صحافة

"المشهد اليوم"…اتفاق "مُبهم" بين الحوثيين وواشنطن واسرائيل تدك صنعاءمحاولات مصرية لإحياء مفاوضات غزة "المُعقدة" وقصف صاروخي هندي على باكستان

من تصاعد الدخان جراء الضربات الإسرائيلية على منشآت حيوية في صنعاء أمس (رويترز)

كما بدأت الحرب "فجأة" ضد الحوثيين في اليمن منتصف شهر آذار/ مارس الماضي توقفت ايضًا بشكل مفاجىء اثر اعلان الرئيس الاميركي دونالد ترامب "استسلام" الجماعة والتوقف عن توجيه الضربات ضد السفن في البحر الاحمر رغم أن الاحداث التي جرت أمس والتدخل الاسرائيلي الواسع النطاق والقصف العنيف الذي طال مطار صنعاء الدولي ومحيطه لم يكن يشي بأي تهدئة، بل على العكس، كان الجميع يتوقع المزيد من التصعيد.

 وهذه "التهدئة" المثيرة للجدل تسلّط الضوء على عدة نقاط اهمها: عدم التوافق الاسرائيلي - الاميركي في عدة ملفات تخص منطقة الشرق الاوسط، ففي حين تفضل تل أبيب الحسم العسكري والدخول في أتون حروب جديدة ترفض واشنطن توريطها في هذه السيناريوهات، خاصة ان ترامب وعد منذ حملته الانتخابية بإحلال السلام وحل النزاعات. كما يعكس هذا الموقف، الذي سيكون له العديد من التداعيات المستقبلية، امكانية التقارب أكثر مع ايران ودفع المفاوضات بين الجانبين بعد تأجيلها الاسبوع الماضي وربما التوصل الى اتفاق نووي جديد سيضعه ترامب ضمن انجازات عهده بينما ستكون اسرائيل مجددًا أبعد من يكون عن هذا التوافق الذي يرفضه رئيس وزرائها بنيامين نتنياهو التواق الى ضرب طهران وإسقاط نظامها السياسي بالكامل.

وبانتظار ما ستوضحه "افعال" الايام المقبلة لا "أقوالها"، بدا لافتًا الرد الحوثي الذي جاء على لسان القيادي عبد القادر المرتضى الذي قال "إذا قررت الولايات المتحدة الانسحاب من المعركة، فهذا جيد، لكن إسناد غزة لن يتوقف بحرًا وجوًا حتى وقف الحرب". التمايز الحوثي عن موقف ترامب قابله البيان العُماني الذي قدم أيضًا رواية مختلفة عن تلك التي سردها الرئيس الأميركي حيث لفت الى أن اتصالات أجرتها مسقط مع الأطراف المعنية في هذا الصراع لتخفيض التصعيد وأسفرت عن تفاهم سيتوقف بموجبه كل طرف عن توجيه الضربات للآخر، بما في ذلك السفن الأميركية.

وبحسب البيان العُماني، فإن الاتفاق يضمن فقط سلامة السفن الأميركية وليس كل السفن من ضربات الحوثيين، كما أنه لا ينص على عدم توجيه ضربات لإسرائيل انطلاقًا من الأراضي اليمنية. وهو ما دفع تل أبيب لاعلان استغرابها مما حدث اذ نقلت "هيئة البث الإسرائيلية" عن مسؤولين إسرائيليين قولهم أنهم "فوجئوا بإعلان ترامب". كما نقل موقع "أكسيوس" عن مسؤول إسرائيلي كبير أن واشنطن "لم تخطر تل أبيب بهذه الخطوة"، والتي تزامنت مع التصعيد الاسرائيلي الكبير على الجبهة اليمنية ردًا على الصاروخ الذي سقط في مطار بن غوريون الاحد الماضي. هذا وأشار ترامب ايضًا الى أنه سيصدر إعلانًا "إيجابيًا" كبيراً جداً قبل رحلته الى الشرق الاوسط المتوقعة الاسبوع المقبل، ما اثار العديد من التساؤلات عن طبيعة ما يجري وهل يقصد المحادثات الإيرانية الاميركية بعد "التفاهمات المُبهمة" مع الحوثيين الذين يعتبرون من الاذرع النشطة لطهران في المنطقة.

في غضون ذلك، كان بارزًا أمس الغارات المُكثفة التي شنَّتها إسرائيل لليوم الثاني على التوالي، وشملت مطار صنعاء ومصنع أسمنت ومحطتين للكهرباء موقعة 3 قتلى واكثر من 30 جريحًا، بحسب ما نقلت وسائل إعلام تابعة للحوثيين. وكان الجيش الإسرائيلي وجه إنذارًا إلى سكان المنطقة المحيطة بمطار صنعاء الدولي بإخلاء المكان بشكل فوري. الى ذلك، توعد وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس ايران الذي وجه لها، في بيان مشترك مع نتنياهو، تحذيرًا بتحميلها المسؤولية "الكاملة" عن اي هجوم يُشّن من قبل "حلفائها" على تل أبيب. من جانبها، تعهدت جماعة "الحوثي" برد "مزلزل ومؤلم" على الغارات الاسرائيلية، مؤكدة ان الضربات "ستستمر".

محاولات التهدئة على الجبهة اليمنية لم تنسحب على الاوضاع في غزة التي تشهد المزيد من التصعيد العسكري والضربات العنيفة، مع استمرار جهود الوسطاء من اجل التوصل الى هدنة رغم التعقيدات والعراقيل التي يخلقها الجانب الاسرائيلي. في حين تتوالى المواقف الدولية الداعية الى ضرورة وقف الحرب فورًا وادخال المساعدات الانسانية المتوقفة منذ شهرين، وهو ما عكسه موقف العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني خلال اللقاء الذي أجراه مع وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو في واشنطن. وترفض الاردن ومصر اي محاولات لتهجير الفلسطينيين من اراضيهم وتتمسك بما سبق وتم الاتفاق عليه مع الدول العربية خلال القمة التي عُقدت في القاهرة مؤخرًا.

وضمن السيّاق، قالت مصادر لصحيفة "الشرق الأوسط" أن "القاهرة وجهت دعوة إلى فصائل فلسطينية، من بينها "حماس"، لجولة جديدة من المفاوضات، خلال أيام، بهدف التوصل إلى اتفاق حول الهدنة". ويسعى الجانب المصري، كما القطري، الى دفع المحادثات قدمًا مع التعويل على امكانية تحقيق "خرق ما" قبل زيارة ترامب الى المنطقة خاصة ان الاوضاع الانسانية تزداد سوءًا مع غياب اي مواد غذائية نتيجة الحصار المطبق وسط تحذيرات من مجاعة حقيقية يعيشها سكان القطاع الذين لا يجدون لا طعام ولا مأوى ولا حتى خدمات طبية واستشفائية ما يجعلهم يواجهون الموت بشتى الطرق.

اما لبنانيًا، فلا يكاد يمر يوم دون الاعتداءات الاسرائيلية، والتي أسفرت أمس عن سقوط شخص واصابة 3 آخرين خلال استهداف سيارة في بلدة كفررمان جنوب لبنان ادعى الجيش الاسرائيلي انها تابعة لقائد منظومة الدعم اللوجستي في وحدة "بدر" التابعة لجماعة "حزب الله"، عدنان محمد صادق حرب. بدوره، حذر رئيس بعثة "يونيفيل" وقائدها العام في لبنان الجنرال أرولدو لاثارو من "استقرار هشّ" يسود منطقة الجنوب منذ توقيع اتفاق وقف النار مع الجانب الاسرائيلي. ورغم المساعي الرسمية والانتشار الامني للجيش الواسع وتسلّم زمام الامور، لا تزال تل أبيب تحتل مواقع على طول الحدود مع لبنان.

وفي سوريا، تشكل التحديات الامنية العبء الاكبر على ادارة الرئيس السوري احمد الشرع خاصة ان الحرب الطاحنة التي مرت بها البلاد لا تزال تداعياتها حاضرة وسط ظروف اقتصادية ومعيشية صعبة. وعلى الرغم من "الهدوء الحذر" الذي خلّفه الاتفاق مع وجهاء الطائفة الدرزية بعد مواجهات دامية وقعت الاسبوع الماضي وطرحت عدة مخاوف من محاولات لتفتيت البلاد وتقسيمها، أوردت "وكالة الأنباء السورية الرسمية" أن عنصرين من قوات الأمن العام قُتلا، أمس، وأصيب 4 آخرون في كمين لمجموعات "خارجة عن القانون" في السويداء بجنوب البلاد.

على المقلب الأخر، أفاد مسؤول أميركي لوكالة "رويترز" أن إدارة الرئيس ترامب تدرس منذ عدة أسابيع مقترحًا لارسال المهاجرين غير النظاميين إلى عدد من الدول بما فيها ليبيا، مرجحًا أن تغادر الرحلة الجوية الأولى اليوم الأربعاء. من جانبها، نقلت شبكة "سي إن إن" الأميركية عن مصادر مطلعة على المحادثات الجارية مع عدد من الدول قولها إن الإدارة "ناقشت مع ليبيا ورواندا إمكانية إرسال المهاجرين الذين لديهم سجلات إجرامية والموجودين في الولايات المتحدة إلى هذين البلدين". ومنذ وصوله الى سدة الرئاسة، يجهد الرئيس الاميركي بمحاربة المهاجرين وابعادهم ومحاربتهم بعدما وضعهم في سلم اولويات سياسته رغم ما يطرحه ذلك من مخالفات قانونية وجوهرية.

دوليًا، اشتعلت الحرب بين القوتين النوويتين باكستان والهند بعدما عمدت الاخيرة الى مهاجمة عدد من المواقع الباكستانية ما اوقع قتلى وجرحى. بينما دعت الأمم المتحدة البلدين إلى ممارسة أقصى درجات ضبط النفس. ويثير هذا التوتر الحاصل المخاوف من تصعيد عسكري كبير خاصة ان باكستان لن تقف مكتوفة الايدي امام الضربات الهندية التي طالتها أمس بل ستقوم بالرد وهو ما أعلنه بوضوح رئيس الوزراء الباكستاني محمد شهباز شريف.

التطورات المحلية والدولية كانت محط اهتمام الصحف العربية الصادرة اليوم، حيث رصدنا في الجولة الصباحية التالي:

رأت صحيفة "الدستور" الأردنية أن "اليمن يترجم "معادلة متقدمة" عسكريًا في الحرب مع إسرائيل. فالصاروخ اليمني الذي دك مطار بن غوريون، لربما كان مفاجأة كبرى على رأس نتنياهو"، مستنتجة أن "ما يفعله التصعيد اليمني العسكري من ضغط في الداخل الإسرائيلي، وإثارة الرعب في المجتمع الإسرائيلي، وإحياء سيناريوهات حرب الصواريخ والمسيرات على المدن الإسرائيلية، فقد يكون ضاغطًا باتجاه وقف إطلاق النار على غزة، بعدما فشلت كل مبادرات إنهاء الحرب بالتفاوض والطرق السلمية".

بدورها، عقبت صحيفة "الراية" القطرية على ما يجري في غزة قائلة "حين يُستخدم الخبز كسلاح، وتُدار الكارثة بإجماع سياسي، تصبح الإنسانية مُجرّد شعار أجوف، فما نشهده اليوم في غزة لا يمكن وصفه إلا بأنه مرحلة مُتقدمة من مشروع تطهير عرقي مُتكامل الأركان"، معتبرة أنه "لم تعد الادعاءات حول القضاء على "حماس" سوى ستار يُخفي وراءه نيةً مبيتةً لتفريغ الأرض من سكانها، وإعادة تشكيل الواقع الديمغرافي والسياسي بالقوة".

وأوضحت صحيفة "الأهرام" المصرية أن "الخطة الجديدة لاسرائيل لا تتعارض مع خطة ترامب، ولكن تتكامل معها، بحيث تسير في مسارٍ موازٍ مع خطة الهجرة الطوعية أو القسرية المقترحة، بحيث يتم في النهاية إفراغ قطاع غزة من معظم سكانه ليتحول إلى بؤر استيطانية دائمة". وأضافت "هكذا بدأت تتضح الأمور رويدًا رويدًا، وتتكشف أبعاد الخطة الإسرائيلية الموضوعة لإعادة احتلال غزة بالكامل، وتحويلها إلى مستوطنات إسرائيلية على غرار ما يحدث في الضفة الغربية، والعالم يكتفي بالمشاهدة".

صحيفة "عكاظ" السعودية، من جهتها، تناولت تطورات المشهد السوري بالاشارة الى أنه "وعلى الرغم من التغيير السياسي المرتقب، فإن الواقع الاقتصادي يبقى كابوسًا يثقل كاهل السوريين، إذ لا تزال الحكومة الانتقالية عاجزة عن تلبية أبسط احتياجات الناس بفعل العقوبات الأمريكية المفروضة، التي لم تفلح محاولات الشرع المتكررة لفتح قنوات حوار مع واشنطن في تخفيف وطأتها"، مشددة على أن "تعنّت البيت الأبيض في شروطه يعكس عدم يقينه من جدية التحول السياسي في دمشق أو يخفي رهانات أكبر على انفجار الداخل السوري مجدّدًا".

الى ذلك، لفتت صحيفة "الراي" الكويتية الى أن "الأنظار تتجه في بيروت إلى المساعي الرسمية الحثيثة التي ترمي إلى مزيدٍ من دفع عجلة الدولة إلى الأمام رغم التحديات الأمنية والسياسية التي تزيد من وطأتها التعقيدات الداخلية "المزمنة" المرتبطة خصوصًا بسلاح "حزب الله"، مشيرة الى أن "بيروت تمضي في محاولة التقاط الفرصة وإكمال عملية نقل الوطن الصغير من ضفةٍ إقليمية كان معها "مُلْحَقاً" بمحور الممانعة إلى رحاب الدولة التي تتولى بنفسها ولوحدها "دفّة قيادة" رحلة العودة إلى الحضن العربي".

(رصد "عروبة 22")

يتم التصفح الآن