صحافة

"المشهد اليوم".. ترامب في المنطقة و"حماس" تُطلق الأسير الأميركي!"الكردستاني" يطوي 40 سنة من الصراع مع تركيا واتفاق يعيد الهدوء بين واشنطن وبكين

في زيارة أرادها أن تكون "تاريخية"، يصل الرئيس الاميركي دونالد ترامب، اليوم، الى المملكة العربية السعودية كمحطة أولى ضمن جولته الخليجية التي تشمل ايضًا كل من قطر والامارات. ملفات سياسية واقتصادية ستشكل محور اللقاءات التي سيعقدها ترامب في العواصم العربية الثلاث واضعًا نصب عينيه شعار "أميركا اولًا" ومصالح بلده الاستراتيجة فوق كل اعتبار. في وقت تسعى هذه الدول الى الارتقاء بمستوى الشراكة والتعاون والتنسيق في مختلف المجالات، ولاسيما التكنولوجية منها، ونقلها الى مراحل اكثر تقدمًا الى جانب مناقشة الملفات الساخنة التي تتمحور حول التوسع الاسرائيلي في المنطقة، استمرار حرب غزة، المفاوضات الايرانية - الاميركية وصولًا الى الملف السوري الذي يشكل اهمية لكل من السعودية وقطر على وجه التحديد.

وقد شكلت هذه الزيارة مادة دسمة للمحللين والكتاب الذين انبروا للحديث عن أهميتها وتداعياتها والنتائج المتوقعة منها، لاسيما انها اول زيارة خارجية لترامب منذ اعادة وصوله الى البيت الابيض مكررًا ما قام به في ولايته الاولى عندما جعل من المملكة وجهته الاولى. الا ان اولويات الرئيس الاميركي والظروف المحيطة به تختلف عن مرحلة العهد الاول، وتحديدًا ما يتعلق بالجانب الاسرائيلي بعدما ظهرت في الاسابيع الماضية مؤشرات انقسام واضحة بين الجانبين تمظهرت حول الرؤى المختلفة لمقاربة القضايا المتعلقة بالملف اليمني والايراني كما السوري. فترامب عراب "الصفقات" بات يتمايز عن رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو رغم كل الحفاوة والدعم الذي حظي به الاخير خلال زيارته البيت الابيض، والتي شكلت حينها "خضة" كبرى بعد الحديث عن تهجير الفلسطينيين و "ريفييرا غزة".

وإزاء ما تقدم، ستكون المنطقة من اليوم وحتى 16 أيار/مايو الحالي في حالة من الترقب والاهتمام بجولة ترامب الاستثنائية التي، وبحسب البيت الأبيض، ستكون مليئة بالاجتماعات الثنائية ومع رجال الأعمال والمستثمرين، إضافة إلى مشاركته في "منتدى الاستثمار السعودي الأميركي". كما سينضم ترامب غدًا، الأربعاء، إلى قادة دول مجلس التعاون لعقد القمة الخليجية - الأميركية الخامسة من نوعها في العاصمة السعودية الرياض. هذا وكان الرئيس الأميركي تطرق، في مؤتمر صحافي عقده قبيل توجهه إلى الرياض لقضايا المنطقة وملفاتها، حيث أعرب عن ارتياحه للمسار الذي تتخذه المفاوضات الجارية بين الولايات المتحدة وإيران. كما ألمح إلى أنه قد يخفف العقوبات الأميركية المفروضة على سوريا "لأننا نريد أن نمنحهم بداية جديدة"، على حدّ تعبيره.

موقف ترامب من سوريا لاقى ترحيبًا من قبل دمشق التي وصفت تصريحه بأنه "خطوة مشجعة نحو إنهاء معاناة الشعب السوري"، مجددة مطلبها الداعي إلى رفع العقوبات بشكل كامل كجزء من خطوات تدعم السلام والازدهار في سوريا والمنطقة. فبعد 14 عامًا من الحرب الطاحنة، تجد الادارة الجديدة نفسها محاصرة داخليًا وخارجيًا بظل عدم قدرتها على الانطلاق نحو مرحلة التعافي الاقتصادي والشروع بعملية اعادة الاعمار نتيجة الاجراءات الأميركية المفروضة عليها والتي تكبل اي انطلاقة جديدة. ويتصدر الملف السوري قائمة المباحثات التي ستكون على طاولة ترامب وقادة دول مجلس التعاون الخليجي، انطلاقًا من الرؤية بضرورة توفير كل المستلزمات لضمان عدم تقسيم سوريا. وفي هذا السياق، قالت صحيفة "تايمز" البريطانية إنه من المتوقع أن يلتقي الرئيس الأميركي بالرئيس السوري أحمد الشرع، خلال زيارته إلى السعودية، هذا الأسبوع، على الرغم من انقسام مستشاريه حول جدوى هذه المحادثات.

وبحسب الصحيفة البريطانية، فإن الشرع يجهد من أجل رفع العقوبات من خلال تقديم تنازلات مثل السماح للشركات الأميركية باستغلال الموارد الطبيعية في صفقة معادن على غرار صفقة أوكرانيا. حتى أنه طرح إمكانية بناء برج ترامب في دمشق كجزء من عرضه على الرئيس الأميركي، الذي من المتوقع أن يلتقي به الى جانب كل من الرئيسين الفلسطيني محمود عباس واللبناني جوزاف عون. وتولي الدول العربية كما تركيا اهتمامًا كبيرًا بالأحداث الجارية في سوريا بعد سقوط النظام السابق حيث تواصل تأمين مظلة أمان للادارة الجديدة منعًا من عودة البلاد الى اتون الحرب التي لم تنجُ من تداعياتها بعد. الا ان الانقسام في وجهات النظر الاميركية بين مؤيد للانفتاح على الشرع وحكومته ورافض لها ستتبلور في الايام القليلة المقبلة خاصة بعد معلومات صحفية تؤكد أن مبعوث الرئيس الاميركي إلى الشرق الأوسط، ستيف ويتكوف يعتبر من الأكثر تأييداً لعودة العلاقات مع سوريا.

الى ذلك، استبق ترامب زيارته الخليجية بالاعلان عن اطلاق سراح الأسير الأميركي الإسرائيلي عيدان ألكسندر بعد مفاوضات مباشرة مع "حماس". وقالت مصادر في الحركة لصحيفة "الشرق الأوسط" إن المحادثات في الأيام الماضية بالدوحة "كانت جيدة للغاية، وكان هناك موقف أميركي أكثر تفهمًا للحاجة الملحة إلى وقف الحرب وإنهاء معاناة الأسرى، وهذا زاد التفاؤل بنجاحها". وقد شكل هذا الاعلان حالة من التوتر في الشارع الاسرائيلي الذي اعتبر ان الافراج يشكل انتكاسة لحكومة نتنياهو التي تصر على استكمال الحرب دون أي أفق وبعيدًا عن تحقيق الهدف الاهم وهو اطلاق سراح الأسرى المحتجزين.

من جهته، اعتبر رئيس الوزراء الإسرائيلي أن الإفراج عن الرهينة جاء نتيجة الضغط العسكري للدولة العبرية و"الضغط السياسي" لترامب، معلنًا أن تل أبيب سترسل، اليوم الثلاثاء، فريقًا إلى الدوحة للتفاوض حول الإفراج عن الرهائن في قطاع غزة. وتضغط الادارة الاميركية على نتنياهو بارسال وفد لاستكمال التفاوض خاصة بعد التصريحات التي تؤكد ان واشنطن تريد الحفاظ على سلامة الاسرى وضمان خروجهم "أحياء" بينما يصرّ نتنياهو على مواصلة الحرب. وهذا التباين يشكل بارقة أمل لسكان القطاع الذين يرزحون تحت ظروف مأساوية، بل كارثية، بظل شح المواد الغذائية والطبية مع استمرار الحصار المفروض منذ أكثر من شهرين. وضمن الاطار عينه، قال المتحدث باسم الأمم المتحدة ستيفان ادوجاريك إن "الأمين العام أنطونيو غوتيريش يشعر بقلق إزاء التقرير الأممي الأخير الذي يفيد، أن واحدًا من كل 5 أشخاص في غزة يواجه المجاعة". وتستخدم تل أبيب التجويع كسلاح حرب واداة لتنفيذ مخططها الرامي الى تهجير الفلسطينيين بعد تحويل القطاع الى كومة من ركام ومنطقة غير صالحة للسكن.

أما في الشأن الايراني، فعلى الرغم من أجواء "التفاؤل الحذّر" التي رافقت المفاوضات الجارية في مسقط، الا ان الادارة الاميركية تستمر في سياسة "الضغوط القصوى" حيث أعلنت الولايات المتحدة عن فرض عقوبات جديدة على إيران على خلفية برنامجها النووي. واستهدفت العقوبات الأخيرة ثلاثة مواطنين إيرانيين وكيانًا إيرانيًا على صلة بـ"منظمة الابتكار والبحوث الدفاعية" في طهران. ونقل بيان لوزارة الأميركية عن الوزير ماركو روبيو قوله "تواصل إيران توسيع نطاق برنامجها النووي بشكل كبير، وتجري أنشطة بحث وتطوير ذات استخدام مزدوج قابلة للتطبيق على أسلحة نووية وأنظمة إلقاء أسلحة نووية". واضاف روبيو "إن إيران هي الوحيدة بين دول العالم التي لا تمتلك أسلحة نووية وتخصّب اليورانيوم بنسبة 60 %".

وفي تطور أمني آخر، أفادت وسائل إعلام ليبية بمقتل رئيس جهاز دعم الاستقرار التابع للمجلس الرئاسي، عبد الغني الككلي، وسط تصاعد حدة التوتر في العاصمة الليبية. كما أعلن جهاز الإسعاف والطوارئ في ليبيا رفع درجة الاستعداد والتأهب القصوى في كل فروعه بطرابلس والمناطق المحيطة. بدورها، أعربت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا عن قلقها البالغ إزاء تفاقم الوضع الأمن مع اشتداد القتال بالأسلحة الثقيلة في الأحياء المدنية ذات الكثافة السكانية العالية، داعية جميع الأطراف إلى وقف الاقتتال فورًا واستعادة الهدوء، مشددة على ضرورة الالتزام بحماية المدنيين في جميع الأوقات.

دوليًا، برز اعلان "حزب العمال الكردستاني" حل نفسه وإلقاء أسلحته بعد 40 عامًا من التمرد، وذلك استجابةً لدعوة أطلقها زعيمه التاريخي، عبد الله أوجلان، من سجنه في 27 شباط/ فبراير الماضي. وفي أول رد فعل من جانب أنقرة، اعتبر الرئيس رجب طيب أردوغان هذا القرار "مهمًا من حيث تعزيز أمن بلادنا وسلامة منطقتنا والأخوة الأبدية لشعبنا"، لكنه لفت إلى أن تركيا ستراقب "بحذر" تطبيق القرار. وتشكل هذه الخطوة، التي جاءت في ختام مؤتمر الثاني عشر الذي عُقده الحزب قبل أيام، فرصة من أجل تحقيق تحول في المشهد السياسي والأمني في المنطقة، حيث من المتوقع أن ينعكس بشكل مباشر على القوى الكردية في سوريا، وعلى رأسها "قسد" و"حزب الاتحاد الديمقراطي"، نظرا لأن "العمال الكردستاني" يُعد الحليف الأبرز لهما.

وفي المستجدات أيضًا، اتفقت الولايات المتحدة الاميركية والصين بعد اسابيع من التشنج والتصريحات العالية السقف، والتي هددت الاقتصاد العالمي وأربكت الاسواق المالية، على تعليق رسومهما الجمركية 90 يومًا ومواصلة المفاوضات بين البلدين نهاية هذا الأسبوع. وبموجب الاتفاق، ستخفض واشنطن الرسوم على الواردات الصينية من 145% إلى 30%، مقابل أن تخفض بكين رسومها على السلع الأميركية من 125% إلى 10 %، على أن يبدأ سريان هذه التخفيضات غداً الأربعاء. وتترقب الأسواق المالية بوادر انفراج في الحرب التجارية بعدما عززت المحادثات الحاصلة في جنيف بين الجانبين الآمال في تجنب ركود عالمي.

هذا وتصدرت الزيارة الاميركية سلّم اهتمامات الصحف العربية الصادرة، حيث ركزت في عناوينها وتحليلاتها على التالي:

أشارت صحيفة "الراية" القطرية الى أن "زيارة الرئيس الاميركي إلى قطر تؤكد من جديد أهمية الدوحة كلاعب مهم ونزيه في السياسة الخارجية"، موضحة أن "قطر نالت ثقة المجتمع الدولي على أكثر من صعيد، حيث أدت الجهود القطرية إلى تحقيق العديد من المكاسب، من خلال مبادرات الوساطات بين الدول، ومحاولة رأب الصدع، والدعوة إلى حل الخلافات البينية بين هذه الدول بعيدًا عن لغة السلاح والنار التي تؤدي إلى سفك الدماء والتشريد، وتكبد خسائر في الأرواح والممتلكات".

وتحت عنوان "ترمب في الرياض مرة أخرى!"، كتبت صحيفة "عكاظ" السعودية "هناك رغبة سعودية في الاستثمار في الأسواق الأمريكية تتماشى مع أهداف الاستثمار السعودية، وتؤكد للطرف الأمريكي أهمية العلاقة مع المملكة، كما أن هناك حاجات لتعزيز القدرات السعودية في مجال الدفاع تتوافق مع مصالح الطرف الأمريكي في تعزيز قدرات الحلفاء في المنطقة لتحقيق الاستقرار الذي يخدم مصالحها الاستراتيجية"، مشددة على أن "ترامب يأتي هذه المرة وهو يعرف السعودية والسعوديين، وهذا سيختصر الكثير من الوقت والمسافات للوصول للتفاهمات التي تحقق مصالح البلدين والمنطقة والعالم".

وعن الزيارة عينها، لفتت صحيفة "الراي" الكويتية الى أنها "تحمل في طياتها ملفات اقتصادية وأمنية عدة، يسعى من خلالها ترامب لاستعادة الثقة الخليجية بعد أن توترت العلاقات إبان فترة الرئيس السابق جو بايدن"، موضحة أن القمة المنوي عقدها في الرياض "ستحمل أهدافًا معلنة وستناقش ملفات إقليمية مثل الملف النووي الإيراني والاستقرار في المنطقة والسياسة النفطية والموقف من العدو الإسرائيلي والوضع في غزة، وربما الاعتراف بدولة فلسطينية دون "حماس" إلى جانب دعم الاستثمارات المشتركة في مجالات الدفاع والطاقة والنقل الجوي والذكاء الاصطناعي وغيرها…

صحيفة "الأهرام" المصرية، من جهتها، قالت "وإذا كانت أوضاع غزة وأزمة إيران هي عناوين المفاوضات الرئيسية، فلا يخفى على أحد أن لغة الصفقات والمقاولات هي التي تداعب خيال الرجل (أي ترامب) في مباحثاته الخليجية بل وفي كل مناقشاته للقضايا الدولية والأزمات المستعصية"، مضيفة "والعرب لن يكونوا استثناء من تفكير واستراتيجيات الرجل. والسؤال الأهم ما الذي سيقدمه للعرب في المقابل؟! وماذا في جعبته كي يرضي العرب ويرد لهم بعض حقوقهم؟".

بدورها، أشارت صحيفة "الغد" الأردنية الى أن "زيارة ترامب في غاية الأهمية للدول الثلاث؛ السعودية وقطر والإمارات. فالرئيس الأميركي يطمح لإبرام صفقات ترليونية، وهو يدرك أن الطريق لإنجازها يتطلب تقديم مواقف تستجيب لبعض المطالب العربية فيما يخص الحرب في غزة ومستقبل القضية الفلسطينية"، مؤكدة أن "هذا التوجه يثير خلافات واضحة بيت ترامب ونتنياهو، مثلما الحال في الملف الإيراني الذي اختار ترامب طريقًا دبلوماسيًا للتعامل معه يتناقض تمامًا مع توجهات حكومة اليمين المتطرف في إسرائيل".

(رصد "عروبة 22")

يتم التصفح الآن