغرف الخرائط بدلاً من الخنادق... في رقعة الشطرنج المتطورة في الشرق الأوسط، من يتحكم في الخريطة يتحكم في المستقبل".

صحيفة "الغد" الأردنية، من جهتها، نبهت من المخططات الاسرائيلية، حيث ان "الأردن اليوم أمام خطر جسيم، حيث إن توليد دولة درزية في السويداء، يعني البروفة الأولى لتقسيم العراق وسورية أيضا إلى دويلات طائفية ومذهبية وعرقية". وتابعت "لكن هذه الدولة ستكون الأخطر لان السويداء أقرب إلى الأردن من دمشق، كما أنها إذا انفصلت ولم تحدث حرب أهلية بسبب محاولة الانفصال، وهذا احتمال كبير، ستكون دويلة إسرائيلية تمتد مع حدود جنوب سورية بما في ذلك درعا والجولان، كمنطقة عازلة بين الأردن وسورية، وبحيث نخسر عمقنا السوري، ونصبح أمام حدود إسرائيلية شمال الأردن، وغربه، وكأنه تم تسويرنا بسوار إسرائيلي".

وعن السودان، شددت صحيفة "الأهرام" المصرية على أن الجهود الدبلوماسية المتعددة في الوساطة من أجل وقف إطلاق النار وبدء مفاوضات لإحلال السلام أخفقت"، متحدثة عن "الفاتورة الإنسانية التي يتكبدها السودان وسط تجاهل دولي خاصة في ظل عدم القدرة على دخول المساعدات الإنسانية العاجلة في بعض المناطق.. ما يؤكد اهمية تعزيز الممرات الإنسانية التي تخفف من ويلات المواجهات المسلحة على الشعب السوداني، حتى يتجاوز السودان الظروف الحرجة التي يمر بها"، على حدّ قولها.

(رصد "عروبة 22")

يتم التصفح الآن