صحافة

"المشهد اليوم"...إسرائيل في مرمى صواريخ الحوثيين ونتنياهو يتوعّدترامب يصر على "تفكيك" برنامج طهران "النووي" وغّزة امام تصعيد عسكري جديد

عناصر خدمة الطوارىْ يزيلون مخلفات صاروخ حوثي استهدف مطار "بن غوريون" أمس (أ.ف.ب)

في خضم كل ما تمر به المنطقة من منعطفات خطيرة، اتجهت الانظار الى اليمن مع تكثيف الضربات العسكرية الاميركية والتي طالت العديد من المدن في شمال البلاد ووسطها وأدت، وفق المعلومات، الى اصابة 14 شخصًا في حصيلة أولية للغارات التي ضربت العاصمة صنعاء وكل من صعدة والجوف ومأرب خلال الساعات الأولى من فجر اليوم. هذا وكان يوم أمس، الأحد، حافلًا بالاحداث سواء عبر اعلان الحوثيين عن استهداف الغارات الاميركية جزيرة كمران وميناء رأس عيسى النفطي بمحافظة الحديدة في غرب البلاد او عبر تأكيدهم فرض "حصار جوي شامل" على إسرائيل ردًا على قرارها القاضي بتوسيع العملية العسكرية في غزة.

وشدّد الناطق العسكري باسم الحوثيين يحيى سريع على أنهم "سيعملون على فرض الحصار بتكرار استهداف المطارات خاصة مطار بن غورويون الدولي"، داعيًا "كل شركات الطيران العالمية لإلغاء رحلاتها حفاظًا على سلامة طائراتها". وقال: "لن نقبل باستمرار الاستباحة التي يحاول العدو فرضها بضرب البلدان العربية". وتأتي هذه الأحداث عقب سقوط صاروخ أطلقته الجماعة في مطار بن غورويون، ما تسبب في إصابة 8 أشخاص وتعطل حركة الملاحة ودفع عدة شركات طيران لتعليق رحلاتها. وقد دفعت هذه التطورات رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو الى رفع سقف المواجهة وتوعده بتوجيه "ضربات جديدة" ضد جماعة الحوثي كذلك هدّد وزير الدفاع يسرائيل كاتس برّد مضاعف قائلًا "مَن يضربنا سيتم ضربه بسبعة أضعاف".

ومع توجيه بعض الجهات الاسرائيلية اصابع الاتهام الى ايران واتهامها بالوقوف خلف هذه الحادثة، تنذر الحماوة على الجبهة اليمنية بالمزيد من التصعيد. وضمن السياق عينه، نقلت صحيفة "معاريف" عن مصدر أمني إسرائيلي رفيع المستوى اشارته الى أن الصاروخ الحوثي الذي سقط في المطار "هو في الأصل إيراني تم تطويره من صاروخ "شهاب 3"، وتم بناء رأس له، يتمتع بقدرات إضافية، تمكنه من التهرب من مطاردة صاروخي "حيتس 2" و"حيتس 3" الإسرائيليين، وصاروخ "تيد" الأميركي". يُذكر أن نحو 30 شركة طيران رئيسية أعلنت، الأحد، عن وقف رحلاتها إلى إسرائيل.

تزامنًا، تتعرقل مفاوضات الهدنة في غزة وتشهد المزيد من التعثر مع قرار تل أبيب بتوسيع العملية العسكرية، وهو ما أكد عليه رئيس أركان الجيش الإسرائيلي إيال زامير الذي أعلن ان أوامر جديدة ستصدر، هذا الأسبوع، لاستدعاء عشرات الآلاف من جنود الاحتياط. وتضع تل أبيب ذلك في خانة الضغط على حركة "حماس" لاطلاق سراح المحتجزين لديها، بينما لا تزال المعابر مغلقة أمام دخول المساعدات الانسانية ما يضع حياة أكثر من مليوني شخص في خطر محتوم. هذا ويعول الوسطاء العرب على اقتراب موعد جولة الرئيس الاميركي دونالد ترامب الى المنطقة منتصف الشهر الحالي ما قد يسهم بتحريك المياه الراكدة ويدفع نحو هدنة مؤقتة تمهد الطريق أمام اتفاق شامل في القطاع.

ولا تزال هذه البوادر غائبة كليًا خصوصًا مع استفحال الخلاف القطري - الاسرائيلي، والذي انفجر الى العلن منذ يومين وذلك على خلفية الموقف من "حماس". ويواجه نتنياهو ضغوطًا داخلية كثيرة وانتقادات لاذعة في الداخل الاسرائيلي ولكنه مع ذلك يأبى المضي قدمًا بصفقة جديدة ويعرقل كل المقترحات ويطرح في كل جولة مفاوضات شروط تعجيزية بهدف إفشالها وعرقلتها لغايات ومآرب معروفة خاصة ان حياة الرهائن لم تعد ضمن أولوياته، وهو ما صرّح به رسميًا، حيث أن الحرب اليوم تدور حول القضاء على "حماس" وبنيتها وقدراتها العسكرية.

أما في الشأن الايراني، فقد جدد الرئيس ترامب موقفه القاضي بـ"تفكيك" برنامج تخصيب اليورانيوم الإيراني بالكامل، لكنه ترك الباب مواربًا أمام امكانية حصول إيران على برنامج نووي مدني. من جانبها تصر طهران على التمسك بتخصيب اليورانيوم وتحصر المفاوضات الجارية مع واشنطن برعاية عُمانية بالملف النووي فقط دون التطرق الى اي مواضيع اضافية وهو ما أدى الى بروز عدة اختلاقات دفعت نحو تأجيل الجولة الرابعة من المباحثات الى أجل غير مسمى. وعلى وقع هذا التأجيل، بدا لافتًا ما أوردته وكالة "تسنيم" عن تدشين صاروخ باليستي جديد يعمل بالوقود الصلب، ويبلغ مداه 1200 كيلومتر، مطلقة عليه اسم "قاسم بصير"، نسبة الى قائد "فيلق القدس" في "الحرس الثوري الايراني" الجنرال قاسم سليماني الذي قُتل في غارة اميركية عام 2020.

وأثار هذا الاعلان حفيظة الدول الاوروبية التي تعتبر أن تطوير صاروخ من هذا الطراز ينتهك القرار 2231 الذي يتبنى الاتفاق النووي. هذه التطورات جاءت مع حدث بارز الأهمية تمثل في اعلان وحدة مكافحة الإرهاب في شرطة لندن عن اعتقال عدة إيرانيين للاشتباه بتورطهم في أنشطة "إرهابية"، مشيرة إلى أن أربعة من هؤلاء أوقفوا بتهمة التحضير لـ"عمل إرهابي" لاستهداف موقع واحد لم يكشف عنه لأسباب "عملياتية".

لبنانيًا، مرت المرحلة الأولى من الانتخابات البلدية والاختيارية بتنظيم وسلاسة، ولم يتخللها أي مشاكل أمنية تُذكر، بل أن التنافس العائلي في بعض البلدات غلب على الطابع السياسي الذي كان موجودًا في عدة بلدات حيوية ورئيسية. وأعطى هذا الانجاز دفعًا إيجابيًا لعهد الرئيس جوزاف عون الذي يسعى لاستعادة ثقة الداخل والخارج بعد سنوات طويلة من العرقلة السياسية. في غضون ذلك، ترجمت الزيارة الاماراتية التي قام بها عون على الارض وتمثل ذلك بإعلان وزارة الخارجية الإماراتية عن إلغاء قرار منع سفر مواطنيها إلى لبنان وذلك بعد مرور أكثر من 4 سنوات على القرار الذي ترافق وقتها مع توترات طبعت العلاقات اللبنانية - الخليجية بسبب المواقف المتشنجة التي كان يتخذها "حزب الله" وتصريحاته المتكررة ضد هذه الدول دون أن يلقى أي رد فعل رسمي من الجانب اللبناني الذي كان في العهد السابق يتماهى مع تلك المواقف ويدعمها في بعض الاحيان.

ومن لبنان الى سوريا حيث النار لا تزال تحت الرماد غداة الاحداث التي شهدتها المناطق ذات الاغلبية الدرزية الاسبوع الماضي وتدخل اسرائيل لحمايتهم بحجج وذرائع واهية. وبدأ أمس، الأحد، الاعلان الرسمي عن دخول بنود الاتفاق الصادر عن مشايخ ووجهاء طائفة الموحدين الدروز في محافظة السويداء، جنوب سوريا، حيّز التنفيد لارساء الاستقرار واستعادة الامن. وتحاول الادارة السورية الجديدة معالجة ذيول هذه الاحداث والتحاور مع المكونات الأخرى وفق مساعي جادة لبسط سلطتها ما قد ينعكس ايجابًا على البلد برمته، وهو ما يبدو صعب المنال في الوقت الراهن حيث ان الكثير من الاجندات تتصارع في سوريا ومن أجلها.

وفي جولة الصحف العربية الصادرة اليوم، تسليط على مختلف الملفات والقضايا التي تهم عالمنا العربي:

فمن وجهة نظر صحيفة "الغد" الأردنية، فإنه "بالرغم من المخاطر الهائلة والوجودية التي تواجه الأشقاء في سورية ولبنان والعراق وفلسطين، إلا أن التطورات التي حصلت في السنة الأخيرة تمنح هذه الدول فرصة غير مسبوقة لبناء حالة من التضامن والتكافل لمصلحة شعوبها"، مشددة على أنه "لم تعد هناك أنظمة تضمر الشر لجيرانها أو تصدر السلاح والمخدرات، وتعبث بأمنهم الداخلي..فسورية لم تعد رهنًا لمشروع خارجي ولبنان يستعيد دولته بعد غياب طويل والعراق، يملك فرصة لا تعوض، للخروج من تحت عباءة الوصاية الإيرانية…".

الضربات الحوثية على اسرائيل علّقت عليها صحيفة "القدس العربي" التي أوضحت أن "الهجمات الأمريكية ـ البريطانية ـ الإسرائيلية، حتى الآن لم تؤدِ إلى وقف الهجمات الحوثية، وإذا أدى تنفيذ إسرائيل وعيدها بضرب الحوثيين والى عودتها إلى البحر الأحمر والخليج العربي، ليس بعيدا عن أجواء إيران، فإن هذا قد يؤدي، على الأغلب، إلى تعقيد خطط ترامب الاستراتيجية سواء فيما يخصّ توقيع اتفاق نووي جديد مع طهران، أو فيما يخصّ خططه الأكبر للشرق الأوسط"، على حدّ قولها.

من جهتها، رأت صحيفة "عكاظ" السعودية أنه "بإنفضاح مخطط "الإخوان المسلمين" في الأردن مؤخرًا، واعتقال الخلية الإرهابية لجماعة الإسلام السياسي، تكون حركة "الإخوان" تلقت ضربة قاصمة، لكن هذا لا يعني انتهاء مخططات المؤامرات لحركة "الإخوان"، معتبرة أن "الحكومات العربية التي لم تزل تبجّل سياسة المواربة، والمداراة، تقع في خطأ سياسي قاتل في حساباتها، ونعومة قراراتها مع هذه الحركة وتعرّض مصالحها القومية للخطر، وتغامر في شعوبها نحو هاوية الاضطرابات والشغب والعصيان".

وعن زيارة الرئيس دونالد ترامب الى الشرق الاوسط، كتبت صحيفة "الرياض" السعودية "عندما يهبط الرئيس في المنطقة فإن هناك الكثير من القضايا التي تنتظره؛ فالشرق الأوسط منطقة ساخنة سياسيا منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، ولا يمكن وصفها بأقل من كونها بركانا تتصاعد حممه بشكل متبادل". وقالت "عندما يزور ترامب المنطقة لا بد أن يأتي بمفهوم أقل حدة فيما يخص السياسات الأميركية، فالمنطقة اليوم تدرك أن مصالحها الاستراتيجية ليست حكرًا على طرف دولي واحد؛ بل إن الخيارات اليوم أكبر من ذي قبل".

أما صحيفة "الأهرام" المصرية، فأكدت "أن هناك مصلحة برجماتية لدى كل من أمريكا وإيران في التوصل إلى اتفاق، سوف يحقق لإيران أهدافها في تجنب الخيار العسكري ويحقق لإدارة ترامب مزايا اقتصادية فى السوق الإيرانية ويضمن عدم امتلاك إيران للسلاح النووي"، الا انها اشارت الى وجود "تعقيدات  كثيرة تواجه مفاوضات النووي الإيراني، تجعل أولا من فرص التوصل إلى اتفاق توافقي في المدى القصير أمرًا مستبعدًا على الأقل، وثانيا تزيد من احتمالات الخيار العسكري، سواء من جانب إسرائيل، أو بالتعاون بينها وبين الجانب الأمريكي".

في الشق الدولي، تناولت صحيفة "البلاد" البحرينية تطورات الحرب الاوكرانية، لافتة الى أن "الكرملين لم يُقم وزنًا للجهود الأميركية في إنهاء أكبر صراع تشهده أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية". واضافت "لقد نجح بوتين في جرح هيبة واشنطن، بسبب قصر النظر الاستراتيجي للرئيس ترامب الذي يفكر فقط في الحصول على جائزة نوبل للسلام". وختمت "اليوم، بفضل التخبط في ملف أوكرانيا بالإضافة إلى قرارات أخرى اتخذها ترامب، بدا البيت الأبيض أقل وزنًا، وأميركا أقل هيبة، وزعيمها أقل إدراكًا لخيوط اللعبة".

(رصد "عروبة 22")

يتم التصفح الآن